الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسلم .....بين مطرقة تقديس التراث وسندان الاندماج في الحداثة

نوار مهدي النجار

2018 / 2 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قاربت قفزات الثورة التكنولوجية والمعلوماتية بين الناس والصقت الشعوب والمجتمعات بعضها البعض مما تطلب ظهور مرحلة ثالثة من التجديد في الفكر الإسلامي لتعاطي مع الواقع الجديد مشابه لمرحة التجديد الأولى التي ظهرت بعد تلاقح الثقافات اليونانية والفارسية بالثقافة الإسلامية ابان دخول المسلمين الأوائل الى تلك البلاد اعقبها مرحلة التجديد والتنوير الثانية التي رافقت تخلص بلاد المسلمين من جثمان الحكم العثماني الميت سريريا" في بداية القرن العشرين. لم تعطي هذه الثورة الجديدة والمحملة بالأفكار من مختلف المصادر والمدججة بوسائط النقل فائقة السرعة الخيار للمجتمعات المسلمة الغارقة في بحور الجهل والفقر لدراسة وتفحص الأفكار والثقافات القادمة من كل حدب وصوب لتستقر في رفوف مكتباتنا الالكترونية بدون استئذان. فلم يعد أحد يعترف بالحدود الجغرافية والسياسية لطرح فكرة ما او لإيجاد معلومة ما كانت لزمن طويل حكرا" على الوسطاء بين الخالق وعبده فكل ما يحتاجه الانسان هو هاتف ذكي وعقل يميز بين الغث والسمين ووصلة انترنت تربطه بملايين الكتب التابعة لألاف المدارس الدينية والفكرية غيرها. ومن هنا بدئت ارهاصات جدلية العلاقة بين العولمة والتراث الإسلامي تلقي بظلالها على طبيعة التفكير الراسخ للمسلم وتحويله الى تفكير مهزوز ومشوه في بعض الأحيان بتوارد أسئلة ملحة مستحدثة او كلاسيكية تم إعادة صياغتها وفق الاكتشافات العلمية الجديدة. انهمرت هذه الأسئلة على راس المسلم الذي لم يكن لديه الحصانة العلمية والمعرفية الكافية للمواءمة بين ثوابت الدين المترسخ لديه من جهة واشكالياتها مع العلوم التطبيقية والأديان الأخرى من جهة ثانية. "هل الأرض مركز الكون؟" "هل الشمس تجري كل يوم لمستقر لها تحت العرش ام ان الشمس ثابتة وان دوران الأرض حولها يسبب الليل والنهار؟" "ما الفائدة من خلق ملايين النجوم وبهذا الحجم الجبار الذي يعادل حجم ارضنا ملايين المرات؟" "كيف نحدد اتجاه القبلة إذا صلينا على القمر؟" هذه الأسئلة وغيرها تتدفق بشكل يومي الى عقولنا عن طريق وسائل الاتصال الذكية مع كل اكتشاف جديد. صار واقعا" على المفكرين المسلمين ان يساعدوا المجتمعات المسلمة على مغادرة العزلة وإعادة تنظيم وتقيم العلاقة بين الدين والعلم وبين المسلمين وغيرهم. افرز تعاطي المسلمين مع مستحدثات عصرنا ثلاث طروحات رئيسية:
الطرح الأول: القوالب الجاهزة
يتبنى هذا الطرح تقديس التراث الإسلامي تقديسا مطلقا لا يقبل معه أي نوع من المراجعة والنقد. المتحمس لهذا الطرح يقولب الثورة المعرفية والمعلوماتية في الحاضر وما قد يأتي مستقبلا بقوالب لا تتمدد ولا تتقلص نتيجة الظروف ولا تتفاعل مع محيطها الخارجي. تستنبط احكام هذه القوالب من حوادث حدثت في الماضي بظروف وبيئة معينتين لا يمكن تعميمها وإطلاق حكمها على كل الحالات في كل زمان ومكان. تبرير أصحاب هذا الطرح ان الحل الشرعي لا يحتاج بالضرورة لتوافق العقل البشري والعلوم التطبيقية فهو مرسل من الخالق مباشرة بصيغة امر واجب الطاعة وانهم هم فقط من ينقلون هذا الامر لك وعليهم أقامه حدود صارمة لضمان تنفيذ أوامر الخالق. هناك عشرات الأمثلة على هذا الطرح ولكن "حديث ارضاع الكبير" يوضح طريقة حل اصحاب هذه المدرسة للأمور المستحدثة باستخدام حلول الماضي بدون مراعاة اختلاف ظرفي الزمان والمكان. فالحل الشرعي " الأمثل" لحل إشكالية الخلوة الشرعية لوجود موظف مع موظفة ينجزون معاملات الناس في مكتب واحد هو ان ترضع الموظفة الموظف عشر رضعات مشبعات ليحل عليها. يواجه هذا الطرح تحديات كبيرة لخلق مسلم فعال في مجتمعه ويتقبل الاخر ويتعاطى مع العلم بشكل إيجابي. ابتداء" ان تقديس المطلق تعارض النظرية النسبية لأينشتاين وهي أساس العلوم التطبيقية الحديثة والتي تنص انه لا يوجد شيء مطلق في الكون. بالإضافة الى تعارض التفاسير الدينية لبعض النصوص المقدسة مع التفاسير العلمية للظواهر الطبيعية مثل نشأة الكون وفوائد النجوم والفلك كما ان هناك حدود صعبة التطبيق في هذا العصر على سبيل المثال لا الحصر قتل المرتد يتعارض مع حرية الفكر والتعبير وقطع يد السارق يتعارض مع المبادئ الأساسية لحقوق الانسان كما ان التشريعات في الميراث والشهود والزواج تعارض حقوق المرأة بالإضافة الى ان زواج القاصرات يعارض حقوق الطفل.
الطرح الثاني: فصل الدين عن الدولة
يؤمن أصحاب هذا الطرح بضرورة استنساخ تجربة "فصل الدولة عن الكنيسة" التي أدت بشكل او باخر الى نهوض أوربا وتخلصها من قرون الظلام والتخلف واستبداد رجال الدين ومحاربتهم الأفكار الجديدة والخلاقة التي تسهم بدفع عجلة التطور الى الامام. يعتقد بعض المفكرون الإسلاميون بان إقامة الدولة على أساس المواطنة حيث الدولة تقف على مسافة واحدة من الجميع بغض النظر عن الدين والمعتقد هو الحل الأمثل لفك الاشكال بين التراث الإسلامي والعولمة. التحدي الأكبر لهذه النظرية انها لا تحل المشكلة من الجذور فطبيعة الحدود والتشريعات في الإسلام تختلف عن تعاليم الديانة المسيحية التي تنفرد بخلوها من الفرائض مما جعلها مناسبة لنظرية "فصل الدولة عن الكنيسة" وحصر الدين داخل حدود الكنيسة على عكس الإسلام المليء بتشريعات تحث على اظهار الدين ونشر التعليمات الإسلامية خارج المجمعات المسلمة وبالتالي فان من الصعوبة إبقاء الإسلام داخل الجامع فالجهاد في سبيل الله ركن من اركان الإسلام يحتم على المسلم تخير غير المسلمين بين الإسلام او الجزية او القتال كما ان الرسول "وهو اسوة حسنة" قائدا عسكريا خاض الكثير من الغزوات وهدم معابد واصنام الديانات الأخرى فكيف تقنع المسلم ان يعيش جنبا الى جنب مع البوذي الذي يقدس تمثال بوذا ويضعه في المعابد؟ وهذا ما حصل فعلا عندما أقدم بعض المسلمون المتشددون بهدم تماثيل تعود للديانة البوذية في أفغانستان عندما سيطروا على نظام الحكم في ذلك الوقت.
الطرح الثالث: الفرع والاصل
فكرة هذه الطرح قائمة على أساس ان للإسلام أصلا وفروع وان الفرع ينسخ الأصل مؤقتا لوجود ظرف خاص او حالة طارئ ثم يعاد العمل بالأصل بمجرد زوال الظرف او الحالة التي استوجبت نزول الفرع. والاصل في القران نزلت اغلب آياته في مكة ويحتوي على جوهر الدين وعقائد عامة تدعوا لتفكر والتأمل ونبذ العنف وتقبل الاخر كما ان محتواه يسع الكل وقابل للتطبيق في أي زمان ومكان "فاصفح الصفح الجميل"(حجر:85) و "واعرض عن المشركين " (الحجر:94) و "جادلهم بالتي هي أحسن" (النحل:125) و "وما انت عليهم بوكيل"(الزمر:41) وعشرات الآيات الرحيمات التي تدل على عظمه الخالق ورحمته بعباده. اما الفروع فهي آيات اغلبها مدنية جاءت لإعطاء رخصة مؤقتة لا تتعدى قيودها الزمانية والمكانية "فقاتلوا المشركين حيث وجدتموهم" (التوبة:5) فهذه الآية نسخت مؤقتا آيات الرحمة الكثيرة في القران لتجيز قتال المشركين في ظروف محددة وهي عند نقض المشركين للعهد كما موضح في الآيات التي سبقتها من نفس السورة والاستدلال بان نسخ الفرع للأصل مؤقتا بان الله أبقى الآيات المنسوخة وذلك للعودة لها عند زوال الظرف الذي أدى الى النسخ كما انه ليس من المعقول ان اية واحده نسخت عشرات من آيات الرحمة التي اشرنا الى بعض منها في أعلاه وأخيرا ليس من المعقول ان الآية أعلاه نسخت قوله تعالى " وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين"(البقرة:190) واصبح الله يحب المعتدين حاشه سبحانه. من جهة أخرى يرى أصحاب هذا الطرح ان القران كتاب ينظم العلاقة الدينية بين العبد وخالفه وليس مرجع علمي مطالب بإيجاد نظريات تفسر الظواهر العلمية. كما لا يدعم هذا الطرح ما يسمى "الاعجاز العلمي" في القران فالوصف غير موفق من الأساس فان وصف "الاعجاز" هو عمل خارق للطبيعة وقوانينها بينما "العلمي" هو وصف لظواهر خاضعة للتفسير العلمي والمنطقي كما ان فكرة الصاق أي اكتشاف جديد بالقران هو امر مردود لسببين الأول ان العلوم التطبيقية متغيرة فما اثبته العلم اليوم قد ينفيه في المستقبل وثانيا ان النظريات والاكتشافات مبنية على ارقام وادلة مادية تراكمية يصعب مقارنتها بآيات القران لا ثبات صحتها من عدمه فلا يوجد أي دليل منطقي أن الآية "فلا اقسم بالخنس الجوار الكنس"(التكوير:16) هي دليل على اكتشاف الثقب الأسود. على الرغم ان قدرة هذا الطرح –الأصل والفرع - من دمج المجتمعات الإسلامية بمحيطها مع المحافظة على جوهر الطقوس والعبادات الإسلامية الى ان أصحاب المدرسة الكلاسيكية يرفضون جملة وتفصيلا أي محاولة لمراجعة ما اتفق علية العلماء والسلف الصالح وهنا يتبادر للذهن اذا كانت ايه واحده ابطلت حكم عشرات الآيات وتعلن حرب مفتوحه لا هوادة فيها ولا مفر منها فلماذا سمي الإسلام اسلاما" وهل تدل هذه الآية على رحمة الله التي وسعت كل شيء وما هو الطرح البديل الذي من الممكن ان يخرج المسلمين من ظاهرة العيش في الماضي وعدم القدرة على الاندماج في الحاضر والتخطيط للمستقبل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحل بدقيقة
الجندي ( 2018 / 2 / 28 - 15:50 )
يجب عليك ان تعلم
1 ض القران المدني مسالم مثل المكي
ام اية لا اكراه في الدين والله لا يحب المعتدينمكيات
2 لم تنسخ ابدا اياتالسلام في القران وهذا باجتماع عدد كبير من العلماء لانه لا يجوز ان تنسخ اية الا بحديث صحيح يقول هاي الاية نسخت هاي الاية
3 ولا يوجد قران مكي ومدني فالقران وحدة واحدة لا تتجزا
4 والسورةالمدنيةتكون مليءة ترىبايات مدنية يعني عادي
5 منكذب عليك وقال الدين المسيحي ما فيه فراءض
همفقط تخلصوا منها واستنكروها كما استنكر القرانيين اليوم السنة
الحل
1 التخلص من اي حديث يعارض المعاصرة والحداثة فالاحاديث غير معصومة
2 اعادة تفسيريعض الايات بما يمكن ان تحمله اللغة
3 نفي اي حد من خارج القران الكزيك
وبالتالي
1 يسقط حد الردة
2 يسقط حد رجم الزانية والذي يشهد القران بحد اخر قوامه ان تحبس المراة في البيت لحد ما تنتهي الفضيحة
3 يصبح حدااسرقة لكثيرالسرقة فقط
لان الاية تقول السارق والسارقة فاقطعوا ايةهما
طبب السارق اسم فاعل ويدل على كثير منيفعل هذا الفعل فلا تكون عن شخص علم درس لمدة يوم معلم وانما تقول عنانساميعلم كل يىم ويعمل في التعليم معلما
فيصبح المعنى كثيرالسرقة من تقطع يده ولا اجد


2 - الحل اية واحدة
الجندي ( 2018 / 2 / 28 - 15:55 )
الاية تقول ان الله لا يحب المعتدين
لا يمكنابدا ان تكون هاي الاية منسوخة
مستحيل
لانها تعطي صفة لله فهل الله يتغير
ومن هاي الاية نفهم ان كل ايات القتال في القران دفاعية او محددة بزمانها او لتحريرشيء مقدس لدى المسلمين
انتهى
هل تعلم كيف فسر الارهابيون هاي الاية ؟؟؟
بقول ان الله لا يحب المعتدين
ان الله لا يحب الاعتداء علىالاطفال
يعني من الواضح انهم منحرجين من الاية وغير قادرين على الرد عليها وفي موقف محرج
فهل يقبل احد بذاك التفسير المعوق الذي قال بالحرف ان الله لا يحب المعتدين ولم يتم التحدث اصلا عن من يتم التعدي اليه


3 - موضوع بسيط
على سالم ( 2018 / 2 / 28 - 16:08 )
الموضوع ليس بهذه الصعوبه على الفهم , القرأن بدون جدال هو كلام بشرى وليس له اى صله بالسماء كما يعتقد الغالبيه الكاسحه والتى توارثت الدين ابا عن جد , المعضله هنا كيف نحاول اقناع هؤلاء الملايين والملايين المؤدلجه عقولهم بقدسيه هذا الكتاب البشرى وهو ليس قدسى بأى حال من الاحوال

اخر الافلام

.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي


.. كاتدرائية واشنطن تكرم عمال الإغاثة السبعة القتلى من منظمة ال




.. محللون إسرائيليون: العصر الذهبي ليهود الولايات المتحدة الأمر


.. تعليق ساخر من باسم يوسف على تظاهرات الطلاب الغاضبة في الولاي




.. إسرائيل تقرر إدخال 70 ألف عامل فلسطيني عبر مرحلتين بعد عيد ا