الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الزمن الفردي والزمن المجتمعي

محمد طه حسين
أكاديمي وكاتب

(Mohammad Taha Hussein)

2018 / 2 / 28
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يتحسس الفرد بالزمن ويدركه بشكل مختلف عما يحسه المجتمع ويعيه، العمليات العقلية السابقة لادراك الزمن والوعي به تحدث وتتوالى عند الفرد أشد سرعة مما هو لدى الكائن الأكبر(المجتمع). زمن الأفراد لا يخرج عن دائرة "الظاهرة في العالم، أو الكينونة في العالم" كما يتصورها مارتن هايدكر، حيث يصبح الفرد مُحَدِّدَ الزمن ومعيار قياسه من خلال قدرته على الحركة ومقدار القوة في شدة هذه الحركة التي يُظهرها في لحظاتها الراهنة، " فليس بوسعنا أن ننسخ الزمان بالنسبة للظاهرات عامة " كما يرى أمانويل كانط في كتابه نقد العقل المحض.
عدم امكانية نسخ الزمن لا يعني غير ما يعنيه آنية الزمن وحدوثه الحالي والوعي الفردي المتصادم مع مُجرياته و يدل ايضاً على انسيابية حلقات ومفاصل الزمن وتواليها بحيث لن يتكرر أي زمن غابر في حلقاته البعدية كما هو بأحداثه وظواهره.
أما الزمن المجتمعي تتوالى حلقاته ويستشعر بها المجتمع وأفراده بصورة كلّية متناسقة وموحدة حيث الظواهر تدوم حركتها وحدوثها وتستمر مشاهدها ضمن حلقة واحدة تتظاهر كظاهرة واحدة كُلّية، بمعنى أوضح اذا كان الفرد على تفاعل آني مع الحدث أو الظاهرة يكون زمنه زمن المشاهدة والاحساس بمُجرياتها وتتبدل مشاهدها باختلاف زوايا النظر والتحويل المكاني والتغيير الزماني لها، ولكن الزمن يطول ويتباطأ في المخيلة المجتمعية حيث تصبح حقبة باسرها زمنٌ لتكامل ظاهرة ما.
ما أريد ذكره في ضوء هذا الفهم للزمن هو:
- ان الزمن الفردي والمجتمعي قد اختلطا ببعضهما البعض حيث أصبح الزمن المجتمعي زمنا فرديا، والفرد هنا في مجتمعنا يحس ويشعر ويدرك ويعي الزمن على منوال الفهم والادراك المجتمعي، فالظاهرة تتعمر وتدوم حدوثها في رؤيته ولا تقف عند حدوثها في الزمن الحالي والمكان الذي يحدث فيه الظاهرة وتتباين.
- الارتباك الادراكي للزمن بين الفرد والمجتمع هنا في مجتمعاتنا ليس الّا فقدان الشعور التمييزي بين ما يراه الفرد فيزيقياً وما يراه المجتمع تأريخياً.
- رؤية الفرد وادراكه على الطريقة المجتمعية ليس الّا عماءً واغتراباً للفرد حيث استلب منه الآن والحال وكذلك الحضور في المكان ويقرر كما يحدد له الكائن الأكبر(المجتمع) وهذا هو أصل الضياع وفقدان الصلة بالزمان.
- بنيت ثقافتنا على هذه الأسس والأطر الفاقدة للوعي بالزمن الحقيقي الفرداني ومن ثم العاجزة لجمع الرؤى كلها في تشكيلات شعورية كلية واعية تسمى الذاكرة الجمعية أو الشعور الجمعي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصطفى البرغوثي: الهجوم البري الإسرائيلي -المرتقب- على رفح -ق


.. وفد مصري إلى إسرائيل.. تطورات في ملفي الحرب والرهائن في غزة




.. العراق.. تحرش تحت قبة البرلمان؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. إصابة 11 عسكريا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة الماضية




.. ا?لهان عمر تزور مخيم الاحتجاج الداعم لغزة في كولومبيا