الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثنائية البدائل المجحفة

جعفر المظفر

2018 / 3 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


لا أحد بإمكانه ان يجعلنا نصدق أن الديمقراطية كانت خير حل لمشاكلنا مع الدكتاتورية.
بعد اربعة وعشرين عاما من العيش تحت دكتاتورية الإنجاب التاريخي والقائد الفذ صدام حسين, وإلى ما شاء الله من قائمة أسمائه التي تجاوزت المائة والعشرين, صار بحكم المؤكد وقتها ان الدكتاتورية ليس بوسعها أن تنجب غير المزيد من القمع والتسلط, ولهذا لم يعد غريبا ان يصبح لكلمة الديمقراطية وقعا يشنف الآذان ورائحة تسكر الأرواح بحيث إستقبلها الناس وكأنهم يستقبلون الموعود المنتظر.
وأجزم أن واحدة من عيوب دكتاتورية صدام أنها جعلت الديمقراطية تبدو وكأنها هي السهل البسيط الممتنع, ففي عالم الثنائيات المجحف ليس هناك أكثر خداعا وظلما من تناوبية النقائض التي تجعلنا ندور في مساحة الإنحياز أما للشيء أو نقيضه, وهنا أما للدكتاتورية وأما للديمقراطية, حتى كأنما لا وجود بينهما لمنطقة وسطى, وكأنما الذي خلقهما لم يخلق معهما بديلهما الثالث.
قبل أن يزورنا حكم العسكر وصولا إلى ذروة الدكتاتورية ممثلة بنظام صدام حسين يتذكر أولئك الذين عايشوا فترة العهد الملكي كيف ان ديمقراطية النظام الملكي التي لم تتقن غير لعبة توزيع الكراسي البرلمانية على النخبة الحاكمة كانت أحد الأسباب التي هيأت لنظام العساكر.
وإذا ما قيل أن تجربة العسكر قد اثبتت فيما بعد أن الديمقراطية الملكية كانت أفضل بكثير من التجارب الدكتاتورية التي تلتها فلأن أحكام هؤلاء قد تأثرت وتشكلت بضغط من سيئات الدكتاتوريات التي تلت وليس بفعل الثابت من الإيجابيات التي حققتها الديمقراطية الملكية.
بل لعل فشل النظام الملكي لم يأتِ بمعزل عن فشل تجربته الديمقراطية التي لم تتمكن على مغادرة بناء مساحة التناوب على السلطة إلى مساحة بناء المجتمع حتى تصنع آليات الدفاع المطلوبة عن الذات والكامنة في تحقيق الصلة الحقيقية ما بين الشعب وسلطته.
وإذا كانت الديمقراطية تعني ببساطة حكم الشعب فإن عجزها عن الوصول إلى هذه الغاية قد جعلها تبدو وكأنها لعبة من ألعاب الخداع التي لم يعد بإمكانها الحيلولة دون إعادة تشغيل ثقافة الخلاص على يد الموعود المنتظر الذي كان يأتينا مرة بزي عسكري مهيب ومرة اخرى بزي مدني لرجل كان قد نسي أن يتخلص قبلها من عقله البدوي وثقافة الغزاة.
مع نظامنا الديمقراطي الحالي لم نعد بحاجة إلى مزيد من الزمن لكي نكتشف خيبات الأمل المرة التي تعيد الحياة مرة أخرى للخيار البديل.
ومن سوء حظ العراق أن اي نظام يأتيه يُبَيضُ وجه النظام الذي سبقه








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وصلت متأخرًا
سيلوس العراقي ( 2018 / 3 / 5 - 16:15 )
للاعتراف تقريبا بعدمية الديمقراطية في العراق
واهنئك على ذلك الذي قلناه منذ سقوط صدام واستلام شيعة ايران للحكم
يؤسفني ، وأنت كاتب محترم ، اصرارك على تسمية النظام الحالي بالديمقراطي

يا استاذ في مباديء الفلسفة علمونا بان معنى مصطلح الديمقراطية في اليونانية هو حكم الشعب
لكن الديمقراطية لا تقتصر على المعنى اللغوي
انها منهاج حياة شعب
انها ثقافة مجتمع يؤمن بالحريات وليس بالحربات
يؤمن في بيته وفي رأسه قبل كل شيء بالحريات والديمقراطية وليس بالطبر وبدق شبابيك اوليائه لاحداث التغيير والتطور وممارسة الحريات
لا مكان للحريات والديقراطية مع انتشار الطائفية والمذهبية بين ابناء الشعب الواحد وانتشارالسلاح والميليشيات واحزاب الله اكبر واحزاب الله بكافة موديلاتها
العراق لم يعد صالحا للحياة الحرة البشرية في أدنى مستوياتها
فما بالك بالديمقراطية
هيهات ، فات الاوان وليس ساعة مندم
تحياتي لك
واسعد وعش حرا حيث انت من دون عراق تاه في عتمات القرون المظلمة


2 - الديمقراطية
عبدالا حد سليمن بولص ( 2018 / 3 / 6 - 17:59 )
يستحيل الوصول إلى ديمقراطية صحيحة تحت ظل نظام ديني ( أي دين) وبما أن الدستور العراقي ينص على كون الإسلام دين الدولة فلنقرأ على الديمقراطية السلام ونكف عن الضحك على أنفسنا بتكرار هذه الكلمة التي فقدت معناها.

اخر الافلام

.. في ظل التحول الرقمي العالمي.. أي مستقبل للكتب الإلكترونية في


.. صناعة الأزياء.. ما تأثير -الموضة السريعة- على البيئة؟




.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا


.. تصاعد ملحوظ في وتيرة العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل




.. اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي مدينة الخليل لتأمين اقتحامات