الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عامِلُ تنظيف

امين يونس

2018 / 3 / 6
الادب والفن


... تخّرَجَ حَسَن من الإعدادية بِشَق الأنفُس ، في الدَور الثاني وبِمُعّدلٍ لا يُؤهله للقبول في أية كُلية او معهد .. ونتيجة لظروفهم العائلية المادية الصعبة ، فلقد حاولَ الإنخراط في قطاع عُمال البناء .. لكنهُ كان يعمل يوماً ويقعد عشرة ، لا سّيما بعد إستفحال الأزمة المالية والإقتصادية وشّحة فُرَص العمل .
حَسَن كانَ يحُبُ إبنة الجيران ، التي تُبادله المشاعر والوِد ... وكانا يبنيانِ خلال لقاءاتهما القصيرةِ ، بخيالهما الخصب ، قصراً سيعيشانِ فيهِ كالأمراء .. فيهِ الكثيرُ من الخَدمِ والحَشَم يُنفذون أوامرهما ويُلبيان رغباتهما فوراً ! .. إلى أن تدخُل أمّه أو إحدى أخواته ، الغُرفة ... فينقطع حبلُ الخَيال ويعودان إلى الواقع التعيس .
قالَ لهُ أبوهُ يوماً :
- يا ولدي .. أحد أصدقائي ، وَجَدَ لك عملاً في المستشفى الكبير .. صحيح أنهُ عملٌ متواضِع ، لكن هذا هو المتوفِر حالياً .. والراتب لا بأسَ به .
قالَ حَسَن بلهفة :
* ما هو ذاك العمل ؟
- عامِلُ تنظيف
رّدَ حَسَن بعصبية :
* ماذا ؟ هل تُريدني أن أصبحَ زّبالاً ؟
- وماذا في ذلك ياولدي .. أنهُ عملٌ كأي عملٍ آخَر . وأنا نفسي ، ألَسْتُ فّراشاً منذ ثلاثين سنة ؟
* أنتَ اُمّي .. لكني خريجُ إعدادية .
- ياحبيبي ان خريجي الكليات لا يجدونَ عملاً .. فماذا أنتَ فاعِل ؟ يجب أن اُبلِغ الرجُل الذي وجدَ لك هذه الفُرصة .. فماذا تقول ؟
* قُل لهُ شُكراً ... إبني لا يريد أن يصبح " مَلطَشة " للجميع ! .
..........
جّسَ حَسَن نبض حبيبته وفاتَحَها قائِلاً : هنالك عملٌ معروضٌ عليّ في المستشفى ، وهو عامِل تنظيف ، والراتب معقول ... ماذا تقولين ؟ قد أستطيع التوفير خلال سنة أو سنتَين وأتقدمُ لخطبتك رسمياً .
قالتْ : عامل تنظيف ؟ يعني كّناس .. وأين ؟ في المستشفى ، حيث يعمل أخي موظَفاً ؟ كلاّ ... هل تريد أن نصبح علكة في أفواه الناس ، يلوكوننا ليلَ نهار ؟
لم يكُن حَسَن مُقتنعاً أصلاً بأن يعمل عامل تنظيف ، بل كان في أعماقه يستنكف ذلك ، وزادهُ موقف حبيبته أو جارته ، إصراراً على رفض الفِكرة .
..........
بعد فترة .. تقدَمَ أحدهم لخُطبة إبنة الجيران .. فوافَقَ أهلها ، بل هي نفسها لم تعترِض بصورةٍ كافية ، إذ ان العريس كانَ مُؤهّلاً ... أي يمتلك شقّة صغيرة وسيارة وهو موظفٌ أيضاً . وظَهَرَ أن ( الحُب ) الذي يربطها ب حَسَن ، لم يكُن أكثرَ من عبث مُراهقين ، لا سيما بالنسبة لها . وهذهِ نُسخة من قِصّةٍ مُكّرَرة حدثتْ وتحدث ملايين المرات في أنحاء الدُنيا .
إنكَسَرَ قلبُ حَسَن ... وزادتْ ضغوطاته على أهله ، حتى إستطاعوا تدبير مبلغٍ من المال ، ليُجّرِبَ حظّه في الهجرة إلى أوروبا ، عن طريقِ مُهّرِبٍ معروف . وبالفعل نجحَ في ذلك . لكن المُفارَقة ، أنهُ بعدَ شهورٍ طويلةٍ من تعلُم اللغة الأجنبية ، قليلاً .. والتعوّد شيئاً ما على نمط العَيش الجديد .. والدخول في عّدة دَورات لتعلُم الأشغال .. فأن الفُرصة التي اُتيحَتْ لهُ ، كانتْ : عامِل تنظيف في المُستشفى ! .
رضى حَسَن بِقَدَرِهِ ..
............
مكثتُ ثلاثة أيام في المستشفى لإصلاح بعض ما خّرَبهُ الدَهرُ ... ومن غرائِب الصُدّف ، أن ألتقي ب " حَسَن " ويحكي لي حكايته .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ياحلاوة شعرها تسلم عيون اللي خطب?? يا أبو اللبايش ياقصب من ف


.. الإسكندرانية ييجو هنا?? فرقة فلكلوريتا غنوا لعروسة البحر??




.. عيني اه يا عيني علي اه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي


.. أحمد فهمي يروج لفيلم -عصـ ابة المكس- بفيديو كوميدي مع أوس أو




.. كل يوم - حوار خاص مع الفنانة -دينا فؤاد- مع خالد أبو بكر بعد