الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المكبوت تحت الضلوع يخرج للشارع

نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)

2018 / 3 / 14
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


ما الكتابة الإبداعية إلا النطق بالمكبوت تحت الضلوع ؟ ألهذا حرمت النساء من الكتابة والإبداع الفكرى على مدى قرون؟ رغم أن المرأة اكتشفت الحروف منذ سبعة آلاف سنة، وعلمت اللغة للبشر، لم نسمع عن «لغة الأب» بل هى «لغة الأم» التى يتعلمها الإنسان منذ الولادة، ولحظة الموت لا ينطق إلا بها، شهدت بعملى الطبى الكثير من الموتي، من مختلف الأجناس والمذاهب، لا ينطقون مع النفس الأخير إلا كلمة «أمي»، وأنا أيضا، إن حلت بى كارثة لا أنادى إلا، يا أمى.تعود بى الذكرى إليها، وأنا أشهد هذا الشهر (مارس) مسيرات النساء بالشوارع يهتفن بسقوط النظام الرأسمالى الأبوى العنصري، القائم على القوة والعنف بالدولة والعائلة، والضرب والتأديب للأمهات والزوجات. والقتل باسم الرجولة والشرف والأخلاق، كانت أمى «زينب شكري» تريد مواصلة دراستها لتصبح باحثة بمجال الطب وتكتشف علاجا لمرض السرطان الذى قتل أمها، لكن الأب أخرجها من المدرسة بالضرب، وتم تزويجها لأبي، وهى فى الخامسة عشرة، لتلد تسعة أطفال، ثم تموت بالسرطان وهى فى ريعان شبابها. ثبت طبيا أن الحزن يحدث خللا بخلايا الجسم، مما يؤدى لأورام سرطانية حميدة أو خبيثة، حسب درجة الحزن، إن كان مؤقتا بريئا، أو مزمنا خبيثا، كان أبى زوجا فاضلا يعامل أمى باحترام وحب، لم يتعلق حزن أمى بزوجها أو إحباطها فى حياتها الخاصة، بل إحباطها فى حياتها العامة، لم تحقق أمى شيئا من طموحاتها الفكرية والعلمية، وكانت تنصحنى دائما بعدم إهمال طموحى الفكرى والأدبى لأجل أى رجل، وإن كان إمبراطور الصين.

يظهر وجه أمى أمامى بعد ستين عاما من موتها، وأنا أشاهد وجوه النساء الخارجات للشوارع فى بلاد العالم، يشوحن بأيديهن فى وجه الظلم والقهر والهوان، يهتفن فى نفس واحد: يسقط العنف والتحرش بالنساء، تسقط الرجولة الزائفة، تسقط الأنوثة الذليلة، تسقط تعرية أجسامنا للسوق والأرباح، تسقط تغطية رءوسنا باسم الدين والأخلاق، تسقط الازدواجية والتفرقة بين البشر، تسقط عبودية القرن الحادى والعشرين. تختنق أصوات النساء بالدموع، يخرج هتافهن مبحوحا بعمق الألم المكبوت تحت الضلوع، من قلب الجروح النازفة رغم الزمن، على مدى سبعة آلاف سنة تراكمت الأحزان، لم تلتئم جروح الأمهات والزوجات والبنات، ما إن يلتئم الجرح حتى ينزف من جديد، ما إن تتحرر البنت من سجن الأب حتى تدخل سجن الزوجية، ما إن تتحرر من خدمة الزوج والأطفال والأحفاد حتى يهلكها التعب والمرض والإحباط. أكثر ما يهلك المرأة هو الحزن على ضياع عمرها فى الخدمة والطاعة دون جزاء، إلا القهر أو الغدر والخيانة، من الأحبة والأقرباء قبل الغرباء والأعداء، تحزن المرأة على فقدان نفسها واسمها وطموحها العقلي، يقولون لها: ليس لك طموح خارج الجسد، ليس لك حياة خارج الزواج، ليس لك ذات مستقلة يمكنك تحقيقها خارج بيتك وزوجك وأطفالك، يتهمون المرأة الطموح فكريا بالانحراف النفسى والأخلاقي، تدافع المرأة عن نفسها، وإن كانت كاتبة أو طبيبة أو وزيرة، بإعلان طاعتها الكاملة لزوجها، وطبخ المسقعة والكوسة، رأينا بالصحف صورة الوزيرة المصرية الأولى مرتدية فوطة المطبخ تقدم الطعام لزوجها، وأظهرت أشهر محامية مصرية الزهو بمسح حذاء زوجها، وصرحت إعلامية معروفة بأن لزوجها حق تأديبها بالضرب دون إحداث عاهة مستديمة، وبالفضاء الإلكترونى رفعت مجموعة نساء شعار «زوجى هو زوجك» لتشجيع الرجال على الخيانات الزوجية. أكبر المظاهرات النسائية اليوم بالفلبين وكوريا وأفغانستان وبولندة والأرجنتين وأوروبا وأمريكا، وفى إسبانيا نظمت النساء إضرابا عن العمل بالبيوت (8 مارس 2018) على غرار إضراب نساء أيسلندة عام 1975 لمدة يوم واحد، الذى أدى لتوقف جميع دواليب العمل والحركة بالدولة، بما فيها الطائرات والقطارات، ولزم الرجال البيوت يرضعون الأطفال ويطبخون، رفعت النساء الشعار «إن توقفت النساء عن العمل يتوقف كل شيء» تربط النساء الواعيات بين العنف الزوجى وعنف الدولة. وفى عام 2003 وجدت نفسى وسط مظاهرة ضخمة بمدريد، ارتفع فيها الشعار «الاستثمار فى الصحة والإبداع وليس فى الأسلحة والحروب», حطمت النساء الصحون بالشوارع، احتجاجا على جرائم «بوش وبلير وأزنار» فى حربهم ضد العراق (2003)، فأين نحن من الوعى النسائى فى العالم؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المراة العربية مقهورة
مرسي محمد مرسي ( 2018 / 3 / 14 - 10:17 )
كلامك سليم يا دكتورة فالمراة العربية مقهورة في بيتها و في عملها وفي الشارع بسبب النظرة الدونية لها وليس بيدها سوي النضال لنيل حقوقها المهدرة


2 - لابد للمكبوت من فيضان
حميد الواسطي ( 2018 / 3 / 14 - 10:51 )
.. لابد للمكبوت من فيضان
صعدت إلى شفتي خواطر مهجتي
ليبين عنها منطقي ولساني
أنا ما تعديت القناعة والرضا
لكنما هي قصة الأشجان ..
للشاعر محمد اقبال


3 - يسقط ابن تيمية عدو المرأة
ماجدة منصور ( 2018 / 3 / 14 - 11:28 )
ستظل المرأة العربية في الحضيض طالما بقي هناك مفتي للحيض و الجنس0
لا أعجب من شأن هؤلاء النساء اللواتي مسحت تعاليم ابن تيمية و زميله الهالك..البخاري عقولهن
في قديم الزمان كانت المرأة ملكة و حاكمة و معبودة الى أن أتت عصور التخلف إلينا تحمل في طياتها عبودية ألعن ما فيها أنها إرتدت ثوب القداسة0
ما يحز بالنفس أن هناك نساء كثيرات قد استمرئن العبودية و الذل و الخنوع0
احترامي د نوال


4 - حجية ماجدة منصور -2
الرفيق صلعم البيروقراطي ( 2018 / 3 / 14 - 13:53 )
ما ذنب ابن تيمية ؟ وما ذنب البخاري يا حجية ماجدة !!؟ أساس المشاكل في المدعو نبي اللاحمة . أشلاف الخلق , ولاسول الانسانية - هذا هو عدو المرأة وعدو الحياة


5 - وأري الشجاعة في العقول قليلا
تنوير 4 ( 2018 / 3 / 14 - 14:42 )
أيتها المرأة العجوز
يقول الشاعر : ان الشجاعة في الأجسام كثيرة .. وأري الشجاعة في العقول قليلا
أيتها المرأة العجوز----
كثيراً ما أراكِ في الصورة جميلة الجميلات .. وكم أتمني تقبيل تجاعيد وجهك


6 - لا تليق هذه المفردة بكل هذا العطاء
فؤاده العراقيه ( 2018 / 3 / 14 - 19:57 )
من كثرة ما أقوالهم تلك صدّقتهم , ومن كثرة التخويف بالعقاب آمنت بالغيب المجهول

ولكن ... شرط الأيمان هو ان نكون احرار
فلا ايمان حقيقي مع وجود الثواب
ولا قناعة حقيقية مع وجود العقاب
مع المكافئة والعصا لمن عصا والجلد بالخيزران
حيث سجنوا العقول بها ما بين الجدران
فما بين مخاوفكم واطماعكم غاب الإيمان
وبالعقاب وبأنواع الترهيب التي شملت جميع الألوان
غاب الإنسان بداخلكم وانضم لقطيع الخرفان

أما بخصوص تعليق الأخ تنوير 4 أقول
لا تليق بالأديبة نوال السعداوي مفردة عجوز مطلقا لكون هذه المفردة مرتبطة بالعجز وهي ليست بعاجزة بل أكثر عطاء من أي شابة


7 - السعداوي وجائزة سلطان
حميد الواسطي ( 2018 / 3 / 15 - 00:48 )
في النصف الأول مِن تسعينات القرن الماضي وابان لجوئي في مخيم رفحاء بالسعودية شاهدت على التلفاز خبراً فيه الأمير سلطان بن عبدالعزيز وهو يوزع أو يُكرِّم (جائزة سلطان) على مجموعة مِن الأدباء والأديبات.. كانت مِن بينهم نوال السعداوي وهي تتسلَّم الجائزة مِن الأمير سلطان بَيدَ إنني وقتها قلت مع نفسي: ليس إمتياز للكاتبة والأديبة نوال السعداوي؟ حصولها على هذه الجائزة إنما نوال السعداوي هي التي أعطت أهمية وهيبة وإعتبار وَ وقار لجائزة سلطان..! وشُكراً – الكاتب حميد الواسطي.


8 - إلى الكاتبة فؤادة العراقية
حميد الواسطي ( 2018 / 3 / 15 - 01:28 )
بَعد إذن صاحبة المقالة الدكتورة نوال السعداوي إلى الكاتبة فؤادة العراقية بمُقتضى قولكِ:
فلا ايمان حقيقي مع وجود الثواب
ولا قناعة حقيقية مع وجود العقاب

أقول عطفاً:

أنا لا أرغب الحياة عيشاً
أرغب عودتي إلى اللاشيئيَّة عدماً
فلَم يكن وجودي فيها إختياراً

أنا لا أرغب الجنة ثواباً
وأخشى النار أن تكون عقاباً
سئمت حياة لَم أتأقلم فيهَا أبداً
ولم أرى فيها سعادة ولا أنصافاً
أيا يا ليتَ شِعري..
لو إستطعت يوم الطلق أن أتعسَّر فيه إحراناً
أتشبَّثُ بزوايا رحمها ولا أُبالي لإصطراخها..!
الكاتب حميد الواسطي.



9 - الي تعليق 6
الفهامة ( 2018 / 3 / 15 - 01:32 )
أنا فهمت من تنوير 4 انه معجب جداً بالكاتبة الكبيرة , بعكس ما فهمتيه تماماً .. انه يمجد شباب عقل دكتورة نوال , رغم انها عجوز من حيث السن - ولا عيب في ذلك - , الا انه يراها جميلة الجميلات - كما قال
أكيد دكتورة نوال فهمت قصده صح .. أكيد
و - هارد لاك - للسيدة ماجدة هههههههه


10 - الرفيق صلعم البيروقراطي
ماجدة منصور ( 2018 / 3 / 15 - 04:40 )
أسميتني حجية؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
لتسامحك عشتار ....يا ابن عشتار0
في البدء كانت العبادة...وما عبد بنو الإنسان سوى أنفسهم0
لتسامحك عشتار...ربة الجمال


11 - السيدة ماجدة منصور - ت 10
الرفيق صلعم البيروقراطي ( 2018 / 3 / 15 - 09:18 )
شكراً علي تسامحكِ . أنا أحب تلك الآلهة المتسامحة حقاً : عشتار , وأفروديت .. وحبيبتي الإلهة حتحور . ليتكِ تزوري معبد - حتحور- العجيب , في - دندرة - قرب مدينة قنا - حوالي 660 كم جنوب القاهرة . وهو من المعابد الفرعونية الكاملة القليلة السليمة - وخدي معك تسجيل لأغنية عبد الوهاب وموسيقاها التصويرية - الكرنك -. وستغني هناك بداخل المعبد . مع عبد الوهاب (( أين يا أطلال .. أين آمون , وصوت الراهبِ . أنا هيمان , ويا طول هيامي . صور الماضي , ورائي وأمامي ..الخ )) هههههه
تحية واحترام للعزيزة ماجدة


12 - استاذ فهامة المحترم
فؤاده العراقيه ( 2018 / 3 / 15 - 10:17 )
ربما لم تفهم تعليقي
أنا أيضا فهمت من تعليقه بأنه معجب جدا بالاديبة الكبيرة نوال السعداوي ولكن ما قصدته بإن مفردة عجوز لا تليق بها لكونها غير عاجزة , هذه المفردة لا تتعلق بالسن وإنما بالعطاء ولكن صرنا نتداولها لكون بعض من كبار السن وفي مرحلة معينة يكونوا بحالة من العجز سواء جسديا بقعودهم وإتكالهم على الغير ,وهي لم ولن تمارس القعود يوما
وسواء فكريا حيث يُصاب البعض بالخرف أو يتوقف لديهم العقل وهي كما تراها بأوج نشاطها الذهني وعطائها وكتاباتها وفي حالة تسابق مع الزمن


13 - تحياتي أستاذ حميد الواسطي
فؤاده العراقيه ( 2018 / 3 / 15 - 10:34 )
وكذلك بعد إذن صاحبة الصفحة د.نوال ولتسمح لي

وأنا لا ارغب بجنات موعودة
وحياتي بفضلكم صارت كنار موقودة
وجميع أحلامي معكم موءودة
أرغب بجنةٍ ملموسة
وبعالم يحيا بالعقل لا كهذه العقول الممسوسة
وبأفيون القضاء والقدر
لم يبقى منكم للعقل أي أثر
قتلتم النساء على ارضكم تحت راية الله أكبر
وجلدتموهنّ تحت ذريعة إنهن شيطان وشر
لا معنى لجناتكم الموعودة
وأنا كل يوم أهان بحجة أنني شيطان
فجنتي هي أن أعيش حياتي كإنسان
لا نصفه ولا ربعه , بل مكتملة الكيان
فكفاكم تدنسوا جسدي بشهواتكم
ثم تقولوا عنه بأنه سببا لنزواتكم
أنا لا ارغب بجنات موعودة
لكني أرغب بجنةٍ ملموسة
وبعالم يحيا بالعقل لا كهذه العقول الممسوسة

بأفيون القضاء والقدر
لم يبقى منكم للعقل أي أثر
قتلتم النساء على ارضكم تحت راية الله أكبر
وجلدتموهنّ تحت ذريعة إنهن شيطان وشر
لا معنى لجناتكم الموعودة
وأنا كل يوم أهان بحجة أنني شيطان
فجنتي هي أن أعيش حياتي كإنسان
لا نصفه ولا ربعه , بل مكتملة الكيان
فكفاكم تدنسوا جسدي بشهواتكم
ثم تقولون بأنه سببا لنزواتكم


14 - أستاذة فؤادة العراقية - 12
فهامة ( 2018 / 3 / 15 - 14:18 )
عند عموم المصريين - والدكتورة نوال مصرية - عجوز يعني كبير السن - بعيداً عن التقعيرات اللغوية العربية
أما عن عجوز بمعني عاجز .. فاسمحي لي بأن اعزيكِ في وفاة عالم عاجز في أغلب جسده , ولكن عقله بقي حتي وفاته بالأمس . هو أقدر عقول البشر علي فهم الكون والفضاء الكوني الخارجي , انه العالم البريطاني الشهير ستيفن هوكينغ . عالم الفيزياء والرياضيات الإنجليزي ، الذي حقق اكتشافات مذهلة في علم الكونيات ، مدير الأبحاث في مركز علم الكونيات النظري داخل جامعة كامبريدج بإنجلترا
تحياتي أستاذة فؤاده المحترمة

اخر الافلام

.. الكشف عن وجه امرأة -نياندرتال- عمرها 75 ألف عام


.. الكشف عن وجه امرأة -نياندرتال- عمرها 75 ألف عام




.. المشاركة أمال دنون


.. المشاركة رشا نصر




.. -سياسة الترهيب لن تثنينا عن الاستمرار باحتجاجاتنا المطالبة ب