الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل الكون مخلوق ام ازلي الوجود ؟

صباح ابراهيم

2018 / 3 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يدور سؤال بين الملحدين والمؤمنين عن وجود الله و وجود الكون ، فهل الكون بمجراته و نجومه وكواكبه مخلوق بأرادة الخالق ، ام أنه موجود منذ الأزل بلا خالق؟
ان كان موجودا منذ الازل فمن اوجده ، وكيف تجمعت الطاقة الهائلة باجرامه وكيف نشات مادته الغازية و الصخرية والدخانية ؟
نهج واحد يجيبنا عن هذا التساؤل وهو الحجة الكلامية و المنطقية الكونية وهو كالتالي :
لكل سبب مسبب ، ولكل حدث محدث له ، ولكل شئ يظهر للوجود له سبب لوجوده .
العلم يفصل بيننا ، والعلم يخبرنا عن طريق البحث و الاستقصاء والدراسة والتجربة ، ان للكون بداية ، ولم يكن موجودا من قبل و عمره منذ ولادته يقدر علميا ب 14.7 مليار سنة اي الكون سبب ولابد من مسبب لوجوده . والمادة علميا لا تخلق من العدم ، فمن اين جاءت مادة الكون ؟
هل هذا المنطق صحيح ؟ ... دعونا نفكر قليلا .
الاعتقاد بأن الاشياء المادية يمكن ان تأتي للوجود بدون سبب ، هو كالاعتقاد بالسحر الذي يقوم به ساحر ، فيخرج ارنبا من قبعته الفارغة . فلماذا لا يخرج السحرة ارانب في كل الاوقات من قبعاتهم ان كان ذلك ممكنا ؟
التجربة اليومية والادلة العلمية تؤكد الفرضية الأولى وهو : اذا خرج شئ مادي للوجود ومسبب . cause فلابد من سبب
والفرضية الثانية هي ان [الكون ظهر للوجود] فهل كان موجودا من الازل حسب قول الملحدين ام ان له بداية ونشوء حسب قول المؤمنين وعلماء فيزياء الفلك ؟
كبير فلاسفة الالحاد برتراند راسل قال : "الكون كان هناك فقط وهذا كل شئ"، وسكت .
دعونا ندرس قانون الديناميكية الحرارية الذي يخبرنا ان الكون يعمل ببطء من طاقة قابلة للاستخدام ويستهلك طاقته المخزونة تدريجيا وتتبدد بالفضاء، وهذه هي النقطة المهمة .
نسال الملحدين قائلين : اذا كان الكون ازلي الوجود ويستهلك طاقته التي تتبدد خارج مادته التي تتحول الى طاقة ضائعة في الفراغ الكوني ، فلماذا لم ينفذ مخزون المادة والطاقة الكونية وهي تتبدد منذ الازل البعيد جدا ؟ علما ان مادة الكون و طاقته غير متجددة ، لكنها قابلة للتحويل من شكل الى آخر .
لازالت المجرات ونجومها والشموس العملاقة مستعرة الى الان وستبقى تطلق طاقتها لزمن لا يعلمه الا الله . العلم يقول ان الكثير من النجوم تنطفئ وتموت و تتحول الى ثقوب سوداء ، لكن الكون لازال يحتفظ بطاقته الهائلة المخزونة التي ستدوم الى مليارات السنوات القادمة .
ولو كان موجودا منذ الازل لنفذت طاقته وفقد قدراته الحرارية والضوئية والاشعاعية وانطفأت كل نجومه ومجراته منذ زمن بعيد.
القانون الثاني هذا يؤكده سلسلة من الاكتشافات العلمية الرائعة . ففي عام 1985 قدم الفيزيائي العظيم البرت انشتاين نظريته النسبية العامة ، واتاح لنا للمرة الاولى التحدث عن التاريخ الماضي من الكون .
ثم بعده جاء العالمان الكسندر و لوميترت الذان كان يعملان على معادلات انشتاين الرياضية و توصلا ان الكون مستمر في التمدد والتوسع وليس ساكنا .
في عام 1929 قاس الفلكي ادوين هابل التحول في طيف ضوء المجرات البعيدة نحو الاحمر و توصل الى ان الانزياح نحو اللون الاحمر يدل على ابتعاد المجرات بسرع هائلة نحو الخارج .
واذا عكسنا حركة المجرات فسنجد ان المجرات كانت سابقا متقاربة مع بعضها ، وكانت في زمن ما جميعها مندمجة في كتلة صغيرة واحدة . وخرجت جميع مادة الكون من تلك (الكتلة) بعد الانفجار العظيم الذي حدث في مادة الكون الهائلة الكثافة المتجمعة في تلك الكتلة المتناهية الصغر .
وهذا يطابق نظرية انشتاين الفيزيائية من ان المادة تتحول الى طاقة وبالعكس . فكتلة الفحم تتحول بالاحتراق الى حرارة وضوء و مادة النفط تتحول الى طاقة حرارية وتصبح وقودا قابل للاشتعال بانواع مختلفة . وكذلك غاز الهيدروجين الموجود في الشمس والنجوم تندمج نوياته و ذراته ليتحول الى غاز الهيليوم مطلقا حرارة وضوء و اشعاعات هائلة .
وذلك الانفجار العظيم كان بداية نشأت الكون . و خلق المكان والزمان والمادة والطاقة .
خلق الكون كان سببا ، ولابد من مسبب لوجوده ، فمن هو المسبب والخالق لكل مادة وطاقة الكون ؟ ومن هو مفجر تلك الكتلة الهائلة الكثافة والخازنة لطاقة الكون كله بداخلها؟ لابد ان يكون المسبب واجب الوجود مسبقا ، قوي ، مقتدر ، جبار حكيم ، لايمكن تصور قدرته لا تدركه الابصار بل يمكن التعرف اليه بالايمان بوجوده و رؤية مخلوقاته العجيبة من اجزاء الذرة الى نجوم المجرة .
لا تدركه العقول و الابصار لأنه هو من خلقها ، ولا يمكن لعقل مخلوق ان يعرف اسرار الخالق .
اذن الكون سبب و المسبب لوجوده بمادته وطاقته الهائلة هو الله الخالق . وهذا يتماشى مع العقل والمنطق وما ذكرته الكتب المقدسة ، اما اذا عجز العقل عن ان يجيب عن سؤال الملحدين كيف وُجد الله ؟؟ .. فهذا سؤال فوق قدرات العقل البشري المحدود ان يجيب عليه لأنه من اسرار الله .
خلق الله السماوات والارض و كل ما فيها من العدم ، وخلق المادة والمكان والزمان وهو من وضع قوانين الفيزياء الثابتة التي لا تجروء ان تعمل عمل الله في الخلق فقال العلم ان المادة بعد خلقها من قبل الله لا تُخلق من العدم ثانية ، ولكن الخالق القادر على كل شئ خارج قوانين الطبيعة وهو المتحكم بها.
نؤمن بوجود الخالق من رؤية عجائب مخلوقاته ، ودقة خلقه و ثبات قوانين الطبيعة التي تتحكم بكل شئ بثبات .
وتلك المخلوقات الجامدة والحية ، تدل على وجود الله الذي ننظره من خلالها ونؤمن بوجوده . وكما نستدل من اثر قدم انسان مطبوعة على الطين او الرمل ، فنعرف ان انسانا ما قد مر من هناك وترك اثره وهذا دليل وجوده، كذلك نستدل من اثار وعمل الخالق من عظمة مخلوقاته انه موجود بلا شك .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعقيب
نور الحرية ( 2018 / 3 / 17 - 19:24 )
وفي الأخير فسرت لنا الماء بالماء


2 - الحقيقة امامنا واضحة المادة لاعقل لها
مروان سعيد ( 2018 / 3 / 17 - 20:03 )
تحية للاستاذ صباح ابراهيم وتحيتي للجميع
المادة بشكلها الخارجي والداخلي لاعقل لها ولا تفكر ولكنها تنبض بالحياة والطاقة والتحول واكبر تجربة هي الماء وبعد ان فحصوها وحللوا تحولاتها وجدوا انها تحوي ذاكرة وتسمع وتتحول بالشعور وتتاثر بالمواد التي تحتك بها وتسجل وتتغير حسب المواد
حتى عندما حللوا الماء قبل الصلاة عليها باحدى الكنائس وبعد الصلاة وجدوا التغيير الجذري بها
استاذ صباح الله موجود ويعرفه كل عاقل ولكن التناحة مسيطرة على البشر وهذا ما ذكره السيد المسيح والرسل بانه في اخر الايام سكونون الناس جاحدين متكبرين فاقدين المحبة مازيد من عندي متنحين يعني عنزة ولو طارت
واهديك هذا الرابط عن قدرة الماء وتحولاتها ويقولون قبل ما تشرب تتاثر الماء بحالتك اذا كنت معصب او هادي او شاكر وتتحول الماء حسب حالتك
https://www.youtube.com/watch?v=rgr86jCxzCs
ومودتي للجميع


3 - نظره وتعمق
على سالم ( 2018 / 3 / 17 - 21:07 )
من المؤكد ان اى انسان يفكر فى هذا الموضوع الازلى , هذا الموضوع صعب ومعقد للغايه وعقولنا جميعا لازالت قاصره وبدائيه تحاول ان تجد مخرجا لهذه المعضله الازليه , انت تحاول جاهدا ان تتفلسف وتتذاكى وتجد الحل وتصرخ وتقول اخيرا وجدتها وجدتها ؟؟ وجدت ماذا ؟ ليس بهذه البساطه التى تتخيلها يا عزيزى واذا كان لكل سبب مسبب كما تعتقد اذن الخالق نفسه لابد له من مسبب والا كيف خلق الله نفسه بنفسه ؟ الموضوع صعب وليس بالبساطه التى تتصورها


4 - استاذ صباح ابراهيم واستاذ على سالم
مصطفى خروب ( 2018 / 3 / 18 - 15:23 )


**وذلك الانفجار العظيم كان بداية نشأت الكون . و خلق المكان والزمان والمادة والطاقة .**


قد تكون نشأة الكون لكنها ليست خلق المادة ، إن تجمع الكون في نقطة ما قبل إنفلاشه لا يعني نشوء وخلق المادة بل حالة للمادة وليست لعدم أو من عدم إستدل عليها العلماء مرتكزين على حالة المادة الراهنة! هي بدء كما في البدء خلق الله السماوات والأرض، وكما في في البدء كان الكلمة... هي بداية لحادثةٍ ما في الطبيعة لا بدايه خلق المادة من العدم ....


أما بالنسبة لأخ على سالم الذي يقول **وجدت ماذا ؟ ليس بهذه البساطه التى تتخيلها يا عزيزى واذا كان لكل سبب مسبب كما تعتقد اذن الخالق نفسه لابد له من مسبب والا كيف خلق الله نفسه بنفسه**


لا يرى الأستاذ ابراهيم ضيراً في أن يؤمن بأن الله موجود دون مسبب لكنه ينكر ذلك على المادة ويستعظم الأمر ويستغرب!


سلام


.


5 - ردي على سهيل الجنوب
صباح ابراهيم ( 2018 / 3 / 18 - 21:20 )

لو كنت درست الانجيل دراسة وافية بذهن غير منغلق لفهمت معنى قول المسيح على الصليب الهي الهي لماذا ترتكني
انصحك ان تعيد قراءة المزمور رقم 22 لداؤود الملك ، الذي قال نفس العبارة ، و المسيح اراد ان
يذكر صالبيه اليهود بأن داؤود ملكهم هو من تنبا بصلب المسيح قبل وقوعه عندما قال في مزموره : - لأَنَّهُ قَدْ أَحَاطَتْ بِي كِلاَبٌ. جَمَاعَةٌ مِنَ الأَشْرَارِ اكْتَنَفَتْنِي. ثَقَبُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ-
فالمسيح كان على حق .
اما من خلق الكون فهو الله الخالق (بكلمته) قبل ان يولد المسيح كانسان على الارض . ولابد ان تعرف من هو كلمة الله ان كنت تفهم بالاديان و كتبها .
اما من قال ان الشمس تغرب في عين حمئة فهو بدوي كان يدعي النبوة ويستغفل الناس . وليس هو من اطلق عليه اسم ( كلمة الله) .


6 - Ftas Benkmach ردي على
صباح ابراهيم ( 2018 / 3 / 18 - 21:28 )

الاله الذي خلق الكون لا يمكر ولا يأمر بالغزوات والنكاح و اغتصاب النساء و اخذ الجزية بحجة نشر الدين والجهاد في سبيله .
الاله الذي اقصده هو ملك السلام والمحبة ، والذي ارسل كلمته ونزل من سماء مجده متجسدا بهيئة انسان ليفتدي البشر و يأخذهم الى ملكوت الله ، وليس الاله الذي يأمر بالضرب فوق الاعناق واغتصاب النساء .


7 - السيد مروان سعيد
صباح ابراهيم ( 2018 / 3 / 18 - 21:31 )
شكرا لتعليقك
كل انسان له عقل يفكر به فليؤمن من يؤمن وليكفر من يشاء فالحساب سيكون عادلا في يوم
الدينونة
تحياتي


8 - الى علي سالم
صباح ابراهيم ( 2018 / 3 / 18 - 21:37 )
تقول : الخالق نفسه لابد له من مسبب والا كيف خلق الله نفسه بنفسه ؟ الموضوع صعب وليس بالبساطه التى تتصورها

بفكرك وعقلك البشري تريد ان تعرف من هو الله وكيف وجد حسب قانون (لكل سبب مسبب)
هذا القانون لا ينطبق على من خلق القوانين واوجدها .
الخالق فوق القوانين وعقل البشر لا يصل لمستوى الخالق والا لأصبح الانسان اله .
راجع تفكيرك


9 - الى مصطفى خروب
صباح ابراهيم ( 2018 / 3 / 18 - 21:44 )
تقول :
لا يرى الأستاذ ابراهيم ضيراً في أن يؤمن بأن الله موجود دون مسبب لكنه ينكر ذلك على المادة
ويستعظم الأمر ويستغرب!

واقول :
انت ايضا تريد ان تعتبر ان الله لا بد ان يكون له سبب لوجوده ، ان استطعت ان تحسب الاعداد من واحد الى ما لانهاية ، وعرفت ما هي اللانهاية ، لأمكنك ان تعرف كيف وجد الله .


10 - نور الحرية
صباح ابراهيم ( 2018 / 3 / 18 - 21:54 )
حاول ان تفهم المقال بعقل اكثر انفتاحا


11 - بعدما بنيت القاعدة استثنيت الله
مصطفى خروب ( 2018 / 3 / 18 - 22:24 )



لأنك وضعت القاعدة وتوقفت عند الله واستثنيته ...... الله الذي هو فرضية.... بينما المادة أمامي كل يوم واختبرها ...... أكبر دليل أن الله فرضية هو وجود عدة مفاهيم لهذا الخالق ما يعني أنه تصور في أذهان البشر لا أكثر .... لا علاقة لمفهوم اللانهاية بالله.... ما هي العلاقة ؟


اخر الافلام

.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع


.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية




.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-


.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها




.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24