الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اجتمَعوا بدعوى التصدّي.. والنتيجة مخيّبة

سعود قبيلات

2018 / 3 / 21
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي




«التأم مساء الثلاثاء الموافق 20 / 3 / 2018م الملتقى الوطني بمشاركة الاحزاب اليسارية والقومية وممثلين عن تيارات سياسية وديمقراطية وتقدمية ومنتديات ثقافية وشخصيات وطنية تمثيلية وذلك لمناقشة سبل التصدي للأوضاع الحرجة والخطيرة التي يتعرض لها الاردن على الاصعدة السياسية والاقتصادية والمالية».

هذا كلامُ أصحابِهِ، وليس كلامنا.

فماذا نتج عن هذا الاجتماع؟

هل توصّلوا إلى خطّة مدروسة لمواكبة الناس الذين يتصدّون، في الشارع في ثلاث محافظات أردنيّة، لـ«الأوضاع الحرجة والخطيرة التي يتعرّض لها الأردن».. ما داموا يقولون إنَّ الهدف من اجتماعهم هو «مناقشة سبل التصدي للأوضاع الحرجة والخطيرة التي يتعرض لها الاردن على الاصعدة السياسية والاقتصادية والمالية»؟

كلّا! كلّ ما فعلوه هو أنّهم اِنهمكوا في ثرثرة إنشائيّة ركيكة ومفكَّكة وتشتمل على مغالطات وأفكار ومفاهيم متناقضة، ولا تتضمّن كلمة واحدة عن السبل التي سيتصدّون بها (مع الناس) للأوضاع الحرجة والخطيرة.. الخ.

على أيّة حال، سأناقش، تالياً، بعض ما ورد في هذا البيان مِنْ مغالطات، وكذلك بعض ما يرد على هوامشه مِنْ ظلال وإيحاءات:

أوّلاً، يُفتَرض بهذه الأحزاب والتيّارات السياسيّة والمنتديات والشخصيّات الوطنيّة أنْ تقود الناس؛ لكن كيف سيتسنّى لها ذلك وقد تجاوزها الناس بمسافة كبيرة؟ الناس طلائعها في الشارع، وهي تُقمع وتُعتقل وتُسجن. فأين الأحزاب ونشطاؤها وقادتها؟

ثانياً، من التناقضات الفادحة في البيان أنَّه يُحمِّل المسؤوليّة كاملةً للحكومة عن مجمل السياسات المتّبعة في البلاد؛ لكنّه، مع ذلك، لا يلبث أنْ يطالب بتشكيل حكومة تتمتّع بالولاية العامّة! ثمّ يعود، في مكانٍ آخر، ليتحدّث عن تغوّل السلطة التنفيذيّة على السلطتين التشريعيّة والقضائيّة!

إمّا أنَّ كاتبي البيان لا يعون ما يتحدّثون عنه، أو أنَّهم يراهنون على أنَّ الناس لا تمتلك الحدّ الأدنى من الوعيّ لترى ما في كلامهم مِنْ تناقض فادح.

ثالثاً، الناس.. سواء منهم مَنْ هو في الشارع أو قابعٌ في بيته، يعرفون مَنْ هو المسؤول عن هذه السياسات التي تضرّ بمصالح الشعب والبلاد، وهم يقولون ذلك صراحة. وبناء عليه، فإنَّ تحميل البيان المسؤوليّة للحكومة (أو البرلمان)، لا يمكن فهمه إلا على أنّه محاولة بائسة (ومن المؤكّد أنّها ستكون فاشلة) لتزوير وعي الناس.

إذا كنتم لا تجرؤون على قول الحقيقة صراحةً، فجِدوا لكم «كوداً» خاصّاً فيه منطق للإشارة إليها.

رابعاً، يصعب فهم حديث البيان عن «إدارة الشأن العام على أسس تضمن وحدة جميع فئات الشعب الأردني»!

هذا يحتاج إلى توضيح؛ كي لا يحيل على خطاب المحاصصة الذميم والمشبوه.. أردنيّاً وفلسطينيّاً على السواء (خصوصاً بعدما تبيّن، مؤخّراً، مِنْ وثائق ويكيليكس المنشورة، أنّ أصحابه – بأسمائهم الصريحة – كانوا يتلقّون التوجيهات المباشرة من السفارة الأميركيّة في عمّان)؟

في كلّ الأحوال، فإنَّ مثل هذا الكلام الملتبس لا يقود إلى وحدة الشعب، بل إلى تقسيمه وتفتيته.

خامساً، يتحدّث البيان عن عجز الحكومة (الحكومة، طبعاً.. لا أقلّ ولا أكثر) «عن إدارة موارد البلاد وفق منهج يقوم على التمسّك باستقلال القرار السيادي والوطني»!

هل هي مسألة عجز فقط، أم أنّها السياسات الطبيعيّة لبنية سلطويّة كولنياليّة تابعة بنحوٍ مزمن ومتأصّل؟

ثمّ هل يمكن لمثل هذا الخطاب البائس أنْ يكون بديلاً لخطاب التحرّر الوطنيّ الذي يُفتَرض أنْ يكون هو الخطاب الطبيعيّ لـ«القوى اليساريّة والقوميّة والتقدّميّة والديمقراطيّة» في دولة تابعة؟

سادساً، يعبِّر «الملتقى» «عن تقديره للموقف الشعبي الرافض للإجراءات الحكومية في جميع المحافظات التي تواصل احتجاجها بصورة سلمية ضد القرارات التي مسّت حياة المجتمع الاردني في الصميم».

«مكثورين الخير»!

الناس تنتظر مساندتكم ودعمكم للحراك ومشاركتكم فيه، وليس «تقديركم» له فقط. هذا إذا لم تكونوا تعتقدون أنّكم مجرّد حَكَم محايد في مباراة بين طرفين متصارعين!

سابعاً، «يدين الملتقى بشّدة اعتقال نشطاء الحراك ويطالب بالإفراج الفوري عنهم».

مَنْ هم نشطاء الحراك المعتقلون هؤلاء؟

أليسوا «كلّهم ثلاثة»؟

أليست لهم أسماء معروفة والناس كلّها تعلنها: (علي سمر البريزات، وسياج المجالي، وفراس الحراسيس)؟ فما معنى إصراركم، إذاً، على تجنّب ذكرها؟ هل يمكن أنْ يكون السبب شيئاً آخر سوى كونكم تخشون – مع الأسف – تحمّل مسؤوليّة أقوال هؤلاء الحراكيين الشجعان، مع أنّ تسعين بالمائة من الأردنيين توافق على هذه الأقوال وتُردّدها في مجالسها الخاصّة ومِنْ ضمنهم أنتم؟!

سابعاً، يقول البيان: «يؤكد الملتقى على السعي لتوحيد الصف الوطني»!

ما مناسبة هذا الكلام؟

الصفّ الوطنيّ موحّد على مطالب الحراك.. سواء منه مَنْ هو موجود في الشارع أم مَنْ لا يزال قابعاً في بيته. والسبيل إلى زيادة صلابة وحدته، يكون بالمشاركة الواسعة في الحراك. فعن أيّ صفٍّ تتحدّثون إذاً؟

ثامناً، يتحدّث المجتمعون عن «برنامج وطنيّ»، في مقدّمة بنوده، «تشكيل حكومة إنقاذ وطنيّ»!

«الإنقاذ الوطنيّ» مفهوم عامّ متعدّد الدلالات والمعاني. فهو، بالنسبة للسلطة الحاكمة – على سبيل المثال – يعني تطبيق وصفات صندوق النقد الدوليّ المسمّاة زوراً وبهتاناً «برامج الإصلاح الاقتصاديّ». وبناء عليه، فالحكومة التي تطبّق هذه البرامج هي، بالنسبة لهم، «حكومة إنقاذ».

تاسعاً، يخلو البيان تماماً من الكلام الضروري عن بنية التبعيّة الكولنياليّة التي تتّسم بها السلطة الحاكمة؛ كما أنّه يخلو، أيضاً، من الحديث عن التحرّر الوطنيّ. ومِنْ تحصيل الحاصل، فإنَّ «البرنامج» الذي يطرحه يخلو من الخطوط الرئيسة لبرنامج التحرّر الوطنيّ. ما يعني أنّ الأفق الذي يدور فيه هذا البيان هو، بالمحصّلة، أفق ليبراليّ، يرتكز في أسسه ومنطلقاته على الأسس والمنطلقات نفسها التي تستند إليها السياسات الليبراليّة للسلطة الحاكمة. لذلك، يصبح الحديث عن الاستقلال السياسيّ، وعن ضرورة اتّخاذ سياسات مبنيّة على المصالح الوطنيّة.. وما إلى ذلك، مجرّد كلام، ما دام الجوهر التبعيّ الكولنياليّ للسلطة الحاكمة لم يُمَسّ، وما دام برنامج التحرّر الوطنيّ لم يُطرح.

عاشراً، يتحدّث البيان عن «التصدي لما يسمى بصفقة القرن». فما الذي تطرحه، أردنيّاً، صفقة القرن، هذه؟ أليس هو التجنيس، والتوطين، وتصفية القضية الفلسطينيّة على الأرض الأردنيّة وإراحة إسرائيل مِنْ أعبائها؟

البيان لا يتحدّث عن شيءٍ مِنْ هذا. الأمر الذي يجعل وعده بالتصدّي لصفقة القرن بلا صدقيّة.

باختصار، هذا الخطاب تجاوزه الواقع ولم تعد الناس تحفل به. وبناء عليه، فليس أمام هذه القوى، إذا كانت تريد أنْ تكون «قوى يساريّة وقوميّة وتقدّميّة وديمقراطيّة..»، حقّاً.. لا زعماً، إلا أنْ تتحدّث بلغة يساريّة وقوميّة وتقدّميّة وديمقراطيّة.. شكلاً ومضموناً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -عفوا أوروبا-.. سيارة الأحلام أصبحت صينية!! • فرانس 24


.. فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص




.. رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس


.. انقلاب سيارة وزير الأمن القومي إيتمار #بن_غفير في حادث مروري




.. مولدوفا: عين بوتين علينا بعد أوكرانيا. فهل تفتح روسيا جبهة أ