الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دعوى التنازل عن الجنسية المغربية

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2018 / 3 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


نشر مؤخرا قاضي العيون الأستاذ محمد قنديل عبر الفيديو ، دعوى يلح فيها على المغاربة ، التخلي او التنازل عن الجنسية المغربية .
فهل دعوة التنازل عن الجنسية هي تأكيد على وجود صراع بين الداعين الى دعوة التنازل هذه ، وبين النظام الذين يربطون الجنسية به ؟
ثم ما العلاقة بين الدعوة للتنازل عن الجنسية ، وبين معارضة أي نظام من الأنظمة السياسية ؟
وهل ارتباط الجنسية هو مع الأرض والمغرب ، ام انه ارتباط مع النظام ؟
ثم من السابق عن الآخر . هل الجنسية ، ام الدولة العلوية التي عرفت عدة أنظمة سياسية كانت تختلف بكريزمات الشخص السلطان وبعده الملك الذي يوجد على رأسها ؟
وهل عندما سقطت الملكية بفرنسا ، سقط معها نظام الجنسية ، ام مع الجمهورية التي قطت رأس الملك ، استمرت نفس الجنسية التي تدل على ارتباط الفرنسيين بفرنسا وليس بالملكية ؟
كذلك ، حين كانت الأنظمة في افريقيا ، وبأمريكا اللاتينية والجنوبية ، وبأسيا ، تسقط بالانقلابات ، هل كان النظام الجديد يحتفظ بنفس الجنسية التي كانت تحدد علاقة المواطن بالنظام ، ام ان هذه الأنظمة ابتكرت جنسية جديدة لا علاقة لها بالجنسية السابقة ؟
ثم أخير ا وليس آخرا ، هل تم تغيير نظام الجنسية الليبية والمصرية التي سادت ابّان الحكم الملكي ، ام ان نفس الجنسية استمرت في ظل نظام الجمهورية ( جمل عبدالناصر – معمر القدافي ) ؟
ان الدعوة للتنازل عن الجنسية التي رفعها القاضي الأستاذ محمد قنديل ، ويرفعها العديد من الأشخاص الذين يعارضون النظام ، هي دعوة في غير محلها ، بل انها ستكون انتحارا لطالبي التنازل عن الجنسية ، لأنه ومن حيث لا يدري سيفقد كل الحقوق التي يعطيها له نظام الجنسية التي يحملها .
ان الاعتقاد بان الجنسية ترتبط بالنظام واي نظام ، هو تصور خاطئ ، بل هو تهور قد يكون سببه الكراهية للنظام ، وليس من شأنه ان يؤثر في أساس النظام السياسي الحاكم في البلد .
ان ارتباط الجنسية ، هو ارتباط بالأرض وبالتراب ، أي الارتباط مع المغرب وليس مع النظام . ومن ثم ولنفرض جدلا ان النظام سقط وجاء بعده نظام أخر ، او سقطت الدولة ، فهل هذا يعني ان تغيير جذري سيطرأ على نظام الجنسية السارية المفعول ، ام ان نفس الجنسية ستستمر مع النظام الجديد ، والتي هي الدليل الأكيد على الارتباط مع المغرب وليس مع النظام الذي يكون قد سقط .
وهنا اسأل الأستاذ محمد قنديل الذي يدعو المغاربة للتنازل عن الجنسية المغربية كما تسمى ، وليس الجنسية العلوية . هل تنازلت عن جنسيتك المغربية ، ام انك لا تزال تحتفظ بها ؟ فإذا كنت لا تزال تحتفظ بالجنسية المغربية ، فهنا تكون قد سقطت في تناقض صارخ ، حيث إذا كنت تعتقد ان الجنسية هي ارتباط مع النظام ، فان الاستمرار في حفاظك على الجنسية المغربية وليس العلوية ، هو تأكيد على مواصلة ارتباطك بالنظام ، وليس مع المغرب البلد ، لأنك لا تعتبر ان الجنسية هي الارتباط بالمغرب .
كذلك هناك اشخاص مزدوجي الجنسية ، أي لهم الجنسية المغربية ، وفي نفس جنسية البلد التي تجنسوا بجنسيته ، ومع ذلك لا يترددون في الدعوة وتشجيع المغاربة على التنازل عن الجنسية .
وهنا ، وفي نفس الخطأ الذي سقط فيه القاضي قنديل ، يكررون نفس الخطأ حين يربطون الجنسية بالنظام السياسي الذي يعارضون ، ولا يربطونها بالبلد الذي يحملون جنسيته . وهنا ، إذا كانت الجنسية في نظرهم هي ارتباط بالنظام ، فلماذا يحتفظون بجنسيته ، ومع العلم انهم يحملون جنسية البلد الذي تجنسوا بجنسيته ؟
اليس احتفاظهم وتمسكهم بالجنسية المغربية ، هو استمرار التمسك بالعلاقة مع النظام الذي يدعون معارضته ، طالما ان الجنسية بالنسبة لهم لا علاقة لها بارتباط الأرض ؟
فكيف يستمر هؤلاء متمسكين بالجنسية المغربية ، وفي نفس القوت يطالبون ويشجعون المغاربة على التخلي عن جنسيتهم ؟ أشياء يعجز العقل على فهمها واستيعابها .
ان احتفاظهم بالجنسية المغربية هنا ، هو احتفاظهم بالعلاقة وبالارتباط مع النظام ، وليس مع المغرب البلد الذي يميزوا بينه وبين الجنسية المغربية . اما تجنيسهم ، فهو من باب الاستمرار في الاستفادة من المزايا المادية والمعنوية التي يعطيها نظام التجنيس لكل متجنس بجنسيته .
وللتوضيح اكثر ، فان النظام المغربي ، وان رفعوا له المئات من طلبات التنازل عن الجنسية ، وبحسن إرادة ، فانه لا ولن يسحب الجنسية عن احد . وبالرجوع الى تاريخ الصراع بين النظام وبين المعارضة التي كانت شرسة حين كانت تستهدف نظام الحكم ، ورغم تواجد تلك المعارضة بفرنسا ، وألمانيا ، وهولندة ، واسبانيا ... لخ ، ورغم تعامل بعضها مع نظام معمر القدافي ، ونظام الهواري بومدين ، وجمال عبدالناصر، وحافظ الأسد ، فان النظام المغربي لم يسبق ابدا ان اسقط الجنسية على أي مغربي ، والسبب ان النظام لا يفرط في رعاياه الذين هم ملك له لا لغيره . النظام كان يعتبر تلك الخرجات العنيفة للمعارضة طيشا من أبناء رعايا وليس مواطنين ، وكان يحرص على ( تربية ) هؤلاء بإجراءات دار المخزن ( تْرابي ) ، أي إنْ لم يخضعوا وهو متيقن انهم سيركعوا ، فانه سيلجأ الى سلطات الضبط الإداري .
وعندما نقارن بين معارضة الامس في ستينات وسبعينات القرن الماضي ، وبين معارضة اليوم ، فالحق يقال ان لا قياس بينهما . ففي احلك فترات الصراع ( الاتحاد الوطني للقوات الشعبية – احداث 16 يوليوز 1963 ، واحداث 3 مارس 1973 ) ( الجبهة الماركسية اللينينية المغربية ) ، لم يتجرأ هؤلاء على التجنيس بجنسية البلدان الاوربية التي كانوا بها لاجئين سياسيين ، واحتفظوا بالجنسية المغربية ، لأنهم كانوا يعتبرونها تعبيرا صريحا عن الارتباط بالمغرب ، وليس ارتباطا بالنظام الذي كانوا يخططون لقلبه . فالكل يتذكر مومن الديوري وطرده الى الگابون ، ويتذكر الفقيه محمد البصري ، وابراهام السرفاتي .. والقافلة تطول .
لقد كان هؤلاء يطرحون الصراع في اسمى صوره واشكاله ، كما كانوا يمارسون المعارضة الاخلاقية بكل ما لها من معاني ونُبل . ولم ينجرّوا ابدا الى ممارسات لا تفيذ الغرض والقصد من المعارضة ، لقد كانوا يتجنبون السب والشتم ، كما لم يسبق ان مزقوا جواز سفرهم ، ولا رددوا عبارات علم اليوطي ، بل كان نضالهم ، واي نضال ، مرسوما في الذاكرة الشعبية المناضلة ، ومفخرة مثالية ونموذجية للمعارضة المغربية الجمهورية في اوربة وبالدول العربية .
لقد كان مشروعهم استراتيجي ، لذا اجتهدوا في ابتكار تكتيكات متجددة ومتطورة ، وهي تكتيكات تعرف بالمرونة للوصول الى الاستراتيجية التي هي الجمهورية .
كما ان النظام ، ورغم خطورة المشروع الذي يحضر ضده ، لانه كان يتوصل بالمعلومات والاخبار من قنوات شتى وبما فيها ياسر عرفات والعديد من الفتحاويين ، فإنه كان يحترم تلك المعارضة ، سواء بسبب برنامجها المضاد له ، او بسبب ثقافتها ، او بسبب زهدها وترفعها عن الخوض في المشاكل الصًّغيّرة .
فشتان بين هؤلاء وهم التاريخ ، وبين من يدعو الى التنازل عن الجنسية ، وبين مزدوجي الجنسية ، وبين احراق جوازات السفر و ترديد مقولة راية اليوطي .

ومرة اخرى الجنسية هي ارتباط بالمغرب ، وليست ارتباطا بالنظام ، ومن يعتقد انها ارتباط بالنظام ، ومع ذلك لا يزال يتمسك بها ، فانه بشعور يحافظ على استمرار ارتباطه بالنظام ، وليس بالمغرب الذي ترتبط به الجنسية . ومرة اخرى إذا سقط النظام ، هل سيسقط معه نظام الجنسية ، ام ان هذا النظام ، اي نظام الجنسية سيستمر على الدولة الجديدة ؟
ان مثل هذا الفهم الخاطئ ، هو الذي جعل هؤلاء يخلطون بين معارضة النظام ، وبين وحدة المغرب ارضا وشعبا . فحين يختزلون المغرب في النظام ، في حين ان المغرب هو الشعب ، هنا ينزلقون الى خدمة المخططات الجزائرية ومخططات الصهاينة بمختلف الوانهم . فما العلاقة بين معارضة النظام ، وبين الدعوة لتقسيم بالمغرب ، بالركوب على حق تقري المصير والاستفتاء الذي هو حق يراد به باطل بالنسبة للحالة المغربية .
ان الدعوة ومساندة مطالب الاستفتاء في الصحراء ،وبالريف ، وبالاطلس المتوسط ...لخ ، هي دعوة صريحة للجنسية الصحراوية ، والجنسية الريفية ، وجنسية الاطلس المتوسط .. لخ .
فمنذ متى كانت معارضة النظام تتم عن طريق الدعوة الى تقسيم المغرب ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف مستمر على مناطق عدة في قطاع غزة وسط تلويح إسرائيلي بعملي


.. عقب نشر القسام فيديو لمحتجز إسرائيلي.. غضب ومظاهرات أمام منز




.. الخارجية الأمريكية: اطلعنا على التقارير بشأن اكتشاف مقبرة جم


.. مكافأة قدرها 10 ملايين دولار عرضتها واشنطن على رأس 4 هاكرز إ




.. لمنع وقوع -حوادث مأساوية-.. ولاية أميركية تقرّ تسليح المعلمي