الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مباحث في الاستخبارات (110) انواع التجنيد

بشير الوندي

2018 / 3 / 23
الارهاب, الحرب والسلام


مباحث في الاستخبارات (110)

انواع التجنيد

بشير الوندي
-----------
مدخل
-----------
التجنيد هو عمود ادوات العمل الاستخباري , فبدونه يصبح الجهاز الاستخباري اعمى , ولتلك الاهمية الكبيرة آثرنا ان نثري الموضوع من جوانب عدة , فقد ذكرنا سابقا في مبحث 20 (تجنيد العملاء ) عن اساليب التجنيد وقلنا انها على تسعة اساليب (الوظيفي , القهري او الابتزازي , العقائدي , الثأري او الانتقامي , المالي , الايهامي ( خلف ستار ) , الاختباري , العكسي او المزدوج , الاستثماري ).
كما ذكرنا في مبحث 108 (أماكن التجنيد) عن ساحات التجنيد واماكن التجنيد , ومبحث 109 (فن التجنيد) وقلنا ان المجند اما يكون مرسلاً او وافداً او مزدوجاً .
وفي مبحث متقدم (مبحث 38 السيطره الاستخبارية ) , قلنا ان السيطرة الاستخبارية تنتج بحالتين هما حالة الجوار الجغرافي وحالة الاحتلال , وهو الامر الذي سنتناوله بشيء من التوسع في مبحثنا هذا.
----------------------------------------
التجنيد بحسب العلاقات الدولية
----------------------------------------
ان مرحلة الجهد الاستخباري في حالة استهداف الجوار الجغرافي تتم وفق نوع العلاقة مع الدولة المستهدفة , سواء كانت حليفة او صديقة او منافسة او عدوة , فالعلاقة بين الدول لها حالات يمكن تلخيصها باربعة اشكال بحسب مستويات الهيمنة , وهي :
1- السيطره الاستخبارية.
2- التأثير والنفوذ.
3- التوازن.
4- التوتر والانكماش.
وبحسب اشكال العلاقة تلك يتحدد شكل العمل الاستخباري في مجال التجنيد , فلكل شكل علاقة بين الدولتين هنالك نموذج للتجنيد تختص به , فان كانت هنالك سيطرة استخبارية من بلد على آخر فينجح فيها التجنيد الجماعي , وفي حالة نفوذ دولة على اخرى فالتجنيد يكون عشوائياً , اما في حالة العلاقات المتوازنة بين الدولتين فالتجنيد الاستخباري يكون منظماً , اما في حالة العلاقة المتوترة بين دولتين فان الاستخبارات تتخذ شكل التجنيد الاحادي الانتقائي .
اي ان اشكال العلاقة الدولية الاربع تتبعها اربعة اشكال من العمل الاستخباري في مجال التجنيد , وكما يلي :
1- التجنيد الجماعي والسيطرة الاستخبارية : ان السيطرة الاستخبارية تنهج طريق التجنيد الجماعي للمجتمع , حيث يتم تجنيد الحكومة ورجال السلطة او الأحزاب ورجال الأعمال وشيوخ العشائر , من خلال فكرة قومية او مذهبية او دينية او سياسية او اقتصادية.
فترى الجميع في البلد الهدف ممتن للبلد المسيطر ويصفق له ومجند له بكافة طاقاته وثرواته وموقعه واجواءه , ويتم إنتاج العقل الجمعي وكسر الهوية الوطنية ورفع شعارات محورية حسب نوع التجنيد تتجاوز الحدود وبعض الأحيان تطالب بالاتحاد مع الدولة المسيطرة.
ان هذا النوع , هو الأقوى والأكبر في مجال العمل الاستخباري , فالجميع يعتبر سفاره البلد - صاحب السيطرة الاستخبارية - هي الحاكم الحقيقي لهم , وهذا المستوى يسمى التجنيد الجماعي للمجتمع .
التجنيد الجماعي بشقين : تجنيد رأسي , والمقصود به أن يتم تجنيد السلطة وأصحاب القرار والمتنفذين وتسمى حينها حكومة عميلة او حكومة موالية , وهناك تجنيد جماعي آخر هو التجنيد الشعبي , ويتم ببناء معارضة شعبيه ضد الحكم.
2- التجنيد العشوائي والنفوذ : ان التأثير والنفوذ ويقابله منهج التجنيد العشوائي , وتكون الدولة صاحبة الاستخبارات القوية غير مسيطرة , لكنها تتمتع بالتأثير والنفوذ على البلد الهدف , فتذهب للتجنيد العشوائي الذي يلبي متطلباتها , وقد تعمد الى تقاسم النفوذ مع بلدان أخرى داخل البلد الهدف.
فتقوم اجهزة استخبارات الدول المتنفذة بدعم جماعتها في السلطة , وتملأ الفراغات التي ليس لديها نفوذ فيها اما بتجنيد عناصر متنفذة فيها , او بدفع عناصر تقوم بتجنيدها ودعمها للوصول للمناصب العليا.
وغالباً , لا يكون التجنيد لغرض المعلومات , فالمعلومات متاحة وتحت تصرفهم بحكم النفوذ والتأثير وبحكم السيطرة على القادة , وانما يكون التجنيد على اساس خلق لوبيات ومجاميع ضغط حزبية وشعبية ونقابية واعلامية لابقاء التأثير.
وبالطبع , فان حالة التاثير والنفوذ تتم في بلدان ساحة الصراع الاستخباري بين أجهزة الاستخبارات الدولية , وتموت أجهزة مكافحة التجسس وتختفي بالكامل , ولا توجه تهمة تجسس او تخابر ضد أحد , لأن الجميع مشمول بها .
ويصل الحد بضعف الاجهزة المكافحة في البلاد المخترقة حداً لايتورع معه المجند بالتصريح العلني بالولاء للبلد الذي جنده باستخدام شتى الذرائع .
3- التوازن والتجنيد المنظم : وهو المستوى المنطقي بين دول جوار متنافسة او متخاصمة دون الحرب , فتكون العلاقات متوازنة دون تأثير ونفوذ او سيطرة , اي علاقات الندية .
لذا تلجأ الاستخبارات للتجنيد المنظم العلمي بحسب متطلبات حاجتها الاستخبارية بما يوفر لها معرفة ومعلومات عن الدولة الهدف , سواء كانت جارة او لا , كحال السعودية وإيران , او تركيا وإيران , او روسيا وأمريكا , او الصين وأمريكا.
فحال تلك البلدان تتطلب ان توجد توازناً سياسياً ناتجاً عن صراع خفي استخباري متوازن , لذا تحتاج الاستخبارات إلى تجنيد منظم منضبط في الأماكن التي تحتاج معرفة خباياها لاسيما الاماكن الاستراتيجية , كي لا تغفل عن اي شيء.
4- التوتر والتجنيد الأحادي : ان التوتر والانكماش يكون مابين الدول المتحاربة او المتقاطعة او المتصارعة , ففي هذه الحالة لاتملك الاجهزة الاستخبارية سيطرة او تأثيراً او توازناً .
بل على العكس من ذلك , فان الجهد الاستخباري يعمل في اجواء خطرة وصعبة , لذا تكون قوة الاستخبارات في تراجع وانكماش لأنها مرصودة من قبل الدولة (الهدف).
وفي هذه الحالة , يتم التجنيد بشكل دقيق جداً واحادي بشكل أفراد خاصين ومهمين , مع تأمين حركتهم وتنقلهم بعيداً عن الرصد.
--------------
التراتبية
--------------
وإذا أردنا أن ننظر بشكل متزامن ومتسلسل من زاوية ثانية لأنواع التجنيد فتكون بالعكس , فتكون الخطوة الاستخبارية بالتجنيد الأحادي اولاً وثم يتطور ليكون تجنيداً منظماً , أي بإيجاد شبكة مجندين توفر متطلبات الاستخبارات , وبعدها يتم التجنيد العشوائي لتعزيز النفوذ في جميع مناحي الحياة كاوساط العشائر و الأحزاب و السلطة ومؤسسات الدولة الخدمية والتجارية , ليصبح البلد مستعمرا بلاجيوش احتلال , ثم يتم تراكم التجنيد حتى يصبح تجنيدا جماعياً عاماً شاملاً.
طبعا هذه المراحل لاتقتصر في العلاقة بين الدول وانما يمكن إتباعها ضد حزب او تنظيم سياسي او تنظيم سري او إرهابي والانتقال بالمراحل الاربعة الآنفة للتجنيد ليصبح التنظيم في الاخر تابعاً .
فمثلاً , حين تتعامل اجهزة استخبارات محترفة مع تنظيم ارهابي كداعش, فانها في البداية تجند أفراداً محدودين , ثم تطور اختراقها لتجند مستويات من قيادات التنظيم تجنيداً منظماً , هنا تستطيع أن تطلع على كل أسرار التنظيم, ثم تنتقل إلى التجنيد العشوائي بما يجعلها تتحكم ببعض مفاصل داعش اللوجستية او العملياتية او المناطقية للتنظيم , لتطور اختراقها فتحكم سيطرتها على التنظيم الارهابي بالتجنيد الجماعي , وحينها يصبح التنظيم تحت السيطرة الكاملة من وراء ستار.
--------------
خلاصة
--------------
لاختراق الدول واسرارها والسيطرة عليها , فان اجهزة الاستخبارات تتعامل وفق طبيعة العلاقات الدولية مع البلد الهدف , فبحسب طبيعة العلاقة مع الدول , تحدد الاجهزة الاستخبارية شكل التجنيد المتاح والمناسب .
وفي كل الاحوال , فان اقوى انواع التجنيد الاستخباري هو التجنيد الجماعي المغلف بالعقيدة او القومية او الدين او المذهب او الغزو الثقافي , لانه تجنيد ناعم يتسرب الى العقول الجمعية فيخترقها بالاقناع مما يجعل الخيانة عملاً تطوعياً لايشعر المجندون فيه بالذنب, والله الموفق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أميركية على مستوطنين متطرفين في الضفة الغربية


.. إسرائيلي يستفز أنصار فلسطين لتسهيل اعتقالهم في أمريكا




.. الشرطة الأمريكية تواصل التحقيق بعد إضرام رجل النار بنفسه أما


.. الرد الإيراني يتصدر اهتمام وسائل الإعلام الإسرائيلية




.. الضربات بين إيران وإسرائيل أعادت الود المفقود بين بايدن ونتن