الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إذا تهت فاقبض على الأرض

عذري مازغ

2018 / 3 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


على غفلة من العالم، تحركت تونس في حراك اجتماعي رائع وحققت تحولا، قد لا يكون كبيرا كما يريد المرء، لكن وبكل بساطة حققت ما يمكن أن نعتبره جوا عاما من الإمكان، كسرت روتين الحكم، وامتحنت الجيش الذي كانت مواقفه رائعة وبذلك أسست بشكل حقيقي نسبي مفهوم التناوب . لم يكن أحد في العالم الغربي ينتظر انهيار حكم بن علي بتلك الصورة، والحاصل أن التونسيون يمكنهم من الآن أن ينتخبوا ما شاؤوا ليحكمهم، قد اعادوا في الإنتخابات الماضية نظام بورقيبة، ذلك أيضا كان رائعا بغض النظر ما إذا كان المرء يتفق معه أو لا، فهو بكل تأكيد أحسن نظام في تلك الانظمة التي للديكتاتوريات العربية والمشرقية وكذا في الشمال الإفريقي، الآن التونسيون في جدال إيجابي محض حول الحقوق الوطنية وهم أيضا في مخاض ثقافي حقوقي، سياسي، سوسيولوجي رائع ونحن بالتأكيد نحسدهم إجابيا على ذلك، بمعنى يستحقون كل السلام والحب في طفرتهم الكبيرة نحو آفاق جديدة..
انتفاضة مصر تختلف كثيرا، فهي لم تحظى ب"غفلة العالم" كما أوردت في حالة تونس، بل مباشرة بعد تمثل الجماهير المصرية بكسرة تونس، أي أنها خرجت لتعلن ان أبدية حاكم عليها هو أمر لا ينزل على جماهير مصر، وهي بالفعل كسرة العادة وازاحت صنمها العنيد، والجيش المصري وقف نفس الموقف، اعيد تقريبا نفس سيناريو تونس ولكن... كانت الأمور فيها تسير بما لا تشتهيه السفن، موقع مصر الإستراتيجي يختلف عن موقع تونس، والتدخل الغربي فيها أصبح مثيرا للتساؤل ووثيرة تسارع مواقف دولة الإخوان فيها كانت قوية جدا خصوصا أنها نحت المنحى التركي في تأبيد هيمنتها، نسيت فجأة الطموح الجماهيري وبدأت تؤسس تشريعات تؤسس لهيمنتها، بشكل كانت تشريعات لاتؤسس للاختلاف والتناوب بل للهيمنة المطلقة ولن ادخل هنا في تفاصيل التشريعات التي بداها مورسي ولا المواقف التي يتحتم على دولة مثل مصر أن تكون فيها رزينة اكثر احتراما لبعدها الإستراتيجي العميق .. انتفضت الجماهير مرة اخرى، وقد يقال انها كانت بإيحاء من الجيش وما إلى ذلك، كان لاول مرة تنتفض جماهير عارمة ضد سياسة معينة تنهجها دولة الإخوان في مصر ونرى أن كل التكتل الرأسمالي الغربي يقف إلى جانب الدولة ضد الجماهير باسم الديموقراطية، كم هو شاسع الموقف الغربي في انتفاضة مصر ضد حسني مبارك وبين موقفه في انتفاضة الشعب ضد مورسي، وطبعا مواقف الجيش المصري هي أيضا شاسعة في الموقفين، الموقف الاول له كان ضد عسكري سابق والموقف الثاني له كان مع عسكري لاحق، أي ان الجيش انحاز أكثر لما لا يتفق مع الغرب، ما يريده الغرب هو حكومة تتوافق مع دور المهرجين في السرك، في كل هذا لم تحصل ثورة وإن كنت هنا أميز بين مصر وتونس وأؤكد: في تونس حصل تحول رائع، في مصر لا والتحول هذا في كلا الحالتين ليس ثورة، ولكي نجزم ، نقول بأن الثورة هي تغيير في النمط الإنتاجي، هي تطور، هي بمفهوم مهدي عامل انتقال من طور تاريخي إلى طور تاريخي آخر ، هي التحول من نمط إنتاج معين إلى نمط إنتاج مغاير.
ما حصل في البلدين ليس ثورة، وعليه يجب أن نغذي المواقف الثورية، والسؤال المطروح هو: ما هو موقف الشيوعي من الأمرين؟
أعتقد أني في حالة تونس اجبت عن جزء من السؤال، فالموقف استراتيجي في أن نكون مع "ظروف الإحتمال" رهانا على حصول قفزة نوعية في وعي الجماهير انطلاقا من مبدأ أنها هي من بيدها التحول (أعني الجماهير) (مع ان الامر في نقاش كبير مقارنة بالغرب الذي فيه نظام "الديموقراطية" لا يتيح أصلا لتحول حقيقي ، في الظروف الحالية من هيمنة الغرب على شعوب العالم، حيث الإستفادة من العلاقة التفاوتية في الإقتصاد العالمي ، تتيح فائض ريع يحل مشاكل سكان وفقراء الغرب من خلال اساليب التكافل، يمكن للمرإ في الغرب أن يعيش على هامش فائض الإنتاج الحاصل من هذه العلاقة التفاوتية بإيعانات من الدولة (يمكن لسويسري ان يتلقى اجرا ملائما حتى وهو لا يعمل، وهذا بالتأكيد صادق عليه البرلمان السويسري في السنة الماضية).
في حالة مصر، نجاح مورسي ألهم الغرب بتكرار التجربة في اليمن وليبا ثم سوريا حيث انعدمت "غفلة الغرب الراسمالي "، يقول الكثير من المتثورين في ليبيا وسوريا واليمن: الثورة سرقت منا ! وهو على كل حال هو موقف صحيح، وعليه فالموقف هو نفسه المثل الشعبي: "إذا تهت فاقبض على الأرض".
نعم أؤيد نظام بائد ديكتاتوري يضمن حدودا دنيا في العيش على حرب تأتي على الأخضر واليابس، انا مع النظام السوري وروسيا والصين ضد باكتيريا الغرب ، وهذا الموقف هو ما نراه حاليا في سوريا، منظمات كانت ضد النظام في سوريا التحمت به أخيرا. وأنا أعيش في الغرب واعرف جيدا انه لا ديموقراطي ولا هم يحزنون، بل هي دول تحكمها ولاية فقيه آخر هو المال .
أعرف أن هذا الرأي هو رأيي ولا يلزم احد، لكن لنفتح النقاش صاخبا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تصحيح
عذري مازغ ( 2018 / 3 / 28 - 17:23 )
عنوان المقال هو: إذا تهت فاقبض على الأرض


2 - واقع وموقع
Almousawi A.S ( 2018 / 3 / 29 - 11:24 )
استاذي البديع الدقيق عذري مازغ
مرور كالنسيم على عالمنا المحتقن غير المستقر
ولا شك ان واقع وموقع افريقيا هو غير اسيا وان كان
اسلاميا او عربيا حتى في نوعية العروبة والاسلام
وتونس متألقة في استمرارها بحث الخطى نحو حياة معاصرة
واسمح لي بشكرك للسماح بطرح الاسئلة خصوصا وانت
تقارن تونس الناهضة من خلال نظامين مختلفين
https://www.youtube.com/watch?v=L2vFQzhxGWE
ترى ما هو تقيمك للتجربة العراقية
ولك مني فائق التقدير


3 - العراق في حاجة إلى فترة نقاهة
عذري مازغ ( 2018 / 3 / 29 - 12:49 )
بالنسبة لي العراق يحتاج إلى فترة نقاهة ولم الجراح، ومعالمه السياسية غير واضحة تماما، طبقاته الإجتماعية ليست مستقرة تماما للتفكير عن هوية اجتماعية، البعض اغتنى من الطائفية والبعض من الحرب واغلبهم لم يدفئوا أعشاشهم بعد لترتسم له ملامح الغد وهذه الطبقات الجديدة ولدت بعملية قصرية بشكل لم تستوعب بعد شكلها وقدها، وطبعا ليس هناك استقرار سياسي وهذه الطبقات لم تضمن بعد استقرارها الكل في خوف أن يضيع له ما اغتناه لذلك كل فرد من هذه الطبقة
لا زال يتشبث بطائفته حماية لمصالحه
تحياتي صديقي العزيز


4 - مخالفة القواعد
عذري مازغ ( 2018 / 3 / 29 - 19:40 )
،ما هي القواعد المخالفة في النعليق الملغى أليس التعليق هو وجهة نظر حول العراق لا سب لا ذم ولا حتى هو تعليق شخصاني يتناول شخصا بعينه
أحيانا لا افهم هل فعلا تحترمون أنتم شروط التعليق أم أن المسألة فيها نزوعات شخصية

اخر الافلام

.. هجوم روسي عنيف على خاركيف.. فهل تصمد الدفاعات الأوكرانية؟ |


.. نزوح ودمار كبير جراء القصف الإسرائيلي على حي الزيتون وسط مدي




.. أبرز ما تناولته وسائل الإعلام الإسرائيلية في الساعات الأخيرة


.. الشرطة تعتقل طالبا مقعدا في المظاهرات الداعمة لفلسطين في جام




.. تساؤلات في إسرائيل حول قدرة نتنياهو الدبلوماسية بإقناع العال