الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أخطاء الحيدري الفقيه في نقد محمد عابد الجابري الفيلسوف

حمزة بلحاج صالح

2018 / 3 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يردد الحيدري كلاما متهافتا و منقولا عن جورج طرابيشي لا أساس علمي له

و مفاده أن محمد عابد الجابري سرق ونقل عن محمد أمين في أعماله تقسيم الأنظمة المعرفية للتراث إلى بيان و عرفان و برهان

لا يا مولانا الحيدري هذا تعجل و حكم فاسد و افتراء

عذرا لكنني أضطر و أقول افتراء

أحمد أمين في أعماله فجر الإسلام و ظهر الإسلام و ضحى الإسلام كان حقا مبدعا و هو إضافة هامة لتاريخ التراث و الفكر الاسلامي في مختلف مراحله

و لا تشابه من قريب و لا من بعيد بينهما

و لا قيمة لعمل أركون الذي لا يرقى ليكون مشروعا معرفيا

بل هو مجموعة دعوات للتفكير و شذرات مقارنة بعمل الجابري الضخم و العميق و العلمي و المنهجي

محمد أركون يمد رجليه في الفضاء الشيعي بغير تأسيس كبير عدا بعض الخلفيات التي أتت به و منها


أنه يتحدث عن " نقد العقل الإسلامي " و الجابري يتحدث عن " نقد العقل العربي " و هو مسلك موهم و مضلل

و لا وجه لمقارنة عمل الجابري الكبير بشذرات من عمل أركون المحدود و المتوقف عند طموح و حديث بلغة الايديولوجيا و الرهانات

و من أسباب تمدد أركون في الفضاء الشيعي على حساب محمد الجابري أن الجابري قام بنقد فيه قساوة لمنظومة العرفان التي تشكل مرتكزا في المخيال الشيعي و التي اعتبرها الجابري فكرا و معرفة مستقيلة

و الحكم على قساوة الجابري لا يشرع عملية التبجيل و تفضيل أركون العلماني عله بل التغاضي عن قوله ببشرية الوحي على الجابري القريب من الاسلامي بل الإسلامي

و نهج التفضيلات و التبجيلات ليس من العلمية في شيء بل هو أيديولوجية صرفة أو ضعف علمي و معرفي و هو ليس أيضا من النقد الإيبستمولوجي في شيء

لا أعتبر الحيدري قريبا من مهمة الإيبستمولوجي بقدر ما يمثل عقلا فقهيا معتدلا و ناقدا لمنظومتي الفقه الشيعية و السنية و شططهما

بل إن محمد يحي أقرب و أعمق نظر منه في التعامل النقدي الايبستمولوجي للتراث و قراءة الفكر قراءة علمية

بدل العلمانية عند أركون يتحدث محمد عابد الجابري عن الديمقراطية و هو أفضل من أركون في تجذر ه التراثي و الإسلامي الأصيل فكيف يفضل الحيدري من لا يتقاطع معه معرفيا و ثقافيا

أخطأ الحيدري و هو يحدثنا عن العقل عند الجابري و يعتبره فوكويا و يحدثنا عنه عند محمد أركون و يعتبره ديكارتيا

استخدم الجابري العقل استخداما تقنيا و إجرائيا حيث وظف تعريف العقل اللالاندي ( نسبة الى لالند)

و حدثنا عن العقل المكون بفتح الواو و العقل المكون بكسرها و تحدث عن العقل كأداة و العقل كمحتوى

غير أنه اشتغل بعمق على العقل العربي لا على العقل الفوكوي

و أرى أن الحيدري وقف على سطوح منجز الجابري و لم يسبر أغواره و عمقه و مكوناته

و لا أريد الجزم لكن يبدو أن الحيدري ككثير من المفكرين لم يقرأ بالتدقيق و التفصيل أعمال الجابري بل إكتفى ربما بما كتب عنها خاصة في مقالات جورج طرابيشي ربما سطحا دون قراءة و فحص كتبه المفصلة

إن بنيوية الجابري كانت إجرائية وظيفية لا فلسفية أدبية كذلك تفكيكه و تركيبه و تقسيمه للإيبستيمي العربي الإسلامي و العقل موضوعا أو " تيمة " و ناظما و رمزا له إلى أنظمة معرفية ثلاث " بيان" و " عرفان " و " برهان "
لم يكن في تقسيمه لا حصريا و لا تبعيضيا كما يزعم طه عبد الرحمن في نقده للجابري و الذي ( أي طه عبد الرحمن ) يتبطن نزعة نفسية قوامها التنافس مع بعض الشطط المعروف عند اهل العلم

و هو ( أي طه عبد الرحمن ) الذي " منطق " التراث و ادعى أتباعه أنه نازع كانط و قد كان كانطي النزعة مستترا و مختبئا حتى النخاع

غرق في وحل فلسفة اللغة و هوس التعريف الدولوزي ( جيل دولوز ) للفلسفة باعتبارها نحت المفهوم فطغى اللغوي على الفلسفي فكان منطقيا و لغويا و أخلاقيا أكثر منه فيلسوفا و لم تسعفه تداوليته و تأثيله الى الإنطلاق إلى عالم الفلسفة الفسيح و الحقيقي

و كان الجابري مؤرخا للأفكار و الفلسفة و مؤرخ الأفكار و الفلسفة هو فيلسوف بامتياز بل كان محللا صاحب دراية و ورواية و لذلك كان مؤهلا لمقاربة العقل العربي الذي يعود له الفضل الكبير في فضاء التفلسف العربي

أما نقد الحيدري فقد كان تبعيضيا و سطحيا و مغلوطا و غير احترافي

الجابري وظف منهج فوكو و شجبه و استوعبه داخل الإيبستمي العربي الإسلامي و استخدمه على جانب من التراث

في حين كانت صلة محمد أركون بالتراث واهية و غير متينة و لا تشكل إلا رؤية تبعيضية مفاضلاتية إنتقائية غير تمثيلية و واسعة للتراث بل منحسرة و مؤدلجة تشتغل أكثر على هوامش التراث لا مركزه

مثل مسكويه و التوحيدي و الجاحظ الخ تفضيلا مبالغا فيه و مبعضا و غير ماسح للتراث كله

في حين نجح الجابري في استدعاء سرديات كبرى و نصوص محورية و تأسيسية و واسعة التمثيل كابن جني و ابو علي الفارسي و الجرجاني و مدرستي الكوفة و البصرة الخ

تحكم الجابري في العلوم الاسلامية لا يقارن بتحكم أركون فيها فهو غريب عنها أو قل يتعاطاها بنزعة إستشراقية من غير تحكم عميق و واسع و اطلاع على مظانها و لغتها العربية في ما يتعلق بالتراث العربي

إن أدوات الجابري التي وظفها في نقد التراث مستوعبة و محتواة و متحكم فيها داخل التراث و النظام المعرفي العربي الاسلامي

و أدوات محمد أركون غربية صرفة و مستلبة لمنظومة التفكير الغربي

لقد كانت قراءة الجابري للتراث من الداخل العربي و الاسلامي

و قراءة أركون كانت من الخارج العربي و الإسلامي بل من الاخر الغربي

إن قراءة الجابري و تفكيكه و تركيبه و تحليله مزاوج رفيع التحكم لمقاربات متعددة وظيفية تلائم مراحل القراءة للعقل التكوين و البنية و التجلي السياسي و الأخلاقي

أما قراءة أركون فلا زالت في مهدها فهي دعوة للتفكير موجهة لطلابه و لا يحمل أركون مشروعا متكاملا و عميقا في نقد العقل العربي

إن التعامل مع المشاريع يكون بالكتابة العميقة لا بالخطابة كما فعل الحيدري

لا تخلو مزايا الحيدري في الفضاء الشيعي من نفع و فائدة لكل من الشيعة و السنة و يستفاد من ملاحظاته النقدية لكنه يبقى خطيبا فقيها و مرجعا دينيا أكثر منه باحث في كثير من القضايا التي تناولها

فهو في الفضاء الشيعي يمارس مهمة تثقيفية مشافهاتية كما يمارس مهمة مماثلة عدنان ابراهيم في الفضاء السني

و لا يخفى ما لهذه المسالك التي تقفز على التوثيق و تعتمد الخطابة من عيوب و سطحية و تعجل و فقدان للدقة العلمية و العمق و التأسيس

كنت و لا زلت من الذين ينصحون بمتابعة الحيدري لكن هذا لا يعني عدم تناوله بالنقد العالم في ما لا يتحكم فيه خاصة ما يتعلق بالجوانب المنهجية و الإيبستمولوجية و النقدية و الفلسفية و كذا فهم الفكر الغربي فهما علميا و عميقا في تقديري

إن الموسوعية و المقاربات النسقية تعني الشمول و الدقة لا الإجتزاء و التبعيض و التسطيح "

حمزة بلحاج صالح








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية


.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-




.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها


.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الدكتور قطب سانو يوضح في سؤال مباشر أسباب فوضى الدعاوى في ال