الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سعاد (قصة قصيرة) الحلقة الثانية

احمد عبدول

2018 / 3 / 30
الادب والفن


بعد مرور عامين قرر الحاج جاسب ان يزوج ولده البكر جبر فقد اخذ الخوف يجد طريقة لقلبه بعد ان تعرض جبر لاصابات بليغة في جبهات القتال مما دعاه ان يفاتح ولده بضرورة تزويجه من أحدى بنات عمومته خوفا من ان يحدث له مكروه فلا يبقى من بعده من يحمل أسمه من الذكور كما هو حال أخيه الذي استشهد من قبله .
ما ان أنتشر خبر خطوبة جبر من أحدى قريباته داخل القرية حتى جن جنون رائدة التي ما زالت تحبه وتعيش على أمل لقائه وكيف لا وقد قضت معه أجمل أيام عمرها وأكثرها متعة.
ارسلت رائدة احدى البنات اللواتي كن يترددن على بيت الحاج جاسب لشراء اللبن والجبن واوصتها ان يحضر جبر الى البيت بأسرع وجه استغلت البنت الصغيرة زينب وقوف جبر امام باب الدار وهو يرتدي دشداشته البيضاء ومسبحته الطويلة ذات الخرز السوداء تتدلى من يمينه فأخبرته بما اوصته به رائده فما كان منه الا ان يمم وجه صوبها .

طرق جبر الباب فردت ام رائدة بصوت مرتفع وهي تأذن له بالدخول دون ان يطرق الباب فهو ليس غريبا عنهم دخل جبر فاسرعت اليه رائده وهي تطوقه بكلتا يديها وقد وضعت عينيها بعينيه واخذت تسأله بحرقة وآلم عن صحة خبر خطوبته فكان ان أكد لها جبر خبر خطوبته من احدى قريباته واذا برائدة تنفجر باكية وهي تدفع به بكل قوة وتتهمه بالكذب عليها لكنه انزل يديها وقام بضربها بشدة وهو يؤكد لها بانه لا يستطيع الوثوق بأمراة اعطت شرفها قبل الزواج ثم دفعها وخرج مسرعا من البيت فأحتضنتها والدتها واخذت تكفكف من دموعها وهي تتعهد لابنتها انها قد سمعت كل شيء وانها غير راضية عن ما تفوه به جبر من كلام .
اجتمع اقارب الحاج جاسب من القرية وخارجها ليشاركوه بفرحته كانت سعاد ووالدتها يعملان طيلة النهار في اعداد غرفة العريس وتزينيها ووضع الستائر الجديدة على نوافذها اما باقي النساء من الاقارب فكن يحضرن الغداء والعشاء لكل من حضر ومن سيحضر في ليلة العرس .كان الحاج جاسب منشغلا باستقبال الضيوف والاقارب والجيران بعد الساعة الثالثة عصرا باشر الشباب يتقدمهم علي بتنظيف الارضية التي تقع امام البيت ورشها بالماء وقد اصطفت عربتين تجرهما الخيول تحملان الكراسي الحديد اما مكبرات الصوت فقد قام علي بتثبيتها اعلى المنزل وكانتا تبثان الاغاني الشعبية الراقصة وسط اجواء من السرور والفرح .تفرغ علي لاعداد النشرات الضوئية التي كانت تمتد على امتداد الكراسي الحديد وقد وضعت بشكل مستطيل
ما ان حل الظلام حتى اخذ احد مطربي الريف بالغناء وسط حضور غفير لاهالي القرية والاقارب وهم ينصتون لذلك المطرب الذي كان يضع اسفله اناء كبير الحجم وقد سكبت داخله عدد من زجاجات الخمر وهو يغرف بطاس من تلك الخمرة دون ان تظهر عليه علامات السكر كانت العيارات النارية تجد طريقها الى السماء وعشرات الدنانير تنثر فوق راس المطرب وفرقته كلما ذكر اسم احد الجالسين والخجريات الفاتنات يحركن اجسادهن من رؤسهن الى اسفل اقدامهن وقد اطال لهن الحاضرين النظر بشغف وشهوة .
اما الشباب الذين كانوا يرغبون بشرب الخمرة وقتاتي الجعة فكان ان فرغ لهم ابو عبدالله الذي يقع بيته خلف بيت الحاج جاسب مكانا في مقدمة داره بعد ان راى اكتضاظ المنزل بالوافدين على بيت الحاج منذ الصباح الباكر .
كانت سعاد تشعر بطعم الفرح للمرة الاولى في بيت والدها فقد كانت تتوسط النساء وهن يتراقصن ويتقافزن فتحاول ان تقلدهن في حركاتهن وهي ترتدي فستانها الاحمر وقد وضعت على وجهها القليل من الماكياج دون ان يبصرها جبر .كانت رائدة تستمع الى صوت المطرب عند حلول الظلام وصوت العيارات النارية يملىء الارجاء وهي تقف وحيدة في باب المنزل والدموع تتسارع على خديها بينما كانت والدتها تقف وراءها وهي تربت على كتفها وتهمس في اذنها بان جبر سيدفع ثمن تنكره لها عاجلا ام اجلا .مرت الايام والاشهر وقد رزق جبر بمولود اسماه على اسم والده كانت رائدة تتقصى اخبار جبر وتسال عنه كل من تصادفها من النساء ممن يسكن بالقرب من داره فكانت تسال عن زوجته وجمالها وطباعها وكيف تبدو حياته معها فكانت احوالها تزداد سوءا عندما تسمع ان جبر على ما يرام وانه سعيد مع زوجته وقد اشترى له والده بيت جديد وبات مستقلا هو وزوجته وولده .
بلغت سعاد من العمر خمسة عشر عاما فاخذت تتطلع ان يكون لها زوج كما هو حال قريباتها اللاتي كن يتزوجن في سن مبكرة كانت سعاد في غاية الجمال فقد اخذ جسدها يتفجر فتنة وانوثة فكان من يبصرها لا يستطيع ان يرفع عينيه عن تفاصيل جسدها البض حيث تضيق ملابسها بنهديها ووركها على الرغم من انها كانت تلبس الملابس العريضة كانت سمراء البشرة ذات عينين واسعتين وانف كانه رسم بريشة فنان وشفاه محمرة وخدود ريانة .
كانت تأتي كل يوم لشراء علف الماشية من بيت ابو الياس الذين يبعون البرسيم وكان بيتهم يقع بالقرب من بيت ام رائدة فكان ان ابصرت ام رائدة سعاد وهي تحمل حزم البرسيم على رأسها فوقع في نفس ام رائدة امرا لم يخطر على بالها من قبل فلقد استوقفها جمال سعاد وفتنتها فهي لم ترها منذ سنوات فاخذت تطيل اليها النظر وهي تسبق صويحباتها وقد حملت حزم البرسيم على رأسها .
اخذت ام رائدة تترقب مجيء سعاد لبيت ابو الياس صبيحة كل يوم كانت سعاد لا تعرف ام رائدة التي عرفتها بنفسها فكانت تسالها عن والدها ووالدتها ثم تعرج على اخبار جبر وسعاد تستغرب كل ذلك لكن ام رائدة كانت تؤكد لها انها تعرفهم حق المعرفة ثم تسترسل وتقص على سعاد كيف كان اخيها الاكبر يأتي للبيت فيأكل ويشرب ويجلس مع بناتها لا سيما الكبيرة منهن رائدة ويقضي ساعات طوال اذا تطلب الامر .
اخذت لقاءات سعاد تتكرر بأم رائدة التي كانت تنتهز الفرص للقاء سعاد والحديث معها حتى اخذت تلح عليها ان تأتي معها للبيت للتعرف على بناتها دون ان تخبر أهلها بالامر فأمتنعت سعاد في بداية الامر لكن الحاح ام رائدة جعل سعاد تلين وتلبي الدعوة فذهبت معها بعد ايام قلائل للبيت وتعرفت على رائدة واختيها واخيها الاصغر .
كانت الدهشة تأخذ طريقها الى نفس سعاد وقد التقت ببنات يلبسن القصير ويتضاحكن بأعلى اصواتهن بينما كانت والدتهن تدخن السكائر هي وابنتها الكبرى .
استغربت سعاد اهتمام ام رائدة المتزايد بها لكنها كانت تحملها على محمل حسن كانت ام رائدة تقص عليها تفاصيل علاقة جبر بابنتها وكيف ان رائدة قد احبته من كل قلبها وكيف كان جبر يقضي اجمل الاوقات وامتعها معها وسعاد تتعجب من كل ذلك لكن ام رائدة كانت تقول لها ان الامر كان طبيعي وانها قد عودت بناتها على الحرية والانفتاح على عكس أهالي القرية لا سيما أهلها الذين حالوا بينها وبين دخول المدرسة .
أخذ السهر يجد طريقة لعيون سعاد فهي لم تصاف هكذا بنات ولم تلتق بهكذا نمط من النساء فقد عاشت وترعرت بين جدران بيت والدها ولم تغادره الا وهي تجلب حزم البرسيم للمواشي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: بحب التمثيل من وأن


.. كل يوم - دينا فؤاد لخالد أبو بكر: الفنان نور الشريف تابعني ك




.. الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: لحد النهاردة الجمهور بيوقفن


.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: كل ما أشتغل بحس بن




.. أقرب أصدقاء صلاح السعدني.. شجرة خوخ تطرح على قبر الفنان أبو