الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المدرسة الجزائرية بين خطابين و سلطة توظف ..تشد و ترخي الحبال..

حمزة بلحاج صالح

2018 / 4 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يكفي المدرسة الجزائرية حالة الإخفاق و التدهور التي هي عليها و هي تتفاقم و تتنامى يوما بعد يوم

فلا إصلاحات بن زاغو و لا ما تبعها من إصلاحات سميت بإصصلاحات الجيل الثاني لنورية بن غبريط مكنت من التخفيف من حالة الإنهيار و أوقفت النزيف...

إن مخرجات المدرسة الجائرة و النظام التربوي اليوم منهكة و رديئة و مخفقة

و لا يتطلب الأمر عناء كبيرا لإثبات ذلك فترتيبنا عالميا يدل على مكانتنا و حقيقة مدرستنا

و إن كان الترتيب العالمي يقوم على مؤشرات عالمية تتعلق بسياقات اجتماعية و ثقافية و سوسيولوجية معينة

لكنه يبقى المرجع التقييمي الأقرب الى الصدق و الحقيقة و الأكثر نجاعة ...

رافقت هيئة اليونسكو إصلاحات بن زاغو في زمن الوزير الأسبق بن بوزيد عبر برنامج الدعم PARE ...

رافق الفرنسيون إصلاحات الجيل الثاني للوزيرة بن غبريط ليس فحسب دعما تقنيا و بيداغوجيا بل إمتد إلى حد هندسة البرامج و الكتب المدرسية و السياسة التربوية ...

و ما يدل على هذا التدخل الدقيق في سياستنا التربوية و فلسفتها هي تلك الوثائق التي إعتمدتها في تكتم و سرية وزارة التربوية الوطنية الجزائرية

و التي هي حصيلة الملتقى الجزائري - الفرنسي المتكتم عليه و منها وثيقة الإنتقال من القانون التوجيهي إلى المقاربة المنهاجية Curricula ...

و غيرها من الوثائق مع عودة الأسئلة الهوياتية مثل ماذا نريد أن ننتج من مخرجات و من نحن و و ما هي مواصفات و ملامح المخرجات المنتظرة من الإصلاحات...

و عودة قضية المشترك من المعارف القاعدية LE SOCLE COMMUN DES CONNAISSANCES و التي نجدها عند لجان التربية في البرلمان الأوروبي و عند اليونسكو لما يتعلق الأمر بدول نامية و قوية و هي غيرها لست نفسها عند الدول العربية و عندنا في الجزائر محتوى و أهمية و قيمة تربوية و معرفية...

ناهيك عن وثيقة خطيرة موسومة " ميثاق البرامج" إشارة للخصوصيات الجهوية مع جعلها قضية أساسية في الإصلاحات و هي بذرة لنر ثقافة الانقسام النزاع...

و قضية التعليم التحضيري و إلحاق المدارس القرانية به للتحكم فيها توجيها و إشرافا و خوفا مما تتركه من اثار عند الطفل ..

هكذا هي فوبيا الدين في منظومة عولمية بقيادة و إشراف تقني فرنسيpilotage francais لما يتعلق الأمر بالجزائر طبعا لاعتبارات شتى ...

و أيضا هي انتحال ببغاوي لبعض الخطوات التي انتهجتها من قبل نجاة فالو بلقاسم وزيرة التربية الفرنسية و ما يتردد من ضرورة عولمة القيم في أدبيات هيئة اليونسكو عبر مقاربة إصلاحية لغوية لسانية بالنسبة للحالة الجزائرية

تعتمد إصلاح الفرنسية و اعتماد المقاربة التعليمية اللغة-الثقافة D.L.C في تصميم الكتاب المدرسي و المناهج و الأمثلة و الصور و انتقاء النصوص أو الأنثولوجيا الأدبية Anthologie litteraire و تمييعها بطريقة حذرة متيقظة بعد ظهور بعض ردود الأفعال في الساحة الوطنية...

كان أولويات إصلاح الدرس و التربية هي مكافحة النمذجة و التنميط و التمييز بين الذكر و الأنثى في النصوص المختارة و الامثلة المقدمة و الصور و نقل القيم الفرنسية (العالمية )

في حين المدرسة الجزائرية مصابة و منكوبة و مفلسة منذ حين و بعد إصلاحات بن زاغو و حتى إصلاحات بن غبريط و إلى اليوم ( تابع التصريح و الحوار الصحفي لمستشار الوزيرة السيد فريد بن رمضان في ما يقال أنه دراسة تشخيصية للنظام التربوي الجزائري ..)...

و كأن اللغة أي اعتبار اللغة الفرنسية محورا للاصلاح دون اللغة العربية عل الاقل في بداية الاصلاحات يوحي باعتماد اللغة الفرنسية لغة التدريس قريبا و من ثمة يجب إصلاح طرق تدريسها بما يضمن تمرير القيم الثقافة الحضارية الفرنسية و العالمية

و لو خلخلت بعض قيمنا و خصوصيتنا باسم أن اليونسكو يلح على عولمة القيم و استبعاد الدين و اعتماد العامية كما حصل عند تعيين الوزيرة ثم تم تأجيل القرار

و كذلك تضخيم عدد ساعات تدريس الفرنسية على حساب العربية و مراجعة محتوى برامج التربية الإسلامية و مكانتها ...

هكذا و على أساس التشخيص الذي قدمته وزارة التربة الجزائرية يتم تبرير إصلاحات يغلب عليها الطابع و اللون الإيديولوجي أكثر منه البيداغوجي و التربوي و المعرفي و التعليمي خاصة في ما يتعلق بموضوع القاعدة المشتركة للمعارف و التعليم التحضيري ...

كأن اليونسكو هيئة تملي و لا تقترح أو تقدم توجيهات من غير إلزام حتى يقال أمرتنا اليونسكو باعتماد القاعدة المشتركة للمعارف مثلا ...

للعلم إن السيدة وزيرة التربية اشتغلت مع اليونسكو و على هذه القضايا و ربما تطمح للعودة مرة أخرى بعد الانتهاء من مشروعها الاصلاحي كذلك الحال مع اليونسيف ...

إن ملف اليونسكو بالوزارة و بعض الملفات تسير من طرف مستشار أو اكثر أو أحيانا مكلف متقاعد أحيانا و لا تسيرها المديرية الفرعية للتعاون و العلاقات الدولية و توزع بعض ملفات التعاون بطريقة مدروسة على من يسمون ب " النقاط المركزية" ترجمة للعبارة الشائعة points focaux و قد يعجز الإنسان عن إدراك الغاية من ذلك و دور المديرية الفرعية للتعاون و العلاقات الدولية ف بداية الاصلاحات الى حن استقدم مديرا مركزيا ينخرط في خط الإصلاحات و عزلنا نحن للتجس من هويتنا و خطنا و لننا الثقافي....

يطرح الإنسان العادي مثلا ما حظ قطاع التربية من التعاون مع كثير من التجارب التربوية المشهود لها بالنجاح أو التعاون مع الدول الأنجلوسكسونية و الاسيوية و غيرها...

كما أن بعض ملفات التعاون مع بعض الدول بقى بطيء الوتيرة أو في النسيان الأمرالمثير للتساؤل و الدهشة و التعجب ...

إن ملف التعاون مع الطرف الفرنسي هو البارز مع مسحة خفيفة من التعاون مع الطرف الانجلوسكسوني كما يحصل مع " بريتيش كونسيل " او المدرسة الأمريكية في الجزائر ...الخ ...

يغلب على التعاون بصفة جلية و نوعية أنه فرنسي على حساب الملفات الأخرى و كذا الملف الأنجلوسكسوني و هو اي التعاون الفرنسي بحجمه و نوعيته يخل بالتوازن و منح الفرصة للإستفادة من التجارب التربوية الإنسانية الكثيرة...

هكذا يبدو أن السلطة تتبنى و تعتمد إصلاحات وزيرة التربية و قد تأكد بما لا يترك هامشا من الشك أو التردد أن أصحاب القرار يمنحون الوزيرة بطاقة خضراء في إصلاحات حسب تقديري لا تشتغل بالمسألة البيداغوجية و التربوية و المعرفية و مشكلات التربية الحقيقية و الرئيسة بقدر ما يهمها تجريد المدرسة من كل ما هو هوياتي و حضاري و قيمي ...

مقابل خطاب تغريبي مستلب ل " الاخر" و خطاب وصولي و إنتهازي يزعم الحداثة و يتبناه بعض المعربين الذين يصفون أنفسهم بالحداثيين و التنويريين و الذين من بينهم بعض الكتاب الذين بقوا على الحياد حتى ظهرت نصوصهم في الكتاب المدرسي فقاموا قومة واحدة يهللون و يمدحون الوزارة و ينافحون عن برنامجها

بل هلل كل وصولي لإصلاحات بن غبريط البعيدة عن مشكلات المدرسة و التي أحدثت ضجيجا تحت عناوين ورشات لا تحصى فتحت و لم تنتج شيئا الى اليوم و ملفات و شعارات ضخمة تتناول تارة موضوع المعالجة البيداغوجية و تارة تكوين مديري ااتربية و الإطارات و تارة تكوين سلك التفتيش و تارة دراسة و تشخيص محصلته كما تزعم الوزارة ورقة طريق و خطوات لإصلاحات مبعثرة لا يمكن القبض على مخرجاتها و ناتجها

و برنامج تكويني وطني تسيره الوزيرة نفسها مع مستشار و مستشارة و اخر على مستوى مديرية التكوين ف البداية مواز و بعثرة للجهود و فرقعة و تفتيت و تجزيء لن يصلح من حال مدرسة تهاوت و هي في حاجة إلى مشروع رصين و عميق....

الزعم بأن الفرنسية غنيمة حرب لازالت مجدية و قائمة هو زعم باطل فقد انتهى ذلك عند جيلي و جيل الوزيرة و بات الشباب اليوم و رجال التعليم جلهم أقرب إلى الانجليزية و لو بصفة متعثرة منه إلى الفرنسية

ثم إن الحديث عن الكلفة المالية للإنتقال من الفرنسية إلى الانجليزية أو على الأقل اعتمادهما بمستوى واحد من الترتيب و الأهمية كما فعل السيد علي بن محمد

ان الفرنسية غنيمة حرب حديث باطل لا أساس له من الصحة تماما كما هو الحديث الذي يخلق ضبابية بين التعريب كسياسة و العربية كلغة قادرة على أن تكون لغة علم و تدريس لو تم التكفل بها أو الحديث عن انتظار تطويرها بعمرنوح عليه السلام لنبقى في حالة من التبعية اللغوية و الإستلاب الثقافي و التصاغر ...

نحن اليوم أمام حالة من الإستلاب تتميز بخطابين كلاهما تقليدي مستلب و ماضوي ...

خطاب فئة تعيش على النوستالجيا و الحنين إلى فرنسا القيم و الثقافة من موقع مستلب لا متثاقف واع و مدرك و راسخ القدم في الذات و الهوية منفتح على الفرنسية و كل اللغات من موقع براغماتي و علمي و تقني

و يغلب على هذه الفئة أنها كونت حالة نفور مرضية من هويتها و لغتها و دينها a développé un syndrome de rejet de son identité et ses valeurs ....

فئة يستلبها التراث و النزوع القومي الشوفيني منغلقة إنغلاقا حادا على أقنومها تعيش على تصور ماضوي مستلب إلى الماضي و فكر مستقيل و شعارات بلا مضامين و إستقالة من الزمان و المكان ...

و كلاهما لا يشكلان خلاص المدرسة الجزائرية و منقذا لها و هما مستقيلان عن إشكالات المدرسة الحقيقية و لا يتكفلان بنوعية و جودة المخرجات

و كلاهما يستبعدان من خطابهما المسألة البيداغوجية و المعرفية و جودة التعليم و ترابط مراحل التعليم من المدرسة إلى الجامعة إلى التكوين المهني و لا يؤمنان بالإبداع و صناعة العقل النقدي العالم و التحليلي

فكل يقلد و ينتحل و يعجز عن التبيئة و الإستيعاب و الإبتكار و الاستفادة من المنجز الإنساني الغربي و المنجز التراثي ...

ما بين شيطنة و تقديس الهوية و ما بين شيطنة و تقديس الاخر يضمر الأنا و نعجز عن إيجاد حلول لمشكلاتنا ...

إن الإطار القيمي يحدد فلسفتنا و سياستنا التربوية لكن كل تعامل معه بانغلاق يؤدي إلى مغالطة كبيرة هو تعطيل دور العقل و التفكير و الإبداع و الإستفادة من الاخر كما فعل أسلافنا مع اليونان و غيرهم ...

إن الاطار القيمي لا يعني بالضرورة جودة المخرجات كما أن القفز على الهوية و محاولة استئصال أسسها الدينية و اصطناع مصطلحات و مفردات كبدائل تميع الأبعاد الدينية و التاريخية و اللغوية للشخصية و الهوية مثل مصطلح " الجزائرياتية " هو محاولة يائسة تبتعد عن قلب النقاش التربوي الرصين و تغرق في الايديولوجيا ...

فلا ضرر و لا ضرار...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. الدكتور قطب سانو يوضح في سؤال مباشر أسباب فوضى الدعاوى في ال




.. تعمير- هل العمارة الإسلامية تصميم محدد أم مفهوم؟ .. المعماري


.. تعمير- معماري/ عصام صفي الدين يوضح متى ظهر وازدهر فن العمارة




.. تعمير- د. عصام صفي الدين يوضح معنى العمارة ومتى بدأ فن العما