الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقطيع العالم

جمشيد ابراهيم

2018 / 4 / 14
العولمة وتطورات العالم المعاصر


تقطيع العالم
ينتقل الانسان بالتدريج من عصر التناظريات او بالاحرى من عصر السيلان المستمر analogue الى عصر الرقميات الرمزي لعصر مرور و قطع التيار الكهربائي عند ترجمة المعلومات الى لغة يفهمها الكومبيوتر ليستطيع معالجتها و خزنها - عصرالدرجات digital التي هي كدقات الساعات القديمة تصعد من سلم الى سلم منذ اكتشاف الارقام و الاعداد والحساب ليتحول اليوم الى ساعات و دقائق و ثوان و الاسبوع الى سبعة ايام و هكذا بالنسبة للاشهر و السنين ليتحول المكان و الزمان الى درجات رقمية تنفصل عن بعضها البعض بحدود مصطنعة فهناك اعياد و مناسبات و بيوت و شوارع و قرى و مدن و دول و قارات و هناك اعمار مختلفة للانسان و الحيوان و النبات و مدة الصلاحية الخ - القائمة طويلة حقا.

هذا و منذ توفر وسائل النقل كالسيارات و تحويل مساحات كبيرة الى شوارع و ساحات ترى مساحات واسعة متقطعة ايضا - الى قطع كثيرة لا تعد و لا تحصى لدرجة تعزل النباتات عن بعضها و لا تلتقي الحيوانات فمثلا كنا ننتقل سابقا من مدينة الى مدينة اخرى و نحن نمر لساعات دون ان نرى بيت او بناية او انسان و لم تعرف النبات و الحيوانات كالطيور الحدود لتتنوع. فمستقبل الارض و الحياة اليوم هو قطعها اربا اربا – لا تنسى ان في كل قطع هناك تقييم لانجازات الانسان نفسه في المدارس و الدوائر و درجات امتحانية للتمييز بين الناجح و الراسب و ضياع و هدر لجزء من المعلومات و الطاقات و المواد والانواع اضافة الى مخاطر اخرى.

حول الانسان ايضا لغته الى اصوات و حروف محدودة لا يتعدى عددها في كثير من اللغات الـ 30 حرف في الابجدية رغم ان الانسان يستطيع اصدار اصوات كثيرة يمكن مقارنتها باطياف الالوان الهائلة و لكنه يستطيع ان يميز بطبيعته بين الباء و التاء و الخاء الخ رغم ان متكلمي اللغة العربية على سبيل المثال لا يميزون بين الضاد و الظاء و رغم ان اصوات اللغة لا تتوقف عن السيلان لان الاصوات ليست الا هواء يمر في ممرات حنجرة و فم الانسان اي يقوم برسم الحدود لكل شيء ليحول الارض و ما عليها الى اجزاء متقطعة و الى درجات منفصلة discreet لدرجة لا اجد مكان او زمان هادئ تسيل فيه الحياة كالماء و الهواء و لان تلوث البيئة لا تعرف الحدود و اجد احيانا السلوى في المناطق البعيدة او خط اليد.

هذا و منذ توفر وسائل النقل كالسيارات و تحويل مساحات كبيرة الى شوارع و ساحات ترى الارض متقطعة الى اجزاء - تقطيعات هائلة و لو القيت نظرة على الارض من الطائرة فانك تراها مجروحة استقطعت منها اعضاء او اجزاء كقطع اعضاء جسم البشر او كاستقطاعات راتب الموظف الشهري.

و لكن هذا لا يعني شيطنة الرقميات لفائدتها الهائلة في التطور و التنظيم و الترتيب و الاختراعات و امكانية خزن المعلومات و سرعة نشرها و تصريفها و معالجتها بعد تحويلها الى ارقام لكي تستطيع البشرية التحدث و البحث و المشاركة من اية بقعة كانت على الارض رغم ما تسببها من المشاكل الاجتماعية لتقضي على عوائق الزمان و المكان و تزيد من السرعة الخ.

و لكنى كلما نظرت الى الماء اراه يسيل دون درجات حسابية منفصلة و ارى كيف يهب الهواء دون الحاجة الى سلم و درجات و تشرق الشمس دون انقطاع لولا دوران الارض و الارض هي قطعة واحدة او على الاقل لا اكثر من خمس صفحات تطفو على سيلان المادة و النار تحت السطح. هكذا كانت العلاقات البشرية ايضا و كلما زادت نفوس البشر زاد احتياجاته زاد التقطيع. ستحول شوارع و طرق المستقبل كرتنا الارضية الى الف قطعة و قطعة.
www.jamshid-ibrahim.net








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شهداء وجرحى إثر غارة إسرائيلية استهدفت منزلا في مخيم النصيرا


.. الشرطة الأمريكية تعتقل طلبة معتصمين في جامعة ولاية أريزونا ت




.. جيك سوليفان: هناك جهودا جديدة للمضي قدما في محادثات وقف إطلا


.. سرّ الأحذية البرونزية على قناة مالمو المائية | #مراسلو_سكاي




.. أزمة أوكرانيا.. صاروخ أتاكمس | #التاسعة