الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدعم الحكومي للثقافة والفنون في مصر..وفوضى المهرجانات المسرحية

محسن الميرغني
كاتب وناقد أكاديمي

(Mohsen Elmirghany)

2018 / 4 / 20
الادب والفن


-1-
يحاول هذا المقال إثارة النقاش حول سؤال: كيف يمكن قياس أثر الفعاليات الثقافية والفنية في مصر،خاصة تلك الفعاليات التي تحصل على دعم حكومي من مؤسسات الدولة الرسمية باعتبارها خدمة ثقافية غير ربحية؟، ومن ثم يمكننا تحديد النتائج المترتبة على وجود هذه الفعاليات،وحقيقة وصول الخدمة الفنية أو الثقافية لمستحقيها من المواطنين بشكل كمي رقمي واضح يسهل قياسه والتعرف عليه لتحديد معيار نجاح الفعالية الفنية أو إخفاقها؟
فعندما يتم الحصول على مخصصات مالية لدعم فعاليات فنية أو ثقافية بصفة رسمية مثل تقديم مزايا وتسهيلات في توفير الموارد اللوجيستية(أماكن-وسائل انتقال-معدات وتجهيزات فنية..إلخ) تكون هذه محاولة من الدولة لتفعيل دورها المؤسسي عبر إتاحة خدمات ثقافية وفنية غير ربحية لكافة المواطنين وليس فقط الفئات المستهدفة من كل فعالية فنية أو ثقافية عامة.
ومن هذا المنطلق ينبغي أن تدار هذه الفعاليات بهدف توجيه الخدمات المدعومة حكوميا بأسلوب منظم وموجه فمن بين القواعد البدائية لنظرية الإدارة "ضرورة فهم الإدارة كنظام مفتوح للمدخلات –التحويلات-المخرجات-العائد"(1).
وتمثل الخطط المسبقة والاستراتيجيات المدروسة المعلنة وكذلك المعدات والتجهيزات اللوجيستية وأماكن الإقامة وبرامج تنفيذ الفعاليات(المدخلات) وتمثل عمليات التنظيم والإدارة التنفيذية(التحويلات)، وتمثل العروض واللقاءات والندوات والمشاركات (المخرجات)، بينما يمثل العائد الأثر(الكمي-الكيفي)الناتج عن هذه الفعاليات الفنية.
وبغياب التخطيط المسبق المعلن لا يمكنك أبدا قياس الأثر الناتج عن عمل الأفراد والجماعات في أية فعالية عامة، وفي مصر لا يمكنك أبدا تحديد وقياس العائد الفعلي كميا أو كيفيا لمنتج ثقافي،بسبب غياب التخطيط المسبق المعلن،على الرغم من ادعاءات كثيرين من القائمين على العمل الثقافي والفني بضرورة الأخذ بالمنهج العلمي في إدارة المشروعات والفعاليات والبرامج الثقافية والفنية،لكن ما يحدث على أرض الواقع في تنفيذ هذه الممارسات العامة هو ضرب من الفوضى المخفية عن أية مراقبة مشروعة من الجهات والأفراد على حد سواء.
سأنتقل هنا للحديث عن فن المسرح في مصر في ظل فوضى المهرجانات المسرحية المستمرة منذ قرابة ثلاثين عاما،فنحن مثلا لا يمكننا التعرف على القيمة المالية الحقيقية لمهرجان مسرحي سنوي يتم إقامته بصفة دورية ويحصل على دعم حكومي من الدولة، مثل:(مهرجان المسرح التجريبي،المهرجان القومي للمسرح المصري،مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابي..إلخ) وهي مهرجانات تعتمد في إقامتها على نهج متوارث من التعامل بسرية مطلقة فيما يختص بالبيانات والمعلومات المالية واللوجيستية الممنوحة من الرعاة والداعمين الحكوميين بدءا من وزارة الثقافة المصرية ذاتها وحتى هيئاتها وقطاعاتها المختلفة (صندوق التنمية الثقافي-الهيئة العامة لقصور الثقافة-البيت الفني للمسرح)،ووصولا إلى جهات أخرى كالمحليات والتي تقوم بتقديم خدمات الإقامة والانتقالات لهذه الفعاليات في حال التواصل بين الوزارات من أجل تحقيق هدف التكامل بين الجهات الحكومية في تسهيل الحصول على الخدمة الثقافية والفنية للمواطنين،وهو أمر محكوم برغبة القائمين على منح الدعم الحكومي في المشاركة وإنجاح الفاعليات، ولا تحكمه معايير أو ضوابط قانونية معلنة للجمهور، حتى يتسنى لهم متابعة تحقيق الهدف،ومراقبة سبل تنفيذه.
وقد نتج عن الغياب التام للمعايير الواضحة للتخطيط المسبق الذي يكفل مبدأي المحاسبة والمراقبة لهذه الفعاليات المدعومة حكوميا، عدة مساوئ وسلبيات منها عدم وعي القائمين على إدارة هذه المهرجانات بأصول الإدارة الفنية والثقافية للعمل العام،وعدم قدرتهم على الرد بموضوعية ووضوح عن أسئلة بدهية وبسيطة حول جدوى إقامة المهرجان وأثره في بيئة إقامته مدينة شرم الشيخ،وماهي ميزانية المهرجان، وهو ما أدى إلى غياب معايير التقييم عن المعنيين بالشأن المسرحي من المتخصصين بل وحتى عن الجمهور العادي الذي ربما يرغب في متابعة فعاليات المهرجان النائية، هذا بالإضافة إلى أننا لا نجد أي تنظيم هيكلي واضح أو جدولة بيانات مالية أو لوجيستية ضمن خريطة المهرجانات الفنية المدعومة من قبل الدولة بصفة رسمية،وإذا قمت بتصفح موقع وزارة الثقافة المصرية لن تجد أي معلومات أو بيانات عن الفعاليات والمهرجانات الفنية/المسرحية والثقافية التي تدعمها الوزارة العريقة بصورة علمية ممنهجة،تمكن الباحثين من التعامل معها كمصدر موضوعي موثوق للمعلومات)،هذا بالإضافة إلى غياب المعايير التي تحكم عملية تنظيم الفعاليات الفنية والثقافية وإجراءاتها كالمهرجانات وهنا أتحدث عن مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي.
-2-
في خبر منشور بموقع الدستور الإليكتروني يوم11أبريل 2018 يعلن رئيس مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي المخرج المسرحي مازن الغرباوي قيمة ميزانية المهرجان بثلاثة ملايين جنيه ونصف، في رقم عام دون تفنيد أو توضيح لمحتوى هذا الرقم وكيفية تقسيمه أو توزيعه على بنود الميزانية الخاصة بالمهرجان، ويصرح بأنه قد شارك في المهرجان 45 دولة وتم تقديم 25 عرضا مسرحيان بينما صرحت مديرة المهرجان الممثلة وفاء الحكيم في العدد552 من جريدة مسرحنا المصرية الصادرة عن الهيئة العام لقصور الثقافة ان دورة المهرجان هذا العام تتضمن إقامة 14 ورشة لخبراء دوليين.
السؤال الآن: أين خطة المهرجان المسبقة التي تشتمل على هذه البيانات بصفة منظمة وممنهجة؟ والتي يمكن من خلالها قياس أثر ماتم في هذه الدورة،وكيف يمكن ذلك دون معرفة الأرقام والبيانات الخارجة من الدورة الثالثة للمهرجان؟ والتي يفترض أن تكون إدارته قد تجنبت وقوع الأخطاء الحاصلة في الدورتين السابقتين من المهرجان-على الأقل بحكم الخبرة المتحصلة في إقامة هذه الفعالية المسرحية-إن لم يكن بحكم العلم والمنهج في إدارة المشروعات والفعاليات الفنية والثقافية.

هوامش:

1. انظر،جيب هاجورت،إدارة الفن على نمط العمل الحر،ت:ربيع وهبه،القاهرة،دار شرقيات للنشر والتوزيع،2009م،ص17.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع