الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سجن الرّوح -15-

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2018 / 4 / 21
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


أبحث عن قصص الفرح كي أغبّ منها وتنصهر في داخلي فيتعدّل لديّ مزاج الحزن الأزلي الذي يسكنّني.
أبحث عن الحياة الجميلة علّها تعالج ذلك الشّرخ العميق في روحي وتجعلني أمضي بسلام.
أبحث عن الصّداقة التي لا تسلّط مرآتها عليّ كي تسلبني جمال جلسة عفوية.
أبحث عن الحبّ الذي توهمت أنّني مررت به فكان ناراً وجمراً ثم رماداً.
أبحث عن وطن قرأت عنه، ثم بحثت في الخارطة عن مكانه فلم أجده، فكل ما أراه على الشّاشات لا يمت لما أعرفه بصلة.
أبحث عن العائلة ويصدمني الأمر، قرابة الدّم أصبحت قرابة بالرضاعة، فلا حبّ، ولا تعاطف، وربما ينظر لي أخي كابنة زوجة أبيه وليس كأخت شقيقة.
أبحث عن الحقيقة، وتصرخ بي: لا تقولي، فإنّ الأمر جلل.
ومن الأمر الجلل ما ليس له تفسير، فهل أنت مع أم ضد عمل ما؟
لا تحكم على شخص من فعل واحد، فذلك الذي ترك أمّه تتسول ربما ينتظر منها أن تعطيه بعض ما تحصل عليه. لا تشتمه، فهو نفسه سوف ينتهي به المطاف كمتسوّل.
أحاول أن أعرّف الرّفاه، أصطدم بالمرفهين من أبناء عشيرتي، وأنا أعرف كيف كانوا يكافحون لبناء غرفة تستطيع حمايتهم. بنوا الغرفة ومضى الشّباب، لكنّهم لا زالوا في مرحلة الاحتفال بإنهاء بناء الغرفة. لم يروا من هذا العالم الكبير سوى تلك الغرفة، والكفاية من الخبز وبعض الطعام، وهو أمر كبير حقاً في عشيرة يحكمها زعيم طائفة، وزعيم مجتمع، وزعيم إدارة ، ولكلّهم يعرفون معنى الرّفاه ويباركون الفقر بحركات جسدية ، او كلمات بوهيميّة مثل طوبى لكم، وأبنائي الروحيين، أو أيها الشّعب العظيم.
وتسألني الكوابيس: لمَ لم تحبّي نفسك؟ أليس الدّفاع عن حقّ البقاء هو السّلوك الفطري للإنسان؟
ربما كوابيسي منصفة عندما تناقشني في موضوع البساطة والغباء، ورغم عدم قناعتي بشكل كامل بما قالته، فأنا لا أحبّ أن أوصف بالسّاذجة أو الغبيّة إلا بيني وبين نفسي.
عشيرتي متعدّدة الطوائف، والأناشيد، وطريقة الكتابة. أصبحت أعرفهم من خلال قراءة ما يكتبون. فعندما يلفّ أحدهم ويدور في موضوع ما، ولا يقول الحقيقة صراحة يكون من طائفتي، حيث تقف الأغلبية المهمّشة منها في الوسط بين النّعم و لا، فلا يريدون الخروج عن نظام العشيرة وبنفس الوقت لا يحبونه، وبينما يشتمون علانية المخالفين لهم في المعتقد ، فإنّ زعماءهم الطّائفيين تملآ صفحاتهم الافتراضية، وقد اكتشفت في وقت مبكّر أن العيش في الوسط بين النّعم ولا هي مشكلة اجتماعية تضعك تحت أقدام الزّعيم فتتمتم بعبارات ضده وعندما يحاول أن يسمعك أحد المريدين تبسمل باسمه وترفع وتيرة البسملة إلى الصّراخ بالتمجيد. أما الطّائفة. التي يديرها ابن عمّي، فعندما يجلس المدير مع أبناء عمومته يرفعان نخب الحبّ ، ويكتبون عن الجلّسة مع الإشارة إلى أنّهم أكثر تميّزاً. هؤلاء يقفون على بعد فاصلة من النّعم. تلك الكتابة تشبه كتابتي عندما كنت في سنّ المراهقة. هي تربية الطّفولة الأولى، لكنّني تخلّيت عن حروف الدّغم وحروف الغنّة فأصبح لي أصدقاء بالآلاف يقبعون تحت سقفي، وعندما أظهر في مقال ما يبثون كرههم بأسماء مستعارة، وهؤلاء هم الصّنف المحترم من البشر، هناك الصّنف الذي يقول علانية أكرهك وأغلبهم من الأقارب، وربما الطّائفة.
لا أخشى أن أقول فكرة ما، لكنّني أعدّ لها كثيراً ثم أختفي بعدها عن المكان، فأنا لست محاربة، ولا أحبّ التّهديد والوعيد.
بينما كنّا نجلس في سهرة ولاء لأحد أفراد عائلتنا المستبدين من الدرجة الثالثة، وأبدى فلسفته التي لا تخطئ، وبصّم له المستبد الأكبر-وهنا لا أفرّق بين المؤنّث والمذكر، فالمستبد صفة حيادية- وكنت في ذلك الوقت أعتبر نفسي قد حقّقت إنجازاً بأن أصبح لدي بيت في دمشق وأنا في سن الخامسة والعشرين، وعادة عندما تحقّق إندازاً ولو تافهاً تقلّ قيمتك ضمن العشيرة ويهمشونك، وفي تلك الليلة كنت مهمشة، وكان الغمز واللمز قائم على شخصي ، وربما أردت فقط أن أدافع عن نفسي عندما تحدّث المستبد الصّغير عن حرّية المرأة ، وعندما انتهى قلت له لا يوجد حرية امرأة في عشيرتنا. المرأة ربما في أفضل الحالات خادمة، وبدأ ربعي يشتمونني وعندما أصبح الضجيج كبيراً. اختفيت من السّهرة، ولم أعاود الجلوس إلا بعد مدة طويلة بعد أن نسوني، وجاء دور شخص آخر في العائلة حصل ابنه على درجة جيدة في البكالوريا فانصرف المجتمع إلى ذم النّاجح ووصفه بالدريس، والغير اجتماعي، ووصفوا والده ووالدته بأوضع الأسماء، ولم تنته قصّته حتى بدأت قصّة الرجل الذي سجن ، وأجمعوا على أنّه يستحق.
تغيّر الأمر الآن. أصبح يحق لنا أن نكره بعضنا وفق قانون العشيرة، وهؤلاء الذين همّشوني يوم نجحت في شراء بيت في دمشق- مع أن البيت باعه أحد ما فيما بعد بموافقتي – هم يقفون اليوم لي بالمرصاد . يحاولون التقليل من شأني. وعندما تركت لهم الفيس تبعوني إلى المقالات فصوتوا بصفر على المقالة المترجمة علماً أن بعض المقالات تحمل نفس رأيهم. بل إن بعضهم وصفني أنّني مع الإرهاب وترك تعليقه تحت مقالة ليست لي، بينما الآخر أشار إلى أنّ الترجمة ضعيفة مع أنني أترجم منذ خمسة وقت طويل، وإنني متأكدة أنه لا أحد قرأ إلا بضعة سطور.
وبما أنّني أقول كلمتي وأختفي لما بعد ردود الفعل، فقد أختفي يوماً إلى الأبد، لكنّ لاشكّ أن كتاباتي سوف تأخذ قيمتها من جيل قادم من أبناء العشيرة يجيد التّقييم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا تعلن استهداف خطوط توصيل الأسلحة الغربية إلى أوكرانيا |


.. أنصار الله: دفاعاتنا الجوية أسقطت طائرة مسيرة أمريكية بأجواء




.. ??تعرف على خريطة الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأمريكية


.. حزب الله يعلن تنفيذه 4 هجمات ضد مواقع إسرائيلية قبالة الحدود




.. وزير الدفاع الأميركي يقول إن على إيران أن تشكك بفعالية أنظمة