الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكوربوقراط يهددون العالم

محمد السعدنى

2018 / 4 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


وكما فيما وراء الطبيعة أسرار وعوالم يصعب تصورها والتماهى مع أفكارها، فإنه أيضاً وراء ذلك العالم الذى صنعناه من حولنا أحداث ووقائع يصعب التفكير فيها أو حتى تصديقها، فوراء ذلك النظام العالمى الغريب، تقف المؤسسة "الكوربوقراط"، ويقف رجالها أولئك القراصنة والقتلة المأجورين "الجاكلز" يحاولون اغتيال النظام المستقر للعالم والدول، ويصنعون عالماً جديداً على مقاسهم وطبقاً لأطماعهم وأهواءهم، وهى بالضرورة لاتناسبنا ولا تستهوينا، لكنها تفرض علينا وتتلبسنا، ومن عجب فإن البعض منا يمارس علينا الغواية أن نندمج فيها ونعيشها كما مجذوب طاش منه العقل فراح يتطوح فى حلقات "زار" أقامته "كودية" أروب خصيصاً لتغييب وعيه والسيطرة عليه واستلاب مقدراته.
و"الكوربوقراط" مؤسسة حاكمة فى العالم الاستعمارى كله، قديمه وحديثه وإن كانوا أكثر بروزاً فى الولايات المتحدة الأمريكية، إنهم رجال المجمع الصناعى العسكرى ورجال المال والبنوك ورؤساء الشركات متعدية الجنسيات وبعض الساسة والمتنفذين من الجنرالات وأساتذة الجامعات وأصحاب الفكر والرأى والمشاهير من رجال الصحافة والإعلام. وهم كما القتلة المأجورون، يمثلون الغواية للقادة والدول من العالم الثالث الفقير فكراً وإدارة. هم لايعترفون بالنظام العالمى الذى صنعوه، ولا يقيمون للقانون الدولى أى اعتبار، واجهونا مرة منذ مائة عام فى سايكس – بيكو وقسموا الدول كما يحلوا لهم، وقابلونا مرة أخرى فى فرض الوصاية والانتداب، وفى الحربين العالميتين من أجل فرض النفوذ حتى على بعضهم البعض، وقابلونا فى الحرب الباردة، ثم استغرقونا فى الجهاد ضد الشيوعية والكفر، وخلقوا لنا فزاعة القاعدة والجهاد، ثم جاءونا بـ"المحافظين الجدد" والفوضى الخلاقة، وبعدها فيما أدعوه بالحرب على الإرهاب الذى صنعوه فى داعش والفرق المارقة باسم الإسلام، والآن يلاعبوننا علناً فى العراق وسوريا واليمن وليبيا وقبلهم فلسطين. ولعلهم مقتنعون أن سايكس – بيكو قد استنفدت أهدافها بعد مائة عام من توقيعها، فراحوا يعدون لخارطة جديدة للعالم، لاتكون فيها دول ولا قانون، لاشئ إلا هم الكوربوقراط والاستحواذ على ثروات العالم. هذا ماتبدى واضحاً مؤخراً فى الحرب على سوريا.
فى هذا المكان فى 2016 كتبت لك أن الرئيس القادم للولايات المتحدة الأمريكية لن يكون هيلارى كلينتون، فهى طبعة قديمة من فكر مؤسسة ضاقت عليها كل "الباترونات" التى حاولوا تفصيلها، ولابد للمؤسسة أن تجدد نفسها ودمائها وأن تلعب على المكشوف، وقلت سوف يكون دونالد ترامب هو رجل المؤسسة الجديد، إنه صاحب تاريخ قديم فى عضوية الكوربوقراط، تجرى فيه دماؤهم ولايعتمل فى رأسه الخاوى من كل شئ إلا الاستحواذ للمؤسسة على الثروة، ثروة العالم الثالث، ثروة البترول والغاز ورؤس الأموال المودعة فى خزائنهم من منطقتنا ومن غيرنا وكيف يتصرفون للسطو عليها ولا يسمحون لأصحابها باستعادتها.
عندما كتبت ذلك لم يكن رجماً بالغيب، إنما قراءة موضوعية واعية لما رشح عن هذه المؤسسة "الكوربوقراط" من كتب وأفكار وحتى بعض الأفلام والمقالات، لقد مهدت المؤسسة لهذه اللحظة بكتابات صمويل هنتنجتون عن "صدام الحضارات"، وفرانسيس فوكوياما "عن نهاية التاريخ والإنسان الجديد"، وكتابات "توماس فريدمان" وفريد زكريا وغيرهم. وحتى فى كتابات وأفلام جاءت من خارج المؤسسة ناقدة منددة بسياساتها، على غرار مانشره "جون بيركنز" فى كتابيه "الاغتيال الاقتصادى للأمم 2004" و" التاريخ السري للإمبراطورية الأمريكية 2007"، وما كتبته "توماس هيلين" كبير مراسلى البيت الأبيض، وما جاء فى فيلم "مايكل مور – فهرنهايت 9/11"، فيلم "Network" وغيرها من كتابات وأفلام، ربما قدمها أصحابها فى لحظة صدق مع النفس، أو خوفاً على مآلات الإمبراطورية الأمريكية، أو كتبها بعض عملاء مخابراتهم تحت تأثير المصطلح المخابراتى "عبء المعلومة" حين أرادوا التخلص من الأرق والقلق وتأنيب الضمير، أو حتى طلباً لحماية أرواحهم بالاحتماء بالجماهير كرد فعل للفضيحة والصدمة.
ولعل للقصة روافد قديمة تعود لستينيات القرن الماضى، تحديداً يناير 1961 حين نبه الرئيس الأمريكي أيزنهاور وهو يسلم السلطة إلي جون كينيدي لخطورة "الكوربوقراط". حيث قال: "جئت إليكم مودعاً ومستأذنا في الإنصراف، لكن لدي بعض الهواجس أريد أن أفضي بها لكم صراحة: إن هناك الآن مجموعة صناعية عسكرية مالية سياسية وفكرية تمارس نفوذاً غير مسبوق في التجربة الأمريكية، ومع تفهمنا لظروف نشأة هذه المجموعة، فإننا لابد أن نحذر من وصولها إلي مواقع التأثير المعنوي والسياسي والعملي علي القرار الأمريكي، لأن ذلك خطر شديد علي المجتمع الأمريكي قبل أن يكون خطراً علي غيره، ومن سوء الحظ أن الثورة التكنولوجية التي تتدفق نتائجها علي عالمنا اليوم تساعد أطراف هذا المجمع الخطر وتزيد من قدراتهم وتمكنهم من السيطرة علي برامج الإدارة ومخصصاتها، خصوصاً أن قوة أموالهم توفر لهم تأثير فادح التكاليف علي مؤسسات الفكر والعلم والقرار السياسى". انتهى الاقتباس ولم تنته القصة بعد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مخاوف من استخدامه كـ-سلاح حرب-.. أول كلب آلي في العالم ينفث


.. تراجع شعبية حماس لدى سكان غزة والضفة الغربية.. صحيفة فايننشا




.. نشاط دبلوماسي مصري مكثف في ظل تراجع الدور القطري في الوساطة


.. كيف يمكن توصيف واقع جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة؟




.. زيلنسكي يشكر أمير دولة قطر على الوساطة الناجحة بين روسيا وأو