الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التهديد بالعودة الى الحرب

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2018 / 5 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


أولا هناك حقيقة لا مفر من الاعتراف بها ، وهي ان الصراع الدائر حول الصحراء ، هو صراع بين النظامين الجزائري والمغربي ، من اجل ثروات المنطقة ، وليس بسبب الأهالي الخارجين عن اهتمام او عناية النظامين معا . فكما ان النظام الجزائري يريد حدودا بضفة المحيط الأطلسي ، ونصيبا في الوزيعة ، وهو الذي سبق وطالب جميس بيكير بالتقسيم ، فكذلك النظام المغربي يتمسك ويتشبث بالصحراء ، لأنها مصدر رزق وثروة ، ولأن في ذهابها ذهابه . لذا فباستثناء بعض الحمقى القليلي العدد من كلا الجانبين ، الذين يدعون الى العودة الى الحرب التي لن يشاركوا فيها ابدا ، فان الشعبين المغربي والجزائري هما شعب واحد وقلب واحد ، وهما الضحية الأولى مما جرى ويجري بالمنقطة .
منذ اتفاق 1991 ، هدد المغرب مرة واحدة بتوجيه ضربة عسكرية ضد المنشآت ( الانفصالية ) الجزائرية التي تحاول فرض الامر الواقع ، من خلال خرق اتفاق وقف اطلاق النار بالمنطقة المسماة عازلة .
الجزائر – الجبهة منذ 1991 وهي تهدد بالعودة الى الحرب ، لكن والى الآن لم تحصل هناك أي حرب بالمنطقة ، حيث ان الجميع ، ورغم تصريحات العودة الى العنف ، متشبث ومتمسك بالقرار 1991 ، لان التهديد بالعودة الى الحرب ، او التهديد بتوجيه فقط ضربة عسكرية ، ستتحول الى حرب ، ليست في صالح احد لاعتبارات سنأتي عليها لاحقا .
المغرب يحتج على التغييرات التي تباشرها جبهة البوليساريو بأمر الجزائر بالمنقطة العازلة التي تعتبرها الرباط تحت اشراف الأمم المتحدة .
الأمم المتحدة ومن خلال جوابها على رسالة التشكي المغربية ، كذبت ما جاء في الرسالة ، وأكدت ان المينورسو المكلف بمراقبة الوضع ، لم يلاحظ أي تغيير يناقض روح اتفاق 1991 . لكن المثير للدهشة ان نائب الأمين العام للأمم المتحدة السيد دوشاريك ، اعتبر تيفاريتي وبئر لحول ، خارجتين عن مدار المنقطة العازلة ، واعتبر انهما محررتان دون تحديد او التطرق لمنطقة تواجدهما ، وكأن تصريح دوشاريت ، يعطي الضوء الأخضر لجماعة البوليساريو – الجزائر ، بالشروع في القيام بأشياء تخالف اتفاق 1991 ، وهذا يجعل من الأمم المتحدة طرفا رئيسيا في النزاع ، وليس طرفا محايدا في انتظار التقرير في الوضع النهائي للإقليم .
لحسن الحظ ، ان القرار 2414 الذي صدر عن مجلس الامن الذي يملك سلطة القهر والضبط ، جاء مناقضا لتصريح دوشاريك ، حيث اكد القرار الصادر بضرورة تقيد الجبهة – الجزائر باتفاق وقف اطلاق النار الموقع سنة 1991 تحت اشراف الأمم المتحدة . وهو ما يعني ان المجلس وجه دعوة للانفصاليين ولراعيهم ، برفض أي تغيير على الوضع العام بالمنطقة ، قد يسبب في هزات خطيرة تثقل عمل مجلس الامن ، فالح بذلك القرار على ضرورة عودة فيالق الانفصاليين الى قواعدهم بتندوف .
المغرب المتحصن داخل الحزام الامني ، يسمي الأراضي الخارجة عن الحزام بالمنقطة العازلة ، ويؤكد انها تقع تحت سلطة الأمم المتحدة . وإذا كان الامر كذلك ، أي اشراف الأمم المتحدة على المنطقة ، فكيف سيعوض الأمم المتحدة في القيام بما يلزمها بها اتفاق 1991 ؟ لماذا يهدد بتوجيه ضربة عسكرية ، و إن حصلت ، وفي هذا الظرف بالذات ستكون خطأ استراتيجيا ستنعكس نتائجه السلبية على القضية الوطنية .
ورغم ان التهديد بالضربة العسكرية ، كان فقط من اجل التهديد ، ولم يكن بشأن توجيه الضربة ، فقد اعطى التهديد هذا اكله ، حين صوت مجلس الامن لصالح القرار 2414 الذي كان لطمة في وجه الجزائر وصفعة في وجه البوليساريو افقدتهما الصواب ، وادخلتهما الجحر .
المغرب الذي يقر بخضوع المنطقة العازلة لإشراف الأمم المتحدة ، قد لا يرتكب حماقة ستقلب عليه المجتمع الدولي ، ومن ثم إعطاء فرصة لأعداء مغربية الصحراء بتحريك المنتديات الدولية لتوجيه الإدانة التي ستضر بمغربية الصحراء .
ان الخطورة فيما لو افترضنا جدلا ، ان التهديد المغربي بتوجيه ضربة محددة الهدف ، وليس فقط التهديد من اجل التهديد ، هو ان الضربة ان حصلت فسوف لن تبقى ضربة ، بل ستتحول الى حرب تعيد الى الاذهان مأساة السبعينات والثمانينات .
ومن خلال التحليل الدقيق للوضع السائد ، واستحقاقات اطراف النزاع ، فان الحرب الى حدود أواخر 2019 ، تبقى بعيدة المنال لعدة أسباب ستضر بمصالح اطراف النزاع نوجزها كما يلي :
1 ) ليس في صالح المغرب اشعال الحرب بالمنطقة ، بل من صالحه اللعب على الوقت لاستنزاف الخصم ، والمراهنة على التغييرات التي قد تطرأ في اية لحظة ، في السياسية الدولية ، كتغيير الاحلاف ، والداعمين ، والمساندين . ان اشعال الحرب سيعجل بالحل الاممي الذي لن يزيغ عن الاستفتاء بالمعايير الأممية ، و قد يذهب ابعد من الاستفتاء ، إذا باشرت الجمعية العامة الملف ، بالاعتراف المباشر بالجمهورية الصحراوية .
2 ) ان وقت الحرب التي هي قادمة وبتشجيع من دول الفيتو بمجلس الامن ، لم يحل اجلها بعد . فالدخول في حرب لن يكون الا بعد إقرار مجلس الامن عن فشله في إيجاد حل للنزاع الذي عمر لأكثر من ثلاثة واربعين سنة ، منها ستة عشر سنة خضعت للغة السلاح ، وسبعة وعشرين سنة خضعت للمعارك الدبلوماسية والقضائية والسياسية .
كما ان الدخول الى الحرب لن يحصل ، الاّ بعد وقوف الأمم المتحدة التي لا تملك سلطة الضبط والقهر ، عاجزة عن إيجاد حل يعوض فشل مجلس الامن .
بطبيعة الحال اللعبة مكشوفة والمخطط واضح ، لكن لبدأه يتعين إيجاد شروط تنزيله ، لإلقاء المسؤولية على المعنيين والمشمولين به ، لا القاءها على أصحاب مشروع الشرق الأوسط الكبير وشمال افريقيا .
3 ) الجزائر – جبهة البوليساريو ليس في مصلحتهما كذلك اشعال الحرب ، رغم تهديدهما بالعودة اليها ، خاصة وان التهديد منذ 1991 وحتى الآن ، هو من اجل استعراض عضلات مشلولة ، واحتواء نقمة وسخط الصحراويين المحتجزين بمخيمات تندوف ، والتأثير على قرارات مجلس الأمن كلما اقترب موعد عقد دورة بخصوص الصحراء .
ان استراتيجية الجزائر – الجبهة ، هي استنفاذ المعارك القانونية – القضائية ، واستنفاذ المعارك السياسية والدبلوماسية ، كما يشتغلون منذ مدة ليست بالقصيرة على مشروع اشعال انتفاضة شعبية بالأقاليم الجنوبية ، تكون مصحوبة بمقاومة شبه مسلحة لإحداث الثغرة داخل المغرب لا خارجه . كما يشتغلون منذ 2007 على خلق معارضة مغربية – مغربية لمغربية الصحراء ، تكون كطابور يزكي الاطروحة الجزائرية المدعمة للجمهورية الصحراوية ، أي التسبب في خلل مغربي يشل أطروحة مغربية الصحراء من الداخل .
ان الجبهة – الجزائر الواعية بالتناقض الأساسي بين المطالب الانفصالية وبين المشروع الامبريالي – الصهيوني الذي يلخصه مشروع الشرق الأوسط الكبير وشمال افريقيا ، سوف يراهنون على هذا التناقض الثانوي ، من اجل الوصول الى التناغم الشامل بين الطرفين ، لتفتيت المتفتت ، وتقسيم المقسم ،وتجزئ المجزأ ، ما دام ان نهاية المشروع هي انشاء دولة عميلة بالجنوب المغربي .
4 ) الجزائر الحاضنة لجبهة البوليساريو والمُؤسّسة للجمهورية الصحراوية ، لن تستطيع اصدار الامر للجبهة بالعودة الى الكفاح المسلح . الجزائر تعيش ازمة الرئاسة ، والتعويل على رئيس مريض مصاب بالهيزيمر ، يجعل الاولوية بين القوى المتصارعة ، صقور الجيش وصقور جبهة التحرير الوطني ، هو حسم الصراع السياسي على قصر المرادية .
كما ان الثعلب الجزائري الذي يتقن فن الالتواء ، والاختباء ، والمباغتة ، والغدر ، سوف يراهن اكثر على دور الاتحاد الافريقي ، والاتحاد الأوربي في حسم المعركة السياسية والقضائية ، مع التحضير وبشكل متوازي للحرب بالوكالة عن طريق طابورها الذي يٌكونه الانفصاليون ، عندما يتم استنفاذ كل المعارك الجارية اليوم بالساحة الدولية .
ان الحديث عن أي عودة للحرب يقتضي توافر أوضاع داخلية للدول المتصارعة ، لتأمين نجاح الحرب وتأمين دعمها ، وقد نسميها بشروط الحرب الغير المتوافرة لا في المغرب ولا في الجزائر .
1 ) الشرط الأول الذي لا بد من توافره ، هو ان يكون للدولة التي ستدخل الحرب نظام اقتصادي قوي ومتلاحم ، وهنا اركز على النظام الاقتصادي بالمفهوم العلمي للأنظمة الاقتصادية .
ان هذا النظام الاقتصادي غائب وغير موجود بالمرة ، لا في المغرب ولا في الجزائر . فما يسمى عبتا بالاقتصاد ، هو اقتصاد الريع المعروف بافتقاره للبنى الاقتصادية الصلبة . ان الاقتصاديْن الرّيعيْين المغربي والجزائري ، هو اقتصاد الهِبات ، والترضيات ، والمنح ، والهدايا المختلفة ، لشراء الذمم والأصول السياسية للنخب الخائنة . ان اقتصاد من هذا النوع المهترئ ، سيسقط وسينهار وهو الفاقد للأعمدة ، في اول امتحان قد يغير مجرى الحرب باتجاهات لم تكن منتظرة ، وبالتالي فمع تزايد الازمة وتعميقها وامام النزول الى الشارع من قبل المتضررين من نتائج الحرب العبثية ، فان احتمال حصول تغييرات جذرية تبقى فارضة لنفسها في أي معادلة تعقب الحرب .
2 ) ان التهديد بالعودة الى الحرب ، وحتى قبل نشوبها ، يقتضي ويتطلب إضافة الى الاقتصاد القوي ، سهولة وسرعة الدول المتحاربة الى خلق اقتصاد الحرب ، الى جانب اقتصاد السلم او الاقتصاد المدني . وإذا كانت الجزائر والمغرب لا يتوفران على نظام اقتصادي علمي ، فكيف يمكن تصور امتلاكهما وفي ظرف وجيز لاقتصاد الحرب ؟ شيء لا يمكن لعقل سليم تخيله او التصديق به ، خاصة وان متطلبات اقتصاد الحرب تُدفع بالعملة الصعبة . وحيث ان المتحاربين لن يستطيعا تحقيق النصر الساحق على بعضهما بسبب التحكم في مجريات الحرب من قبل الدول العظمى ، فان المصير الحتمي لن يخرج عن التدمير من اجل التدمير ، مع اغراق المتحاربين في مليارات الديون من اجل الأسلحة الخردة المتحكم في تقنياتها من مصادرها الغربية .
3 ) ان التهديد بالعودة الى الحرب ، او الشروع في الحرب ، يكون غير مضمون النتائج ، إذا لم تكن هناك إدارة قوية تتحكم في الوضع الداخلي ، وتوجهه لما يخدم الحرب . وللأسف فان الإدارة المغربية كالإدارة الجزائرية ، غارقة في الفساد والزبونية ، وفي البيروقراطية . ان إدارة مثل هذا النوع ، تكون عاجزة عن التحكم في الوضع الشعبي ، وتكون عاجزة عن تأمين شروط نجاح الحرب والانتصار فيها . ان اول ما سينهار قبل الجيوش المتحاربة بدون تغطية داخلية ، ستكون الإدارة البيروقراطية الفاسدة ، وهو ما قد يرتب نتائج عكسية قد تصب في اتجاهات مختلفة حسب درجة الصدمة ، ودرجة الخسارة ، وإذا قدر الله درجة الهزيمة .
3 ) ان أي حرب لا تكون مسنودة بجبهة سياسية داخلية متراصة وقوية ، لا يمكن ان تحافظ على المشاعر الوطنية ولو في شقها الشوفيني لضمان استمرار الحرب المفروضة حتى تحقيق النصر .
ان الوضع الداخلي في المغرب كما في الجزائر اكثر من متوتر ، حيث تنخر المجتمعات الصراعات بين الأنظمة الاستبدادية ، والطاغية ، والدكتاتورية ، وبين الشعب ، كما تسود بين افراد الشعب الواحد الصراعات الإثنية والعرقية والعقائدية ، ووضع هكذا وبهذا المستوى سيزيد في ضرب أي وحدة شعبية تكون سندا للجيش الذي يحارب في الجبهة .
إذن هل يستطيع وسيتمكن اطراف النزاع من الإحاطة ومسايرة القرار 2414 ، خاصة في جانب احترام المدة الزمنية التي حددها القرار للمينورسو وهي ستة اشهر بدل سنة ، وهي مدة مقصودة قصد الضغط على اطراف النزاع بالدخول في مفاوضات مباشرة بدون شروط مسبقة ، ومن اجل التسريع بإيجاد حل يرضي اطراف النزاع ، وبما يمكن مجلس الامن من التحلل من مشاكل ملف عمر لأكثر من ثلاثة واربعين سنة خلت ؟
من خلال المواقف المتضاربة لأطراف النزاع ، فقد تنتهي مدة ستة اشهر ، واطراف النزاع ليس فقط انهم يَكُونون قد فشلوا في إيجاد الحل المناسب ، بل قد تنتهي المهملة وهما لم يجتمعا اطلاقا .
ان المغرب الذي يحمل الجزائر تبعات ما حصل ، يؤكد ويشترط ان يكون اللقاء مع الراعي للانفصاليين ، وهو الذي يشرف على مدهم بالأسلحة ، والذخائر ، والمدرعات ،والمزنجرات ،وسيارات النقل ، ويمكنهم من البنزين وكل المحروقات ، كما يتولى تدريبهم عسكريا ، وهو الذي يتسول المنظمات الدولية ليطعمهم من مأكول .
المغرب سيرفض الجلوس مع طابور خامس للجزائر يؤدي خدمة للعسكر الجزائري لا علاقة لها بما تُلوّكُه الألسن بالشعب الصحراوي . لكن ان افترضنا ان اللقاء يكون قد حصل تمشيا مع لقاءات سابقة بهيوستون بالولايات المتحدة الامريكية ، فان المنطق يفند أي نجاح لأطراف الصراع بإيجاد حل يلبي مصالح المتنازعين ، لان الهوة كبيرة بين الحقوق المغربية المشروعة ، وبين المطالب الجزائرية الانتهازية التي تبحث عن خلق دويلة صحراوية تعترف بها الأمم المتحدة ، وبعدها يُشرع في دمج الدولتين الجزائرية والصحراوية في دولة واحدة ، تصبح مطوقة للمغرب بالوصول الى حدود مياه الأطلسي ، وهذا المخطط الذي يبحث عن إذلال المغرب بتقزيمه ، لا ولن يمر مهما حصل من مناورات مآلها الفشل المحتوم .
إذن ارتسامات المستقبل واضحة ، والجميع يلعب على الوقت الضائع للوصول الى المخطط – المشروع الذي يحضر بجد للمنطقة ، والذي هو الحرب القادمة بعد اعلان فشل مجلس الامن عن حل النزاع ، وبعد اقتصار الجمعية العامة للأمم المتحدة على اصدار قرار رَخْو لن يعرف طريقه الى التنفيذ ، لافتقادها الى سلطة القهر والضبط ،كما لمجلس الامن طبقا للفصل السابع من الميثاق .
فكيف سيكون الوضع العام بالمنطقة ، وكيف سيكون وضع اطراف النزاع إذا حلت مهلة الستة اشهر ، ولم تجلس الأطراف الى طاولة المفاوضات فأحرى فشلها الواضح للعيان .
من المتوقع ان يحل شهر أكتوبر ، والمواقف ستبقى بعيدة عن بعضها ، كما ستطغى لغة التهديد والوعيد بين اطراف النزاع . كما ان كل طرف سيحاول القاء اللوم على الطرف الآخر ، ويحمله مسؤولية الفشل ، لإبراء الذمة إزاء القرار 2414 ، ولاستمالة أعضاء الفيتو بمجلس الامن لجانبه .
عند حلول شهر أكتوبر تكون قد مرت ستة اشهر عجاف ، والمجلس سوف لن يعلن استسلامه للفشل ، بل سيحاول التدارك بالتظاهر ببث الروح من جديد للمفاوضات الجادة . وهنا فان المجلس من الأكيد انه سيصوت لصالح تمديد مهلة المينورسو الى غاية ابريل 2019 ، كما سيحاول الضغط على الأطراف المتصارعة بالتعجيل لتفادي الوقت الضائع لإيجاد حل مقبول ومتفق عليه من قبل الجميع .
إذا حل شهر ابريل 2019 ، وبقي المشكل معلقا لتباعد مصالح المتصارعين ، فهنا :
1 ) اما ان المجلس سيبادر بطرح مبادرة على اطراف النزاع مع التهديد بإمكانية ، وأكرر ( إمكانية ) اللجوء الى الفصل السابع ، وهذا يبقى احتمالا – مسرحية ستجابه بالفيتو الفرنسي .
2 ) واما ان يعلن مجلس الامن فشله التام في حل اقدم نزاع ، ومن ثم يرمي بالملف الى الجمعية العامة للأمم المتحدة . وهنا فان الاختلاف بين قرارات – توصيات الجمعية العامة ، وقرارات مجلس الامن ، ان الأولى تصدر قرارات تنص فقط على الاستفتاء دون ربطه بضرورة تحقيق شرط واقف ، في حين ان قرارات مجلس الامن دائما تربط أي حل بشرطي الموافقة والقبول من اطراف النزاع ، فإذا تخلف شرط من هذين الشرطين ، اصبح أي قرار حول حل من الحلول لا غيا وغير ذي جدوى .
إذا تمت إحالة ملف النزاع من مجلس الامن الى الجمعية العامة للأمم المتحدة ، بدعوى انها مَجْمع الدول ، فإن هذه قد تعالج الملف بطريقتين لا ثالث لهما :
1 ) الطريقة الأولى ، وهي ان تتخذ قرارا ينص على الاستفتاء وتقرير المصير ، وتطاب من مجلس الامن كهيئة تنفيذية تملك السلطة والقهر والضبط ، الشروع في الترتيبات للازمة لتنظيم الاستفتاء .
2 ) الطريقة الثانية ، وهي ان تتجاوز الجمعية العامة الاستفتاء وتقرير المصير ، لانهما اضحيا متجاوزين ، وخاصة وان سابقة حصلت ستسهل هذا التجاوز ، وهي سابقة اعتراف النظام المغربي بالجمهورية الصحراوية ، وتواجد الجمهورية كدولة بالاتحاد الافريقي ، واعتراف الاتحاد الأوربي بها من خلال لقاء ابيدجان بين الاتحاد الآرو – افريقي ، او من خلال حكم محكمة العدل الاوربية ، او الشروط التي سيتم تضمينها لاتفاقية الصيد البحري بين المغرب واوربة حتى تشمل الأراضي المتنازع عليها مؤقتا في انتظار الحل النهائي للنزاع . وهنا فان الجمعية العامة ، حيث لا توجد هناك دولة تستعمل حق الفيتو ، قد تصوت بأغلبية ساحقة على الاعتراف بالجمهورية الصحراوية .
السؤال هنا : ماذا إذا تحقق هذا السيناريو ، واكيد انه سيتحقق ، لان لا مخرج غير مخرج اللعب بالملف – الكرة بين مجلس الامن وبين الجمعية العامة للأمم المتحدة ؟
كيفما كان الوضع ، واياً تكون درجته قد تأزمت ، واياً كانت الحالة بعد استنفاذ كل الحلول المجربة بين مجلس الامن والجمعية العامة ، فان التصور او الاعتقاد باتخاذ مجلس الامن قرارا تحت البند السابع سيكون أضغاث أحلام .
ان اقدام مجلس الامن على استخدام الفصل السابع ليس من السهل بمكان ، لأنه قرار خطير ومن ثم لا يستعمله الا في الحالات النادرة التي تتفق على اجماع أعضاء الفيتو كالحالة العراقية . لكن إذا افترضنا جدلا ان المجلس مُقبل على الفصل السابع كلعبة ، وأكرر كلعبة للظهور بالمصداقية والجدية ، فان الفيتو الفرنسي سيكون بالانتظار . وهذا يعني فشل مجلس الامن الذي يتظاهر بالاشتغال على الملف ، كما يعني فشل الجمعية العامة بسبب اصدراها قرارات لا تتعدى مستوى استشارية .
ان نهاية 2019 وبالضبط في شهر أكتوبر حيث آخر اجتماع لمجلس الأمن ، ستكون عصيبة وخطيرة ، وستغلق كل أبوابها – مسرحياتها الاّ الحرب التي ستحل ككابوس يعيد الى الاذهان مآسي السبعينات والثمانينات حتى التوقيع على اتفاق وقف اطلاق النار في سنة 1991 .
إن هذا المخطط القادم وهو قادم ، يصب في المشروع الكبير ، المشروع الصهيو – امبريالي المسمى بمشروع الشرق الأوسط الكبير وشمال افريقيا . وسيكون مدخلا أساسيا لتدمير المنطقة قصد تقسيمها وتجزئيها ارضا وشعبا ، مستغلين نزاعات الحدود الموروثة عن الاستعمار ، ومستغلين كذلك النعرات الاثنية والعرقية بالمنطقة .
لكن يبقى السؤال الأعظم ، هو كيف يمكن مواجهة هذا المخطط إذا فرضت الحرب اوزارها وداهت الجميع على حين غرة ؟
( يتبع )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هجوم رفح.. شحنة قنابل أميركية معلّقة | #الظهيرة


.. إطلاق صواريخ من جنوب لبنان باتجاه الجليل الغربي شمالي إسرائي




.. فصائل فلسطينية تؤكد أنها لن تقبل من أي جهة كانت فرض أي وصاية


.. المواطن الفلسطيني ممدوح يعيد ترميم منزله المدمر في الشجاعية




.. أطباء كويتيون يغادرون غزة بالدموع