الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اسمٌ آخرُ جديد للعراق

جواد كاظم غلوم

2018 / 5 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


اسمٌ آخرُ جديدٌ للعراق

نعرف بان كل المخلوقات البشرية والحيوانية والنباتية في هذه الحياة تولد وتعيش ردحا من الزمن طويلا كان ام قصيرا وبعدها تموت وهذا حال الكائنات الحيّة كلها بايالوجياً ، وينسحب الامر على المراحل الحضارية والعصور التي عاشتها الشعوب التي تمرّ في مرحلة النشوء ثم الارتقاء والازدهار لكنها وهي في عزّ تألقها وزهوها ونمائها تحمل جينات موتها معها وهذا ما نلمسه في حضارات الفراعنة والإغريق والرومان وفارس وبابل وآشور وبقية حضارات الشرق والغرب معا .
كل كائن حيّ -- حتى في ذروة صحوه وعافيته ورقيّه وسطوته -- يحمل جينات موته مهما تطاول به العمر وامتدّت به الحياة .
وكل حضارة مهما اتسعت ونبغت وتألقت سيختفي ضوؤها ويذبل عودها وتتساقط أوراقها وتأوي الى خريف دائم وتتقلص تدريجيا بحيث يكون قبرها اكثر سعة منها .
وقد لا يعرف القارئ العزيز ان حيوانا واحدا اكتشفه علماء الأحياء اسمه " تيولا " لايموت ابدا وله قدرة هائلة على التكيّف في أحلك الظروف وأقساها ؛ فبدلا من ان يمرّ بمرحلة البلوغ والنضوج تراه يعود مجددا لمرحلته الطفولية الأولى ولا يدخل مرحلة الكهولة والعجز مهما امتدت به السنون وكأنه نال فتاتَ عشبة خلوده من أفعى جلجامش التي اختطفتها من يده حينما كان يمرح في جنائن بابل وبلغ ذروة سعادته عندما ظفر بمضغة الخلود في تلك العشبة السحرية .
ولأن جدّنا جلجامش من منبت العراق ومحتده الموغل في القِدَم والعراقة وجذر شجرة الحضارة الاولى الخضراء فانه يبقى خالدا ماجدا هو وموطئ قدمه ومسقط رأسه العراق وكأني ببلادي أخذت صفة هذا الحيوان المسمّى " تيولا " وهو الوحيد من بين كل مخلوقات الدنيا يعاند الموت وينتصر عليه ليعود مجددا الى فترة الحضانة الاولى ويجدد خلاياه ويعود فتيّا يافعا معطاءً .
لكني اقول آسفا ان هذا الكائن وان ارتدى ثوب خلوده وأعاد لنفسه فتوّته فان آلات القتل والإبادة والفناء تترصده فهو عرضة للقتل والفناء ولا يقوى وحده على مجابهة السهام والنبال التي تنوشه من كل جانب ؛ تماما مثل وطني المبتلي بالحروب والنزاعات لأن الأعداء الكثر يعرفون تماما ان بلادي تأبى ويأبى تاريخها ان تموت لهذا يتقصدون قتلها فهي تمشي وتدوس على جراحها وتتكئ على أصفياء أهلها ولو تعثرت لكنها تسمو مجددا .
وفرق كبير بين الموت بعد الهرم والسقم وبين القتل من اجل الفناء وان بدت هاتان الحالتان هي النهاية .
سأضيف تسمية جديدة اخرى لبلادي العريقة المنبت والمحتد وهي " تيولا " لتصطفّ مع بقية الاسماء التي تعني العراق " أوروك " و "ميزو بوتاميا " و " بابلونيا " ووادي الرافدين ومابين النهرين في سطور مهابة التاريخ وفي صحائف الحضارة الموغلة في القدَم ؛ والمرصّعة بنياشين المجد والرقيّ ومهابة الجذر العريق ومنبت التحضّر الاول .
مع اني ادرك جيدا ان هذه التسميات لايمكنها ان تكون دروعاً لتحمي وطني من إصابات القتل التي تستهدفه وتصون صدره المثقل بزفرات الأسى .
تلك البلاد التي أسميتها " تيولا " لا تموت موتا طبيعيا حالها حال الكائنات الحية ؛ انما هي الان تتعرض لنبال وسهام القتل قصدا وعمداً واستهدافا مقصودا ولا أحد يُنجدها وهي تعاني آلام النزع الأخير .

جواد غلوم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استعدادات إسرائيلية ومؤشرات على تصعيد محتمل مع حزب الله | #غ


.. سائق بن غفير يتجاوز إشارة حمراء ما تسبب بحادث أدى إلى إصابة




.. قراءة عسكرية.. المنطقة الوسطى من قطاع غزة تتعرض لأحزمة نارية


.. السيارات الكهربائية تفجر حربا جديدة بين الصين والغرب




.. طلاب أميركيون للعربية: نحن هنا لدعم فلسطين وغزة