الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هذا ما قصده ترامب من تمزيق الاتفاق المشؤوم!

رياض بدر
كاتب وباحث مستقل

(Riyad Badr)

2018 / 5 / 9
مواضيع وابحاث سياسية



في 11 دقيقة فقط اختصر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أكبر عملية تحول سياسية للمنطقة للعقد القادم الذي يبدو فيه إن ترامب سيتربع على عرش البيت الأبيض فيه لدورة ثانية لاستكمال هذه الخطة. كل العالم كتم أنفاسه ترقبا إلا ذوي النظرات الاستراتيجية حول قرار ترامب في بقائه أو انسحابه من الاتفاق النووي الإيراني المشؤوم الذي يعتبر القرار الوحيد الذي دمر نفسه وأعطى الأسباب لتدميره وهذا مؤشر على أن المفاوضين إما كانوا على علم بما يتفقون عليه أي أنها بنية مبيته أو انهم كانوا غير مؤهلين لخط هكذا اتفاقات حيث هي فعلا جديدة بين دولة راعية للإرهاب وتؤمن بل وتدعوا لمحو إسرائيل من على الخريطة وتتدخل في شؤون دول أخرى بل تطلق عليهم الصواريخ البالستية وبين دول عظمى ودول متقدمة أوروبية مع المقارنة بين ما حدث مع العراق بالرغم من أن ليس لديه أي أطماع في المنطقة ولا برنامج نووي ولا برامج أسلحة دمار شامل لكن لم يتم التفاوض معه إطلاقا بل تم تعريضه لأبشع حصار عرفته البشرية في العصر الحديث استمر لمدة 13 سنة قتل فيه عشرات الألاف من الأطفال والشيوخ والنساء فقط لنقص الأدوية والعلاجات لكن الأوروبيين لا يعرفون الإنسانية خارج بلدانهم وهذا ما أثبتته الأيام والاتفاق النووي الذي مزقه دونالد ترامب ورماه بوجه الأوروبيين اليوم بل سخر منهم في كلمته اليوم بطريقة معروفة عنه جعلتهم يخرجون مهسترين بردات فعل لا يفعلها إلا صبية السياسة مثل المدعوة موغريني الصفراء.
الكلمة التي ألقاها ترامب اليوم ملغيا الاتفاق النووي كانت تضم رسائل واضحة جدا سواء حول الاتفاق أو شكل الوضع السياسي الذي سيكون في منطقة الشرق الأوسط مع حلفاء الولايات المتحدة خصوصا من المملكة العربية السعودية ودول الخليج من جهة وإسرائيل من جهة أخرى وقد تنظم مصر وبعض الدول المؤثرة لهذا الخطة الكبيرة.
فقد بدأ بتوجيه كلامه إلى الأمريكيين فقط رغم انه إعلان عن الغاء اتفاق موقع من دول عظمى أي انه انسحاب أحادي الجانب وانه لا يهتم بالآخرين فالاتفاق لاغي بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية التي ترعى مصالحها أولا وآخرا ولن تراعي مصالح الأوربيين في الاستثمارات الضخمة التي يريدوها من إيران والتي أصبحت الأن في مهب الريح حيث توعد ترامب صراحة بمعاقبة أي دولة تساعد إيران على كسر العقوبات وطبعا من يكسرها أكثر من الذين اعتقدوا أنهم يستثمرون في إيران! فالشركات لا تستطيع العمل بحرية ولا بدقة دون تحويلات مالية معقدة تكون عادة عبر بنوك ضخمة أكثرها أمريكية وهذا ما لن يحدث إطلاقا بعد الأن بل سيتم تشديد العقوبات أي إضافة عقوبات جديدة.
الرئيس الأمريكي ربط إيران بدعمها للإرهاب وذكر أحداثاً إرهابية مثل تفجير مقر المارينز في لبنان وقتل مواطنين أمريكيين وهذه إشارة صريحة وواضحة بان لبنان التي فاز حزب الله فيها الأمس بالانتخابات ستكون مستهدفة حيث إن حزب الله هو حزب وكيل لإيران في المنطقة وسيعرض هذه الأمر لبنان لعقوبات قد لا تقوى عليها فهي بلد ضعيف وهزيل جدا بل بالكاد يكون بلد وقربه من سوريا يعرضه لعقوبات مشتركة قد لا تحمد عقباها. وذكر أيضا ما تقوم به حماس من أعمال إرهابية وأنها تتلقى الدعم من إيران فيبدو إن هذين الحزبين قد شارف دورهما على الانتهاء في المنطقة هذا إن لم يكن قد انتهى اليوم فعلا فقد بدأت الطائرات الإسرائيلية بقصف مواقع داخل سوريا تابعة لمليشيات إيرانية فور انسحاب ترامب من الاتفاق النووي.

لقد أشار في عدة مرات خلال كلمته إلى نقاط ضعف الاتفاق التي استغلها النظام الإيراني ليستقوي بها على دول الجوار بل زاد من ميزانية جيشه خلال الفترة من 2015 لحد الأن بنحو 40% كان من المفترض أن ينفقها على تحسين الاقتصاد ومعيشة الإيرانيين لكنه فضل صرفها على نواياه التوسعية الشريرة التي لم تجلب له إلا الويلات وعجلت بانهيار اقتصاده ثم انهياره كاملا قريبا.
الاتفاق لم يأتي بأي سلام أو امن للمنطقة منذ توقيعه بل على العكس أثار الرعب ونشر صواريخ بالستية تهدد حلفاء الولايات المتحدة وتهدد إسرائيل وبهذا يفضح دور الأوروبيين الذين فاوضوا دون دراية على الأطلاق بنوايا الإيرانيين في التوسع وطبعا من غير المعقول ولا المقبول أن الأوربيين وهم دول عظمى أيضا ليس لديهم الاستخبارات الكافية لمعرفة نوايا إيران لكن يبدو أنهم يعلمون ذلك لكن أخفوها وهذا ما لن تغفره لهم لا أمريكا ولا إسرائيل الذين كشفوا الدور الإيراني الخبيث في تطوير البرنامج النووي حتى بعد توقيع الاتفاق وقد تواجه الأوروبيين صعوبات قريبا في التعامل مع الاثنين.
فقد وصفه ترامب انه اتفاق من جانب واحد وهذا ما ذكرته عدة مرات في تحليلات سابقة بان الاتفاق النووي المشؤوم فعلا هو يصب في مصلحة الأوربيين والإيرانيين فقط دون نظرة مستقبلية إطلاقا وهذا ما لن تدعه الولايات المتحدة أن يمر مرور الكرام.
إن الاتفاق سيجعل المنطقة في سباق تسلح سريع وكبير ويهدد السلم العالمي فما أن تبدأ إيران بعد مرور فترة السبات نسميها أي بعد فقط سبع سنوات ستبدأ بتصنيع أسلحة نووية وصواريخ ذات قدرة أطول وأكبر ثم تبدأ باقي الدول أيضا بالحصول على هذه التقنيات أسوة بإيران فمن يضمن أن أحد هذه الدول لن تهاجم إسرائيل أو حلفاء الولايات المتحدة وقواعدها في الخليج! وهذا برأيي كان أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت الولايات المتحدة الآن للانسحاب من الاتفاق حيث يمكنها من الدفاع بضرب أي محاولة إيرانية لفعل ذلك دون أخذ الإذن والرجوع للاتفاق المشؤوم الذي وقعه خريجي المصارف والمؤسسات البنكية في أوروبا الذين لم يضعوا كل هذه الأمور نصب أعينهم بطريقة غريبة تدعوا للتأمل وأحيانا للضحك.
الانسحاب من الاتفاق النووي له هدف أيضا وهو ضرب اكبر ذراع تخريبي لروسيا في المنطقة ويشكل خطر على مصالح الولايات المتحدة وأمن إسرائيل فالتاريخ يذكرنا بأن روسيا لطالما دعمت أي حرب عربية أو إقليمية ضد إسرائيل وهذا ما لن تدعه يحدث ثانية.
صفع ترامب الأوربيين صفعة لن ينسوها أبدا فقد قال في ختام كلمته انه سيتفق مع الكوريتين قريبا ومع الصين تجاريا وامنيا مما يعزز شراكتهم الدولية العابرة للقارات في إشارة واضحة أن الولايات المتحدة قد تتخلى عن الأوربيين كشركاء في مباحثاتها فالتجارة اليوم مع أسيا أثرى واضمن وأكبر لأمريكا منها لأوروبا الأمر الذي قد يكون فعلا صفعة تجارية تاريخية للاتحاد الأوروبي المتداعي أصلا ولعل بريطانيا فهمت اللعبة مبكرا ونأت بنفسها عن أوروبا العجوز. هذا الفعل سيجعل ترامب يصر على انسحابه من اتفاقيات تجارية أكثر مع أوروبا لأنها فعلا بدأت تتخذ موقف مضاد لانسحاب ترامب من الاتفاق النووي المشؤوم وهكذا ردات فعل في السياسة لن يكون من نتائجها أي محمود ووبالها على صاحبها عادة فهي غير مدروسة بل تدافع عن موقف مشين من الأوربيين تجاه منطقة باسرها وهي الشرق الأوسط لأجل نظام إرهابي ينشر أفكار القرون الوسطى العنصرية والتوسعية على حساب الأبرياء والضعفاء فقط لانهم مستفيدين من الاتفاق ماديا ولا يدرون إن الإيرانيين لو قدر لهذا الاتفاق أن يستمر سيتخلصون من الاستثمارات الأوروبية عاجلا أم آجلا وفي وقت يكونون فيه ذوي قوة لا تستطيع القارة العجوز من مجاراتهم إطلاقا.
أشار ترامب إلى معاناة الشعب الإيراني وهي طريقة ذكية بأن الولايات المتحدة ستدعمهم من خلال عدة منصات وأهمها حقوق الإنسان فقد ركز على هذا الجانب أي أن منظمات حقوق الإنسان ستبدأ فعلا بالعمل أكثر على فضح اختراقات حقوق الإنسان في إيران الأمر الذي يعطي دفعة قوية للحراك الشعبي وانتفاضة الشعب الإيراني المستمرة منذ أشهر والتي هي كفيلة بالإطاحة بنظام الملالي ناهيك عن إمكانية تدويل هذه الخروقات في مجلس الأمن لاستصدار قرارات أكثر شدة تجاه نظام الملالي.
اختتم ترامب كلمته بعبارات مثيرة فقد قال انه آن الأوان للمنطقة أن يتوقف فيها القتل والتدمير بعد كل هذه الفترة وهذه إشارة إلى وكلاء الموت من ميليشيات مدعومة من إيران أنها ستنتهي حتما وكما يقال " يؤخذ الكلام من أواخره"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا تعلن استهداف خطوط توصيل الأسلحة الغربية إلى أوكرانيا |


.. أنصار الله: دفاعاتنا الجوية أسقطت طائرة مسيرة أمريكية بأجواء




.. ??تعرف على خريطة الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأمريكية


.. حزب الله يعلن تنفيذه 4 هجمات ضد مواقع إسرائيلية قبالة الحدود




.. وزير الدفاع الأميركي يقول إن على إيران أن تشكك بفعالية أنظمة