الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاغتيال الاقتصادى للدول

محمد السعدنى

2018 / 5 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


على العشاء باغت صاحبنا المتقاعد من جهة مهمة ضيفنا: "ياابنى مصر لو حبت تقدر تحتلكم بالفاكس"، ضحك الجميع وتوالت التعليقات، فقد كان الحديث عن ذلك العالم الساخر حولنا الذى تفرغ قادته لممارسة العلاقات الدولية عبر "تويتر". استوقفنى التعليق "النكتة" على أكثر من مستوى ولأبعد من مسافة عبر الزمن، فالضيف صديق قديم من إحدى الإمارات الصغيرة التى يهددها ترامب ضمن من هدد بالدفع أو سقوط العرش، وهى إمارة تطاولت كثيراً على قدر مصر منذ منتصف حكم مبارك وبعده، ورغم ذلك لا نوافق أبداً على شطط قرصان العصر الساعى للاستيلاء على ثروات البلاد والعباد. ثم كيف لصاحبنا من الجهة المهمة ألا يعلم أن مصر ذاتها قد احتلت جراء تصرفات الخديوى اسماعيل ونزقه ب "التلغراف" إذ لم يكن وقتها قد اخترع الفاكس بعد. ثم لماذا اختار لمصر إذا أرادت احتلال أحد أن يكون بالفاكس وليس بالتويتر؟ كما يحاول ترامب وكما كان الحوار يدور. هل هو ربما لايعلم قدر مصر، أم يستكثرعليها حتى المناوشة بتويتر؟ أم هو يعرف مدى إمكاناتنا وحدودها بأكثر مما نعرف نحن؟. عموماً اخذنا الحوار إلى عصر إسماعيل الذى أضاعتنا ديونه سنوات طويلة إذ وصلت إلى حوالى مائة وعشرين مليون جنيه استرلينى فى 1878 تسببت فى الوصاية والرقابة المالية على مصر وعزل الخديوى ثم الاحتلال الانجليزى. وتوقف بنا الحوار عند سؤال الجميع عن مقالاتى الأخيرة عن "الكوربوقراط" أو مؤسسة الرأسمالية العالمية المتوحشة ورجالها الذين يهددون العالم ويصنعون الحروب ويحاولون إبتلاع الدول والبشر، وعن جون بيركنز وكتابه "الاغتيال الاقتصادى للدول: اعترافات قرصان اقتصادي" الذى سبق الاشارة إليه فى مقال سابق.
جون بيركنز عالم اقتصاد أمريكى عمل لأكثر من خمسة وعشرين عاما فى وظيفة خبير اقتصادى أو "قرصان اقتصادي على حسب قوله" ضمن مجموعة عمل فى إحدى الشركات الاستشارية التي تمثل وسيطاً بين رؤساء وحكومات دول العالم الثالث، وبين مديري شركات وبنوك أمريكية عملاقة، وسياسيين، وصناع قرار، يسعون لبناء إمبراطورية أمريكية عالمية أطلقنا عليهم مصطلح الكربوقراط. أصدر كتابه فى 2004 بعد تقاعده فأحدث دوياً كبيراً وكان أكثر الكتب مبيعًا في الولايات المتحدة الأمريكية والعالم. في هذا الكتاب يحكي بيركنز مذكراته، ويالها من مذكرات عن دول نُهبت وشعوب أُفلست وحكومات سقطت وزعماء اسقطوا وبعضهم قتل. إنه التاريخ السرى لإمبراطورية الكوربوقراط الأمريكية ورجالها من "القتلة الاقتصاديين" وهو تعبير كان متبعًا رسميا حين دُرِّبَ على وظيفته. وقد لخّص الكاتبُ مهمته بقوله:"كانت وظيفتي أن أُشجِّعَ زعماء العالم على الوقوع في شَرَكِ قروضٍ تؤمِّنُ ولاءهم، وبهذا يُمكننا ابتزازُهم متى شئنا لتأمين حاجاتِنا السياسية والاقتصادية والعسكرية".
وهو يروج لكتابه وقصته بفيلم كارتون بثه بصوته على "اليوتيوب" بعد أن تلقى تهديدات بقتله من جهات لم يفصح عنها. أترجم لك مقتطفات منه، إذ يقول:" نحن القتلة الاقتصاديون تمكننا من إنشاء أول امبراطورية عالمية حقيقية، وهى فى الأساس إمبراطورية سرية، ولقد فعلنا ذلك بطرق مختلفة، وعموماً كنا نحدد بلداً لديه الموارد التى تطمح شركاتنا فى حيازتها، النفط كمثال، ثم نقوم بإقناع قادتهم بأننا نساعدهم بترتيب قرض ضخم لبلادهم من البنك الدولى أو غيره من الهيئات الحليفة لنا،
ولكن المال لا يذهب فعلا لهذا البلد، بل يذهب إلى شركاتنا لبناء مشاريع البنية التحتية فى ذلك البلد، والذى يعود بالنفع على قلة من الأغنياء ولا يستفيد منها الغالبية العظمى من عامة الشعب والبسطاء الذين هم فقراء جداً، وفى النهاية نتركهم بدين ضخم من المستحيل أن يقوموا بسداده، وفى مرحلة ما نعود إليهم قائلين: أنتم لاتستطيعون تسديد ديونكم، حسناً اعطونا شيئاً مقابلاً بدل المال، اعطوا امتيازات النفط لشركاتنا بسعر رخيص، صوتوا لصالح قراراتنا فى الأمم المتحدة، اسمحوا لنا ببناء قاعدة عسكرية على أراضيكم، وأشياء من هذا القبيل. وعندما نفشل يقوم "فريق الضباع" إما باسقاط أو اغتيال هؤلاء القادة، وإذا فشل منفذو الاغتيالات فى مهمتهم، كما حدث فى العراق حينها نقوم بارسال الجيش لاتمام المهمة. إنه نوع من الرأسمالية التى طورناها. لقد أنشأنا ما اعتبره شكل تحولى فيروسى للرأسمالية، وهو فى الحقيقة شكل من النظام الرأسمالى المفترس، تسبب فى تكوين عالم غير مستقر للغاية ولايمكن احتماله، فهو ظالم وخطير جداً". ويضيف: لقد التقيت بالكثير من الارهابيين وأجريت مقابلات معهم لنشرها فى كتبى، ولم أجد أياً منهم يريد أن يكون إرهابياً، إنهم أناس يائسون، فإذا كنا نريد أن نتخلص من الارهاب، فيجب علينا أن نتخلص من الأسباب الجذرية للإرهاب". وفى كتابه يقول:"لقد كانت الحربُ على العراق للسيطرةِ على نفطه وموقعِه "الجيوسياسى" المهمّ، بغضِّ النظر عن الذرائع التي سيقت في الحربين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات الطلاب الأمريكيين ضد الحرب في غزة تلهم الطلاب في فرن


.. -البطل الخارق- غريندايزر في باريس! • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بلينكن في الصين.. مهمة صعبة وشائكة • فرانس 24 / FRANCE 24


.. بلينكن يصل إسرائيل الثلاثاء المقبل في زيارة هي السابعة له من




.. مسؤولون مصريون: وفد مصري رفيع المستوى توجه لإسرائيل مع رؤية