الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العصرنة.. تقليد أعمى لمعطياتها أم تكيف هادف مع إيجابياتها

نايف عبوش

2018 / 5 / 13
العولمة وتطورات العالم المعاصر


العصرنة.. تقليد أعمى لمعطياتها أم تكيف هادف مع إيجابياتها

نايف عبوش

 لعل من البديهي القول، بأن ايقاع العصرنة اليوم، بات يتسارع بشكل مذهل، طال كل جوانب الحياة المعاصرة . وبذلك فقد اخترقت العصرنة بتداعياتها المكثفة ، وبتقنياتها المتطورة، كل خصوصيات المجتمع، لتصبح جزءاً من الحياة اليومية للناس.

ولاشك ان التقنيات الرقمية، التي افرزتها العصرنة، كالشبكة العنكبوتية ، والقنوات الفضائيات ،صارت ادوات اختراق عابرة للحواجز المكانية،والقيمية، وبسرعة مذهلة. حيث انعكست عولمة الفضاء المعلوماتي والإعلامي بشكل مباشر، على ثقافة جيل مسلم اليوم، بعد أن حاصرته بأدواتياتها الفاعلة، في ثقافته، ومعرفته، وتراثه،وباشرت عملية اعادة تشكيل جديدة لرؤاه،وبشكل خرج في أغلب الأحيان، عن زمام سيطرة الاسرة،ومؤسسات المجتمع، ومراكز التربية والتعليم.

فجيل اليوم، بعدما شغله ضجيج العصرنة بآلياتها المختلفة ، أخذ يمارس عملية تقليد، ومحاكاة آلية، لكثير من السلوكيات العصرية التي افرزتها عولمة الصناعة، وثورة الاتصال،والمعلوماتية،والتي تمظهرت في سلوك هذا الجيل بشكلية زائفة ، تجسدت في نمط الملبس ، وقصة الشعر ، والهوس المفرط في استخدام الحاسوب،والهاتف النقال، وأجهزة الميديا الأخرى ، في عملية استلاب غير مألوفة، عزلته عن واقعه الاجتماعي الحقيقي، فتحول المستخدم عموماً، والمسلم بالذات، الى ما يشبه الروبوت الآلي، بعد ان اضمحلت ميوله العاطفية،وجفت ملاطفاته الاجتماعية،وتيبست احاسيسه المرهفة، وتبلدت مشاعره الوجدانية، التي سلبتها منه تلك التقنيات، بانغماسه التام في فضاءاتها ، وحرمته من استلهاماته الوجدانية.

ولذلك فقد استهوت الحياة الغربية المعاصرة شبابنا ، فأولعوا بتقليدها بشكل سطحي، لأجل التقليد، باعتبارها في وهمهم، من ضروريات المدنية، والتحضر، وذلك في عملية انبهار شديد، وتبعية مقرفة، بذريعة مماشاة العصرنة، ومسايرة المدنية، ومواكبة الحداثة، وبشكل فج، استهدف التمرد على الموروث الديني، والقيمي، ونسف الأعراف، والتقاليد، نتيجة إفلاس معنوي ، وشعور بالدونية ، وتقليد أعمى ، وعجز تام عن التشبث بأصالة الهوية.

وإذا كان لا بد لنا أن نعمل على إعادة هيكلة واقع الحال، بما يتلائم مع معايير التحديث، والعصرنة، فإن ذلك ينبغي ان يتم في إطار الحفاظ على أصالة هوية الموروث الحضاري لمجتمعنا، وأمتنا، والتكيف في نفس الوقت، مع المعطيات الإيجابية للعصرنة، وإسقاط كل ما هو سلبي من تداعياتها دون تردد.

لذلك بات الأمر يتطلب من الكتاب، والمفكرين، والدعاة، والمؤسسات المهتمة بالشأن الديني، والاجتماعي، الإنتباه الجدي، إلى خطورة الانفصام بين الأجيال القادمة، والبيئة التي انجبتهم، والعمل على إدامة زخم التواصل الحقيقي المستمر بينهم، وبينها، وزيادة حس الإرتباط بالأصالة، وتعميق جذور الإنتماء، في نفس الوقت الذي ينبغي أن يتم فيه الانفتاح على معطيات العصرنة المعرفية، والتفاعل مع توجهاتها الإيجابية بتروي، ومن دون تهيب، او خنوع، أو استكانة ، ترسخ في أوساط الجيل المعاصر، روح الإنهزامية، وتشيع فيهم الشعور بالدونية، عند تعاطيهم مع تيار الحداثة الجارف، تفادياً للضياع،والاستلاب.












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شروط الدخول للعصرنة
محمد البدري ( 2018 / 5 / 13 - 17:35 )
لو ان للموروث قيمة لما تكببف الشباب مع معطيات العصر لان هذه المعطيات هي ذاتها اتت بعد نسف الموروث الديني عند اصحاب الحداثة. ولن اكون مغالياعندما اقول ان الموروث الشرقي المسيحي الذي ادخل اوروبا عصور الظلام هو من الاصالة الشرقية التي يحبذ المقال الحفاظ عليها اما ما لا اندم اطلاقا علي قوله ان التراث الاسلامي هو الاسوا ويجب علينا ادخاله متحف حفريات المعرفة المضللة حتي نتمكن من ان نتكيف بشكل سليم لا اعوجاج فيه.
فإعادة هيكلة واقع الحال بما يتلائم مع معايير التحديث والعصرنة لن يتحقق الا بالقطيعة مع الماضي والوعي بان ماضينا لم يكن سوي التضليل ذاته.

اخر الافلام

.. -عفوا أوروبا-.. سيارة الأحلام أصبحت صينية!! • فرانس 24


.. فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص




.. رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس


.. انقلاب سيارة وزير الأمن القومي إيتمار #بن_غفير في حادث مروري




.. مولدوفا: عين بوتين علينا بعد أوكرانيا. فهل تفتح روسيا جبهة أ