الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(5) عودة ميكو وفضائحه

فوزى سدره

2018 / 5 / 14
الادب والفن


الزواج أوله عسل وآخره بصل


فَتَحت الباب فوجدت ميكو فعلا بشكله وحركاته ، وما أن رآنى حتى قفز على صدرى واحتضننى وغمرنى بقبلاته ، ياللعجب .. الكلاب تعرف ثقافة القُبَلْ . تعرفها بالفطرة ولم تتعلمها .
حكى لى صديق قريب إلى نفسى . يشكو لى دائما همومه وأحزانه ، وخيبة حظه وميلان بخته ، قال .. تصور يا صديقى عندما أحاول تقبيل زوجتى تدفعنى بيدها وتشيح بوجهها عني صائحة ... كتمت نفسى حأموت . إيه اللى بتعمله ده . هو إنت بتقلد بتوع السينما .
قلت له مواسيا .. يا عزيزى القبلات ثقافة .. ثقافة عالية . لها طعم وفن ومذاق . لا يعرفها إلا ذوى العقول المتحررةوليست المتحجرة. ناهيك عن ذلك هناك أيضا ثقافات أخري ضرورية نحتاج أن نتعلمها . لأنها ثقافات إنسانية حضارية . فقل لى بربك ماذا عن ثقافة الحديث وثقافة السلوكيات والعبادات والنظافة والاحترام ، وثقافة قص اللسان الطويل ، وثقافة الزوجية والأمومة . إنك يا صديقى تطلب المستحيلات فى جنس فُرضت عليه السيادة وأسوار من الظلام والرقابة والحصار .لقد قيدوا المرأة فأصبحت مثل الأرض المشققة لاتُخرِجْإلا الأشواك .. لا تَجلسى مع الرجال وتتكلمى .. فَصَلوا الرجال عن النساء فى المدارس والمعابد . لا تقرئي كتب ثقافة جنسية . لا تدخلى مسرحا، ولا تذهبى لرحلة دون رجل .. ثم تقول لى قُبلة . عار علينا أن تعرفها الكائنات الأخرى ونحن لا نعرفها .
نحن يا صديقى شعب عُجن بثقافات غريبة وتقاليد عجيبة ، ولا عجب إذا قلت لك أن الحكام على مر الأجيال ومعهم بعض رجال الدين الذين غسلوا أمخاخنا بظلمة من الأفكار وحجبوا عنا شمس الحرية والابتكار لكى يَسهلْ عليهم انقيادنا ، وهكذا ترى أجيال وأجيال ، والعالم حولنا يرتقي بفكره ونحن أغرقونا فى الصدأ وحبسونا فى تقاليد عفا عليها الزمن .
سأحكى لك مشهداً ياصديقى من محطات حياتى . كنت فى بلد أوربية فى أحد الأسواق أُمارس تجارتى وإذ بفتاة طالبة فى الجامعة تعمل مشغولات يدوية وتبيعها – تابع معى – طالبة محترمة تدرس اقتصاد وسياسة فى أعظم جامعات العالمتذهب إلى السوق وتبيع أشياء من صنع يديها . هل رأيت ذلك فى بلادنا . لم تجد الفتاة مكانا تضع فيه منتجاتها فَأفسَحتُ لها مكان ، وسنحت الفرصة أن نتحدث .
فتاة لم تبلغ العشرين . أذهلتنى بحديثها وثقافتها حتى اكتشفت بالمقارنة أننى من مخلفات التاريخ . ناهيك عن ذلك حملت لى الفتاة هذا الجميل وعند إنتهاء السوق ودعتنى واحتضنتنى .
لم أتمالك نفسى طوال اليوم ولعب خيالى . مستغلا كَبْتى وضَحالة ثقافتى فى العلاقات النسائية . قال لى خيالى أنها تحبنى ، فلماذا لا أحبها . لقد ارتاحت لوسامتى وتصرفاتى ، ما المانع أن أتودد إليها ، بل تمادى خيالى حتى أننى فكرت فى الزواج منها .
وفى اليوم التالى جاءت ومعها شخص وأعطتنى حُضن أيضا كما يعطه الأمريكان للأصدقاء ، وعرفتنى على الشخص الذى معها ، وما أن قالت
" فلان زوجى " حتى انهارت كل خيالاتى وأحلامى وأفراحى وأتراحى . وأصبتُ بخيبة ثقافتنا العبيطة .
*****
أخذت ميكو إلى صومعتى وأجلسته أمامى أتطلع فى وجهه لأرى التغيرات والمؤثرات التى طرات عليه فى هذه الغيبة الطويلة ، وبشغف أجلسته بجوارى وأمسكته بيدى وكأنى وجدت الصديق المفقود ، وخشيت أن أفقده مرة أخرى .
- إحك لى يا ميكو . ماذا حدث وأين كنت وكيف عُوملتْ ؟
ميكو : لقد دفعت ثمن صراحتى ، وما عَبرتُ به عن رأى حق ،هل تظن أننى أخطأت؟هل تظن أنه كان من المفروض أن أكون سياسيا دبلوماسيا ؟ هل تظن أنه كان من المفروض أن أُجارى الحال وأتغير من أجل لقمة العيش ، خوفا من النفى والتشرد .
قلت له : لا يا ميكو .. أنت لم تخطئ بل المخطئ من جَانَبهُ الإحساس ، المخطئ هو المستغل الأنانى الذى يصنع الذهب والفضة من دم الغلابة .
قال : تَرَكْت البيت . لا أعرف أين الطريق وانتابنى خوف عظيم . ما الذى سوف يكون عليه مصيرى . جاء بجوارى رجل أعتقدت من هيئته أنه بلا بيت أو عمل ، تَلَفتَ يمينا ويسارا لعله يجد صاحبا لى فلم يجد . تجرأ وحملنى معه ، وقد تركت له نفسى . أتظن أن الجائع له إرادة أو حرية . الجائع يتنازل عن حريته وأحيانا عن كرامته حتى يضمن لنفسه لقمة عيش وهذا ما فعلته وإلا متُ جوعا .
- أنت تُذكِرنى ياميكو بثورة الجياع كلما هاجوا يقذفون لهم بكسرات من الخبزفيخمد عويلهم ولكن الثورة الحقيقية ثورة كرامة الإنسان . ثورة الفكر الإنساني
احكِ ياميكو .أنا أقصد الإنسان
قال : ذهب بى إلى سوق لبيع الأشياء القديمة والحيوانات الأليفة ، وباعنى لشخص وضعنى فى سيارته واصطحبنى إلى بيته ، ثَبتَ لى من أول وهلة أنه ليس من بلدنا ولا ثقافتنا .
سألته :ما الذى تعنيه يا ميكو ؟ كيف تعرف ابن البلد من الأجنبى ؟
قال : أليس الشكل واللغة والعادات والحديث والأكل والتفكير والمعاملات . تُعرَف منهما الهوية والجنسية
- نعم يا ميكو وهل عَرفْت من أى ثقافة هو ؟
قال ميكو : أنا لا يعنينى من أى بلد هو ، ولكن كل ما يعنينى كيف يعاملوننى .
- وكيف عاملوك ؟
- سيدة البيت إمرأة قصيرة بدينة يحمل وجهها عينين جاحظتين ، وأنف فرعونى وشفتين غير متساويتين ، الشفة العليا أصغر من الشفة السفلى . وكرش متدلى وجبين بارز كأنه يريد أن يخرج من الوجه .
- يا لسوء حظك يا ميكو ولكن ربما لها قلب رؤوف حَنَّان . ليس بالشكل وحده يُحكم على الإنسان
- سيدى . إنها تجمع الفتات والبواقى وبدل من إلقائها فى القمامة تلقيها فى جوفى ، وأحيانا عند عودتها من عملها تحمل معها نفايات الجزارين لتكون لى وجبة طوال اليوم .
- معلش يا ميكو . ربما يخافون عليك من السمنة فيستخدمون معك الرجيم ، فليستكل البيوت على أشكالها تقع .
- لا يا صديقى . بل خوفا من إخراج النقود . فهذه السيدة تخرج صباحا باكراً، وتعود مساء متأخرة ، وتتركنى مع أطفالها الإثنين لأقوم بحراستهما، وأعتقد أنهم جلبونى إلى بيتهم لهذا الغرض .
فقد سمعتها مرة تتحدث إلى زوجها وتقول ..أنا لا أعرف لماذا يذهب الناس بأطفالهم لجليسة ويتركونهم مع أشخاص لا يملكون حنكة المهنة والمعاملة ، وقد سمعت عن إحداهن كانت تضرب الأطفال حتى يناموا ، أليست الكلاب أأمن وأوفر ؟ وأطفالنا تحب الكلاب .
- وماذا عن زوجها يا ميكو ؟
- أحيانا يمصمص شفتيه ولا يعجبه الكلام ، ولا يُبدى اعتراضالأنه يعرف أنها معركة خاسرة .
- اسمع يا ميكو.. أنا لا أحب سماع أسرار الناس ولا النميمة و الفضائح ، ولم أرَ منك يوما سطواً على دخائل الناس وسرقة غسيلهم القذر لتأتى به إلى بيته لتنشره .فما الذي تفعله الآن ؟
- لايا صديقى . ليس هذا من عاداتى . لا يهمنى أسرار الناس بل أنت تسألنى عن زوجها . فقلت لك أنه مسكين . قليل الحيلة . ينأى عن الشجار ويلتمس راحة البال
- أفهم من ذلك أنك لم تجد سلاماً ولا وئاما فى هذا البيت
- كيف يا صديقى وأنا أعرف أن الفرق بين العازب والمتزوج هو أن المتزوجين لهم غرفة واحدة وسرير واحد ، ولكن من يوم ما دخلت هذا البيت ، وجدت غرفتين وسريرين وكل منهما يستقل بغرفته وسريره .
- ربما يا ميكو هناك ما يستدعى ذلك . فأحيانا ما يكون أحدهما يُشخر أثناء نومه، أو يتقلب يمينا وشمالا وينفث روائح جميلة من البصل والثوم ، وكل هذا يستدعى الاستقلال .
- لا يا صديقى . أقول لك ما حدث يوما .. حاول الزوج أن يضيف نفسه على سرير الزوجة ، وإذا بى أسمع هرجاً ومرجاً وصياحاً وكلمات تتطاير فى الفضاء .. أنت يا رجل ألا تشبع . ألا يكفى أننى جئت لك بأربعة أطفال . هو انت لا ترحم . مش كفاية الشغل . هو الست ايه عندكم تاكلوها لحم وترموها عظم . هو الست عندكم فَتَةَ علي السرير.. وانت شعرك علي وشك البياض . روح دَور على شغل تانى . جارنا شغال طول اليوم وبيكفى بيته بدل ما تفكر فى أمور بطنك وهبلك.
- وماذا حدث يا ميكو ؟
- خرج الرجل وكأن وجهه يتشكل بكل الألوان ، وكأنه يطلب من يستر عُريه وخِزيه ، دخل غرفته ودفن رأسه تحت الوسادة وظل يتقلب على جوانبه لساعات طوال حتى رحمه النوم .
- فعلا يا ميكو . على الرجل أن يعرف الوقت المناسب والمناخ المناسب
- ليس الأمر كذلك . فقد كنت أسمعه دائما يحذرها " الراجل إن لم يجد نفسه فى بيته يبحث عنها فى بيت آخر "
- ألم يجد هذا الرجل نفسه فى بيته ؟
- لا يا صديقى . فهى تخرج صباحا وتعود فى ساعة متأخرة من الليل . سبعة أيام فى الأسبوع لا يرى وجهها إلا نادرا متأخرا حيث تلتمس النوم هربا من التعب ، وكثير ما كنت أسمع نقاشا عن الميزانية تختمه الزوجة بكلام زى ده " امال انت راجل إزاى .. فين رجولتك . عايزها فقط فى السرير .. كَفِى بيتك الأول . روح شوف فلان . مغطى بيته من أوله لآخره والست مراته شايلة رطل دهب فى صدرها وإيديها "
- أنا مش فاهم يا ميكو .مش يمكن هذا الرجل كسلان مش بتاع شغل
- لا .أنا عرفت السر . وجدتها مرة تتكلم فى التليفون مع أمها وبتقول الفلوس دى اللى أنا ارسلتها . ضعى جزء فى دفتر التوفير وجزء سدديه من ثمن الأرض والمبانى . محدشضَمنْ الدنيا .. من بعده علي الأقل الواحد يلاقي ستر وغطا وأمان .
- دى أحوال وأهوال يا ميكو . صحيح ياميكو عمرك شفت زوجة ماتت قبل زوجها ؟
- ربما في حالات استثنائية... وقد حدث ما كنت أتوقعه
- وما الذى حدث يا ميكو ؟
- الراجل كان بيغيب ليالى عن البيت ، وأخذ يدخن السيجار ولم يكن يعرفه من قبل ، ويسهر فى القهاوي، وبعدين أحواله تَغيرت وهَزلت صحته ، وتبدلت أموره . لقد اكتشفت أنه يعرف إمرأة مطلقة اصطحبها معه مرة إلى البيت ، ولما رأت البيت قالت له : انت محتاج إلى إمرأة تقدرك وتهتم بحاجاتك وترعاك ، وأنت لقيتها
- إذا يا ميكو البيت دخله طرف ثالث
- نعم . لقد ترك الرجل البيت ورمى نفسه فى أحضان هذه المرأة
- وهل هذه الزوجة تعلمت حاجة ؟
- لا يا صديقى . لقد قالت : اللى أخذته أم الشعور الجميلة تبقى تأخذه القرعة القبيحة .
- حتى الأمثال تعلمتها يا ميكو
- منكم نتعلم يا صديقى ونشوف العجايب
- إن كل ما يُحزننى يا ميكو هم الأطفال
- لا تحزن يا صديقى . الآباء يأكلون الحصرم والأطفال يمضغون . لهم الله يا صديقى
- وكيف جئت إلى هنا يا ميكو ؟
- ذات مرة جاءت من العمل فى غير موعدها وكنت واقفاً على سور جيران صديقتى ، نتحدث في أحوالنا فَجَرت ورائى بالعصا قائلة .. امشى من البيت . ده اللى ناقص . تعمل علاقات غرامية ، وصدقت ما خَرجتْ من بيتها وتحسست وظللت أشم حتى جئت إليك .من فضلك . قل للحكومة سوف أكون أبكم وأخرس لا أتدخل فى أحوالها
- سوف أُسوى الأمر يا ميكو،وسوف يكون لنا حديث في ذلك. إذهب لتنام وغدا لنا حديث آخر .
*****








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع