الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شهد ودموع (قصة قصيرة) الحلقة الاخيرة

احمد عبدول

2018 / 5 / 21
الادب والفن


اجتمع ذوي شهد وسامر وهم يحيون حفلة الخطوبة وقد حضر كل من والد سامر ووالدته وكان هناك عم شهد واخيها علاء وزوجته وبعض زميلاتها ممن كن معها في كلية العلوم كما حضرت بشائر التي كانت ترقص على وقع احدى الاغاني الجزائرية التي تغنى في مناسبات الاعراس والخطوبة .كان سامر يقبض بشدة على يد شهد وكانه طفل صغير تعلق بثياب والدته خوفا من امر ما وعيناه مسمرتان بعيونها الملونة وكان يهمس باذنها بين الحين والاخر فتبتسم ابتسامتها البريئة التي كانت تزيدها جمالا على جمالها انقضت الحفلة وقد اصاب الحاضرون ما اصابوا من صنوف المأكول وضروب المشروب
.
استمرت خطوبة شهد من سامر حتى سنة التخرج الاخيرة فقد قضت شهد مع سامر سنتين كانت اجمل سنواتهما وامتعها وكيف لا وقد حلت روح احدهما في جسد الاخر .
كان سامر يشبه شهد في كثير من الخصال والمزايا فحبها للمطالعة وشغفها للمعرفة الذي ورثته من والدتها كان يتوفر بشخصيته اما ولعها بالسباحة والغطس فقد كان سامر في سباق معها داخل احواض السباحة التي كانا يرتادانها بين آونة واخرى كان سامر شابا عمليا جديا يترفع عن صغائر الامور سيمائه الحياء ودأبه السعي وشهد لا تقل في كل ذلك عنه .

ايقنت شهد بانها قد فارقت الاحزان فلم تعد تخاف غوائل الدهر ولم تعد تبالي صروف الزمن مع وجود سامر الذي ملىء عليها فؤادها وشغل تفكيرها وما هي الا اشهر وتصير معه تحت سقف واحد .
كانت صورته تتوسط شاشة جهازها النقال فكان اذا غاب عنها اخذت تطيل النظر الى صورته فيدب في نفسها السرور ويسرع الى قلبها الرضا .
اخذت شهد تحث سامر على ضرورة الاسراع بزواجهما لا سيما وانهما قد قضيا فترة ليست بالقليلة لكن سامر طلب منها ان تمهله حتى يسافر الى بلده العراق فقد اشتاق كثيرا لاهل مدينتة الكرادة تلك المدينة التي تتوسط العاصمة بغداد والتي كان يكثر ذكرها لشهد فكان يحدثها عن مأذنها وحسينياتها وكنائسها وساحاتها واسواقها وما تشهده خلال شهر رمضان من مظاهر والعاب شعبية كاللعبة المحبس التي علمها سامر لشهد قبيل سفره باسابيع قليلة .

طلبت شهد منه ان يصطحبها لبغداد فقد اشتاقت كثيرا للسفر لتلك العاصمة التي لم ترها لكنها سمعت عنها كثيرا في قصص الف ليلة وليلة لكن سامر وعدها ان يصطحبها معه في المرة الثانية وقد تزوجا ثم راح يذكرها بانها صائمة وان المناخ في العراق حار جدا حيث تصل درجات الحرارة الى اكثر من (60 ) درجة مئوية وانها لا تحتمل مثل ذلك المناخ القاسي الذي ابتلي به العراقيون منذ زمن بعيد . عادت شهد للبيت وهي حزينة اشد الحزن لممانعة سامر من اصطحابها معه الى بغداد تناولت قدحا من عصير الليمون ثم قصدت الفراش ما ان استسلمت للنوم حتى آتاها أبواها بذات الهيئة التي كانا عليها قبيل وفاتهما فكأن الارض لم تقطع اوصالهم وكأن الموت لم يغير محاسنهم ابصرت شهد من خلفهم دخان ابيض كثيف استبشرت شهد برؤية ابويها اللذين فارقتهم منذ سنوات ركضت باتجاهم وهي تناديهم بأعلى صوتها لكنهم كانوا يبتعدون عنها كلما اقتربت اكثر انكرت شهد صنيعهما واخذت تبكي بحرقة عند ذاك اشاروا اليها بانهم انما جاءوا ليروها وياخذوا معهم ذلك الدب الاحمر الذي تضعه بالقرب ن سريرها فتحضنه تاره وتلاطفه تارة اخرى فما كان منها الا ان ناولتهم دبها التي كانت لا تستغني عنه وهي تنظر اليهم باستغراب فكيف لا يأخذونها معهم ويكتفون بذلك الدب
.تلاشى ابويها فجاة من امامها وقد تحول الدخان الكثيف الابيض الى اللون الاسود القاتم انتبهت شهد من نومها وهي تصيح أبواه أبواه لم يكن احد بجنبها التفتت يمينا وشمالا وما ان ايقنت انه كان حلما حتى انفجرت باكية وقد وضعت راسها بين ركبتيها .
سارعت شهد بالاتصال بزوجة اخيها علاء وراحت تقص عليها رؤياها ومخاوفها من تلك الرؤيا لكن زوجة اخيها راحت تهون عليها تخفف عنها ثم وعدتها بانها سوف تكون عندها صباحا للاطمئنان عليها ثم اوصتها بأن تطرد تلك الهواجس من مخيلتها .
حضرت زوجة علاء عند شهد وهي تسترجع معها حديث الامس فأكدت لها بان ما رأته بالامس لا يعدو ان يكون اضغاث احلام ثم سالتها عن موعد مجيء سامر من العراق فأخبرتها شهد بانه سوف يأتي قبيل عيد الفطر وانه من المفترض ان يكون قد وصل للجزائر لولا الحاح بعض اصدقائه الذي تسبب في تأخير موعد قدومه ..
كان سامر ينتقل بين بيوتات اصدقائه في مدينته الكراده وقد طاروا به واستبشروا بقدومه اما شهد فكانت تتصل بين اونة واخرى فيقص عليها كل صغيرة وكبيرة وشاردة وواردة .
بعد مرور خمسة ايام على وجود سامر في بغداد اتصلت شهد به وهي تكلمه صورة وصوت عبر نقالها لتسأله عن تأخره فأكد لها بانه كان ينوي الرجوع الا ان اصدقائه اصروا ان يبقى معهم ليوم او يومين لكي يشاركهم لعبة المحبس التي ستجمع شباب الكرادة بشباب مدينة اخرى من مدن بغداد كان سامر قد حدثها عن تلك اللعبة الشعبية التي يشتهر بها العراقيون خلال ليالي شهر رمضان من كل عام ثم اكد لها بانه سوف يتصل بها بعد ان ينتهي من جولة في الكرادة ومن ثم يذهب للعبة المحبس ثم يعاود الاتصال بها مرة اخرى .
مرت اكثر من ساعتين بعد الافطار وسامر لم يتصل بشهد سارعت شهد وراحت تتصل به مرارا ا دون ان يرد عليها كان الخط مغلقا اما شبكة النت فقد كانت تتقطع على الدوام سارعت للاتصال بأحد اصدقائه المقربين الذي اوصاها سامر مسبقا ان تتصل به في حال عدم حصوله هاتفيا لكن جهاز صاحبه كان مغلقا هو الاخر بعد قليل اتصل رامي ابن عمها فتحت شهد الخط بادرها قائلا هل علمتي بان انفجارا كبيرا هز العاصمة بغداد بعد الافطار تجمدت الدماء في عروقها وراحت تسأله في اي مكان حصل الانفجار قال لها في مدينة الكرادة .
بعد عيد الفطر مباشرة كان اسم سامر يتوسط اسماء الشهداء على واجهة مبنى مجمع الليث الذي تفحمت جثث المئات من شباب الكرادة داخله على اثر تفجير ارهابي جبان يريد ان يعيد البلاد والعباد الى دولة السيف والنطع والذل والعبودية والكراهية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل


.. ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ




.. عدت سنة على رحيله.. -مصطفى درويش- الفنان ابن البلد الجدع


.. فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي




.. الأسطى عزيز عجينة المخرج العبقري????