الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا تفشل الامم اصول السلطة والازدهار والفقر 8 تاليف دارن اسيموجلو – جيمس أ روبنسون ترجمة بدران حامد – مراجعة فاطمة مصطفى

خالد محمد جوشن
محامى= سياسى = كاتب

(Khalid Goshan)

2018 / 5 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


لفصل الحادى عشر
الحلقة الحميدة
فى بريطانيا بدأت فكرة سيادة القانون على الجميع حتى على الطبقة الحاكمة التى لم تكن تتصور ان تخضع لسيادة القانون ولكنها رأت ان عدم احترام قواعد اللعبة التى وضعتها سيجعل اللعبة تنهار ويخسر الجميع وينهار النظام

وتنشا الحلقة الحميدة لان المؤسسات السياسية الشاملة تميل الى دعم المؤسسات الاقتصادية الشاملة وهذا بدوره يؤدى الى توزيع للدخل وتحقيق تكافؤ للفرص السياسية بما يحد من القدرة على اغتصاب السلطة السياسية

بالطبع لقد فكرت النخب السياسية البريطانية فى استخدام القمع لتجنب المزيد من انفتاح النظام السياسى ولكنها خشيت من السقوط فى الهاوية

كانت مسيرة الديمقراطية بطيئة فى بريطانيا حيث لم يكن حق التصويت يطال كل الرجال البالغين ولا ايا من النساء ، ولكنها كانت مسألة وقت حيث حصل الجميع على حق المشاركة فى العملية السياسية خلال السنوات التى سيقت 1831

شهدت العقود الثلاثة الاولى من القرن التاسع عشر زيادة الاضطرابات الاجتماعية فى بريطانيا ، مثل اعمال شغب العمال محطمى الالات ، واعمال شغب حقول سبا ، ثم مذبحة بترلو وتدريجيا بدا يتشكل اجماع بين النخب على ان السبيل الوحيد لنزع فتيل الاضطرابات الاجتماعية واخماد الثورة القادمة هو تلبية مطالب الجماهير والتعهد بالاصلاح البرلمانى
صرح ايرل جراى فى خطابه الشهير امام البرلمان البريطانى فى معرض تاييده للاصلاح السياسى قائلا :-
لايوجد من هو اكثر منى رفضا للبرلمانات السنوية والاقتراع العام والتصويت ، ان هدفى ليس تشجيع هذه الامال والمشاريع ولكن وضع حد لها ---- ان مبدأى فى الاصلاح هو منع ما يستلزم قيام الثورة ---- هدفى هو الاصلاح للحفاظ على الوضع القائم وليس الاطاحة به

فى السياق كتب المحلل الانجليزى ادموند بيرك فى عام 1790 قائلا ينبغى ان يتوخى الحذر اللانهائى اى رجل يغامر بهدم صرح قد لبى بدرجة مقبولة الاغراض العامة للمجتمع على مدى العصور ، او ان يقوم ببناء صرح اخر من جديد دون وجود نمازج وانماط جاهزة ذات فائدة تحظى بالقبول امام عينيه

( من عندى --- ترى لو كان السياسين المصريين او لنقل الحق لو كان النظام الحاكم فى مصر قبل ثورة يناير 2011 قد ادرك حقيقة الحاجة الى اصلاح حقيقى يتعدى الشكل الى المضمون كانت مصر قد دفعت هذا الثمن المأسوى فى ثورة اطاحت بالقديم دون وجود بناء متماسك يحل محله )

فض الاتحادات الاحتكارية
شهدت نهاية الحرب الاهلية الامريكية بدأ طفرة من النمو الاقتصادى السريع فى الشمال الامريكى ، ونجح عدد غير قليل من الناس فى تكوين ثروات هائلة وتجردوا من الضمير الاخلاقى لذلك اطلق عليهم البارونات اللصوص

بسبب ممارساتهم الاحتكارية صعبة المراس التى كانت ترمى الى تعزيز الاحتكار ومنع اى منافس محتمل من الدخول الى السوق او القيام بمشروعات على قدم المساواة

وكان كورفيلوس فاندر بيلت احد اغنى هؤلاء البارونات اللصوص صاحب المقولة الشهيرة – لماذا اهتم بالقانون اليس لدى السلطة ؟
ايضا جون روكفلر الذى سبطر على 88% من تدفقات النفط فى الولايات المتحدة عبر شركة ستاندر اويل واصبح اول ملياردير فى العالم سنة 1961
وكذلك جون مورجان مؤسس التكتل المصرفى المعروف باسمه وايستمان كوداك وغيرهم

ولكن النظام السياسى التعددى فى الولايات المتحدة منح الفرصة لشريحة واسعة من المجتمع للوقوف ضد تجاوزات هؤلاء وشكلوا ما يعرف بالحركة الشعبية

وبدأ ينموا دورا متزايدا للدولة فى تنظيم الاحتكار مثل قانون شيرمان عام 1890 لمكافحة التكتلات الاحتكارية والذى ما زال حتى تاريخه يمثل جزا كبيرا من النظام الامريكى لمكافحة الاحتكار

وتم رفع دعاوى قانونية كبرى ضد الاتحادات الاحتكارية بعد انتخاب رؤساء امريكيين تعهدوا بالاصلاح والحد من سلطة البارونات اللصوص مثل الرؤساء تيودر روزفلت – وليام تافت – ودرو ويلسون

قال روزفلت ان من مصلحة الشعب الامريكى كله ان تاخذ الامة على عاتقها سلطة الرقابة والاشراف والتنظيم على جميع الشركات التى تقوم بالاعمال التجارية فيما بين الولايات

على ان يتم ذلك دون التدخل فى سلطة الولايات ووصلت هذه الجهود الى ذروتها عند تفكيك شركة ستاندر اويل عام 1911 فى اطار اصلاحات هامة اخرى مثل فرض ضريبة الدخل الاتحادية

اشار ودور ويلسون فى عام 1912 الى انه اذا استمر الاحتكار فانه سوف يجثم على صدر الحكومة ، ولايمكن ان يكبح الاحتكار نفسه اذا كان هناك رجال فى هذا البلد لديهم القدرة على امتلاك حكومة الولايات المتحدة فسوف يمتلكونها
( من عندى ربما يذكرنا ذلك بفتح الباب على مصراعية امام الاحتكار فى مصر ايام مبارك وحكومات رجال الاعمال التى كانت تتعامل مع الامة باعتبارها شركة خاصة وعند محاولة كبح احتكارتهه وضعوا قوانين هزيلة لا تكبح جماحهم وليته كان احتكار صناعى ولكنه فى اغلبه احتكار ريعى لاقيمة له وسهل تفكيكه والفرار بامواله)

نعود الى الولايات المتحدة والتى استطاع القانون فيها من خلال المعلومات التى وفرها له الاعلام الحر كبح جماح الاحتكارات ومعرفة المدى الحقيقى لسلطة البارونات اللصوص

مشروع اصلاح القضاء
ذلك ان الرئيس الامريكى روزفلت لاحظ ان الكونجرس والسلطة التنفيذية وخلال ولايته الثانية تسايرانه فى اصلاحاته التى نجحت فى خروج الويات المتحدة من ازمتها الاقتصادية خلال الكساد العظيم

وان احد هذه القوانين الهامة التى نجح فى تمريرها قد تم من خلال خمس قضاة ضد اربعة المحكمة العليا الاتحادية
وهو ما أصابه بالرعب فشرع فى حملة اصلاح قضائى بهدف الاطاحة بكل القضاة الذين وصلوا الى السبعين وتعيين قضاة اخريين

ولكن فهم رجال الكونجرس ومجلس الشيوخ الرسالة واحبطوا مخطط الرئيس لانه اذا نجح الرئيس فى تقويض استقلال القضاء فهذا من شانه ان يقوض توازن القوى فى النظام الذى يحميهم من الرئيس والذى يضمن استمرارية المؤسسات التعددية

وما المانع بعد ان يقوض الرئيس استقلال القضاة ان يصدر مرسوما رئاسى يقوض التعددية والنظام السياسى هذا الخوف من من الانزلاق نحو المجهول حمى الولايات المتحدة

على العكس فى الارجنتين مثلا نجح كارولوس منعم بنفس الحجة التى استخدمها روزفلت فى الاطاحة بالمحكمة العليا ، وكانت خطوته التالية اعادة كتابة الدستور لازالة الفقرة التى تحدد عدد مرات الترشح للرئاسة حتى يترشح مرة اخرى

وهكذا على عكس الويات المتحدة عانت الارجنتين منذ استقلالها من معظم المشاكل التى اصابت امريكا اللاتينية

تعمل الحلقة الحميدة من خلال عدة اليات منها منطق المؤسسات السياسية التعددية الذى يجعل اغتصاب السلطة اصعب كثيرا من قبل دكتاتور او فصيل فى الحكومة او حتى رئيس حسن النية مثل روزفلت عندما حاول ازحة الرقابة والضوابط التى تفرضها المحكمة العليا على سلطته

ايضا يفتح مبدأ سيادة القانون الباب امام المشاركة فى العملية السياسية ويؤكد ان الناس يجب ان يكونوا على قدم المساواة امام القانون وفى النظام السياسى

ايضا المؤسسات السياسية الشاملة تتلقى الدعم من المؤسسات الاقتصادية الشاملة بما يزيل اللعلاقات الاقتصادية الاستحوازية ويقلل من اهمية الاحتكار

واخيرا تسمح المؤسسات السياسية الشاملة ازدهار وسائل الاعلام الحر الذى يقدم المعلومات حو ل التهديدات ويخلق الظروف التى تساعد فى مقاومة التحديات كما فعل فى بريطانيا والولايات المتحدة
والى مقال قادم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إدارة بايدن وملف حجب تطبيق -تيك توك-.. تناقضات وتضارب في الق


.. إدارة جامعة كولومبيا الأمريكية تهمل الطلاب المعتصمين فيها قب




.. حماس.. تناقض في خطاب الجناحين السياسي والعسكري ينعكس سلبا عل


.. حزب الله.. إسرائيل لم تقض على نصف قادتنا




.. وفد أمريكي يجري مباحثات في نيامي بشأن سحب القوات الأمريكية م