الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول استقالة نخبة من قيادات الحزب الشيوعي العمالي العراقي - كان اختيارٌ صعب، ولكن لا بد منه !

عبدالله صالح
(Abdullah Salih)

2018 / 5 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


تأسيس الحزب الشيوعي العمالي العراقي جاء في ظروف سياسية كانت شبه مواتية لظهور حزب ماركسي يناضل من أجل قضية تحرير الطبقة العاملة على صعيد العراق. حُدد الهدف بتوحيد صف اليسار وإنقاذه من الشرذمة في تلك الظروف خصوصا وان العديد من تياراته كانت تتبنى وتؤمن بمبادئ الشيوعية العمالية كخط عام، تلك المبادئ الي صاغها الرفيق الراحل منصور حكمت. وفقا لهذا الأساس بادر الراحل المذكور بتأسيس الحزب وتمت العملية يوم 21 / 9 /1993. البداية لم تكن صحيحة ولم تكن موفقة وكانت أشبه بتجميع ولصق ميكانيكي لهذه التنظيمات التي كانت تحمل أساليب وتوجهات سياسية مختلفة، بغض النظر عن التوافق على الخط العام، الأمر لم يكن بهذه السهولة وأن المسألة كانت أشبه بولادة قيصرية وليست طبيعية لحزب ماركسي يناضل من أجل قضية بحجم قضية تحرير الطبقة العاملة وبناء الاشتراكية. هذه البداية غير الموفقة لازمت الحزب وما تزال.
المؤتمر الأول للحزب المنعقد في شباط عام1998 أُنيطت الكلمة الافتتاحية فيه بالرفيق رحمان حسين زاده القيادي في الحزب الشيوعي العمالي الإيراني تلافيا لحدوث خلافات ومشاكل بين أقطاب التيارات التي شكلت نواة الحزب ! ( ريبوار أحمد- السباحة عكس التيار- صدر بجزئين عام 2017 باللغة الكوردية الجزء الثاني صفحة248 ) وهو ما يوضح عمق الخلاف ومنذ نشأة الحزب !

المتابع للأحداث التي واكبت عمر الحزب منذ تأسيسه ولحد الآن يدرك بأن إنجازه لمهامه التي وجد من أجلها لم يصل الى المستوى المطلوب فحسب، بل وأقل من كل التوقعات والآمال التي بُنيت عليه، لا على الصعيد الداخلي للحزب ولا على صعيد المجتمع وهذا ما يعترف به الجميع دون استثناء.
ترديد عبارة " جعل الحزب حزبا اجتماعيا " واردة ولا زالت ترد في معظم بيانات وقرارات الحزب كدليل على عدم انجاز المهمة لحد الآن وهذا العجز هو الواقع! الفشل في إنجاز المهمة ينعكس بصورة جلية في مؤتمراته الخمسة المنعقدة حتى الآن والاجتماعات الموسعة للجنة المركزية الثلاثة والثلاثون!

محاولة تحري أسباب هذا العجز وهذا الفشل تحمل تفسيرات وتحليلات مختلفة، أما السبب الظاهر للعيان ومنذ اليوم الأول وحتى يومنا هذا هو الصراعات والخلافات وبالتالي التكتلات داخل قيادته وبقاء نفس الوجوه تقريبا في سدة القيادة منذ اليوم الأول ولحد الآن !! مما يولد شعورا بأن الحزب مشروع سياسي منغلق على نفسه! يقول منصور حكمت في رسالة الى ريبوار أحمد بعنوان (الحزب الشيوعي العمالي العراقي وضرورة قيادة المجتمع والمؤرخة في كانون الأول 1999 ) : "ان مفتاح هذه القضية هو ان نتمكن من صياغة قيادة تسير على الخط الصحيح، منسجمة في رؤيتها ومزودة باستراتيجية واضحة وتظهر بطاقة عالية بوصفها تنشد السلطة في وسط ميدان السياسة". وهو ما لم يحدث.
إن ما أخر هذه الأوضاع التي يمر بها الحزب الآن والمتمثلة باستقالة نخبة من قياداته هو ايمان هذه النخبة بأن التغيير يجب أن يكون من داخل الحزب وليس من خارجه واصرارهم الدائم على ذلك حرصا منهم على وحدة الحزب وانجاح مهامه إلا ان ذلك لم يحدث مع شديد الأسف .

الرفيق ريبوار أحمد، وفي كتابه ( السباحة عكس التيار ) يؤكد ما قلناه بكل وضوح حول الصراعات والتكتلات داخل الحزب رغم بعض محاولاته للتهرب من مسؤولية ما حدث ويحدث داخل الحزب وتحميل الآخرين تبعات ذلك وبالنتيجة محاولة تبرئة من هم يسيرون على خطاه داخل القيادة وفي القواعد وهم ليسوا بقلة .

إذا اردنا أن نمر بسرعة على بعض محطات الخلاف، لا بالأحرى الصراعات التي برزت داخل القيادة للإشارة الى أسس هذه الصراعات ربما تفيد القارء لسببين :
1 / تفنيد الرأي القائل بأن استقالة بعض من قادة الحزب مؤخرا لم يكن له سبب سوى موقف أكثرية أعضاء اللجنة المركزية من الرفيق فلاح علوان ومحاولة إبعاده من الحزب وممناعة الرفاق المستقيلين .
2 / توضيح الطريق المسدود والافق المغلق أمام هذا الحزب سابقا ولاحقا في ضل القيادة الحالية وأجندتها ومحاولة التيار المتنفذ داخل الحزب لتبرير تلك الأزمة بوجود " المحفلية " وذلك للتهرب من واقع ملموس.

- منذ بدايات تأسيس الحزب وقبل انعقاد المؤتمر الأول ،ظهرت داخله ( كتلة – الفراكسيون ) التي كانت تعارض أسلوب قيادة الحزب والذي كان الرفيق ريبوار أحمد يتولى مهمة تلك القيادة آنذاك ، رافقتها خلافات جذرية حول شرعية الفراكسيون من عدمه داخل القيادة بين مؤيد ومعارض ولكن تدخل الراحل حكمت ووقوفه ضد تشكيل كتلة مُعارضة داخل الحزب حال دون نجاح الفراكسيون وأدى بغالبية الرفاق المطالبين بإيجاد هذه الكتلة الى ترك الحزب !
- عام 2000 وفي الوقت الذي كانت منظمة بريطانيا للحزب تنمو ويزداد عدد أعضاءها باضطراد بحيث شكلت منظمات أخرى للحزب خارج نطاق مدينة لندن وتجاوز عدد أعضاءها المئة واصبح لها دور فعال في إيصال صوت الحزب والتعريف به في وسائل الاعلام العربية والأجنبية ولعبت دورا مهما في فضح ممارسات الاتحاد الوطني الكوردستاني خصوصا بغد اغتيال الرفاق الخمسة ، إلاأنها قوبلت بالنقد من قبل مسؤول تنظيم الخارج آنذاك بحجة عدم العودة في تشكيل منظمات بقية المدن الى تنظيم الخارج ونشبت أزمة استخدم فيها مسؤول التنظيم الإنذار بالطرد لكل من يعتبره مخالفا للضوابط الحزبية ناهيك عن ماهية هذه المخالفات واصبح توجيه الإنذار لكل " مخالف " نمطا سلوكيا داخل الحزب وهو مستمر الى الآن.
- المحطة الأخرى هي ( منظمة حرية العراق ) التي تأسست عام 2005 وتولى الرفيق سمير عادل المسؤولية الأولى فيها وذلك بطرح من الرفيق كورش مدرسي الذي لعب دور الراحل منصور حكمت في المشاركة في رسم سياسات الحزب المصيرية. هذا الطرح قوبل بانتقاد من قبل بعض من قادة الحزب وفي مقدمتهم الرفيق مؤيد أحمد ، إلا أن الطرح تم تمريره داخل القيادة وعلى أساس الأقلية والأكثرية ، على ما أعتقد، وصُرفت جهود وإمكانات مادية وبشرية لانجاح هذا المشروع الذي ولد ولم ينجح ورحل بصمت بعد ضجة وهالة كبيرة رافقته . من المفيد هنا أن أشير الى طرح بعنوان - تحديات وآفاق- قُدم من قبل كورش مدرسي و رحمان حسين زاده في آب 1996 ليوضع أمام قيادة الحزب يَذكُرانِ في مقدمته العبارة التالة : لم يكن تقليدنا يوما أن تُطرحَ المسائل النظرية للتصويت!

- اتحاد المجالس والنقابات العمالية كاحدى أهم المنظمات العمالية وشخص مسؤوله الأول الرفيق فلاح علوان الذي وقع تحت مطرقة ذلك الجمع من القيادة التي لا ترغب بوجود لا الاتحاد ولا شخص الرفيق فلاح علوان داخل الحزب كون الأخير له وجهات نظرمختلفة وانتقادات لاسلوب إدارة الحزب من قبل التيار المتنفذ وجرت محاولات لخلق البديل لهذه المنظمة العمالية أو احتواءها داخل منظمات أخرى إلا ان إصرار الرفيق فلاح وجمع آخر في القيادة حال دون ذلك والمحاولات باءت بالفشل وعلى أثرها ظهرت خلافات حتى شخصية وصلت بالبعض الى اطلاق عبارات وكلمات لا تليق بقادة لحزب شيوعي عمالي نذكر على سبيل المثال : عبارة ( " فتاح فال " و " مخادع " و " مبعث للسخرية " و " الابتذال والانحطاط في الطرح " و " كي يظهر بطلا ماركسيا فقيرا من ورق" ! كل تلك العبارات أطلقها سمير عادل بحق فلاح علوان دفاعا عن ريبوار أحمد الذي انتقده فلاح لموقفه من استفتاء كوردستان ! (الحوار المتمدن – هلوسة سياسية بديباجة كاريكاتورية ماركسية يوم 12 / 9 / 2017 سمير عادل ).أما فارس محمود فيخاطب فلاح علوان قائلا : " ابواب العالم مفتوحة أمامك "أي كما يقول المثل الشعبي " الباب يوسع جمل " ما معناه أخرج من الحزب ( خطوتان الى الوراء فحسب – الحوار المتمدن 12 / 2 / 2018 ).أي ناظر خارجي يقرأ هذه العبارات ماذا يتصور ؟ حزب هؤلاء هم قادته ؟! ويريدون بناء الاشتراكية !!


- الخلاف حول مفهوم الثورة عام 2011 ، ووحدة اليسار.

- الاستفتاء على استقلال كوردستان ، ذلك المشروع الفاشل الذي ظهرت نتائجه المأساوية على جماهير كوردستان التي دفعت ولاتزال ثمن هذه السياسة ، مشروع تولت صياغته وقيادته الأحزاب البورجوازية القومية الكوردية وفي المقدمة الحزب الدمقراطي الكوردستاني بقيادة مسعود البرزاني !! هذا المشروع الذي سار خلفه الحزب الشيوعي العمالي الكوردستاني بقوة ومازال يؤكد علي صواب نهجه !! وتم تبنيه من قبل قيادة حشعع ، ولو بصيغة مختلفة نوعا ما وظهر ذلك من خلال بيان لحشعع بشكل ضبابي قابل لتفسيرات عدة حسب ما ورد في البيان الصادر من الحزب بهذا الصدد . أَوجدَ هذا المشروع خلافات داخل القيادة ظهرت من خلال مقالات للمعارضين للمشروع والداعمين له ، على سبيل المثال الجدال الذي جرى بين الرفيقين سامان كريم من حشعع و خسرو ساية من حشعك الأول معارض والثاني مؤيد.

هذه جملة من محطات الخلاف والصراع داخل أروقة الحزب وبالتحديد داخل قيادته التي لم تكن منسجمة على طول الخط . ومن هنا يحق لنا أن نسأل هل البلنوم الأخير كان الجميع فيه ( سمن على عسل ) كما يدعي البعض ، وما عَكَر صفو الجو هو إصرارهذا البعض على طرد الرفيق فلاح علوان واقتراح البعض الآخر بانذاره وتوبيخه؟ !! أم إن المسألة أعمق وأشمل ولها أسس منهجية طفت على السطح بصيغة مسألة عضوية الرفيق فلاح علوان والتي لم تكن سوى القطرة التي أفاضت الكأس ؟!!
إن مسيرة الحزب تشبه من وجهة نظرى اطلاق السفينة الفضائية الامريكية تشالنجر التي تحطمت بعد إقلاعها وبدت الشظايا تتطاير منها الى أن أختفت !!

24 / 5 / 2018










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصين تحذّر واشنطن من تزايد وتراكم العوامل السلبية في العلاق


.. شيعة البحرين.. أغلبية في العدد وأقلية في الحقوق؟




.. طلبنا الحوار فأرسلوا لنا الشرطة.. طالب جامعي داعم للقضية الف


.. غزة: تحركات الجامعات الأميركية تحدٍ انتخابي لبايدن وتذكير بح




.. مفاوضات التهدئة.. وفد مصري في تل أبيب وحديث عن مرونة إسرائيل