الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كَيّاتْ و حِواراتْ و شُرْطَة في تقاطع الطُعْمَة الشهير

عماد عبد اللطيف سالم

2018 / 5 / 24
كتابات ساخرة


كَيّاتْ و حِواراتْ و شُرْطَة في تقاطع الطُعْمَة الشهير



يُقالُ أنّ الحكومة العراقيّة كانت قد استعانَتْ بخبراء على مستوى عالٍ ، متخصّصين في تنظيم المرور ، من الولايات المتّحدة الأمريكية وبريطانيا العظمى والمانيا واليابان ، بهدف إيجادِ حَلٍّ لمشكلة الازدحام ، المُتَفاقِمِ صباح كُلَّ يوم ، عند تقاطع حيّ "الطُعْمَة" الشهير ، مع شارع "المصافي" الكبير ، في مدينة "الدورة" العظيمة.
و يُقالُ أنّ جهود جميع هؤلاء الخبراء ، قد باءت بالفشل.
سببُ الفشل هو تكدّس سيّارات "الكيّا" المُقدّسة في الشارع العام ، عند مدخَل "الطُعْمَة" الشهير ، بهدف اقتناص الركّاب ، مهما كان الثمن ، ومهما كانت التضحيات ، ومهما كانت العواقب وخيمة.
اليومَ صباحاً .. تَمَتْرَسَ سائق "كيّا" (كان يبدو من سحنته المُكْفَهِرّة أنّهُ يُساعِدْ على الاشْتِعال ، ولا يَشْتَعِلْ) في منتصف الشارع العام الضيّق (عند مدخَل "الطُعْمَة" الشهير)، ليستحوذَ بذلك على نصف الشارع ، تاركاً لسيّارات عباد الله الصالحين ، وغير الصالحين ، نصفه الآخر.
سبب "التَمَتْرُس" ، أو "التَخنْدُقْ الكَيّوي" الغادِر ، هو وجود امرأة على بعد 500 متر من "الكيّا" ، داخل حيّ الطُعمة الشهير ، كانت تُلَوِّحُ بيديها الكريمتين ، كإشارةٍ ربّانيّة على رزقٍ قادمٍ مقدارهُ 500 دينار لا غير.
أحد الركاب ، وكانت تبدو عليه الوجاهة كأنّهُ "استاذ جامعي" حديث التوظيف ، قال للسائق: لقد تأخَرْنا كثيراً منذُ ركَبْنا "كَيّتَك" ، وانذَبَحْنا من الحرّ ، لذا أرجوك أن تترك هذه المرأة ، وتمشي، وسأدفعُ لك اجرتي مُضاعفة .
التفتَ اليهِ السائقُ كالأسِدِ الجريحِ ، و زَمجَرَ في وجههِ قائلاً : شوف استاذ . آني ما أكَدّي الكَرْوة من حضرتك. وهذا باب رزق من ربّ العالمين لا تسُدَّهُ عَلَيّ ، وأكرمنا بسكوتك بلا زحمة عليك.
في هذه اللحظة المفصليّة من الحوار "الكَيّوي" المُتأزِّم ، جاء شرطي مرور يمتطي درّاجة ضخمة وانيقة ، وطلبَ من السائق التحرّكَ على الفور ، وإلاّ .. فَلا . فرَمَقَهُ السائقُ بنظرة خارقة حارقة ، كرصاص الكلاشينكوف الروسيّ الأصل ، جعلَتْ شُرطيّ المرور الباسل يُوَلّي الأدبار على الفور.
المُهِمّ .. وصلتْ المرأة المنشودة . كانت ضخمة وطاعنة في السنّ ، ترتدي اربع "جُبَبْ" ، وست ربطات رأس ، و "عباية" ، وتزِنْ 250 كيلوغرام على الأقلّ.
أخيراً تحرّكَتْ "الكَيّا" بعد تأخُّرٍ عن الاقلاع دام رُبْعَ ساعة.
التَفَتَ السائق الى المرأة ، وصاح: الكروة حِجِّيَة .
أجابتْ المرأة: والله ولَيدي ما عندي كَرْوَة . آني مريضة ، وزوجي مفقود ، وابني شهيد ، وبنتي أرملة،عمرها 20 سنة ، وعِدْها 10 جَهّالْ ، وحفيدي نايم بالانعاش،ورايحة اشوفه!!.
هنا تحَوَّلَ السائق بنظرته القاتلة الى "الأستاذ" ، و مِنْ بين أنيابهِ الحادّة قال له : إنتَه مو كَلِتْ آني أدفَعْ كَرْوَة الحجيّه ؟
عاطَ الأستاذ في وجه السائق قائلاً: إي كَلِتْ . بس قبل نُصْ ساعة. وهسّه ما ادفع كَرْوَة هاي المَرَه ، لو يجي الله .
أنا شخصيّاً كنتُ قد وصلتُ الى كليّة الفارابي الجامعة ، مقابل مدخل "أبو طيّارة" الشهير .
وقبل أنْ تقع واقعة عصيبة اخرى ، هتفتُ بأعلى صوتي : نازِلْ .. نازِلْ .
مَدّتْ "الحِجِيّة" يديها الجبّارتين ، لتسمحَ لجسدي المُكتَنِزْ بالمرور ، وفتحَتْ باب "الكيّا" بسلاسةٍ يُحْسَدُ عليها لاعبو الجمباز المُحترِفون .
وعندما اصبحتُ في الشارع ، اكتشفتُ أنّ نصف سترتي المخمليّة ، من "قاطي" التركي الباذخ ، المعروف جيّداً لدى جميع موظََّفي واساتذة وطلاّب و طالبات الكُليّة ، كان قد استَقَرَّ في حضن "الحجيّة" المُبارَك .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أقرب أصدقاء صلاح السعدني.. شجرة خوخ تطرح على قبر الفنان أبو


.. حورية فرغلي: اخترت تقديم -رابونزل بالمصري- عشان ما تعملتش قب




.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث