الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا أحد جنى من الشوك عنباً قط .

يوسف حمك

2018 / 5 / 27
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


و كأن حسد العين أصاب سوريا و السوريين . الناس فيها تباغضوا و تفرقوا ، فطارت ريحهم .
منهم من راق لهم الجلوس على كرسيِّ العرش ، فتباهوا ... و استبدوا .... و بغوا .....
و منهم من أخذ بهم الطمع بعيداً ، فسالت لعابهم ، و طالبوهم بالتنحي ، لكسر شوكة شهوة السلطة بأعماقهم .
و غيرهم من أراد جر البلاد إلى زمن الكهوف الغابر ، و عيش العباد في عصور الظلام ، بعد غسل الأدمغة ، و قطع الأعناق .
فطريق الجنة محفوفٌ بالوعورة ، لكنه بدحرجة الرؤوس سالكٌ ، يسوده الأمان ، و الدخول إليها مضمونٌ .

لذا فقص الرقبة بات أسهل من قص الورق ، و أهم من قص الشعر و أولى .
ثقافة الموت صنعتهم ، ثقافةٌ معبأةٌ بأفكارٍ معدةٍ للقتل ، مهيأةٌ لغسل العقول و تفجير الأجساد .
عقيدةٌ لا تثمر إلا قتلاً . و هل من الصواب الرهان على عقلٍ لا يدعو إلا للموت ، و صاحبه لا يفرح إلا للقتل ، و لا يهلل إلا بقص الرقبة و باسم الله ؟!
هو عقلٌ نعم ، لكنه نموذجٌ مشوهٌ سوداويٌّ مضللٌ يعشق الظلام ، و يكره النور و الأمل و الجمال .
و آخرون غُرروا بوعود الغزاة الكاذبة المضللة فتورطوا ، و انغمسوا في وحل حربٍ مجنونةٍ لا أحد يعرف خاتمتها سوى من أشعل فتيلها .
و غيرهم يقتلون كي يعيش الجبابرة ، و يتفاخر الطغاة بسلطتهم و غطرستهم .
الكل يقتل بعضهم . الغرائز نشطةٌ ، و شهوة القتل يقظةٌ لا يمكن ردع ضجيج جعجعتها . فالعقل معطوبٌ ، و من أداء دوره محظورٌ .
سبعة أعوامٍ من الموت قليلٌ عليهم .
آلاف القتلى داخل الوطن عددٌ ضئيلٌ لا يسد رمقهم .
أنهارٌ من الدماء تسيل في الشوارع لا تُطفئ عطشهم ، ليحولوا بلاد الغرباء إلى ساحات احترابهم ، و فضاءًواسعاً تفوح منه رائحة الموت و الدم .

مهما كانت الأسباب قويةً ، و الخلاف عميقاً ما كان يجب أن يصل إلى حد القتل الجماعيِّ .
فالحلول تتعثر حينما تُلطخ بالدماء ، و يزداد الأمر تعقيداً .
النتيجة واحدةٌ سواء أكانت الدوافع دينيةً ، أو البواعث عرقيةً ، أم المسوغات انتقاماً ؟!
مؤلمٌ جداً أن تهرب من الموت إلى الموت ..... مقهورون مستضعفون ضاق بهم الوطن ، و الموت حاصرهم من كل الجهات ...... لم يكن لهم سبيلٌ للنجاة ... أو العيش غير الهروب إلى بلدٍ آخر .
حزموا حقائبهم ، لكنهم لم ينسوا أن يملؤوها بالأحقاد و الضغائن ، ليزرعوها في مكان تجمعهم الجديد .
فكان النمو سريعاً ، و الثمار أينعت بعجالةٍ ، ليكون الموت أسرع و أشد وقعاً على النفس .

للغربة معاناةٌ أقسى من الصخر ، و آلامٌ أثقل من حمل الجبال .
إلا أن ارتكاب المجازر الجماعية فيها أشد وطأةً ، و اغتيال الآرواح أكثر وجعاً .
يا لهول السوريين ، و يا لحظهم العاثر .
الظروف أعمت بصيرتهم ، فبأنفسهم و بأيديهم - قبل الغزاة و المستعمرين - يصنعون تعاستهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون يعلن البدء ببناء ميناء مؤقت في غزة لإستقبال المساع


.. أم تعثر على جثة نجلها في مقبرة جماعية بمجمع ناصر | إذاعة بي




.. جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ


.. ما تأثير حراك طلاب الجامعات الأمريكية المناهض لحرب غزة؟ | بي




.. ريادة الأعمال مغامرة محسوبة | #جلستنا