الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الحق في عدم الصوم....«موش بالسيف» ...

امال قرامي

2018 / 5 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



ليس إصرار فئة من التونسيين على التظاهر دفاعا عن حقّهم في عدم الالتزام بالشعائر الدينية،

ومن بينها ممارسة طقس الصوم بدعة. فقد سبقهم إلى ذلك الفعل الاحتجاجي آخرون طالبوا بالحريات الفردية وبضرورة التزام الدولة باحترام حريّة المعتقد (والتي تشمل أيضا عدم الاعتقاد ). فمنذ سنوات يتجمّع عدد من الشبّان والشابّات في المغرب والجزائر في شهر رمضان للأكل والشرب في الساحات العامة كشكل من أشكال مقاومة القوانين الجائرة التي تجرّم الأكل والشرب والتدخين «العلني» خلال شهر رمضان...وفي كلّ بلد ترفع شعارات مختلفة منها: «الأكل ليس جريمة» ، «الدين لله والوطن للجميع»، ... ومع ذلك تصرّ كلّ الحكومات في البلدان العربية الإسلامية على معاقبة المخالفين للمناشير أو الأوامر أو القوانين أو الشريعة (خطايا مالية، جلد، حبس...) رغم أنّ هذه الحكومات صاحبة «الورع المزعوم» هي نفسها التي تشجّع «قوانين الحسبة» وتجنّد «الشرطة الدينية» ، وفي الوقت ذاته، تتغاضى عن فتح المطاعم في الفنادق الفاخرة.

ولا يذهبنّ في الذهن أنّ غير الملتزمين بأداء طقس الصوم هم الشبّان فقط بل إنّنا نجد الشباب والكهول والشيوخ، والنساء والرجال ومن جميع الطبقات الاجتماعية، وهذا يعني أنّ حواجز السنّ والطبقة والجندر قد سقطت. ومع ذلك ينبغي الاعتراف بأنّ الشبّان هم أقدر على المواجهة العلنية وابتكار أشكال مختلفة للمقاومة في الفضاءات العمومية .فقد شاهدنا في الأيام الأخيرة، فتاة تنشر صورتها في الفايسبوك وهي تحمل قنينة ماء ولافتة تدعو إلى احترام الحريات الفردية، وشاهدنا تقريرا على ما يجري داخل بعض المقاهي ورأي الفتيات والشبّان في الطقوس الدينية وأشكال التديّن، ورأينا «اليوتيوبيين» Youtoubiens يوجّهون رسائل للجماهير...

إنّنا أمام مظاهر وممارسات وخطابات... تؤكّد وجود علامات دالة على التغيير الاجتماعي. فهذه الأصوات المرتفعة تستدعي منّا لا «التكفير» و«التبديع» والإدانة والمعاقبة والوصم (فطاّرة،) بل الإصغاء والتأمّل وتغيير طريقة تفاعلنا مع هذه المطالب. فثمة اختلاف لدى الشبّان على وجه الخصوص، في طريقة الوعي والإدراك والفهم وتصوّر العالم والذات. ولئن كانت الأجيال القديمة تمارس الرياء الاجتماعي ، وتتظاهر بغير ما تؤمن به ، وتحاول إيجاد المبرّرات من داخل المرجعيّة الدينيّة (الفتاوى) أو بالاعتماد على «الاستشارات الطبيّة» فإنّ الأجيال التي انتفعت من مناخ ثوري ومارست حريّة التعبير في مجتمع مفتوح ومعولم تقول ما يجب أن يقال بلا خوف أو رياء أو «ديبلوماسية» ودون اللجوء إلى «العمليات التجميلية»... إنّها تدافع عن مواطنيتها الكاملة مستعملة اللغة القانونية والآليات الديمقراطية فتلجأ إلى محاسبة الدولة على عدم التزامها بما أوردته في الدستور من مواد ضامنة للحريات وخرقها للمبادئ التي جاءت بها منظومة حقوق الإنسان.

هؤلاء المصرّون على المطالبة بحقوقهم ما عادوا يقبلون التمييز، والفرز، والتهميش... إنّهم يرفضون انتهاك الحريات، الفجوة بين النصوص التشريعية والممارسات ، إلزام الناس على التظاهر بغير ما يؤمنون به ،...إنّهم ما عادوا يفكّرون داخل دوائر الحلال/الحرام، الظاهر/الباطن، العلن/السرّ، الخاص/العام،الأغلبية/الأقلية...إنّهم يبنون علاقاتهم مع الدولة على شكل مخالف جوهره «التعاقد/الالتزام/المحاسبة» ويؤسسون علاقاتهم بالآخرين على قاعدة المواطنة والعيش المشترك ... إنّهم يرتّبون علاقتهم بما يؤمنون به على شكل مختلف فالعدل والكرامة والحرية والمساواة ... قيم مثلى لا محيد عنها... إنّهم يعرّفون أنفسهم على شكل مختلف فهم مواطنون وتونسيون . أمّا علاقتهم بالدين فهي لا تتوقّف على طقسانية شكلانية بل هي متنوّعة منهم لادينيون، ومنهم مسلمون يصرّون على أنّ فهمهم للطقوس/العبادات يخضع لاجتهاد عصري يراعي متطلبات الواقع المعيش فهم يعيشون إسلامهم وفق قناعات جديدة وعلى نحو مختلف.

وبدل أن ننتبه إلى هذه المتغيرات ونفكّكها بأدوات فهم جديدة وندرك دلالاتها بعيدا عن منطق الإدانة والتكفير وأساليب مجتمعات المراقبة والضبط والعقاب يصرّ أغلبهم على احتراف اللعن والسبّ والشتم وإخراج الناس من الملّة فذاك أيسر ولا يتطلّب زادا معرفيا متينا...
فلتشتموني ... ولتكفرّوني ... «اللّهم إنّي صائمة» وسأظلّ أدافع عن حق الآخر في عدم الصوم وأقاوم كلّ أشكال انتهاك كرامة و حقوق المختلفين...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اين الليبرالية لضمان الحرية؟
محمد البدري ( 2018 / 5 / 28 - 22:27 )
غياب فلسفة ليبرالية في المجتمع الذي يصف نفسه بالعربي او الاسلامي فان مثل هذه الفجاجة العقابية ضد من يحترمون انفسهم ولا يتمظهرون نفاقا للكتلة المجتمعية او للتقاليد الدينة هي ذاتها جزءا من استبداد الدولة العربية / الاسلامية المزمن منذ ظهر الاسلام الي الان. الاشد وانكي ان يصمت اليسار عن هذه الحقوق المهضومة لاسباب هي ذاتها اسباب جماعية تنتمي الي التجييش والتعبئة التي هي من اساسيات العمل اليساري. بهذا تضيع الحقوق بين فكي السطة المستبدة من جهة ومن اليسار من جهة اخري. ليس غريبا اذن ان يكون المجتمع الليبرالي / الراسمالي الغربي له الكلمة العليا وقادر علي تحقيق اهدافه لان ضحاياه كبلوا انفسهم بثقافتهم. تحياتي واحترامي وتقديري للفاضلة العزيزة د. قرامي وكل عام جديد سعيد علي الجميع صائمين وفاطرين فلا فرق الا بالالتزام بالحرية الفردية.


2 - وماذا من لايلتزم من السائقين لارتداء حزام الامان
عبد الحكيم عثمان ( 2018 / 5 / 30 - 05:04 )
تحية للكاتبة ست آمال
انها قرارات حكومية وليست من صلب الاسلام ولم يشطل لانبي الاسلام ولا من جاء من بعدة واصبح حاكما لدولة الاسلام من الخلفاء الاربعة ولكن الدولة اصدرت قرار بمعاقبة من يعلن افطاره في الشوارع العامة كما هناك قرارات تخص السائقين من لايرتدي حزام الامان فيها عقوبات اقصد غرامات
وقد تصل الى الحبس او سحب رخصة القيادة لمن لايلتزم بقوانين المرور ومنها تجاهل اشارة السير

او يخل بوسائل الامان في مركبته
ويجب على المواطن الالتزام بهذة القوانين والانظمة لااحد يقرض الصيام بقوة السيف على احد ولكن هناك قانون في اكثر من بلد الاسلامي يعاق من يتمرد على قانون عدم اشهار الفطور علنا
تخياتي


3 - وماذا من لايلتزم من السائقين لارتداء حزام الامان
عبد الحكيم عثمان ( 2018 / 5 / 30 - 07:21 )
تحية للكاتبة ست آمال
انها قرارات حكومية وليست من صلب الاسلام ولم يشطل لانبي الاسلام ولا من جاء من بعدة واصبح حاكما لدولة الاسلام من الخلفاء الاربعة ولكن الدولة اصدرت قرار بمعاقبة من يعلن افطاره في الشوارع العامة كما هناك قرارات تخص السائقين من لايرتدي حزام الامان فيها عقوبات اقصد غرامات
وقد تصل الى الحبس او سحب رخصة القيادة لمن لايلتزم بقوانين المرور ومنها تجاهل اشارة السير

او يخل بوسائل الامان في مركبته
ويجب على المواطن الالتزام بهذة القوانين والانظمة لااحد يقرض الصيام بقوة السيف على احد ولكن هناك قانون في اكثر من بلد الاسلامي يعاق من يتمرد على قانون عدم اشهار الفطور علنا
تخياتي

اخر الافلام

.. قداس عيد القيامة المجيد بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية برئا


.. نبض أوروبا: تساؤلات في ألمانيا بعد مظاهرة للمطالبة بالشريعة




.. البابا تواضروس الثاني : المسيح طلب المغفرة لمن آذوه


.. عظة قداسة البابا تواضروس الثاني في قداس عيد القيامة المجيد ب




.. البابا تواضروس الثاني : نشكر الرئيس السيسي على تهنئته لكل أق