الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


((المجرب لا يجرب))(3) ......... الأشخاص فقط.. أم النظام السياسي بأكمله؟؟.. وما البديل (5)؟؟

خلف الناصر
(Khalaf Anasser)

2018 / 5 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


ما يجب أن يعرفه كل إنسان والعراقيين ـ وحكامهم ـ بالخصوص.. هو:
أن "النظم السياسية" ليست (وصفه أعشاب) ولا (نصيحه رجل دين) ولا هي (عشوائيات) أو (خيم متنقلة) يمكن طيها، ثم فتحها ونصبها من جديد في صحراء أو أرض خالية كيف ما اتفق، وحسب رغبه صاحبها وبمزاجه الشخصي وحده!.
فالنظم السياسية وليدة تجربة إنسانيه شديدة التعقيد وطويلة الأمد استغرقت عمر البشرية بكامله تقريباً، ويدخل في تكوينها ويتمازج في بنائها التاريخ والجغرافيا والهويات الخاصة للشعوب، وتتأثر بطبيعة العصر وأشكال النظم السياسية السائدة فيه، والتي يغلب على معظمها في عصرنا الحاضر ما يسمى بــ "الديمقراطية البرجوازية" والتي تحول الشعوب إلى "مجرد أرقام عدديه" ـ لا تقدم ولا تؤخر ـ في جوهر اللعبة الانتخابية، ولا تحقق منها إلا صورتها الديمقراطية المظهرية الخارجية الزائفة!!
*****
ورغم أن الانتخابات هي التي تشكل جوهر اللعبة الديمقراطية في العالم أجمع، إلا أنه في العراق قد تم الالتفاف عليها بأشكال عديده، بإضافتهم إليها ما أسموه بـــ "الديمقراطية التوافقية" :
ومن هذا (الخرم الديمقراطي الكبير) المسمى بــ "الديمقراطية التوافقية" استولد مجلس نوابنا العتيد في نسخه المتعددة منذ الاحتلال إلى اليوم، وولدت معه كل الأخطاء والخطايا والسرقات والفساد والفتن الطائفية والدماء الزكية السائلة في كل مكان، وجميع أشكال المحن والكوارث التي عاشها العراق والتي لا يزال يعيش بعضها، منذ الاحتلال الأمريكي إلى اليوم!!

فبهذه "الديمقراطية التوافقية" تمكنوا من تحويل الشعب العراقي العريق ذو التاريخ المديد ـ وقد كررنا هذا كثيراً ـ من (شعب ووطن وتاريخ وثقافة وحضارة وهـــــــويـــــة* متجذرة) إلى طوائف وأديان ومذاهب وأعراق وإثنيات ومكونات متخاصمة ومتحاربة وليس ـ كما هي حقيقته ـ كشعب واحد وموحد عبر كل عصور تاريخه الطويل، وقبل أي تاريخ صنعه شعب آخر أو أمه أخرى على وجه هذا الكوكب!.

ولهذا فإن أول ما يجب أن يصلح أو يغير جذرياً هو: جوهر هذا النظام العراقي الطائفي المحاصصاتي البائس:
وأن يعاد إلى العراق أولاً وقبل كل شيء اعتباره، المتمثل بدوره الإنساني الفريد في تاريخ الإنسان وحضارته، وأن تعاد إليه هـــــويــــتــــه الثقافية الحضارية والإنسانية، المنبثقة عن هذا الدور الفريد والتي سلبت منه عنوة!!
وثاني ما يجب أن يصلح أو أن يغير جذرياً أيضاً هو:
مجلس النواب العراقي ـ وربما جميع مجلس نواب في العالم ـ وأن يقوم على أسس غير أسس نظريه "الــديـــمـــقـــراطــيـــة الــبــرجـــوازيــــــــة" الزائفة، والتي تحول الشعوب إلى مجرد (أرقام عدديه) في اللعبة الانتخابية!!
*****
لأن الديمقراطية في جوهرها ليست [آلة أو مصنعاً أو تكنولوجيا] يمكن استيرادها ونصبها وتوطينها في بلادك، ثم تشتغل عندك وتنتج لك وتعطيك محصولها الوفير وثمارها اليانعة في نهاية المطاف.. ولو كانت الديمقراطية بهذه البساطة لأخذت بها جميع شعوب الأرض ولنجحت عند الجميع نفس النجاح، ولأثمرت وأنتجت لهم أنظمه حكم رشيده وأمماً ومجتمعات متطورة، كما هي حالها في الغرب المتقدم مثلاً!.

إنما الأمم والشعوب والمجتمعات والأجيال.. هي :
مجموعه قيم وتقاليد ومفاهيم وتصورات خاصة أنتجها لها التاريخ وتتوارثها الأجيال، ونحتتها الأمم لنفسها عبر عملية صيرورتها التاريخية، وعلى مدى ألوف مؤلفه من القرون والسنين والأعوام التي لا يمكن عدها، ويستحيل ـ عقلياً عملياً ـ إمحاء كل هذا التاريخ المتراكم وصيرورته، بمجرد إلباس الأمم ومجتمعاتها ثوب "الديمقراطية البرجوازية" المستوردة جاهزة من الغرب المتقدم.. لأن الديمقراطية (نظام حياة) وليس نظام حكم فقط!!.
ولهذا فشلت هذه الديمقراطية البرجوازية في أغلب، إن لم يكن في جميع دول العالم الثالث تقريباً، لأن معتنقيها ومستورديها لم يراعوا ـ عند استيرادهم لها ـ قيم وتقاليد ومعتقدات وخصوصيات وكينونة شعوبهم ودرجات تطور مجتمعاتهم!.
ولهذا أيضاً نرى أن الديمقراطية البرجوازية كان نجاحها محدوداً في جميع أنحاء العالم، إلا أنها قد نجحت في اليابان والهند مثلاً: بعد موائمتها مع خصائص وخصوصيات الشعبين الهندي والياباني، مع شرط توفر طبقة رأسمالية أو أصحاب أموال ـ لأن البرجوازية مال واقتصاد قبل أن تكون نظام سياسي ـ قد تحولوا إلى طبقه رأسماليه نشطه كـ "كالمهراجات" في الهند والمحاربون الإقطاعيون (الساموراي) في اليابان!!

وإذا كان من الصعب أن تنحت ديمقراطية خاصة بكل شعب ومجتمع :
فعلى الأقل تراعى خصائص وخصوصيات كل شعب ومجتمع، عند تطبيق الديمقراطية الغربية المستورة على الشعوب الغير غربيه، مع مراعاه شرط وجود "رؤوس أموال" قادره على بناء البلد وتطويره.. في حين تحولت الأموال عند (حديثي النعمة) من المتربحين من أنظمه الحكم الهشة القائمة في كثير من البلدان، إلى فساد وإفساد وتمزق ودمار أخلاقي للمجتمع والبلد ككل، وكما حدث في العراق وللعراق بــ "الديمقراطية البرجوازية" وبـــــدعـــــــــــة "الديمقراطية التوافقية" مثلاً!
*****
إن الشعوب ـ نكرر القول بدون ملل ـ جميعها والشعب العراقي بالذات، ليست "مجرد أرقام عددية" تعد وتحسب كأصوات وأرقام يحصل عليها المرشحون في زفــــــة الانتخابات النيابية، يصلون من خلالها إلى السلطة حسب نظرية "الديمقراطية البرجوازية"، ولا هي ـ أي الشعوب ـ [حصص ومكونات: دينية ومذهبية وطائفية وأثنية.......الخ فقط] كما هي تركيبه النظام العراقي الحالي وبدعته بــ "الديمقراطية التوافقية".. إنما الشعوب ـ والشعب العراقي في الطليعة منها ـ قبل أن تكون [مكونات: دينية ومذهبية وأثنيه.........الخ].. هي: [مكونات: طبقيه وفئات ومصالح اجتماعية واقتصاديه......الخ] أي أنها طبقات اجتماعية ومصالح اقتصادية وحقوق قانونيه وسياسية وإنسانية عامة.. فالشعوب:
 طبقات اجتماعية: غنية ومتخمة ..و.. فقيرة ومعدمة.. وبينهما طبقة برجوازية وطنية (أي: الطبقة الوسطى)!!
 وفئات شعبية: عمال وفلاحين كادحين وعموم الشغيلة، ومهنيين وحرفيين وطلاب وجنود وبرجوازية وصغيرة!!
 وطبقة رأسمالية كبيرة: تترابط مصالحها دائماً بالخارج، وتتناقض غالباً مع مصالح عموم الفئات الشعبية الأخرى!!
 ومصالح دنيوية وطبقيه: قد تتوافق وقد تتقاطع لعموم جماهير هذا الشعب، والذي يتكون من جميع هذه الشرائح والفئات الاجتماعية، ومصالحها المختلفة!!
والبرلمان.. أيُ برلمان في العالم:
لن يكون ممثلاً حقيقياً للشعب الذي يدعي تمثيله، إلا إذا مثل مصالح جميع هذه الفئات والطبقات الاجتماعية المختلفة، وحَــدَ من تناقض مصالحها، وضمن عدم تصادمها فيما بينها بشكل قد يهدد وحده البلاد واستقرارها!

أما إذا اعتبرت الشعوب مجرد أرقام عددية ومكونات طائفية ودينيه وأثنية.......الخ فهذا ـ وكما خبرناه في العراق ـ يعني :
استغفالاً للشعوب وتغيبها وسرقه في وضح النهار، لجميع فئات الشعب وشرائحه وطبقاته الاجتماعية، الفقيرة والمعدمة منها على وجه التحديد والخصوص!!

وهذا يقتضي التحول ـ في العراق خصوصاً ـ عن نظرية "الديمقراطية البرجوازية" إلـى نظرية "الديمقراطية الاجتماعية": فالأولى : تعتبر الشعوب "مجرد أرقام عددية" تستخدم لأغراض انتخابيه، ولمره واحده كل أربع سنوات!!
بينما الثانية: تعتبر الشعوب مخلوقات إنسانيه و "طبقات وفئات اجتماعية" مختلفة، ولها مصالح يومية ودائمة ولا تحدها أو تحددها الانتخابات النيابية وحدها!!
*****
وبناء عليه يمكن القول أن الأصلح والحل لكل أوضاع العراق المأزومه.. هو :
 التحول عن نظرية "الديمقراطية البرجوازية" إلـى نظرية "الديمقراطية الاجتماعية".. فالشعب العراقي ـ كما هي شعوب الأرض جميعها ـ يتكون طبقات وفئات ومصالح اجتماعية دنيوية مختلفة، وليس من مكونات دينية وطائفية ومذهبية واثنية فقط :
 فالأولى: أي نظريه "الديمقراطية البرجوازية" ـ كما طبقت عندنا ـ تعني: أن الشعب العراقي عبارة عن "مكونات: دينية ومذهبية وطائفية وعرقية.....الخ".. وهذه في حقيقتها [مكونات: آخروية وليست دنيوية أو سياسية] وهي تخص العبد وعلاقته الشخصية بربه، الغرض منها كما هو معروف (الخلاص الشخصي) للإنسان من عذاب الجحيم، ليتمكن من دخول الجنة.. وهي قضيه تخص العبد نفسه تحديداً، ولا علاقة للدولة والسلطة أو النظام السياسي ولا الأحزاب السياسية ولا حتى التجمعات والتنظيمات الدينية بها!!
لأن هئولاء لو اجتمعوا جميعهم، لما استطاعوا تخليص شخص واحد من النار وإدخاله الجنة، إذا لم يقم هو بشخصه بالأعمال التي تدخله الجنة وتنجيه من النار!!.
لكن الدجل السياسي والديني صور الأمر بصوره معكوسة، وأطلق العنان للغرائز والطقوس والممارسات الدينية المنحرفة، وجعل هذه (المكونات الطائفية) ـ لتفشي الجهل ـ تعتقد أن السياسة هي الطريق إلى الجنة وأنها ستدخلها عن طريقها، وأن لكل منها الحق في امتلاك الدولة العراقية وجعلها ملكاً لمذهبها الديني!!.
فحدث ذلك الصدام الدموي الكبير بين هذه المكونات الطائفية، وسالت الدماء في كل مكان، فدمرت البلاد اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً، وكادت أن تمزق إلى قطع وأشلاء متناثرة.. فابتدعوا ما أســـمــوه بــ "الديمقراطية التوافقية" لملمة هذه القطع والأشلاء العراقية المتناثرة في كل مكان!!
فهل نجحوا ونجحت (بدعتهم الديمقراطية) هذه؟؟

 أما الثانية: ونعني بها نظرية "الديمقراطية الاجتماعية": فتعني أن الشعوب أو الشعب عباره عن "مكونات اجتماعيه" ومجموعة مصالح طبقية واجتماعية واقتصادية وسياسية لعموم فئات الشعب، يتحتم الحرص عليها وتنميتها وازدهارها باستمرار، والعمل على عدم تصادمها فيما بينها بما يهدد الاستقرار ووحده البلاد، كما هددتها ودمرتها نظريه المكونات الدينية والمذهبية............الخ والتي خضنا تجربتها بالنار والدماء والحديد!!

إذاً.. حل مشاكل العراق برمتها يقتضي العدول عن نظرية: [المكونات: والتكوينات الدينية والمذهبية......] إلى نظريه: [المكونات: والتكوينات الاجتماعية.....] والمصالح الطبقية القائمة على الأرض في هذه الدنيا، وليس في السماء السابعة!!

وإذا كانت هناك حاجه لما يسمى بــ "الديمقراطية التوافقية".. فهي للتوفيق بين مصالح البلاد وطبقاته وتكويناته الاجتماعية، وليس بين التكوينات الدينية والمذهبية والطائفية، لأن حلها والتوفيق بينها على العكس من التكوينات الاجتماعية، موجود في السماء السابعة وعند الله وحده، وليس في دنيانا الفانية هذه!!

لكن ماهي مواصفات وصفات وتفصيلات ومضمون هذه "الديمقراطية الاجتماعية" كحل بديل للعراق.. وربما لغيره أيضاً؟؟
[يـــــــــــــــــــــتـــــــــــــــــبـــــــــع]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ:
* لجدل الهوية العراقية هذه: ولإنسانها ومنابعها ومسالكها وفضاءاتها وثوابتها حديث قادم]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلة الجزيرة ترصد مخرجات اجتماع مجلس الحرب الإسرائيلي


.. غالانت: إسرائيل تتعامل مع عدد من البدائل كي يتمكن سكان الشما




.. صوتوا ضده واتهموه بالتجسس.. مشرعون أميركيون يحتفظون بحسابات


.. حصانة الرؤساء السابقين أمام المحكمة العليا الأميركية وترقب ك




.. انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض