الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موسم الغش في الامتحانات

عبد الوافي العزوزي

2018 / 5 / 31
التربية والتعليم والبحث العلمي


لعل العبارة التي تدفع التلاميذ للغش في الامتحان هي التي ابتكرها من عندهم لا ندري مصدرها ومن قال بها اول مرة ولكنها هي عبارة شائعة بين التلاميذ والطلبة ألا وهي كالتالي " من نقل انتقل ومن اعتمد على نفسه بقي في قسمه " . هذا هو موسم الغش والتنقل في الامتحانات. هذا هو موسم من جد وجد ومن زرع حصد، لكننا اليوم أمام مفارقة أخرى دخيلة على المنظومة التربوية وهي المفارقة التي تجدها العبارة المذكورة . هذه العبارة لو حللناها جيدا لوجدنا السبب الرئيسي الذي يدفع التلاميذ إلى الغش في الامتحانات، كما أنها يمكن أن تفتح لها الباب من أجل تقديم حلول ناجحة في إطار إصلاح المنظومة التعليمية والقضاء على هذه الظاهرة.
إن ظاهرة الغش هي ظاهرة منتشرة في مجتمعنا وهي معروفة منذ القدم حيث نجد بأن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم يحث على اجتناب الغش " من غشنا ليس منا " . لكن في يومنا هذا نجد بأن ظاهرة الغش منتشرة بكثرة ولا يوجد أحد منا لا يغش إلى درجة أنه يكاد ينقلب الحديث إلى" من لا يغش ليس منا " .
إذا بقينا في ظاهرة الغش في الامتحان يمكن أن نتساءل عن مصدر هذه الظاهرة هل هي سبب ام نتيجة لفشل المنظومة التربوية؟ كما يمكن أن نتساءل لماذا التلاميذ يغششون في الامتحانات؟ وما فائدة الاستمرار في الدراسة والانتقال من قسم لآخر إذا كان الهدف هو الاستمرار في الغش؟
للإجابة عن هذه الإشكالات لابد وأن ننظر إلى الأهداف التي تسطرها المنظومة التعليمية هل هي أهداف تضمن للتلاميذ مستقبلهم ام انها أهداف وهمية لا أساس لها بالواقع وبالتالي تجعل التلميذ يتهافة على الدراسة لا يدري لماذا يقرأ .
نعم التلميذ الذي يغش في الامتحان لا يدري لماذا هو موجود في القسم اصلا. تلميذ لا يعرف هدفه. وبالتالي ليس هو المسؤول عن تحديد الهدف بل من قام بتحمل مسؤولية تربيته هو الذي عليه أن يرسم هذا الهدف. أما إذا تركنا التلميذ هو الذي يحدد هدفه فإننا نجده قد حدده في العبارة التي ذكرناها في أول هذه الأسطر. الا وهو الانتقال من قسمه إلى قسم آخر ربما أعلى مرتبة من تلك المتواجد فيها. أي أن التلميذ هدفه هو النجاح في آخر السنة لا يهمه الأمر الطريقة أو الوسيلة التي سينجح بها. لأنه يرى حتى في الغش الذي يقوم به مجهودا يستحق عليه النجاح.
لكن لو علمنا أن النجاح الحقيقي هو ليس ذاك النجاح القريب المدى. أي الانتقال من قسم لآخر بل النجاح هو ذاك النجاح البعيد المدى هو نجاح في الحياة. نجاح يجد فيه ذاته وليس ذات "الحرز " أو" الهاتف النقال" هذا الأخير الذي قالوا عنه أنه سمي بالنقال لأنه ينقل في الامتحان . إذن حتى الهاتف حصروا هدفه في الغش في الامتحانات حيث يعد هو الوسيلة الأكثر استعمالا في هذه الظاهرة. وهي الأخطر من الطرق والوسائل الأخرى حيث تعد الان ظاهرة الغش عبر تلخيص الملخص في أوراق مصغرة غشا تقليديا. بينما الغش المتطور هو أن تضع السماعات في الأذن وتستمع لما يقرؤه عليك صاحبك من الشارع. وانت تكتب في القسم كأنك انت المجتهد وانت الشخص الذي شمت السوق. بينما على العكس من ذالك ان الذي يغش بالطرق التقليدية هو أفضل من الذي يغش بالطرق الحديثة والذي لا يغش هو الأفضل والأرقى والشخص الذي يعول عليه في التغيير والإصلاح والانتقال بالمجتمع الى الأفضل . هذا الشخص هو الذي رسم هدفه في انتقال المجتمع من حال إلى حال احسن منه، ليس كالغشاش الذي رسم هدفه أمامه بخطوة فقط وهو الانتقال من قسم لآخر. وشتانا بين من يرسم أهدافه الشخصية ويفكر في ذاته فقط وبأنانية. وبين من يرسم أهداف المجتمع بكامله ويفكر في ذات المجتمع ويسعى جاهدا لكي يكون عضوا فاعلا في مجتمعه عبر تحقيق مجموعة من الإيجابيات التي تساهم في تقدم مجتمعه . ولكم هذه القصة التي يمكن أن توضح لنا الفرق جميعا بين الخشاش والتلميذ الذي يعتمد على نفسه " أن هذان تلميذان الأول نجح بالغش وصار أستاذا وبالتالي أصبح يكون لنا جيل من الغشاشين مثله فشل في مهمته لم يقدمها كما أراد المجتمع. أما التلميذ المجتهد لم ينجح في المبارة ولكنه لم ييأس انشأ مكتبة في الحي للطباعة والنشر وبدأ يؤلف كتب كانت تدر عليه دخلا محترما وزادت سمعته واشتهر وصل العالمية بفكره وتأثر القراء بكتبه وبدأ ينظر وتفاعل ويساهم في تغيير مجتمعه. وأول خطوة قام بها هي محاربة الغش والغشاشين " ومن ذالك الزمان مازال الكسول الغشاش والمجتهد المثابر يتصارعون صراعا تجسد في قوى الشر والخير








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس تواصلت مع دولتين على الأقل بالمنطقة حول انتقال قادتها ا


.. وسائل إعلام أميركية ترجح قيام إسرائيل بقصف -قاعدة كالسو- الت




.. من يقف خلف انفجار قاعدة كالسو العسكرية في بابل؟


.. إسرائيل والولايات المتحدة تنفيان أي علاقة لهما بانفجار بابل




.. مراسل العربية: غارة إسرائيلية على عيتا الشعب جنوبي لبنان