الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار مع أحمد المتمسك، أستاذ جامعي وباحث في علم الاجتماع المقاولة، يجيب عن أسئلة - Médias 24 - حول حركة المقاطعة في المغرب

محمد امباركي

2018 / 6 / 4
مقابلات و حوارات


أحمد المتمسك، أستاذ جامعي وباحث في علم الاجتماع المقاولة، يجيب عن أسئلة موقع " Médias 24 " حول حركة المقاطعة.
السوسيولوجي : مع المقاطعة، اكتشف المغاربة إمكاناتهم.
مقابلة مع Médias 24. ترجمها الى العربية: محمد امباركي
كلمة لابد منها للمترجم: ارتأيت ترجمة هذا الحوار الى اللغة العربية تعميما للفائدة من جهة، ومن جهة ثانية بغاية الاستماع الى وجهة نظر باحث أكاديمي في علم الاجتماع متخصص في سوسيولوجيا المقاولة Sociologie de l’entreprise، أحيانا كثيرة يحتاج الفاعل السياسي الى فهم وتحليل تحولات الفعل الاحتجاجي بالأدوات العلمية القادرة على التفكيك والاستقراء من أجل امتلاك القدرة على تحديد المهام ورسم البرامج والاستراتيجيات.

محمد امباركي

Médias 24 : باعتباركم عالم اجتماع، أية رؤية لديكم إزاء حركة المقاطعة ؟
أحمد المتمسك: حركة المقاطعة تنتمي الى ما نصطلح عليه بالفعل الاجتماعي. كل المجتمعات هي في حاجة الى صمام أمان. هذا الأخير قد يتم التعبير عنه بصيغ مختلفة خاصة من خلال وسائط سياسية، نقابية أو جمعوية التي تتيح إمكانية توجيه الإحباطات الاجتماعية والتطلعات غير المشبعة. لكن عندما تفقد هذه الوسائط مصداقيتها وتأثيرها على المستوى الاجتماعي، يبحث المجتمع عن وسائل أخرى.
في هده الحالة، الأمر يتعلق بمقاطعة اعتمدت كدعامة شبكات التواصل الاجتماعي. لماذا شبكات التواصل الاجتماعي؟، لأن الخوف من الدركي، من السلطة، يتقلص. الناس يشعرون أنهم قادرون على الكلام والتعبير عن الرأي.
الجديد في المغرب أن المقاطعة كانت منظمة بطريقة منهجية حيث تم استهداف ثلاث منتوجات. وفي الواقع لم تكن فقط تلك المنتوجات هي المستهدفة، بل أيضا رموز سلبية ترتبط بالحياة اليومية الصعبة لعامة المغاربة.
حركة المقاطعة عملت على خلق وعي لا أعتقد أنه وعي سياسي. إنه وعي شعب يعبر عن رأيه بمختلف الوسائل المتاحة، التنكيت، الرسوم، الحكم، الشعر...بل إني تفاجئت حقا بقدرة المغاربة على الإبداع والخلق. وهذا جانب إيجابي يستحق الدراسة والبحث. الشعب يتعرف على نفسه ويكتشف إمكاناته.
ماهي الرسالة التي يود المقاطعون تبليغها؟
الرسالة هي، لقد تعبنا. يعبر الناس عن هذا الاستياء العميق على شبكات التواصل الاجتماعي أحيانا بطريقة هائجة وفوضوية، وأحيان أخرى بطريقة منظمة وعقلانية. لكن الفعل موجود هنا، فالناس يقولون صراحة إنه لم يعد بمستطاعهم تحمل المزيد.
شخصيا أعتبر هذا الأمر صحيا لأنه سابقا خلال 1965 و1981 كان الناس يخرجون الى الشوارع. وما أثار تقديري في هذه الحركة هو طابها السلمي. التعبير عن المطالب دون إلحاق أضرار كالتكسير والإتلاف ودون عنف. ومن حسن حظ بلادنا وجود هذا المخرج، وجود صمام الأمان هذا.
الناس يعبرون عن رأيهم وفي نفس الوقت فتعبيرهم له تأثير وفاعلية وبالتالي فهذه الظاهرة تساءل الجميع، أحزابا سياسية، حكومة...الخ.
لقد عرفتم المقاطعة باعتبارها فعلا اجتماعيا سلميا وذي وقع و تأثير. ألا يعني هذا أن هذه الحركة تتجه نحو الحلول محل أنماط أخرى من المطالبات التقليدية أكثر؟
أنا متفق تماما. وبالمناسبة لسنا وحدنا، إسبانيا، أمريكا اللاتينية، تونس أو الجزائر، كلها عرفت نفس الحدث.
لا يفوتني أن أؤكد على أهمية شبكات التواصل الاجتماعي التي تتيح قدرا من حرية الفعل. نحن في بيتنا ونستطيع خلق شبكة تواصلية مع أشخاص لا نعرفهم. إننا نعمل على إقامة جماعة افتراضية لكنها فاعلة.
مؤخر أراد أحد أصدقائي ابتياع قنينة ماء ولم يجد غير قنينة سيدي علي فكان مرغما على اقتنائها. لم يتكلم معه أي أحد من الناس الموجودين بالمتجر لكن الاستنكار والشجب كانا باديان في نظراتهم. وهذا يدل على وجود ضغط اجتماعي، و حركة المقاطعة تراهن على هذا الظغط الذي بات مجهولا لكنه من عجيب المفارقات أنه معلن و مصرح به.
المقاطعة ركزت على منتوجات بعينها. كيف تفسرون هذا الأمر؟
هذه المسألة دالة جدا. ففي إدراك المغاربة الحسي ترمز هذه المنتوجات الى الهيمنة. لكن ليس هذا كل شيء، هناك في علم الاجتماع ما يصطلح عليه بكبش الفداء.
يفسر الانتروبولوجي " Réne Gerar " في أحد كتبه المتخصصة أن المجتمع يخلق كبش فداء من أجل تهذيب العنف. لأنه ظاهرة اجتماعية تمكن من إلقاء الضوء على كل الإحباطات والتوترات اتجاه رموز معينة.
بمعنى آخر، إن هذه الشخصيات المعنوية الثلاث المستهدفة هي أكباش فداء (يضحك).
هل حركة المقاطعة عفوية أم أنها موجهة؟
القول بأن حركة المقاطعة مستخدمة كأداة، نعم...لكن القول بأنها موجهة عن بعد، لا أعتقد ذلك. وهذه المسألة تطرح بشكل مستمر، وفي الواقع إن الخوض فيها ليس إلا طريقة لتجنب المشكلة. إذا كانت حركة المقاطعة موجودة على الصعيد الوطني فلأنه هناك مشكل يجب حله.
أؤكد مرة أخرى أنه لا يجب الهروب من المسألة الأساسية، مسألة الفوارق الاجتماعية في المغرب.
هناك مسألة تحضر بانتظام في النقاش: هل المقاطعون تحكمهم المشاعر أكثر مما تحكمهم العقلانية والمنطق؟
هذا السؤال مغلوط. لا ينبغي إلقاء اللوم على الناس لأنهم لا يملكون غير هذه المشاعر للتعبير عن رأيهم. القول بأن المقاطعون هم انفعاليين لاستنتاج أنهم أدنى ودون المستوى، ليس إلا اختصارا للطريق واختزالا للمسألة. هذا بالإضافة الى أنه لا يمكننا أن نطلب من حركة جماهيرية أن تكون عقلانية.
حققت المقاطعة نسب نجاح كبيرة، كيف تفسرون هذا النجاح؟
إن سبب النجاح يكمن في كون الناس يتقاسمون نفس المعاناة. الإحساس الجماعي بالمعاناة. الناس ينخرطون في حركة المقاطعة لأنهم يشعرون بأنهم معنيين بالمسألة في حياتهم اليومية...يعيشونها بشكل يومي...
ماهي في نظركم انعكاسات المقاطعة على المجتمع المغربي في الأمد المنظور؟
منذ أمد طويل كتبت مقال حول حركة 20 فبراير والربيع العربي. آنذاك كثير من الناس قالوا لي بأن الربيع العربي ليس إلا تاريخا قديما، قلت لهم: حذار !، فعندما تشتغل حركة اجتماعية في صمت وتزحف وتتمدد كالمياه، وإذا لم نتمكن من مواكبتها وتوجيهها بشكل إيجابي خارج لغة القمع التي لا تعالج أية مشكلة، فإنه من الممكن أن تكون النتائج ضارة وسلبية.
كيف يمكن تدبير حركة المقاطعة بطريقة إيجابية؟
إن الطريقة الإيجابية تعني أن يتم تشجيع الناس على التعبير عن آرائهم بحرية وفي نفس الوقت إشعارهم بالمسؤولية. هناك أشياء يمكننا الحديث عنها لكن في احترام للآخر حتى ولو كان عدوا. هنا تكمن المواطنة والدولة هي التي تتحمل المسؤولية في زرعها أي المواطنة.
إذا لم تلتقط الدولة الرسالة، إذا لم تعمل على تأطيرها والتفاعل مع بعض الحجج الدامغة خاصة على مستوى الفوارق الاجتماعية والحاجيات الأولية غير الملباة لجزء كبير من المغاربة، أعتقد أنه ستحدث مشاكل كثيرة.
كيف تقيمون تدبير المقاطعة من طرف المقاولات المعنية والإدارة (الحكومة)؟
بداية لابد أن أعبر عن اندهاشي إزاء تواصل المقاولات الثلاث الكبرى التي حصلت على نتائج عكسية لما كانت تنتظره. بالنسبة لمقاولات مهيكلة وتجني الملايير يعتبر غيا خطة تواصلية خلال فترة الأزمة شيء مقلق ومزعج.
نفس الأمر ينطبق على الحكومة حيث لم نلاحظ أية معالم لخطة تواصلية خلال فترة الأزمة (تواصل الأزمة). كانت هناك بعض ردود الفعل الأولية والتي أعطت زخم أقوى لحركة المقاطعة.
غير أن مبدأ التواص الإيجابي هو ألا يتم أبدا استصغار المخاطب (فتح الطاء) أو التقليل من قيمته، يجب الإنصات الى ما يريد قوله. وبشكل خاص ينبغي قول الحقيقة، الإخبار. على صعيد المقاطعة يمكن أن نسجل انحباسا على مستوى التواصل، فكان للإشاعة الدور الأهم في شبكات التواص الاجتماعي.



















التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دعوات دولية لحماس لإطلاق سراح الرهائن والحركة تشترط وقف الحر


.. بيان مشترك يدعو إلى الإفراج الفوري عن المحتجزين في قطاع غزة.




.. غزيون يبحثون عن الأمان والراحة على شاطئ دير البلح وسط الحرب


.. صحيفة إسرائيلية: اقتراح وقف إطلاق النار يستجيب لمطالب حماس ب




.. البنتاغون: بدأنا بناء رصيف بحري في غزة لتوفير المساعدات