الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الواقع بين السلفيه والعلمانيه

أياد الزهيري

2018 / 6 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الواقع بين السلفيه والعلمانيه
الأسلام لاشك يمثل عقيدة وفكر الأمه, وبه يتشكل وعيها الثقافي والفكري. أذن هو ركيزه لا يمكن العبور عليها, ومن غير المكن تجاهلها لأنه رصيد تجربه تاريخيه طويله لايمكن للأمه التضحيه به , فهو جزء لا يتجزء من الشخصيه المسلمه على حد سواء ,المتدينه وغير المتدينه.
أن الأستخدام المجحف والمبتسر للأسلام من قبل تيارات فكريه وسياسيه عطلت في الأسلام الكثير من فعاليته, فمنها ما حجمته وأقصرت فعاليته على الفرد مما عزلته في زوايا مظلمه كما فعل الباطنيون, حيث حصروه في تكيات وحركات غريبه وشاذه مما عطلت قدراته على مستوى الفرد والمجتمع, كما أن هناك من أستخدمه لشرعنة حكومته أو تياره السياسي وهذا ما قامت به كل دول بني أميه وبني العباس , وبني عثمان, حيث أقترفوا جرائم تاريخيه تحت غطاءه وأقاموا حكومات مستبده تفتقد لكل مبادئ العداله الأجتماعيه , ومتخلفه ,جعلت الشعوب تعيش في نفق من الظلام تحت عنوان الأسلام, ومبادئ الأسلام براء من كل ذلك.
أن كثي من الفعاليات الفكريه والسياسيه ساهمت في نكسه حضاريه للأسلام وهذه الأنتكاسه نعيشها الى اليوم بدافع هذا العامل الجائر بأعتبار أن الأسلام هي رساله وحي جنى عليها البشر. أزاء هذا الواقع برز من ينادي بأصلاحه وأرجاعه الى الحياة قبل أن يستسلم الى الموت فأنبرى نخبه تدعو الى الأصلاح بأسم العلمانيه , وهو تيار تغيري يسعى الى أستخدام آليات معرفيه غربيه تستند الى العقل والمنفعه ولكنها تستخدم منظومه قيميه لا تمت بأي صله بالمنظومه القيميه المستمده من التراث. هذا التناقض أنشأ أزمه حاده بين الطرفين, وهذه الأزمه تزداد حده عندما تتقابل السلفيه الأسلاميه مع العلمانيه, وبسبب تصاعد هذا التيار المحسوب على الأسلاميه في الفتره الأخيره وسطوع نجمه بسبب المال السعودي والقطري. طبعآ ليس هناك أي نوع من أنواع التلاقي بين هذين التيارين بالبته والسبب أن أكثر المسلمين لا ينتمون الى السلفيه ,بل هو تيار ممقوت من عامة المسلمين وهذا هو سر التوتر الحاصل بالمنطقه, وهو ما أسس لحاله من الصراع الأجتماعي والسياسي بلغ حد الخطوره العظمى.
أزاء هذين الموقفين المتشددين بين سلفيه متوحشه وعلمانيه متميعه وقع المجتمع العربي بين حيص بيص كما يقال, وهو من يدفع ثمن هذا التدافع وهو من يتلسع بحرارة هذا الأحتكاك. هنا على الأسلام المحمدي الأصيل أن يستغل هذه اللحظه التاريخيه لكي يسجل موقف يحل به الأشباك بين تيارين متشددين (السلفيه-العلمانيه) لكي تلتقط الأمه أنفاسها وتغتنم فرصه للبناء والتقدم. أن المطلوب هنا لا سلفيه تتجه صوب الماضي ولا علمانيه تقفز على الواقع صوب المستقبل, أي لا سلفيه تهجر العالم الأخر ولا علمانيه تهجر الذات وتتعلق بالآخر البعيد.
يقول الدكتور أحمد الوائلي في بيت شعري:
المجد يحتقر الجبان لأنه شرب الصدى وعلى يديه المنبع
يكشف هذا البيت أن في ميراثنا الحضاري المنفتح والمتحرك ما ينجدنا, وفيه ما يخرجنا من هذه اللحظه التاريخيه العصيبه والقاتله.يؤكد هذا البيت الشعري أن هناك مخزون حضاري ضخم ولكن التعصب الأعمى عند البعض هو ما عطل وأوقف المسيره الحضاريه للأسلام , وهو ما كبله واحجره في زاويه ضيقت عليه الحركه والعطاء .
يقول الرسول الكريم محمد (ص) (أن هذا الدين متين , فأوغلوا فيه برفق). أنها الأصاله المتصله بالحداثه , ولكن الحداثه المقننه التي لا تسمح للمدنس أن يتصل بالمقدس , كما أن هناك مجالات ليس للنص أن يفرض عليها رؤيته مادامت هذه المجالات ليس من أختصاصه , أي أن هناك خطوط تفصل أختصاصات ما هو من أختصاص النص وما هو من غير أختصاصه , والحديث النبوي خير من يكشف هذه الرؤيه (أنتم أعرف بشؤون دنياكم), وفي نفس الوقت لا حداثه تشمل كل زوايا الحياة ومجالات فعاليتها, أي يكون هناك ضابط يراعي التكامل والتزاوج الودي والنافع. أنها عملية فلتره للتراث وللقادم الحداثوي (الغربي) , وهذه العمليه لا تترك لمن هب ودب ,بل يتصدى لها حكماء الأمه ومؤسساتها العلميه.
أن الخليط المتجانس والمتفاعل من الموروث الحي والحداثه التي تحقق المنفعه البريئه هي ما ينبغي أن تشكل وعينا الحاضر, وهي من تستطيع وضع حد للأشكاليات التي أنهكت قوانا وباتت تهدد وجودنا الاني والمستقبلي, فنحن لا نريد أن نضحي بطاقه الروح وتجارب الماضي, وفي نفس الوقت لا نريد أن نشيح بوجوهنا عن أختراعات وأبداعات العلم الحديث والمدنيه الغربيه, وطرق بحثه الحديثه التي غيرت وجه العالم نحو الأفضل . فنحن لا نريد أن نعيش في ماضي خانق ولا في فضاء لا سند له في أرضنا, ولا بوصله تحدد أتجاه ,فنقع في تيه يضيعنا , وهنا ينطبق علينا المثل الشعبي العراقي (لا حظت برجيله ولا خذت سيد علي). من الضروري يعرف منظري التيارين , السلفيه والعلمانيه أن الأكثريه الصامته لا تمت ولا تستتبع أي من هذين التوجهين, وأن مأساة الأمه هو سلوك جمهوري الطرفين, فتكفير الأول للثاني , وتسفيه وتجاهل الآخر لدين الأمه هو ما ولد هذا الأحتقان الذي حول المنطقه الى اللون الأحمر بدماء أبناءها وخلق صخب أطرش المنطقه والعالم.
ما هو المخرج لكي نخرج به من عنق الزجاجه. أنها العقلانيه, والموضوعيه, والوسطيه التي أشار اليها القرآن الكريم (وكذلك جعلناكم أمة" وسطا, لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا) , أنها الوسطيه التي لا تترك مجالآ للتشدد السلفي أن يتصدر كخطاب للأمه , ولا لوعاظ السلاطين الذين خدموا شياطين السياسه, ولا المؤولون الذين أبعدوا النصوص المقدسه عن سياقاتها التي وضعت لها من قبل الشارع المقدس.فالوسطيه هي من تساهم بحل أزمة الحاضر , وتدفعنا لخلق حاله منتجه.
أياد الزهيري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تأهب أمني لقوات الاحتلال في مدينة القدس بسبب إحياء اليهود لع


.. بعد دعوة الناطق العسكري باسم -حماس- للتصعيد في الأردن.. جماع




.. تأبين قتلى -وورلد سنترال كيتشن- في كاتدرائية واشنطن


.. تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!




.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي