الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفارقة بين من عرف قدره ومن يخون صوته ..

مروان صباح

2018 / 6 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


مروان صباح / إذا صح إدراج مفاوضات طابا في باب النوايا الحسنة ، فقد قدم الأمريكي ، يهود باراك رئيس وزراء إسرائيل آنذاك ، ضمن صيغة مقبولة ، الذي جعله يشرف على تفاصيل مفاوضات الحل النهائي ، والرجل بدوره الكريم ، قد قدم عرض للفلسطينين ، يَقُول العرض ، مقابل اعترافكم ، بحق اليهودي لما هو تحت الجبل الواقع عليه الأقصى ، ينسحب الاسرائيلي من بعض احياء مدينة القدس التاريخية ، بعدها بتكي ، أصبح التفاوض على احياء المدينة القديمة ، هو العنوان الأبرز ، ومن ثم ، بدأ الحديث عن شارع هنا واخر هناك حتى وصلنا إلى عهد نتنياهو ترمب ، طارت القدس التحتة والفوقة ، وهذا يعني شيء واحد ، عندما يعترف الامريكي بالقدس كعاصمة كاملة لليهود ويتجاهل الكون برمته ، دون أن يكترث لا لأعرابي ولا لأعجمي ، أي أن المفاوضات المستقبلية ، ستكون بنودها خالية من ملف القدس ، وهذا يجعل الإسرائيلي يفكر بالخطوة التالية ، لما هو قائم فوق جبل الأقصى ، بل من الممكن ، للمفاوضات المستقبلية أن تدور حول موقع القدس من الفضاء الخارجي ، مالو الفضاء الخارجي ، كويس ، أفضل من أن يأتي يوماً ما ، ويعض العربي على يديه ويقول ياليتني قبلتُ بصورة فضائية ، اي طبوغرافية .

وطالما العربي اعتبر لغته العربية أصل كل شيء ، فقد اعتمد في سلوكه السياسي ، العبارة الشهيرة إياها ، لأحد اجداده المخلدين عمر بن عبد العزيز ، رحم الله امرئٍ عرف قدر نفسه ، بالفعل ، اعتمدها أساس أي تعامل مع القوي العايب ، المصطلح الذي عكف عليه واستخدامه الرئيس ابومازن في خطابه أثناء انعقاد المجلس الوطني ، لأن العربي ، كنظام وشعب يعلمان جيداً ، أنهم كانوا غائبون عن جميع الحصص الدراسية واستنفذوا أوقاتهم ومجهودهم في الحارات والملاهي ، بينما كان الغربي ينتقل من معرفة لأخرى ومن تطور إلى صناعة حتى تمكن من الإحكام على التكنولوجيا التى بدورها استحكمت بالبطون قبل العقول واصبح الفارق الحضري كبير ، لكن الأخطر من التفرد بالتكنولوجيا ، ارتأى الغربي وبعد سلسلة نكبات في الجغرافيا العربية ، الحفاظ على الاستبداد الذي بدوره قادر على افشال كل محاولة فردية أو جماعيّة تهدف بالنهوض .

الآن ، طالما لا يختلف إثنين ، بأن العربي في هذا الوقت حفظ قدر نفسه بعد ما عرف حدودها ، بل ، يتجنب كل الصدامات التى يعلم نتيجتها مسبقاً ، يهادن مرات ويقدم تنازلات وتسرق موارده الطبيعة امام عينيه ، بل ، هناك حقيقة تاريخية ، لم يُقدم نفسه في يوم من السنوات حكمه الحديث ، على أن جمهورياته أو دوله أو مملكاته ، انها نظم مقاومة ، بقدر أنهم قدموا قواتهم في أفضل حال ، أنها دفاعية أو بولسية ، حتى الأنظمة الشمولية ، مثل نظام عبدالناصر وصدام ، كانوا في نهاية الأمر ، يحتكمون إلى ما يسمى بالمجتمع الدولي ، لكن ، مُزاحم مثل ايران ، واصلت بمهارة دورها الصوتي حتى أماطت الجغرافيا المتحدة بين العراق ايران ولبنان وسوريا اللثام عنها وانكشف بذاءة الازدحام ، اعتمد النظام الايراني ، الظاهرة الصوتية ، كأساس في تأنيب المربع العربي ، ظهر في صراعه الأول مع صدام ، كمنقذ للشعب العراقي من طاغية العصر ولم ينفك حتى تآمر مع الغرب الاستعماري ، ليس بإطاحة صدام وحزبه فحسب ، بل ، اطاح بالعراق ، فالعراق وصل بفضل ايران وأدواتها إلى مستوى يعجز التصنيف تصنيفه ، وأدركت كما ادرك الغرب بخطورة الربيع العربي ، ساند الايراني الانتفاضات العربية التى سُميت لاحقاً. بالربيع العربي ، لكن عندما وصلت إلى الاستبداد الأسدي والحوثي انقلب على الانتفاضات وتحول بخفة إلى المربع الغربي ، الذي خلط بين المنتفضين والإرهابين .

ولكي تكتمل الصورة على نحو أكثر وضوحاً ، ونفكك عناصر التكوين الصوتي ، الذي لا يكف الايراني ومربعه من الصراخ على القدس والأقصى وفلسطين التاريخية ، وقد جعل للقدس يوماً في السنة ، يذكر فيه العالم باحتلالها ، في البداية كانت الفكرة معقولة ، بل ، لسنوات طويلة ومع ظهور حزب الله في لبنان ومن ثم انسحاب الاسرائيلي من جنوبه ، وحرب 2006 م بين الحزب والجيش الإسرائيلي أعطى كل ذلك مؤشرات طيبة لدى الشعب العربي ، تعزز المقبول ، ليصبح فيما بعد ، حسن ، لكن الدهاء السياسي الامريكي ، فضح الإيراني بشكل مقصود تدريجياً ، انسحاب الامريكي من العراق وباتت الساحة كاملة تحت سيطرته ، زادت الأمور تعقيداً ، غطى النظام الايراني فساد وإفساد رئيس وزراء آنذاك المالكي ، ثم سكت عن مشروع تسليم مناطق السنة والتى تتصل بالاراضي السورية لتنظيم داعش ، فدخل العراق في عملية تدمير واسعة ومتجذرة ، والاخطر من ذلك ، قام النظام الايراني بأكبر عملية تجانسية بين سوريا والعراق مع صمت وتواطؤ دولي وكان الهدف الأساسي من كل ذلك ، عمليات تطهيرية مذهبية بعد ما قاموا بأكبر عملية هدم للعراق .

يتسأل المراقب الأمين ، على التقيم السهل ، ربما مع تردد في كثير او قليل ، ما هي الصفقة الحقيقية لمسألة أرض جولان المحتلة ، مع تأكيد على أن الصفقة لا تشمل كل سوريا ، بل ، يتعامل الروسي والاسرائيلي والأمريكي مع قوات الإيرانية والمليشيات التابعة لها ، كونها جهات إرهابية مهذبة ، يديرها الروسي بعناية فائقة ، وهنا تكشف لنا قصة الجولان ، حقيقة الانتفاضة السورية التى تحولت بمجهود استعماري إلى صراع إقليمي ، ليس أبداً كما يروّج انها دولية ، هذه القوىّ الكبرى ، هي ذاتها لا سواها تحدد جهات ومواقع الاقتتال ، بل جميع الأطراف المحلية ترضخ إلى تل ابيب وموسكو وواشنطن وسبب في ذاك ، الحفاظ على وجودها ، أي أن سرديات المقاومة وتحرير فلسطين ، هي باطلة حسب توازن القوة ، وإذا كان الواقع بثقله يفضح هذه السرديات ويكشف عَن حجم التلاعب الكلامي والفارق بين الخطاب والإمكانيات ، إذاً ، ما هو الهدف من تبني خطاب غير قابل للترجمة .

مفارقة أخرى لا يمكن الاغماض العين عنها ، عندما تولى الأسد الابن حكم الجمهورية السورية ، شهد العالم الغربي وإسرائيل صمت نادر ، كانت هناك حالة سكوت ، انعدمت تماماً المعلومات ، حول اغتيالات أشخاص من الصفوف الاولى للنظام ولم يتطرق المجتمع الدولي حول الأموال المنقولة وغير منقولة من الاب إلى الابن حتى الحياة الشخصية لعائلة أسد الاب والأب معاً ، كانت مغيبة عن الإعلام ، في المقابل ، شهد انتقال الحكم من الإخوة إلى الأبناء ال سعود ، أكبر رصد إعلامي ، وعلى سبيل المثال ، الأمير محمد بن سلمان مازالت المكنات الإعلامية العالمية منذ توليه ولاية العرش تعمل على رصد وتفنيد وفضح قراراته ومشترياته وتأجيج الحالة الاجتماعية السعودية وصنع سرديات مع خصومه ، حتى حرب اليمن التى تشهد تقدم نوعي لصالح الجيش اليمني ، يظهر التقدم عن حجم نوايا الغرب بعدم الرغبة بحسم المعركة لصالح الشرعية ، فقط ، نكايةً بأن سلمان ، وهذا يفسر باختصار ، كيف تكيل القوى المتحكمة بأدوات الصراعات في المنطقة ، بترجيح ميزان الأقلية على صالح الأكثرية ، وبالتالي ، تتوالى دون رحمة الضربات بمختلف أدواتها باتجاه الأكثرية من أجل الحفاظ على الأقلية وبالنهاية المحافظة على قوة اسرائيل ، مادامت الأقلية تتصدر وهّم المقاومة .

عندما يتبرأ النظام الأسدي من وجود قوات إيرانية في جنوب سوريا ، بل ، يكرر ليلا نهارا بعدم وجودها في كامل الجغرافيا السورية ، باستثناء بعض المستشارين ، وهذا النفي لا يُلغي واقع الوجود، فكثافة القتل والتهجير والتنكيل والإحلال ، دليل كافي على وجود ايران ومليشياته المذهبية ، لكنه ، يكشف ايضاً ، أمر ليس أقل دلالة ومأساوية ، بأن الصراع الدائر في سوريا والمنطقة ، لا يخرج عن الأدبياته البسيطة ، بأن هناك بشر أرادوا التخلص من الاستبداد ، فاصتدموا باستبداد اخطر ، يدعي مقاومة اسرائيل وتحرير القدس ، وحسب الواقع والتجربة ، اخر همه القدس وفلسطين ، ومن جانب أخر ، كلما تناس حدوده ، يتدخل الإسرائيلي لتأديبه ، وإعادة وضعه على خطوط المواجهة ، مع تذكيره أن استمرار مقاومته تكمن في تخريب الجغرافيا العربية ، وهذا يجيب عن تساءل كبير ، كيف تحيي إيران يوم القدس ، رغم القدس لم تشهد منها يوما ما دولار ، كدعم لصمود أهلها ، في حين ، تُتهم السعودية والخليج والعرب بالتقصير والتفريض ، رغم أن ، جميع أسباب الصمود يَأْتِي منهم ، لكن ، المفارقة الكبرى ، لا احد يتكلم عن كل ما أسلفناه ، ايضاً ، في جانب هو على مقربة من القدس ، لا أحد يتكلم عن صفقة الجولان بقدر تنهال الروايات حول صفقة القرن .

في النهاية ، هناك حكمة من كل ما يجري في المنطقة العربية ، وبعيد عن الإستبداد ، يوجد حقيقة لا يمكن إنكارها ، لقد فقدت الشام قيمتها التاريخية التى كانت تعرف عنها ، وفقدت أيضاً ما تراكم عبر القرون من حِكم متخلفة ، وهذا ، لا يقوم به سوى عدو وليس ابداً مستبد، تماماً كما يجري في القدس وفلسطين وكما حصل في العراق . والسلام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات الطلبة في فرنسا ضد حرب غزة: هل تتسع رقعتها؟| المسائ


.. الرصيف البحري الأميركي المؤقت في غزة.. هل يغير من الواقع الإ




.. هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتحكم في مستقبل الفورمولا؟ | #سك


.. خلافات صينية أميركية في ملفات عديدة وشائكة.. واتفاق على استم




.. جهود مكثفة لتجنب معركة رفح والتوصل لاتفاق هدنة وتبادل.. فهل