الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قساوسة وشيوخ البنك الدولى

طلعت رضوان

2018 / 6 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أليس الترويج للغيبيات من أهداف الرأسمالية العالمية؟
لماذا فضح ماكنمارا سياسة البنك الدولى؟
أعتقد أنّ أصغرمُـتخصص فى العلوم السياسية والاقتصادية، يـُـدرك ويعلم أنّ صندوق النقد الدولى والبنك الدولى، مؤسستان تابعتان للرأسمالية العالمية، وأنهما تسبـّـبا فى انتشارالنشاط الاقتصادى الطفيلى، المُـدمـّــرلأية تنمية اقتصادية حقيقية، والنتيجة تضاعف بؤس البؤساء.
وقد وقع فى يدى كتاب (التنمية والقيم: مناقشات حرة لنخبة من خبراء البنك الدولى) من إصدارالمركزالقومى للترجمة- ط2- عام2009. فقلتُ لنفسى: اقرا ياواد يمكن تلاقى معلومات تؤكد وجهة نظرك عن خطورة البنك الدولى على حياة الشعوب، اللى محكومة بأنظمة تابعة للرأسمالية العالمية.
وكانت المفاجآة أننى وجدتُ (خبراء) البنك الدولى الذين كتبوا فصول الكتاب، لايختلفون عن أعضاء أية مؤسسة دينية كهنوتية. ونظرًا لأنّ كلام (خبراء) البنك فيه الكثيرمن التشابه عن تكريس الدعاية للأصولية الدينية، فسأختاربعض النماذج خشية التكرار.
فى الفصل الذى كتبه (ديفيد بيكمان) ذكرأنّ أنبياء العهد القديم علمونا أنّ الله ((هومصدركافة البركات..وأنه لا القوة العسكرية أوالاقتصادية استطاعتْ أنْ تضمن أمن ورخاء إسرائيل)) (ص59) أليس هذا الكلام فيه الكثيرمن المغالطات؟ مع تكريس فكرالغيبيات والخرافات؟ ويكفى تذكيرالقارىء بما حدث عام1950، حيث هاجم (بن جوريون) أعضاء (حزب أجودات يسرائيل الدينى) وقال لهم ((إننا نريد أمة من الجنود لا أمة من الكهنة)) وقال إنّ ((فكرة العهد بين الله والشعب، بمثابة أسطورة شعبية. وقال: إنّ الدين وسيلة مواصلات، نبقى فيها بعض الوقت لاكل الوقت. وعلى اليهودى من الآن ألاّينتظرالتدخل الإلهى لتحديد مصيره، بل عليه أنْ يلجأ إلى الوسائل الطبيعية مثل الفانتوم والنابالم)) وهذا نموذج واحد (فقط) يـُـكذب ما قاله (خبير) البنك (بيكمان) الذى لم يكتف بذلك وإنما روّج للفكرالمثالى/ الطوباوى (عن الأخلاق) كوسيلة للتنمية. وعن التسامح والمحبة وبركات الرب ((للتغلب على الفقروالظلم)) (من ص64- 67) أى أنّ سيادة القس (خبيرالبنك) تجاهل لغة الاقتصاد وركــّـزعلى اللغة الدينية، خاصة عندما ذكرأنّ الرب: يـُـدهشنا يومًا بعد يوم (بأعماله) (ص69)
وفى الفصل الذى كتبه (سفن بيرميسير) انتقد الذين سخروا (من دورالأخلاق) فى الشئون العالمية، فكانت النتيجة انصراف الناس عن الكنائس. وذكرأنّ العلم لايكفى لتغييرالإنسانية إلى الأفضل، وبالتالى يكون البديل اللجوء إلى الدين. وأنّ حل (مشكلة الفقر) يكون بالإيمان بالدين باستعادة (تجربة الصيام ) وأوصى زعماء العالم بالتركيزعلى ((الاحتياجات الروحية لشعوبهم)) بحيث تكون الشغل الشاغل لقادة الدول النامية (من ص79- 109)
وسأكتفى بهذيْن النموذجيْن للقساوسة/ خبراء البنك من الأوروبيين، لأركزعلى نموذج (مصرى) هو(إسماعيل سراج الدين) الذى كرّرفى الفصل الذى كتبه على هــّـويته الدينية فقال ((إننى مصرى مسلم على المذهب السنى)) وربط ذلك بتوجهه الأيديولوجى فذكر((وجدتُ أنّ الماركسية المادية تتعارض مع التزامى الراسخ بالقيم الروحية. ولذلك ظلــّـتْ مثاليات الديمقراطية الغربية، التى تدعوإلى الحرية الفردية من الأمورالواضحة لدىّ ولها أثرفى تفكيرى)) وأعتقد أنه كان يمكن التجاوزعن هذا الجزء من كلام سراج الدين (فهذا حقه) لولا أنه ربط (إيمانه) بالغرب بإيمانه بالدين الإسلامى، وتحوّل من (خبير) فى مؤسسة مالية إلى داعية إسلامى، وعلى سبيل المثال فإنه فى دعوته ((للروابط العالمية)) استشهد بالآية13من سورة الحجرات. وبدون مناسبة تكلم عن أنّ الإسلام مع حرية العقيدة، واستشهد بالآية256/البقرة. وتكلم عن (وسطية الإسلام) فنقل نص الآية143/البقرة. وذكرأنّ الإسلام أمربالمساعدة الإنسانية واستشهد بالآية105/المائدة. أما أغرب ما كتبه سراج الدين فهوالكلام عن (خلافة الإنسان للأرض) من وجهة نظرالإسلام، واستشهد بعدة آيات قرآنية. والخبير/الشيخ سراج الدين- وبلا مناسبة أسهب فى الكلام (عن القصاص) كما جاء فى القرآن وركزعلى آية ((يا أيها الذين آمنوا كــُـتب عليكم القصاص فى القتلى الحربالحروالعبد بالعبد والأنثى بالأنثى..إلخ)) (البقرة/178)
وسؤال العقل الحرلابد أنْ يكون: لماذا هذه الآية التى فرّقتْ بين والحروالعبد ((الحربالحر والعبد بالعبد))؟ وما علاقتها بلغة الاقتصاد وبالبنك الاستعمارى؟ فما الفرق بينه وبين عتاة الشيوخ؟ ولماذا نقل نص الآية105/التوبة؟ وبهدف تكريس الفكرالغيبى، والعداء للمختلف مع التوجهات الدينية استشهد بحديث الرسول ((من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده..إلخ)) أليس هذا الحديث فيه تحريض على العنف، وأحد مصادرالجماعات الإسلامية، حيث يلجأون إليه فى بياناتهم لتبريرأعمالهم الإجرامية، ولمنع (المُـنكر) من وجهة نظرهم، حتى ولوكان مشاهدة الأفلام.
ومثل أى شيخ يعمل فى مؤسسة دينية كتب الشيخ الدكتورسراج الدين ((...ولقد سعتْ التشريعات الإسلامية لوضع حدود لما هوجائزوما يـُـعاقب عليه المرء من أفعال..إلخ)) وعن (مجتمع العدل الإسلامى) قال ((والعدل يرتبط بالصالح العام. وفى ظل الإسلام يـُـعتبرالصالح العام مبررًا لتغييربعض القوالب القديمة لتتمشى مع متغيرات الحاضر..إلخ)) (مع ملاحظة أننى لا أناقش أفكارالشيخ/ الدكتور) لأنّ هدفى هوالتأكيد على أنه لوحذفنا اسمه من النص، سيكون للقارىء الحق فى نسبة هذا الكلام لأى شيخ من شيوخ الأزهر، خاصة أنه ركــّـزعلى أهمية (الزكاة) ((وأنها (ضريبة) على الأغنياء والفقراء)) ورغم أنه خبيراقتصادى لم يطرأ على ذهنه الإشارة إلى (الضريبة التصاعدية) ولاكيف يدفع الفقيرالزكاة؟ ولكنه ذكرأنّ نموذج التنمية يجب أنْ يتمشى مع أسس الإسلام (من ص111- 139)
هذا ما كتبه الشيخ الدكتورإسماعيل سراج الدين، بالرغم من أنه حاصل على الدكتوراه من جامعة هارفارد. وشغل عدة مواقع فى البنك الدولى، إلى أنْ صارنائبـًـا لرئيس البنك عام1993، وظلّ فى هذا المنصب حتى عام2000وحصل على17دكتوراه فخرية من جميع أنحاء العالم. وهوعضوفى العديد من (الأكاديميات والمؤسسات العلمية) وفوق كل ذلك نال شرف شغل وظيفة (مديرمكتبة الإسكندرية) ومع ذلك لاتختلف توجهاته عن توجهات أى أصولى إسلامى.
وبالرغم من أنّ المُـشاركين فى فصول الكتاب، تكلــّــموا كثيرًا عن (ميتافيزيقا الأديان) وفى السطورالقليلة التى تناولوا فيها سياسة البنك الدولى، ركــّــزوا على دوره فى تنمية الدول الفقيرة (وهذا غيرصحيح) بشهادة (روبرت ماكنمارا) الذى تولى رئاسة البنك الدولى من عام1968- إلى عام1981(أى لمدة13سنة) واعترف بأنّ ((تضييق الهــّـوة بين الدول الصناعية والدول النامية، لم يكن فى المقام الأول فى أى وقت من الأوقات الهدف الحقيقى لنا...وأنّ هذا الهدف غيرمحتمل التحقق أوأنه سوف يتحقق فى يوم ما)) ومع ملاحظة أنّ ماكنمارا شغل منصب وزيرالدفاع فى عهد الرئيسيْن الأمريكييْن (كيندى وجونسون) وكان أحد مهندسى الحرب ضد الشعب الفيتنامى، وبالرغم من ذلك كتب شهادته عن أكذوبة أنّ البنك الدولى له (دورفى تنمية الدول الفقيرة) وهى شهادة تحتاج لمحلل نفسى على مستوى فرويد، لمعرفة السبب الذى جعله يـُـدلى بهذه الشهادة الفاضحة لواحدة من المؤسسات المالية التابعة للرأسمالية العالمية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سر مكنمارا
ابو محمد ( 2018 / 6 / 9 - 15:06 )
سيد طلعت المحترم
واحد ذهب ليقترض لانه اساسا معهوش
طيب بكره ايه اللي يضمن انه يصير معاه؟
يقولك الشاب نشيط ويعمل من القرش قرشين
طيب الاغلبية ستفكر بذلك وخذ يا انتاج الى ان ندخل في الكساد والركود وفكرة بيع الاصول لاجل السداد وغالبا لا توفي الدين واللي يشتري هذه الاصول مجموعة جاهزة تابعة للبنك الدولي للشراء بمبالغ بخسة بعد ان يجبروا الحكام على اجبار المدينين اعمدة اقتصاد البلد الانتاجي على البيع في المزاد
مكنمارا وجد ان لعبة البنك الدولي لا تحطم المقترضين فقط بل وتضعف اقتصاديات الدول وخاصة الصناعية
وهندك تجربة 2007 لما انهارت بنوك امريكا لعجزها عن استرداد امواها وقد تدخل اوباما لشراء اصول الشركات الكبرى مثل جي ام سي بعد ان تخلى عنها بوش لصالح عائلة البنك الدولي
عاد اوباما كحكومة ببيع اسهم الشركات في السوق مما افاد الخزينة ومنع انهيار اقتصادي كاد ان يودي بامريكا واضاف مع الاصلاح هذا قانون اوباما الصحي الذي موله من التدخل الحكومي بالسوق
مكنمارا يدافع عن النظام الراسمالي بعناصره كافة ولا يعنيه جامع اموال العالم والذهب ليقبع بجزيرة مجهولة لها اجندة تنصيب ملك مملكة الرب ليسخر البشر خدما

اخر الافلام

.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع


.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية




.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-


.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها




.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24