الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المغرب : الخرافة رد فعل

محمد الاغظف بوية

2018 / 6 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


تمكن شاب مغربي من حشد عشرات مئات المواطنين، ذكورا وإناثا، والتوجه بهم صوب جبلٍ يطل على على "دوار تيشوت" قرب مدينة بولمان. واصلت الحشود الزحف ليلا للوصول إلى مكان الكنز المزعوم، رغبة منهم في حضور لحظة كشف الكنز المزعوم، قبل أن يتأكد للجميع زيف ادعاءات الشخص المذكور، بعد أن أخبرهم أن "الله تعالى هو الكنز الحقيقي"، وأن "النصيب من كنز الجبل سيصل إليهم في منازلهم".
مواطنون توحدهم نزعة الانتقام من حالة الفقر والحرمان يتطلعون إلى غد أفضل، ولو كان يحمل أوهاما. الأوهام يحملها المواطن، غنيا كان أو فقيرا. وهكذا، فمنذ الاستقلال بات المواطن المغربي يبحث عن أملٍ للتغيير والتقدم والحرية، وقد طال زمن الترقب، فكان ما كان من التعلق بالأوهام والخرافة.
قبل الحج إلى جبل سرغينة، انتشر فيديو "الملائكة" كالنار في الهشيم بمختلف مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن الفيديو أحدث نقاشا وردود فعل واسعة بين مصدق وكاذب لظهور الملائكة فوق سماء مدينة مكناس. مر الخبر مرور الكرام بعد ظهور الكنز المزعوم.
سيخرج النقاش الحقيقي من دائرة مدى صحة الكنز أو تحليق الملائكة، ليقف عند مدى سذاجة الواقع السياسي، وغلبة اتجاه الإشاعة، وإحداث البلبلة، عبر نشر مزيد من الترهات والخزعبلات، والهدف إشغال الرأي العام، وإبعاده عن المشكلات الحقيقية، وبالتالي إدخاله في متاهاتٍ تصب كلها في إبقاء المواطن المغربي حبيس التخلف والوهم.
استبدلت الوعود الإصلاحية وخطط التنمية بالبحث عن حلول وابتكارات بعيدة عن الواقع وعن العقل، فالمواطن البائس يحارب المجتمع السياسي الرسمي المنقلب عليه، باللعب حسب إمكاناته المتاحة، متخفيا وراء قيم الاحترام والنيات الطيبة، وهو بذلك يبني نموذجه الرافض منطق السلطة التي لم تكترث به يوما إلا في وقت الحملة الانتخابية، حيث يطلب من المجتمع السياسي إخراج المواطن من قوقعته وعزلته، واستثمار كل صيحات التنمية وبرامج التأهيل الاقتصادي والاجتماعي، لأجل إشراكه.
عندما تنتهي مسرحية المجتمع السياسي، يعود المواطن البئيس إلى حاله وحالته، يفكر في تحسين وضعه، فيرى الخرافة تشع ليجد فيها المتنفس، ويتعامل مع واقعه بأسلوب انفعالي خرافي تقليدي. وفي لحظة رفض مساومات المجتمع السياسي المدعوم من السلطة المركزية، يختار المواطن الانكفاء على الذات، والقطيعة مع كل ما يمثل التسلط السياسي، ويتمسك بالتقاليد والرجوع إلى الماضي المجيد. وكذلك اختيار طرق أخرى في نظره أكثر انسجاما مع رغبته، فيعود إلى البحث عن مبررات للحياة والعيش، ولو على حساب الشرع. مثلا كإضفاء طابع الخرافة على مطالبه، والميل إلى السحر، أو مخالفة القانون، كجر الناس، وتجميعهم للقيام بأعمال مخالفة للقانون.
ما يحدث اليوم في المغرب يسائل الأحزاب والنقابات والجمعيات التي تعمل في إطار المجتمع السياسي عن عملها ومشروعها المجتمعي والحداثي. بطبيعة الحال، تعودنا في ما هو سياسي الصمت الرهيب، وحتى ولو سجل رد فعل ما فإنه محتشم.
ما يحدث من هبة الناس نحو صناعة المجهول، يفرض جوابا من رجال العلم ورجال الدين. وبما أن البلاد لا تعرف وجودا حقيقيا لرجل العلم، المثقف العضوي، فإنها في المقابل تعرف نماذج من رجال الدين، سقطوا في بركة رجال السياسة الذين ابتعدوا عن حياة الناس بتخليهم عن حماية المجتمع من التشوهات التي تجد لها مكانا، كلما ضعف المجتمع السياسي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات الطلبة في فرنسا ضد حرب غزة: هل تتسع رقعتها؟| المسائ


.. الرصيف البحري الأميركي المؤقت في غزة.. هل يغير من الواقع الإ




.. هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتحكم في مستقبل الفورمولا؟ | #سك


.. خلافات صينية أميركية في ملفات عديدة وشائكة.. واتفاق على استم




.. جهود مكثفة لتجنب معركة رفح والتوصل لاتفاق هدنة وتبادل.. فهل