الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسباب التضخم الرهيب في فنزويلا

حاتم بن رجيبة

2018 / 6 / 22
الادارة و الاقتصاد


الرأي السائد والذي تروج له جل وسائل الإعلام أن التضخم الرهيب الذي وصل إلى 850% وحتى 1300% مرده أساسا النظام الإقتصادي الإشتراكي الخانق للمبادرة الشخصية وللقطاع الخاص والمسرف في النفقات مع انهيار سعر النفط إلى نصف القيمة.

حقيقة سخف و ضحك على الذقون، فحتى الأنظمة الشيوعية الصرفة والتي لا تمتلك ذرة من الثروة النفطية الفينيزويلية لم تشهد ولو طيفا من هذا التضخم الأسطوري، مثل كوبا و كوريا الشمالية! كذلك الدول العربية التي تعتمد كليا على النفط كمورد للعملة الصعبة وللدخل لم تفرغ أسواقها حتى من أتفه المواد الإستهلاكية عندما وصل سعر البرميل إلى العشر دولارات وحتى أقل.

فكيف وصلت فينيزويلا إلى هذه الكارثة الإقتصادية رغم مواردها المالية ، من جراء عائدات البترول، الهائلة؟؟؟؟

هناك أسباب مزمنة لم يستطع النظام اليساري ، رغم تمركزه في الحكم منذ عشرين سنة ،أن يزيلها أو يخفف منها وأسباب تسبب فيها النظام اليساري مباشرة وأسباب خارجية عدائية أو مفروضة بحكم الواقع.

يعاني الإقتصاد الفينيزويلي من نقيصتين مزمنتين وقاتلتين : الخلل الأول والأهم هو الإعتماد الكلي على النفط كمورد للدخل وخاصة للعملة الصعبة فكل انخفاض لسعره ولو طفيفا يسب أزمة حادة في إمكانيات التوريد فمابالك بانهيار حاد الى النصف وأكثر ، عندها يصبح الوضع كارثيا. النقيصة الثانية هو ضعف الطبقة الوسطى في المجتمع الفينزويلي وهذا يعود إلى حقبة حكم اليمين الذي قسم الشعب إلى طبقة مدقعة وطبقة فاحشة الثراء من الإقطاعيين المحتكرين لجل الثروة. فكل دولة أحادية المنتوج لا تصنع و لا تمتلك قطاعات مختلفة للإنتاج تعتبر ذات اقتصاد هش ومتقلب ومهدد. أما الطبقة الوسطى فهي التي تثري الإقتصاد بتنوع القطاعات الإنتاجية ذلك أنها في تنافس داخلي حاد وهو حافز للإبتكار و رفع النجاعة كما أن الطبقة الوسطى هي محرك ضخم للتشغيل وبالتالي رفع موارد الدولة والأفراد.

ما يعاب على اليسار الحاكم هو أنه لم يعالج ما سبق ذكره ولم يستثمر في التصنيع ولم يقوي القطاع الخاص والشركات الصغرى والمتوسطة بل انحاز للطبقة المهمشة فقط ولم يستوعب الدرس من الأنظمة الشيوعية المنهارة التي خنقت المبادر الفردية والملكية الخاصة لوسائل الإنتاج وأزالت الطبقة الوسطى تماما. فالحل السحري يكمن في دعم الطبقتين المهمشة والوسطى معا كما صار في الدول المتقدمة عموما.

أما الأسباب الخارجية فيمثل سقوط سعر النفط عاملا مهما لكن العامل الرئيسي يبقى الحرب الإقتصادية التي تشنها الولايات المتحدة مع حليفتها كندا وعملائها أمثال كولومبيا على النظام اليساري الفينيزويلي. فيلقى النظام صعوبات كبيرة في التعامل مع البنوك الدولية مثل ال-Citybank فهي إما تجمد وتصادر الأرصدة المالية أو تعرقل المعاملات الصرفية. كما تمتنع الكثير من الشركات أو دول الجوار عن التزويد حتى بالمواد الأساسية كالأغذية والأدوية. أما الطبقة الثرية فهي تسعى إلى التخريب وتركيع النظام بتهريب المواد المدعمة المتوفرة في السوق إلى البرازيل وبلدان الجوار وإلى احتكار السلع وعرضها في السوق السوداء بأثمان باهظة جدا. الهدف من ذلك هو تجويع الشعب حتى يثور ويسقط بالعنف اليسار مباشرة من الحكم أو ديمقراطيا بانتخابه للمعارضة الليبرالية.

كل هذا أدى إلى نقص حاد في السلع حتى الأساسية منها كالأغذية والطعام مما تسبب في ارتفاع مهول لأثمانها أو غيابها كليا، مما جعل نسبة التضخم ترتفع إلى 1300%.

فينيزويلا تشبه قلعة تحاصرها الولايات المتحدة وحلفائها من الخارج وتمنع دخول السلع أما بالداخل فالمعارضة وإقطاعيوها طابور خامس يهرب الموجود إلى العدو حتى يجوع الشعب ويثور على اليسار. أما الحاكم الإشتراكي فقد انغمس في الإنفاق المفرط ولم يهتم بالقوى المنتجة كما لم يستثمر في التصنيع و الإنتاج. سقوط القلعة هي مسألة وقت فقط.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمين عام -الناتو- يتهم الصين بـ”دعم اقتصاد الحرب الروسي”


.. محافظات القناة وتطويرها شاهد المنطقة الاقتصادية لقناة السو




.. الملاريا تواصل الفتك بالمواطنين في كينيا رغم التقدم في إنتاج


.. أصوات من غزة| شح السيولة النقدية يفاقم معاناة سكان قطاع غزة




.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الخميس 25-4-2024 بالصاغة