الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدولة والمليشيات

سمير عادل

2018 / 6 / 24
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


عندما يتحجج رئيس الوزراء حيدر العبادي بكلمة له في المدرسة العسكرية في المنطقة الخضراء، بأن سبب انفلات عيار المليشيات وتطاولاتهاهو انشغال الدولة بالحرب على داعش، فيعني ذلك ان حال حكومته الفاشلة لا يحسد عليه. ولا نقول هنا دولة فاشلة، لان الدولة وبالمعنى الضيق والحقوقي تعني حماية سلامة وامن المواطن هي غائبة كليا ولم تتأسس لحد هذه اللحظة منذ تدميرها على يد الاحتلال. لنعود الى الحكومة التي فشلت في كل شيء واخرها عندما وقفت عاجزة امام ميليشيات تابعة لحزب الله قبل ايام قليلة، عندما اردت شرطيا قتيلا بوابل من الرصاص وجرحت عددا اخرا من افراد الشرطة الى جانب عدد من المدنيين في احدى نقاط التفتيش في شارع فلسطين وسط مدينة بغداد. وكعادة العبادي اكتفى بتصريحات غير نارية ردا على نيران المليشيات التي اغلقت عدد من شوارع بغداد لساعات. وجاءت هذه الاشتباكات بعد أكثر من عشرة ايام على انفجار مخزن للأسلحة والاعتدة في حسينية في مدينة الثورة، حيث ادت الى تدمير عشرات البيوت وقتل وجرح ما يقارب ٩٠ شخصا من المدنيين، ليضاف الى تلك الحادثة المروعة جريمة اخرى من اعمال المليشيات وهي احراق صناديق الاقتراع في منطقة الرصافة، ناهيك عن تصاعد عمليات الخطف والسلب والقتل.
بيد ان المشهد الهوليودي من افلام المغامرات لا ينتهي هنا، بل يصرح الناطق باسم عصائب اهل الحق بأن جواب "المليشيات" على قرار المحكمة الاتحادية حول نتائج الانتخابات سيأتيكم بعد ساعات. اي اصبح استخدام مصطلح "المليشيات" رسميا ويتعامل به في الخطاب الاعلامي الرسمي، حاله حال "المكونات" و"الحراك" و"العابرة للطائفية" و"الكتلة التاريخية" و"الشلع القلع" و"الحكومة الوطنية الابوية"..الخ من المصطلحات والمقولات، التي ليست هي نتاج للتطور العلمي والتكنلوجي للمجتمعات كي تحتاجها وتدخلها الى اللغة المتداولة، بل هو نتاج الخراب والفوضى والدمار بما فيه الخراب الثقافي الذي اقحم تلك المصطلحات على اللغة المتداولة اليوم في العراق.
من يصدق ان العبادي او مقتدى الصدر قادران على نزع سلاح المليشيات وحلها فهو غارق في بحر الحماقة اكثر من الاوهام. فعندما يكون هناك تشرذم سياسي في صفوف شبكات الاسلام السياسي الشيعي المتصارعة على السلطة ويفشل بتأسيس الدولة، فلن يكون هناك طوق نجاة لهذه الشبكات سوى المليشيات وسلاحها.
ان عبارة "حصر السلاح بيد الدولة" تعني بالنسبة للأطراف خارج السلطة الحكومية حرمانها امام اطراف الحكومة من سلاحها وقوتها، وتعني تغيير توازن القوى لصالح شبكة من تلك الشبكات. وفي عراق اليوم، وفي خضم الصراع على السلطة والمدعوم اقليميا ودوليا، فلا مجال للحديث عن حصر السلاح بيد الدولة الا للاستهلاك الاعلامي وذر الرماد في العيون. فوجود المليشيات وقوتها وعبثها بأمن المجتمع وكل صولاتها وجولاتها تستند على الفوضى السياسية بالدرجة الاولى والصراع على السلطة السياسية.
التجربة اليمنية واللبنانية تعلمنا، ان قوة اقليمية مثل الجمهورية الاسلامية في ايران لن تستطع ازاحة منافسيها الاخرين من القوى الاقليمية الاخرى، بأحلال قوة قمعية موالية لها محل آلة الدول القديمة التي حصدت الاعتبار المعنوي والسياسي عبر تاريخها الحديث. فلا مجال هنا سوى استغلال حالة الفوضى والصراع على السلطة لتشكيل قوى ميليشياتية مسلحة اخرى كي تؤمن مصالحها القومية. اليوم في العراق، وكما اشرنا الى ذلك في اكثر من مناسبة ليس امام القوى الاسلامية المحلية وحليفتها الجمهورية الاسلامية في ايران سوى طريقين، اما حسم الصراع السياسي لصالح التحالف الشيعي وتأسيس دولة اسلامية بكل معنى من معاني هذه المقولة، او تشكيل قوى موازية للدولة القائمة اي بناء دولة داخل دولة كما هو حال الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان.
ان التحالف الجديد بين العبادي والصدر بعد تحالف الاخير مع مليشيات الحشد الشعبي، يكشف في ثناياه ان الاسلام السياسي الشيعي يعيد تنظيم نفسه من اجل اعادة انتاجه للسلطة الطائفية والدخول في مرحلة جديدة من ادارة الازمة السياسية. فليس سيناريو تزوير الانتخابات بهذا الشكل الفاضح وبعد ذلك حرق صناديق الاقتراع ثم تصريح مقتدى الصدر بأنه يجب النزول عند رغبة الفائزين في الانتخابات، الا وصف لملامح المرحلة القادمة.
ان مشكلة العبادي والصدر مع المليشيات الاسلامية الاخرى ليس مرتبط بأمن الجماهير، بل اساسه الصراع على السلطة وتنفيذ اجندات سياسية مرتبطة بمصالح القوى الاقليمية. فالولايات المتحدة الامريكية والسعودية وتركيا يعملون عن طريق العبادي - الصدر من اجل لجم قوى المليشيات التابعة للجمهورية الاسلامية الايرانية، في حين تعمل الاخيرة عن طريق تلك المليشيات في تحجيم دور ونفوذ امريكا وحلفائها في العراق وفي المنطقة.
وهكذا انتهى عمر حكومة العبادي، فلا استطاع ان ينهي مرحلة تأسيس الدولة التي انهارت بشكل كلي على يد عصابات داعش في ١٠ حزيران ٢٠١٤، ولا استطاع ان ينهي عمر عصابات داعش والى الابد، بل راح يلوح في كل مرة بخطر عودة داعش، ولا استطاع ان يقضي على الفساد الذي اعمى عيوننا به، ولا استطاع ان يوفر الحد الادنى من الخدمات. وعلى مراى عينيه ومسامعه نمت وترعرعت الى جانب مليشيات القوى الاسلامية، مليشيات وعصابات العشائر ايضا.
وعليه ليس بامكان الجماهير الفرار المليوني من العراق لان كل ابواب العالم اوصدت امام الهجرة والمهاجرين بسبب تغيير قوانين الهجرة وصراعات الانظمة الرأسمالية في الغرب، فاما انتظار الموت البطيء على يد الاسلام السياسي بحكومته وميليشياته او الدفاع عن النفس وهو حق مكفول ومشروع، حينها ليس للعبادي ولا الصدر الحق في ان يتحدثا عن حصر السلاح بيد الدولة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الدولة العراقية والاسلام السياسي والشيوعي العمالي
علاء الصفار ( 2018 / 6 / 26 - 13:35 )
الوضع العراقي هو سيء منذ صعود البعث ليتدهور الوضع العراقي بعد انتصار امريكا,على الشيوعية الستالينية العمالية زيفاً! فسبب صعود الاسلام السياسي هو حما قات اليسار و الشيوعين بمختلف بججحاتهم,فما يدمر العراق ليس صعود الاسلام السياسي أم البعث بل خيانة اليساري والشيوعي للمبادئ الديمقراطية والقيم الشيوعية, بمعنى آخر الشيوعي بلا حول و منعزل يعمل بالضد لشعاراته. كيف ؟ لقد قام الستالينين بقمع الحرية والحوار النزيه وحل التخوين, لذا نرى القييح الإنتهازية للبرجوازية قد أنتقلت للشيوعين المدعين بأنهم هم افضل الاحزاب الشيوعية الاخرى, تماما كما الطائفية الدينية التي تلغي الاخر, ولها تنظير حول الفرقة الناجية, ولدينا الفصيل الشيوعي الاصيل و اللجنة والعمالي والترللي وما شاكله من التسميات, فإذا الطائفية شر الاسلام السياسي فأن القمع الفكري و تقديس ستالين وعزيز ومنصور هو ازمة الشيوعي العراقي, فالبارحة تم الهجوم على الرفاق الاخوة الاعداء في العمالي وتم التشهير بجملة من الشيوعيين في العراق عدى الفرقة الناجية ,المنصورية. فيوم اسود يحيط بالعراق وعماله والشيوعي دايخ وهاه! فكفىنقد الاسلام السياسي.فهم قوة دولة!ن


2 - الدرلة والحزب الشيوعي المختلف العمالي الثوري
علاء الصفار ( 2018 / 6 / 26 - 16:44 )
غريب ان يكون هناك قيادي شيوعي ولم يستفد من كتلبات ماركس او لينين لا اعرف ان اكون جاد امام هكذا طرح فانا اجد حنق ونقمة على الاسلام السياسي وايران وف.علوان!الذي يتم الهزء به بتسميته علوان!القائد الشيوعي كما علمنا لينين ينبغي ان يكون دقيق و مركز الشرح يمشي ملكا رافع الراس وليس هاربا عابر الزاب الاسفل,للخارج من اجل الصداع الفكري وليس ضد السلطة بل للتناحر الحزبي ودعم التشرذم من اجل الوصول لقيادة الحزب!هكذا بعد مهاجمة
الرفاق وتسقيطهم يهجم الباهشون على قيادة الحزب ليحل الخراب ليس في الحزب بل في ههه
الدولة.
لتتم الشعوذة السياسية كما اقرأها هنا! لا اعرف معنى ان العبادي لم يقضي على عمر داعش نهائياً؟! ولا معنى ان ينهي مرحلة تأسيس الدولة التي انهارت بشكل كلي على يد
عصابات داعش في ١-;-٠-;- حزيران٢-;-٠-;-14!؟ وعلاقته بامكان الجماهير الفرار المليوني لان كل ابواب العالم اوصدت امام المهاجرين بسبب تغيير قوانين وصراع الانظمة الرأسمالية في الغرب، البحر من وراءكم أو امامكم انتظار الموت البطيء على يد الاسلام السياسي بحكومته وميليشياته او الدفاع عن النفس هو حق مكفول ومشروع،حينها سينتصر العمالي على ف علوان!ن

اخر الافلام

.. حماس.. تناقض في خطاب الجناحين السياسي والعسكري ينعكس سلبا عل


.. حزب الله.. إسرائيل لم تقض على نصف قادتنا




.. وفد أمريكي يجري مباحثات في نيامي بشأن سحب القوات الأمريكية م


.. شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول




.. إيران تتحدث عن قواعد اشتباك جديدة مع إسرائيل.. فهل توقف الأم