الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صحراء وخضراء (2-2)

عدلي عبد القوي العبسي

2018 / 6 / 29
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


صحراء وخضراء 2-2
عدلي عبد القوي العبسي
كان للتأثير الجغرافي الثقافي الحضاري للمركز الحضاري الامبراطوري الفارسي( شرق النهرين ) وتأثير الهرمسيه تحديدا ثم الابراهيمية لاحقا( المسيحيه على وجه الخصوص) الى جهه الغرب ( سوريا الكبرى) أثره في ظهور ذلك الاختلاف الإيديولوجي الثقافي بين المذاهب الإسلامية وفي نشوء مذاهب منفتحه في نطاق الخضراء العربيه عكست بيئتها وتعدديتها وتنوعها الثقافي ونماذج الثقافات فيها وفي المقابل مذاهب منغلقه جامده بسيطه في نطاق الصحراء عكست بساطه و رتابه وبدائيه حياتهاونمط إنتاجها بمعنى أن الأسس الماديه الإنتاجية وطبيعة الانشطه الاقتصاديه والبنى الاجتماعيه السائدة عكست نفسها بشكل أساس في ملامح الفكر الديني المذهبي الذي نشأ في تلك البيئات الجغرافية الثقافية المتميزه فرأينا عناصر من الفكر المادي والديالكتيك والافكار الاولى للتصورات الذريه للعالم وان في إطارميتافيزيقي ورأينا تطورا في المفاهيم الجماليه والقانون والنظام والنزعه الانسانيه وبذور الاشتراكية البدائية أحيانا و كذلك نزعات التسامح والتعايش والانفتاح على الأفكار الأخرى بالاضافه الى الإبداع في تسخير موارد الطبيعه والابتكار التكنولوجي وتطور في العمران وهذا يعكس نفسه في التصورات الدينيه المذهبية وقد لاحظنا ذلك في أفكار كثير من المذاهب والاتجاهات الدينيه والفلسفية والأدبية والسياسيه والحركات الاجتماعيه ومظاهر الحياه الاجتماعيه بشكل عام ورأينا الفارق الحضاري بين الخضراء والصحراء طوال المراحل التاريخيه القديمه والوسيطه.
إن وجود هذه العناصر والملامح الثقافيه والفكرية الهامه يؤكد الفارق الحضاري الكبير بين الإقليمين الجغرافيين وفي التطور الفكري للفكرالديني ( العقلاني والغير عقلاني ) بمعنى أن المعقول واللامعقول في الفكر الديني ( بوصفه الفكر السائد في العصور القديمة والوسطى ) في بيئات الخضراء العربيه كان أكثر تطورا بكثير من المعقول واللامعقول للفكر الديني لتلك العصور في البيئه الصحراوية .
ولكي لا نقع في فخ النظره الجغرافيه الطبيعيه اوالثقافيه الايديولوجيه أو غيرها من المنظورات المثاليه أو الماديه المبتذله التي وسمت الفكر البورجوازي في القرنين الماضيين نقول أن البيئه الجغرافيه الطبيعيه والثقافيه ليست هي العوامل الأساس في تحديد ملامح التمايز والتباين في الثقافه والفكر و انما العامل المحدد والأساس يكمن في البنيه الانتاجيه الماديه وتناقضاتها فهي التي تحدد طبيعه التكاوين الاجتماعيه والثقافيه والسياسيه الناتجه عنهاعبرعمليات تطور ديالكتيكي بالغ التعقيد.وما البيئه المحيطة والجغرافيا الطبيعيه والمناخ والموارد الطبيعية المتاحه إلا بيئة مواتية وجذابة لممارسة الانشطه الإنتاجية الماديه المتنوعه وعامل مهم من أجل الاستقرار والاجتماع .
إن عوامل الهجرات و موجات الغزو وما يصاحبها من خراب ودمار وتحولات سلبية وأيضا من ايجابيات التلاقح في أحيان عديده هي أيضا عوامل لا يمكن نكرانها.
وفي الصراع الثقافي والفكري ومنه الديني المذهبي والذي كان يوظف دائما في سياق الصراع الاجتماعي الطبقي السياسي لتلك الحركات أو القوى أو الانظمه التي تحكم أو تسود في هذين الإقليمين الجغرافيين كان من المنطقي والطبيعي أن تتفوق تلك الأفكار والثقافات والاتجاهات الأقرب إلى منطق التطور الحضاري الاجتماعي والاقرب الى تمثيل تلك المراكز الحضارية الخضراء المتفوقة على الصعيد المادي الإنتاجي والبنيوي الاجتماعي والثراء الثقافي والتطور العلمي التكنولوجي تلك المناطق الممتده من فارس وآسيا الوسطى شرقا مرورا ببلاد الرافدين والشام وضفاف النيل إلى جبال أطلس والأندلس غربا في مقابل الانكفاء والانسحاب واللفظ التاريخي لتلك الأنماط الثقافيه والفكريه والاتجاهات الدينيه المتأخرة والتي نشأت في الأقاليم الصحراوية ببناها الاجتماعيه المتخلفه وفقرها المادي الجغرافي وجدبها الثقافي وعزلتها الحضاريه سواء تلك الجنوبيه منها أو المجاوره لها أيضا.
إحياء الثقافه المتأخرة
أن سعي قوى الاستعمار والصهيونية في التاريخ المعاصر إلى دعم تلك الاتجاهات المتأخرة في الثقافه القديمه والوسيطه لاقليم الصحراء العربيه وإحياء تصادمهاالعصبوي مع تلك الاتجاهات في الشمال العربي الأخضر تحت مبررات وعناوين عديده يضعها اتباعها من أبرزها النقاء الفكري والثقافي العربي والإسلامي في عمليه تتجاهل الحقائق التاريخية للتلاقح الثقافي الفكري الحضاري بين العرب في الشمال العربي مع الشعوب المجاوره فرس وهنود وصينيين وأكراد وترك واغريق ورومان و اقباط وبربر وما نتج في سياق هذا التلاقح الحضاري من تأثر وتأثيرحضاري فكان هناك استذه تاره وتلمذه تاره اخرى وعبر عده مراحل تاريخيه متتابعه .
نتج عن هذا على الصعيد الثقافي الفكري الديني على سبيل المثال نشوء إسلام منفتح متسامح وسطي ثري الثقافه والفكر متطور حضاري متنوع مذهبيا عالمي النزعة والتأثير ينبذ الانغلاق والجمود ويحارب العصبيات بأنواعها ويكره العبودية والاستعباد وانتهاك آدمية الإنسان و يقوم على احترام العقل والتجديد ويحث على التفكير العلمي وقيم العمل والإبداع والابتكار والريادة واستكشاف الآفاق .
فالإسلام دين أممي وحضاري للناس كافة وليس للعرب وحدهم ولا هو احتكار عربي وهو نبذ الجاهليه العربيه التي أفرزت التعصب العربي القومي ( دعوها فإنها منتنه ) و(لافرق بين عربي على اعجمي الابالتقوى )
هذا هو الإسلام الذي ساد فترات مهمه من العصورالذهبيه للحضاره الاسلاميه في تلك المراكز الحضارية الإشعاعية الكبرى
هذا هو الاسلام الذي نتمنى أن يلتفت إليه ويحترم مبادئه ويدعو إليه مسلمو هذا العصر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بوتين يتعهد بمواصلة العمل على عالم متعدد الأقطاب.. فما واقعي


.. ترامب قد يواجه عقوبة السجن بسبب انتهاكات قضائية | #أميركا_ال




.. استطلاع للرأي يكشف أن معظم الطلاب لا يكترثون للاحتجاجات على 


.. قبول حماس بصفقة التبادل يحرج نتنياهو أمام الإسرائيليين والمج




.. البيت الأبيض يبدي تفاؤلا بشأن إمكانية تضييق الفجوات بين حماس