الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خدعة مفهوم الوطنية

هاني عبد الفتاح

2018 / 7 / 1
الارهاب, الحرب والسلام


هل تعلم ما هي أهم فائدة تجنيها عندما تحيا في وطن بائس؟


أن تزهد في كل شيء اسمه ينتمي إلى الوطن .. أن تكتشف زيف فكرة "الوطنية" نفسها .. أن تدرك أن الذين يحدثونك عن الوطنية هم لا يزالون واقعون في فخها .. أما أولئك الذين انفكوا من فخها؛ فالوطن بالنسبة لهم خطوط وتراب .. خطوط رسمتها الحكومات لتحدد ها على الخرائط الجغرافية .. لتستغل الشعوب للدفاع عن تلك البقاع المقسمة ضد أعدائها .. وتراب متوفر في كل مكان .. تدوسه بأقدامك ..


من يقول لك إن الدين هو سبب الحروب التي قامت في تاريخ البشرية فهو مغفلٌ .. إنما قامت الحروب باسم الوطنية .. من أول أحمس حتى حرب العراق .. كلها قامت باسم الوطنية .. والساسة يستغلون هذه الوطنية اللعينة خير استغلال..


هناك مصطلح مذموم في الفلسفة اسمه "الشوفينية" وهو يعني المبالغة في حب الوطن ..والتعصب لشيء .. والعنجهية في التعامل مع خلافه .. إنها تعبر عن غياب رزانة العقل والإستحكام في التحزب لمجموعة ينتمي إليها الشخص والتفاني في التحيز لها؛ وخاصّة عندما يقترن الإعتقاد أو التحزب بالحط من شأن جماعات مخالفة والتحامل عليها ..


ألا ترى أن الوطنية نسق مغلق دوجماطيقي يفيد التعصب الأعمى .. لا يختلف عن الأنساق المغلقة كالسلفية والنازية وغيرهما..!!


وهل أفسد هتلر العالم إلا باسم الوطنية !! وهل قامت الحربين العالميتين إلا دفاعا عن الوطنية!! وهل غزت انجلترا وفرنسا الشعوب العربية إلا لأنها استغلت شعوبها وخدعتها باسم الوطنية!! وهل الحرب بين العرب وإسرائيل إلا بسبب الوطنية!! كل منهما يقول فلسطين وطني وأرضي..


إن أصدق تعريف للوطنية هو: فكرة عاطفية تستغلها الحكومات للسيطرة على المحكومين للغنيمة بقطعةٍ من الارض ليظلوا هم قائمون عليها .. بالضبط كما تفعل قطعان الأسود أو النمور أو إن شئتَ قلتَ القرود ..


لا إنكر تعلق أي إنسان بالأرض التي نشأ فيها، والسماء التي عاش تحتها، والبيوت والناس التي عرفها .. لا أنكر ذلك بالطبع .. لكن صدقني .. ليس هذا إلا كما وعيٌ طفولي، بالضبط كما يشعر الطفل الصغير إلى الحنين إلى منزله فيبكي عندما يتأخر .. الوطنية شعور طفولي يحتاج إلى نضج وانفكاك..


إن الذي يستحق الدفاع عنه هو أن تقول "أنا إنسان" .. ولا تنشأ الحروب والصراعات والخلافات إلا عندما تضيف إلى كلمة "إنسان" كلمة أخرى .. وإن قلت "إنسان شيعي" بغضك السني .. وإن قلت "إنسان سني" بغضك الشيعي .. وإن قلت "إنسان بوذي" بغضك المسلم .. وإن قلت "إنسان مسلم" بغضك اليهودي.. وهكذا.


لقد كان للفيلسوف "كانط" مشروعا للسلام العالمي .. لكنه لم يفعّل حتى الآن.. وأرى أن هذه الوطنية اللعينة هي التي وقفت أمامه حجر عثرة..


الكل يقول وطني وطني .. وما الوطن إلا وثنٌ يُعبد .. فليس هناك صنم أجمعت أهل الأرض على عبادته مثل صنم "الوطنية" .. وليس هناك عقيدة ملأت تراب الأرض جثثا ولطختها بالدماء مثل عقيدة "الوطنية" ..


الوطنية فكرة بائسة .. لا جدوىٰ منها سوى القيود و الانتهازية و الاستغلال ..تجعلك تبكي وترفع التراب فوق رأسك بكاء لهاً وحزنا عليها..


من يقول لك إن حب الوطن من الإيمان .. قل له فأينما تولوا فثم وجه الله..

نموت كي يحيا الوطن.. يحيا لمن؟ ..نحن الوطن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقال كله التهريج والمسخرة
محمد البدري ( 2018 / 7 / 4 - 04:13 )
طالما حاولت تبرأة الدين من الشوفينية وحقرت في الاوطان فقد فضحت نفسك بانك سلفي وهابي خاصة عندما تستشهد بايات من القرآن التي لا دليل علي صحتها ومؤكد زيفها

اخر الافلام

.. بايدن يهدد بإيقاف شحنات الأسلحة إلى إسرائيل ما تبعات هذه الخ


.. أسو تتحدى فهد في معرفة كلمة -غايتو- ????




.. مقتل أكثر من 100 شخص.. برازيليون تحت صدمة قوة الفيضانات


.. -لعنة الهجرة-.. مهاجرون عائدون إلى كوت ديفوار بين الخيبة وال




.. تحديات بعد صدور نتائج الانتخابات الرئاسية في تشاد.. هل تتجدد