الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا يعني لنا ؟.. الدولة المدنية الديمقراطية ؟

صادق محمد عبدالكريم الدبش

2018 / 7 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


ماذا يعني لنا ؟...
الدولة المدنية الديمقراطية والمستقلة !..
بعد أن سئم شعبنا كل المصطلحات السياسية وأسمائها وابتكاراتها ، التي كانت تسوق الى هذه الجماهير لأكثر من عقد ونصف ، ومن دون أن يرى دخان لهذه النار ، وتحت يافطة ( الديمقراطية .. ودولة القانون .. والمساوات .. وحرية التعبير .. والرخاء .. وتقديم الخدمات .. وتحقيق الأمن والسلم الأهلي .. والاستقلال وعدم تدخل الدول في شؤوننا الداخلية واستقلال قرارنا السياسي .. وتحريك عجلة الاقتصاد بفروعه المختلفة .. والعمل على خلق تنمية مستدامة وإتاحة الفرص أمام المبدعين والمخترعين للمساهمة في بناء البلد المدمر [ كإنسان وصناعة وزراعة وسياحة ومواصلات وغير ذلك !! ] ... وقبل كل هذا وذك ، إعادة بناء وتقويم الإنسان ، ومن ثم إعادة بناء الدولة التي لا وجود اليوم لها على أرض الواقع ، وهذه حقيقة مرة ومحزنة ، قد لا يقرها الكثير !.. بل ينكرها ويستهجن ذكر ذلك !!.. ولكنها حقيقة ماثلة أمامنا !.. من وجهة نظري على أقل تقدير ) ..

جرت الانتخابات في 12 / 5 / 2018 م والتي كانت أسوء انتخابات في تاريخ العراق الحديث والقديم !!..
إذ كانت نسبة المشاركة متدنية بشكل كبير !.. وما شاب العملية الانتخابية من مثالب وخروقات وتزوير ، وباعتراف الحكومة العراقية ومجلس النواب والقوى السياسية ، باتهامهم الصريح والواضح وأمام الاشهاد وعبر وسائل الإعلام [ للمفوضية المستقلة للانتخابات !!؟ ] ... ولليوم لم يتم التحقيق مع من تسبب في نتائج هذه الانتخابات وتزويرها ، ومن تسبب في كل هذه الخسائر المالية التي قد تصل تكاليفها الى ( 400 ) مليون دولار أمريكي ، وما خلقته من أجواء سياسية ، من تناحر وتجاذب وصراع على السلطة والنفوذ ، وما زالت الصورة للمشهد السياسي العراقي وتطوراته في علم الغيب !!...

نعود لموضوعنا الأساس وهو !!...

بناء الدولة المدنية الديمقراطية وإمكانية قيامها على أنقاض هذا النظام المتخلف والفاسد من أخمص قدميه حتى قمة رئسه ، وفق منظور القوى السياسية التي حكمت العراق من عام 2006 م على وجه التحديد ، والتي ما زالت مهيمنة حتى اليوم ، وما أفرزته الانتخابات والتي في جوهرها لم تأتي بشيء مختلف عن سابقاتها ، والتي كما ذكرنا بأنها ( انتخابات غير حقيقية ، ولا تعبر عن رأي الجماهير العراقية ، أو لنقل الاغلبية الساحقة لهذه الجماهير ، ولا تمثل طموحها ومصالحها الحيوية في ( توفير فرص العمل والخدمات وتحقيق الأمن المفقود منذ إحتلال العراق في 2003 م وحتى اليوم ، وتأمل هذه الملايين لتحقيق حد أدنى من العدالة والمساوات والعيش الكريم !! ) .

فلو جئنا الى المخطط البياني للقوى التي أفرزتها الانتخابات من الفائزين ، وبنسب تقريبية لوجدنا التالي :

سائرون 54 مقعد هو تكتل إسلامي شيعي في غالبيته !.. باستثناء مقعدين للحزب الشيوعي العراقي .
النصر 45 تكتل شيعي في غاليته ، باستثناء السيد خالد العبيدي الذي رشح عن محافظة نينوى ، وربما سيذهب للانضمام الى التحالف ( السني ) بعد المصادقة على الانتخابات من قبل المحكمة الاتحادية .
قائمة الفتح والتي حصدت 48 مقعد وهو تحالف شيعي ديني يدين بولاية الفقيه ، وهذا التحالف يضم في صفوفه عصائب أهل الهق وأحزاب وميليشيات طائفية شيعية أخرى .
تكتل الحكمة الشيعي الذي يرأسه السيد عمار الحكيم ، الذي حصد ما يقرب من 16 مقعد ، وهو تحالف شيعي طائفي يؤمن بولاية الفقيه ، وله علاقات قوية بإيران .
تكتل دولة القانون برئاسة السيد نوري المالكي زعيم حزب الدعوة ورئيس الوزراء السابق ، وهو تكتل طائفي شيعي ، وقد حصد ما يقرب ب25 مقعد .
القوى المدنية والعلمانية لم يحالفها الحظ ، فلا يزيد ما حصل عليه مجتمعين على ستة مقاعد ، وهذا يعود سببه الى عوامل عديدة ذاتية وموضوعية ولا مجال لتناول تلك الأسباب حاليا .

أما القوائم الأُخرى مثل قائمة الوطنية للسيد علاوي وهي خليط من السنة والشيعة ، فقد نالت كتلتهم على 21 مقعد ، وهذا التحالف يضم بين صفوفه ( الدكتور أياد علاوي .. الدكتور سليم الجبوري .. الدكتور صالح المطلق وأخرين ) .
والقائمة الاخرى التي يرأسها السيد أسامة النجيفي فقدد نالت أقل من 15 مقعد ، وهي قائمة سنية طائفية .

يبقى لنا تحالفات القوى الكردستانية العراقية ، فهذه القوى جميعها لم تحصد أكثر من 50 مقعد ، ويغلب عليها التوجه القومي العلماني باستثناء الجماعة الإسلامية والتي لا تمتلك سوى عدد قليل من المقاعد .
هذا هو الخط البياني التقريبي لمجلس النواب القادم ، الذي سيضم هذه الكتل الفائزة ، وربما بعد الانتهاء من عملية العد والفرز ، سيكون هناك تغيير نسبي وطفيف ، ولكنه لا يغير شيء من هذا الخط البياني .

المهم لنرى الطبيعة الطافية والفكرية لمجلس النواب القادم ، فسنرى بأن هناك القوى الراديكالية الطائفية والدينية اليمينية ، تشكل ما يزيد على 188 مقعد وقد تصل الى 200 .
والسنة مجتمعين لم يحصدوا ( النجيفي وحلفائه والانبار وصلاح الدين لا تزيد مقاعدهم على الستين ، وفي غالبيتهم قوى قومية ولا تخلو من نفس طائفي وعنصري عند بعضهم .

وكما ذكرنا الوطنية بزعامة الدكتور أياد علاوي ، فهي خليط غير متجانس من الشيعة والسنة ، ويغلب عليهم الطابع القومي العلماني الوطني .

التحالف الكردستاني كما ذكرنا بأن غالبيتهم يغلب عليهم الرؤية القومية العلمانية ، وهناك قصور في رؤيتهم وعلاقتهم بالنظام القائم في العراق ككيان ، وبالحكومة الاتحادية ، لتغليبهم المشاعر القومية الانفصالية ، على انتمائهم العراقي الوطني .. وهذا باعتقادي يمثل قصور له انعكاساته السلبية القريبة والبعيدة على وضعهم وعلاقتهم بالعراق وبدول الجوار والعالم ، ولا ينسجم من وجهة نظري مع واقع الجغرافية السياسية وتطور الوضع في المنطقة والعالم .

نستنتج من خلاصة ما قرئنا في هذه الخريطة البيانية التالي :

يعود الفكر الديني ونهجه وفلسفته ليهيمن على البرلمان العراقي ، والذي هو بدوره سينتج الحكومة القادمة كتحصيل حاصل ، باعتبار أن القوى الطائفية تمتلك الأغلبية المطلقة في البرلمان ، وكذلك سيكون المشهد نفسه في الحكومة القادمة !..

هذا الذي ستنتجه لنا هذه الانتخابات ، المحاصصة وحكومة المكونات والفرز الطائفي ، والذي سينتج كل الأمراض التي نشأت ونمت خلال ال15 سنة الماضية ، وفي مقدمة ذلك الفساد بكل أشكاله ومسمياته ، وسينتج لنا الطائفية السياسية التي مزقت مجتمهنا ، وحولته الى طوائف وملل ومناطق وقوميات وأحزاب !!.. متقاطعين متحاربين ، تسود الكراهية والعنصرية والتمييز بين صفوف شعبنا .

السؤال الذي يطرح نفسه بعد كل ما ذكرناه و بَيَّنَّاهُ!.. هو
هل هناك فرص متاحة لبناء دولة ديمقراطية عادلة ، دولة تقوم على المواطنة وقبول الأخر والمساوات بين الجميع ، وتوزيع الثروة بالتساوي ومن دون تميز ؟..

هل الإسلام السياسي يؤمن بالديمقراطية وبمساواته للمرأة مع أخيها الرجل ؟
وهل هذه القوى تؤمن بحق الاختلاف والاختيار الحر للمعتقد والضمير ، ورفض الإملاء والقمع ؟
هل قوى الإسلام السياسي تقر بمبدأ فصل الدين عن الدولة ، وإبعاد رجالاتهم ( رجال الدين ) عن الدولة ومؤسساتها ، لينصرفوا لتبليغ رسالاتهم للدعوة الى الخالق ، والذي هو خيار فردي لا يسري على المجتمع ، فيذهبوا لدور العبادة لأداء رسالتهم ، ومن دون غلو وعنصرية وتحريض ؟
سؤال أخير يطرح نفسه !.. هل هناك في تجارب التأريخ وعبره ما يبين لنا !..
بأن الدين السياسي قد تمكن من بناء دولة تساوي بين الجميع ؟.. وترعى مصالح الجميع ، وتقوم على إسعادهم ورخائهم ، وضمان مستقبل الناس في الحياة الكريمة والرخية السعيدة ؟
خبروني عن هذه الدولة وسوف أدين بالولاء لهم ولفلسفتهم ونهجهم .

صادق محمد عبد الكريم الدبش
4/7/ 2018 م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصر تعلن طرح وحدات سكنية في -رفح الجديدة-| #مراسلو_سكاي


.. طلاب جامعة نورث إيسترن الأمريكية يبدأون اعتصاما مفتوحا تضامن




.. وقفة لتأبين الصحفيين الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل


.. رجل في إسبانيا تنمو رموشه بطريقة غريبة




.. البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمقا