الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعد سقوط درعا بيد بوتن، عود على بدء

محمد أحمد الزعبي

2018 / 7 / 10
مواضيع وابحاث سياسية




تعود أصول هذه المقالة إلى عام 2011 وذلك في إطار
مشاركة الكاتب - كضيف – في مؤتمر هيئة التنسيق
الوطنية لقوى التغيير الديموقراطي في سوريا – هيئة الخارج
التي عقدت في برلين في الفترة من 23 – 25 سبتمبر 2011


1.
بداية آمل ألاّيكون ماسيقرؤه القارئ الكريم ، تكرارا لما سبق أن قرأه أو سمعه حول إشكالات المعارضة السورية لنظام عائلة الأسد ، رغم أن عمر هذه المقالة حوالي سبع سنوات من اليوم . ومن جهة أخرى آمل أن يصطبغ ماسأقوله بالعلمية والموضوعية ماأمكن . علماً أنني سوف أحصر كلامي هنا حول مسألة واحدة فقط ، هي مسألة ، الاختلاف بين أطراف وأطياف المعارضة ، أو بالأصح عدم توافق هذه الأطراف والأطياف ، لا نظرياً ولاعملياً ، على موقف موحد ، أو على الأقل متقارب سواء من شعارات ثورة 15 آذار 2011 ، أو من أطروحات النظام السوري الكاذبة عن المسلحين ، والعصابات الإرهابية ، والسلفيين والمندسين ...الخ ) التي يحاول النظام وأتباعه بها احتواء الثورة و / أو إجهاضها إذا أمكن . ولا حاجة بي إلى القول أن مخاطراً كبيرة يمكن أن تنجم عن هذا الخلاف / الاختلاف ، من حيث إمكانية أن تصب مثل هذه الخلافات / الاختلافات في طاحونة النظام ، وبالتالي خطورة عودة الأمور إلى المربع الأول ، مربع عام 1970 ( الأب )، ومربع عام 2000 ( الإين ) .
هذا مع العلم أن العودة إلى المربع الأول ( بشقيه ) سوف تعني عملياً عودة حليمة لعادتها القديمة ، من حيث الطابع الأمني الديكتاتوري المتوحش والأسروي للنظام ، ولاسيما فيما يتعلق با ستمرار القتل والذبح ، وقطع الحناجر ، وقطع الأعضاء التناسلية ، والاعتقال ، والتعذيب الجسدي والنفسي حتى الموت ، والمقابر الجماعية ، والشبيحة ( بمن فيهم شبيحة القلم Schabbiha of pen ) ، الأمر الذي معه ، سوف تندم كافة أطراف وأطياف وأجنحة المعارضة على الفرصة التي أضاعتها في التقصير في دعمها وتبنيها لشعارات شباب ثورة 15 آذار 2011 ، ولا سيما شعار " الشعب يريد إسقاط النظام " منها ، ولكن قد يأتي ندمها هذا بعد فوات الأوان ، ولات ساعة مندم .
2.
تتكون المعارضة للنظام الأسروي الأسدي ( وفق وجهة نظري الخاصة ) من ثلاثة تيارات، تمثل عملياً ثلاث وجهات نظر متباينة بدرجات مختلفة ، سواءفيما يتعلق بالهدف النهائي لثورة 15/آذار 2011 ( سورية مابعد عائلة الأسد ) ،أومايتعلق بـ "الوسيلة " التي ترى كل مجموعة من هذه المجموعات أن رؤيتها هي التي تمثل الطريق الصحيح لتحقيق الحرية والكرامة التي نادى وينادي بها شباب الثورة منذ الـ 15.3.2011 ، هذه التيارات هي :
التيار الأول ، وهو التيار الذي يرى أن الوصول إلى الحرية والكرامة لايمكن أن يتم إلاّ عبر إسقاط النظام . و يرى أتباع هذا التيار أن كل جماعة تتجنب في مؤتمراتها أو بياناتها ذكر هذا الشعار ، إنما هي جماعة تخفي وراء مؤتمراتها وبيانتها وكلامها المعسول موقفاً مختلفاً يتقاطع بهذه الدرجة أوتلك ، بهذه الصورة أو تلك مع مواقف النظام ، الذي يقدم للمعارضة الجزرة بإحدى يديه ، بينما تخفي يده الأخرى العصا ، التي سينتقم بها من كل من شارك في ثورة 15 آذار 2011 من قريب أو بعيد .
التيار الثاني ، هو ذلك التيار الذي يرغب ويعمل نظرياً وعملياً ، على تغيير نظام عائلة الأسد الأمني بنظام
بنظام سياسي ديموقراطي تعددي ، ولكنه يخشى بنفس الوقت أن يأتي هذا البديل الديموقراطي التعددي بجماعة أو جماعات إسلامية متشددة وإقصائية إلى الحكم ، تقوم بالانقلاب على الديموقراطية والتعددية ، باسم مبادئ سماوية عليا . إن مايريده هذا التيار واقعياً ، هو إصلاح وتغيير سياسي واجتماعي مقنن ، أي مشروط بأن لايكون البديل لنظام بشارالأسد هو التيار الإسلامي . إن عناصر وأتباع هذا التيار إنما يضعون ــ وفق وجهة نظري أيضاً ــ قدما عند بشار الأسد وقدماً عند ثورة الشباب . إن موقفهم هذا إنما يدخل عملياً ـ وحسب تقديرنا الخاص ــ في إطار مفهوم / مقولة " الإزاحة / التحسين الشكلي " وليس " الإزالة / التغيير الجذري " الذي تنادي به وتتبناه ثورة 15.3.11 . إني أطلق على هذا التيار وصف " تيار نعم لتغيير النظام ولكن !!" ، وأعتبره تيارا إقصائياً بسبب هذا الإشتراط اللاديموقراطي .
التيار الثالث ، ، هو ذلك التيار الذي يرغب ويعمل ميدانيا على توكيد خطين متوازيين يمكن لهما ان يمثلا السكة الآمنة لكل من النظام والشعب ، هما : العلمانية المعتدلة التي تتمثل أساسا بفصل الدين عن الدولة، والإصلاحات المعتدلة التي ترضي جماهير وشباب ثورة 15 آذار ، ولكن دون أن تؤدي بالضرورة إلى إسقاط النظام . وإنني أطلق على هذه المجموعة إسم " مجموعة نعم لبقاء النظام ولكن " وهو يعتبر ــ بنظرنا ــ بدوره تياراً إقصائياً .
3.
تشير مضامين أدبيات وبيانات كافة أجنحة المعا رضة السورية في الداخل والخارج إلى وجود أمورمعلنه تحاكي شعارات وهتافات شباب ثورة 15آذار ، ولاسيما منها :
ـــ تغيير النظام الاستبدادي الأمني الأسروي في سورية ،
ـــ إقامة نظام وطني ديموقراطي تعددي ، يقوم على أساس مبدأ المواطنة المتساوية في الحقوق
والواجبات ، وسيادة الشعب ، وفصل السلطات ، وهو مايعني عملياً :
ـــ أن الدستور والقانون ( اللذين سيتم وضعهما لاحقاً من قبل ممثلي الشعب المنتخبين والشرعيين )
سيكونان هما فقط الحكم والفيصل بين الجميع ،
ـــ و أن سورية المستقبل ، ستكون وطناً لجميع أبنائها دونما استثناء أو إقصاء لأحد أو لجماعة
إجتماعية أو سياسية أو اقتصادية ، بأ ي صورة من الصور .
ـــ و أن مفهوم الجميع يشمل هنا كلاًّ من : النساء والرجال ، الصغار والكبار ، المدنيين والعسكريين
وأمور أخرى مسكوت عنها في هذه البيانات والأدبيات ،ولكن يمكن للعارفين ببواطن الأمورأن يكتشفوها ليس من خلال مايقال ويكتب وينشر ، وإنما من خلال ما هو وراء هذا الذي يقال ويكتب وينشر ، ولعل هذه المسائل الأخيرة هي سبب عدم تلاحم المعارضة وتوحدها ، سواء على طريق أسقاط النظام أو تطويره.
هذا مع العلم أن الأمور المسكوت عنها ، والتي تقف وراء عدم توحد المعارضة ، تختلف عملياً ، من جهة ، بين تياروآخر ، ومن جهة ثانية ، داخل التيار نفسه ( بين العناصر والأجنحة المختلفة )، ولهذا فقد جاء هذا السيل الجارف من البيانات والمؤتمرات والندوات والمجالس الوطنية وهيئات التنسيق والمبادرات واللجان و..و.. الخ ، ليس لتقول تلك الجماعات والتيارات ماعندها ، وإنما وربما ــ على العكس ــ لتخفي بعضا مما عندها عن الآخرين ، ومن هنا كانت تساؤلات الناس عن سبب كثرة هذه المؤتمرات ، وعن سبب عدم توحد المعارضة ، وبالتالي عدم تحولها إلى حالة سياسية واضحة المعالم والأهداف ، ومعترف بها وطنيا وعربياً وإقليمياً وعالمياً .
4.
إنني ومن موقعي كمواطن عربي سوري علماني ـ ديموقراطي أزعم أنني تقدمي ، أرغب أن أشدد ، في إطار انحيازي الكامل إلى ثورة 15 آذار على مايلي :
أولاً ،على مطلب الثورة في إسقاط ( إزالة وليس إزاحة ) نظام عائلة الأسد الدكتاتوري الوراثي الفاسد ، الذي فاقت ضحاياه البشرية ، على يد كل من الأب والإبن ، مئات المرات ضحايا حرب 1967( أنظر مقالنا ، الخاطرة الثالثة حول البلاغ 66 ) ، والتي أوصلت إسرائيل إلى مسافة مرمى حجر من عاصمة بلدنا دمشق ( القنيطرة ومرصد جبل قاسيون ) ،

ثانياً ،على أن المعارضة السورية ، تعاني ، سواء في الداخل أوالخارج ، من إشكالية سياسية وفكرية تتعلق بالعلاقة الأيديولوجية الملتبسة بين الرأي والرأي الآخر . مذكراَ قادة هذه المعارضة ، بأن المجتمعات البشرية
ككل ، ومنها مجتمعنا العربي عامة والسوري خاصة هي ليست كأسنان المشط ، ولكنها أيضاً ليست كأسنان الغولة ، إنها مثل يد الإنسان ،التي تتفاوت أصابعها طولاً وعرضاً وحجماً ، ولكنها تؤدي مجتمعة ومتعاونة وموحدة وظيفة معروفة ، هي وظيفة هذه اليد . إننا هنا أما م قانون إجتماعي جدلي هو قانون" وحدة وصراع المتضادات "، الذي يشير إلى مشروعية التضاد وبالتالي الصراع ،باعتبارهما من طبيعة الحياة الاجتماعية ( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ـ البقرة /251 ) . ولكن شريطة أن يكون ويظل هذا التدافع والصراع في إطار الوحدة ، لأنه بدون هذه الوحدة ستعم الفوضى وتفسد الأرض ، أي المجتمعات .

ثالثاً ،إن كل مااطلعت عليه من البيانات والإعلانات والأدبيات والمبادرات الصادرة عن اطراف المعارضة إنما تشير بصورة لالبس فيها إلى " الحرية والكرامة " وإلى " الديموقراطية والتعددية ". وغني عن القول أن كلا من هذه المفاهيم الأربعة ، يتضمن تطبيقياً الاعتراف والقبول بوجود كل من الرأي والرأي الآخر، وما علينا إلاّ أن نحوّل كلماتنا هذه ( احترام كل من الرأي والرأي الآخر )إلى أفعال ملموسة ، وفي هذه الحال ينبغي ألاّ يخيفنا تعدد المؤتمرات واللقاءات والمجالس المؤقتة وغير المؤقتة بعد أن فتحت ثورة 15.3.11 المجيدة ، الباب على مصراعيه لكل من الرأي والرأي الآخر ، بعد قرابة نصف قرن من التصحر السياسي والفكري والأيديولوجي .

إن مانرغب أن نضيفه حول إشكالية تعدد بل وفوضى البيانات والمؤتمرات ، أن الإنسان عادة مايتعلم من تجاربه وأخطائه ، وبالتالي فإن على تيارات المعارضة أن تتجاوز وربما تنسى خلافاتها الأيديولوجية والسياسية السابقة ، أو على الأقل أن تؤجلها إلى مابعد تحقيق الهدف الرئيسي الذي يسعى ويناضل في سبيله جميع الوطنيين الشرفاء ألا وهو، إنهاء نظام الفساد العائلي الديكتاتوري الوراثي الحالي ، الذي حصد وما يزال يحصد منذ الثامن عشر من آذار 2011 كل طلعة شمس ، عشرات الشهداء ومئات الجرحى وآلاف المفقودين والمعتقلين ، واستبداله بنظام وطني ديموقراطي تعددي قائم على الحرية والكرامة والعدالة والمساواة واحترام حقوق الإنسان والحيوان (بعد مجزرة الحمير المعروفة ) ، بغض النظر عن الخلافات الصغيرة أو الكبيرة ، بين هذه التيارات ، سواء حول الغاية أو حول الوسيلة .
رابعاً ، تتكون المعارضة السورية من ستة تيارات سياسية ـ اجتماعية هي : الديني ، القومي العربي ،الكوردي ، اليساري ، الليبرالي ، وتيار ثورة 15 آذار الشبابية (الذي هو مزيج وطني من كل هذه التيارات ) .
وعادة مايتواجد في كل من هذه التيارات جناحان ، واحد معتدل ، وآخر متطرف ، ومن المفروض أن تلتحم وتنسق الأجنحة المعتدلة في كل هذه التيارات مع بعضها بعضاً ، وذلك عبر حوار وطني هادف وعقلاني وأخلاقي وملتزم ، ينصب على كيفية تغيير نظام الأسد ، باقل الخسائر ، و يستند في شكله ومضمونه إلى :
ـــ قوله تعالى " وجادلهم بالتي هي أحسن " وقوله " وأمرهم شورى بينهم "
ـــ مقولة الإمام الشافعي " إن رأيي صواب يحتمل الخطأ ، ورأي الآخر خطأ يحتمل الصواب " ،
ـــ مقولة فولتير " إنني أخالفك الرأي ، ولكني مستعد أن أقدم حياتي من أجل أن تقول رأيك بحرية " .
هذا مع العلم أن مثل هذا الحوار لايكون إلاّ بين أطراف متكافئة من حيث الإمكانيات ، ذلك أن حواراً بين أعزل ومسلح لايمكن أن يكون حواراً ممكناً أو مثمراً ، وأستشهد هنا بما قرأته في أحد ى المقالات ، لشخص لاأعرفه ، حول موضوع الحوار/ المفاوضات ، مع نظام بشار الأسد ( على قاعدة : خذ الحكمة ولا تسأل من أي وعاء خرجت ) ، يعود تارخه إلى 21 سبتمبر 2011 ، جاء فيه :

" وبالنسبة للمفاوضات مع النظام ، يكون بعد أن يعترف النظام بالمعارضة ، ويستجيب النظام لشروط أهمها ، سحب القطع العسكرية والأمن والشبيحة من الشوارع ، وإنهاء محاصرة المدن والأرياف ، والسماح بالتظاهر السلمي ، فقط بموجب علم وخبرللشرطة ، وثانياً الإفراج عن جميع المعتقلين ، السياسيين ،وثالثاً محاسبة جميع الذين أجرموا بحق الشعب وتسببوا بمقتل آلاف الشهداء ، وبعد ذلك تتم المفاوضات على طريق الانتقال السلمي إلى الدولة الديموقراطيةالتعددية المدنية " .

خامساً، وأرغب في الختام أن أقول كلمة صغيرة في مفهوم ال " العلمانية " :
فإني بعيداً عن الإشكالات النظرية والعملية المتعلقة بهذا المفهوم ، أرى أن نحدد مضمونه بالعبارة المعروفة والدارجة والبسيطة ، ألا وهي " الدين لله والوطن للجميع " ، أي أن العلمانية وفق هذا المفهوم ليست ضد الدين ولا ضد التدين ، ولكنها ترى فيهما مسألة فردية خاصة بعلاقة المخلوق بخالقه ، بحيث يكون هذا المفهوم مقبولاً من التيارات العلمانية ومن التيار الديني على حد سواء ، ونتلافى بهذا محاولة استخدام المتطرفين من الطرفين ( الديني والعلماني ) لهذه المسالة ، لشق المعارضة ، وحرفها عن هدفها الأساسي والجوهري ألا وهو إسقاط النظام العائلي الراهن ، وإقامة نظام وطني ديموقراطي تعددي ، قائم على العدالة والمساواة ، وبالتالي على تحقيق الحرية وصون الكرامة على أنقاضه .

إن الكاتب يعرف ـ بطبيعة الحال ـ أن الشريعة الإسلامية تربط بين السماء والأرض ، ولكنه يرى أن على مابات يعرف ( بضم الياء ) ب " الإسلام السياسي" أن يعكس هذه الرابطة في برامجه الإنتخابية ثم يترك للناخب أن يقول كلمته في هذا البرنامج ، وغيره من البرامج ، بحرية تامة لامكان فيها لأي بعد أيديولوجي ضاغط على حرية الراي أمام صندوق الإقتراع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الطاولة المستديرة | الشرق الأوسط : صراع الهيمنة والتنافس أي


.. رفح: اجتياح وشيك أم صفقة جديدة مع حماس؟ | المسائية




.. تصاعد التوتر بين الطلاب المؤيدين للفلسطينيين في الجامعات الأ


.. احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين في أمريكا تنتشر بجميع




.. انطلاق ملتقى الفجيرة الإعلامي بمشاركة أكثر من 200 عامل ومختص