الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عقدة الذنب الالمانية

حبيب مال الله ابراهيم
(Habeeb Ibrahim)

2018 / 7 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


حين تُقرع طبول الحروب ويُطلب من المانيا المشاركة فيها، تجري بين الأوساط السياسية الالمانية مناقشات حادة تفضي معظمها الى رفض المشاركة واتخاذ جانب الحياد. للموقف الألماني هذا جذور تاريخية تعود الى الحرب العالمية الثانية (1939-1945) التي اشعلتها واودت بحياة اكثر من 50 مليون إنسان، ورغم مرور 73 عاما على انتهاء الحرب العالمية الثانية الا ان المانيا الى اليوم تشعر بعقدة ذنب تترجمها الى رفض العروض التي تقدم لها بالمشاركة في الحروب.
ان عقدة الذنب الالمانية هذه اثرت ايضا في الصناعة العسكرية الالمانية وبيع الأسلحة الى الدول، فرغم ان المانيا تنتج افضل انواع الأسلحة في العالم الى جانب روسيا وأمريكا وفرنسا وبريطانيا كدبابات ليوبارد وصاروخ ميلان والغواصات الحديثة وبندقية AWM الا ان وزارة الصناعة الالمانية تتردد كثيرا قبل الموافقة على صفقات بيع الأسلحة الى الدول التي تقع في المناطق المتأزمة، الى الحد الذي هددت شركات انتاج السلاح الحكومة الالمانية بنقل خطوط إنتاجها الى خارج المانيا في حال لم يتم الموافقة على معظم عقود بيع الأسلحة.
اثرت عقدة الذنب الالمانية أيضاً في نوع المهمات التي تؤديها القوات الالمانية في الخارج، اذ تنتشر اليوم 4000 عنصر من القوات الالمانية حول العالم، لأداء مهمات غير قتالية تتمثل بالاستطلاع والتدريب والتجهيز، بعد ان رفض البرلمان الألماني (البوندستاغ) مراراً قيام القوات الالمانية بمهمات قتالية خارج المانيا.
تتمثل السياسة الخارجية الالمانية بعدم الدخول في حروب في أي مكان بالعالم، فأثناء قيام الولايات المتحدة الامريكية بتحشيد حلفاؤها للقضاء على القاعدة وطالبان في أفغانستان عام 2011، وافقت المانيا على مضض واشترطت ان تكون مشاركتها لوجستية، وحين دعت الولايات المتحدة الامريكية حلفائها لتحرير العراق عام 2003 رفضت المانيا المشاركة وأخبرت أمريكا وبريطانيا بان المبادئ الألمانية تقر بان تكون الحروب هي الخيار الأخير لحل الأزمات الدولية واعادت الى الاذهان مآسي الحرب العالمية الثانية والآثار التي خلفتها، وهو اعتراف صريح بما تعانيها ألمانيا من عقدة ذنب لا يمكن تجاهلها بسهولة.
كما رفضت المانيا دعم المنتفضين على نظام القذافي ورفضت استهداف القوات الحكومية الليبية التي كانت في طريقها الى بنغازي للقضاء على المنتفضين، فتدخلت الطائرات الامريكية والفرنسية لأستهداف الجيش الليبي. حتى عقب سيطرة داعش على مناطق عديدة في سوريا والعراق بين عامي 2013 و 2014، لم تحرك المانيا طائراتها المتمركزة في قاعدة انجرلك التركية وجنوب إيطاليا لاستهداف داعش، لان قرار الحرب في المانيا يحتاج الى موافقة البرلمان الألماني (البوندستاغ) الذي يرفض دخول المانيا في حروب بسبب عقدة الذنب التي تعاني منها المانيا.
جاء الرفض الألماني صريحا على لسان المستشارة الالمانية انجيلا ميركل حين طلب منها مشاركة المقاتلات الألمانية في قصف أهداف سورية بعد الأخبار التي نقلتها وسائل الاعلام عن وكالات استخبارات أمريكا وفرنسا وبريطانيا بخصوص استخدام القوات السورية للاسلحة الكيمياوية في عدد من المدن السورية، فوجهت طائرات التحالف الامريكي البريطاني الفرنسي صواريخها الى الأهداف التي يتوقع بأنها مصانع لإنتاج المواد الكيمياوية دون مشاركة ألمانية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رفح: اجتياح وشيك أم صفقة جديدة مع حماس؟ | المسائية


.. تصاعد التوتر بين الطلاب المؤيدين للفلسطينيين في الجامعات الأ




.. احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين في أمريكا تنتشر بجميع


.. انطلاق ملتقى الفجيرة الإعلامي بمشاركة أكثر من 200 عامل ومختص




.. زعيم جماعة الحوثي: العمليات العسكرية البحرية على مستوى جبهة