الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الراحلة باولا أبرامز والباقي فيصل حوراني(*): لحن يراوح بين الحق الفلسطيني وحركة تضامن عالمية أصيلة

عصام مخول

2018 / 7 / 24
القضية الفلسطينية


الراحلة باولا أبرامز والباقي فيصل حوراني(*): لحن يراوح بين الحق الفلسطيني وحركة تضامن عالمية أصيلة




إن أهم أسلحة التضليل التي تحاول المؤسسة الاسرائيلية الحاكمة اللجوء اليها، هو الخلط المقصود بين اليهود والصهيونية وإسرائيل.. ليتسنى لها الخلط بهدف الابتزاز السياسي، بين الحق الأخلاقي في رفض الصهيونية، وفي إدانة السياسة الاسرائيلية، وملاحقة جرائم النخب الحاكمة فيها، وبين "ظاهرة اللاسامية"..

إسرائيل فشلت في أن تكون دولة ديمقراطية.. ولو من باب أنها لجأت الى فرض "يهوديتها"، ليس بقوة الواقع وانما في تناقض مع الواقع وبقوة التشريع البلطجي في قانون أساس عنصري، وتحت طائل العقاب بالقانون. بعد ان فشلت في فرضها بقوة الاحتلال والقمع والاقتلاع. وفشلت إسرائيل في أن تكون دولة يهودية فحسب، فهي دولة فيها أكثرية يهودية وأقلية قومية عربية فلسطينية متجذرة، كبيرة الوزن، بالغة الاهمية


بين باولا أبرامز وبين الشعب الفلسطيني ما زالت عالقةً رقصةُ باليه راقية، على ايقاع لحن إنساني، بدأت باولا بتأليفه ورحلت قبل أن يكتمل، لحنٍ يراوح بين الحق الفلسطيني وبين حركة تضامن عالمية أصيلة، ترفض الاحتلال وترفض الأبرتهايد وترفض شيطنة الشعب الفلسطيني ومقاومته للاحتلال، وترفِد نضاله من أجل حقوقه الوطنية المشروعة ومن أجل التحرر والاستقلال.
هي رقصةٌ شكّل فيها التقاء الزوجين باولا وفيصل، انسانيًا وسياسيًا وأخلاقيًا وفكريًا، أرقى تعبير عن انسانية النضال الفلسطيني من جهة، وعن انسانية التضامن الأممي التقدمي مع فلسطين والانتصار لمعركتها، في مقاومة شعبية لا تحدها حدود الانتماء القومي والاثني والديني والثقافي والجغرافي، وانما يقررها خيار الموقف المشترك والانحياز المبدئي الى الحق والعدل والحرية.. فكانت هذه العلاقة التقدمية الأصيلة بين المفكر والمناضل الفلسطيني الكبير، وبين مناضلة السلام التقدمية اليهودية تجمع كل المعاني التقدمية للاصطفاف الأممي حول القضية الفلسطينية.
إن أهم أسلحة التضليل التي تحاول المؤسسة الاسرائيلية الحاكمة اللجوء اليها، هو الخلط المقصود بين اليهود والصهيونية وإسرائيل.. ليتسنى لها الخلط بهدف الابتزاز السياسي، بين الحق الأخلاقي في رفض الصهيونية، وفي إدانة السياسة الاسرائيلية، وملاحقة جرائم النخب الحاكمة فيها، وبين "ظاهرة اللاسامية"..
خلال الشهر المنصرم لفنا الفقدان مرتين.. لنكتشف أن بين صديقتي الشعب الفلسطيني الراحلتين باولا وفولا (فيليتسيا لانغر) هناك الكثير من المشترك.. ولكن أظرف ما في هذا المشترك، أنهما تحتلان مكانا مرموقا ومشرِّفًا على قائمة التصنيف الصهيوني، قائمة:
"يهود يكرهون انفسهم".. ونحن نقول، إن من يكره نفسه ليس بمقدوره ان يحب الآخرين ولا أن يناصر الشعب الفلسطيني ونضالهالوطني التحرري..
إن مشكلة المؤسسة الصهيونية الحقيقية مع باولا وفولا اليهوديتين، نابعة عن أن المناضلتين تكرهان العدوانية الاسرائيلية، وتدينان التنكر لحقوق الشعب الفلسطيني، وتعاديان الاقتلاع والقمع والاحتلال الاسرائيلي والاستيطان والفاشية، كل من موقعها وبالأدوات التي تتوفر لها، وتعتبران أن الصهيونية هي مصدر خطر حقيقي ليس على الشعب الفلسطيني فحسب، بل على اليهود أيضا. وتعتبران أن تخليص الشعب الفلسطيني، من الاحتلال والهيمنة الصهيونية هو الشرط المسبق لتخليص اليهود من هيمنة الفكر والممارسة الصهيونية العنصرية ايضا.
وعلينا أن نسجل، أن كل ساحات النضال هامة ومتكاملة، لكن أي خيار لا يستطيع ان يغني عن خوض المعركة المعقدة، والمحبطة في كثير من الاحيان، على الساحة الاسرائيلية ذاتها وعلى ساحة الرأي العام اليهودي عامة.. مهما بلغت حلكة الليل.. فمأساتي التي أحيا.. نصيبي من مآسيكم.



//مفهوم موسّع للمقاومة الشعبية الفلسطينية!

لقد اختارت باولا من خلال مناصرة القضية الفلسطينية وتأسيس حركة نساء بالسواد من موقعها في فيينا، ان تكون جزءا من مفهوم موسع للمقاومة الشعبية الفلسطينية.. وهذا المفهوم يعني اولا: مقاومة الشعب الفلسطيني والقاء ثقله الشعبي كاملا في المواجهة المباشرة مع الاحتلال والهيمنة الصهيونية.
ويعني ثانيا: تشجيع تمايز القوى الشعبية التقدمية عالمياعن مواقف حكوماتها ومؤسساتها الرسمية، والخروج الى الميادين والانضمام الى حركات التضامن الأممي مع قضية الشعب الفلسطيني، باعتبارها قضية التحرر الاولى والاكثر الحاحا على المستوى العالمي.
ويعني ثالثا: المعركة داخل الجماهير اليهودية على امتداد العالم، وعلى الساحة الاسرائيلية نفسها بشكل خاص، والمراهنة على القدرة على سلخ قطاعات منها عن الفكر والممارسة الصهيونية والانتقال بها الى مواقع الصدام معها، وخصوصا اليوم في المواجهة مع قانون القومية العنصري الذي مر في الكنيست هذا الاسبوع حتى يتم اسقاطه.
وبرغم خطورة هذا القانون، باعتباره قانون أساسٍ فاشي، يلغي خيار الدولة الفلسطينية على الارض الفلسطينية، ويزيل الوهم بأن رفض الاحتلال الاسرائيلي للدولة الفلسطينية في إطار حل الدولتين سيخلق الظروف لحل الدولة الواحدة.. ويكرّس اسرائيل رسميًا دولة أبارتهايد في تعاملها مع مواطنيها العرب الفلسطينيين، إلا أن تشريع هذا القانون لا يشكل دليلًا على قوة اسرائيل والمؤسسة الحاكمة فيها، ولا دليلًا على نجاح استراتيجياتها التاريخية، بل يشكل دليلا على أزمتها البنيوية الجوهرية وطريقها المسدود.



//إسرائيل فشلت ان تكون ديمقراطية وفشلت ان تكون يهودية فسنّت قانون القومية العنصري!
إسرائيل التي تتباهى تاريخيًا على كل منصة بأنها دولة يهودية وديمقراطية، فشلت في أن تكون دولة ديمقراطية.. ولو من باب أنها لجأت الى فرض "يهوديتها"، ليس بقوة الواقع وانما في تناقض مع الواقع وبقوة التشريع البلطجي في قانون أساس عنصري، وتحت طائل العقاب بالقانون. بعد ان فشلت في فرضها بقوة الاحتلال والقمع والاقتلاع.
وفشلت إسرائيل في أن تكون دولة يهودية فحسب، فهي دولة فيها أكثرية يهودية وأقلية قومية عربية فلسطينية متجذرة، كبيرة الوزن، بالغة الاهمية، منذ نجحنا في الليلة الظلماء، ان ننتصر في معركة البقاء في الوطن، وأن نسقط الحكم العسكري ومجازره وسياساته الإقتلاعية، وأن نتمسك بحقوقنا المدنية والقومية كأقلية قومية، ومنذ اثبتنا من قلب جراح النكبة ومن قلب تنكر ذوي القربى لشرعية بقائنا في وطننا، "أننا عشرون مستحيل"، وان الكف قادرة على ملاطمة مخرز الاقتلاع والقهر القومي. ومنذ أن رسّخنا في وثيقة 6 حزيران 1980 التي قاد الالتفاف الشعبي الأوسع من حولها القائد التاريخي إميل توما، ومطلعها: "نحن أهل هذا الوطن، ولا وطن لنا غير هذا الوطن، وحتى لو جوبهنا بالموت نفسه فلن ننسى أصلنا العريق، نحن جزء حي وفاعل ونشيط من الشعب الفلسطيني".
بين باولا أبرامز حوراني وبين الشعب الفلسطيني لحن لم يكتمل بعد.. في الكتاب الاول من سلسلة كتب هاري بوتر في مدرسة السحرة، تظهر قصة الكلب المتوحش ذي الرؤوس الثلاثة، يحرس مدخل غرفة الاسرار.. وهو باب لا يمكن تجاوزه ولا التحايل عليه الا بلحن سحري رقيق وموسيقى سرّية هادئة، على إيقاعها يغفو الكلب برؤوسه الثلاثة، فيتاح الولوج الى غرفة الاسرار..
فهل رحلت باولا الموسيقية البارعة، وهي تؤلف لحنها الفلسطيني القادر على تنويم الكلب ذي الرؤوس الثلاثة الأشدِّ خطرا في عصرنا: الامبريالية الأمريكية، والصهيونيةِ، والرجعيةِ العربية، ليتسنى دخول غرفة أسرارها وفضح مؤامراتها، للقضاء على قضية الشعب الفلسطيني وإسقاطها من الوعي ومن جدول الاعمال في صفقة عصر مشبوهة.؟!
رحيل باولا يشكل فقدانا كبيرا وخسارة فادحة لأنصار القضية الفلسطينية ولقوى السلام العادل.. وجرحا أليما لفيصل حوراني وعائلته الكريمة.. نشارككم الحزن ونتقاسم معكم مشاعر الفقدان، ونتمنى لفيصل.. الرفيق والصديق والمناضل والكاتب الكبير والمفكر السياسي، الصحة والعمر المديد ومواصلة العطاء المميز الذي لا ينضب.
• (ألقيت في الحفل التأبيني الذي نظم في قاعة الهلال الاحمر في مدينة البيرة مساء الأحد 2.7.2018 لذكرى نصيرة الشعب الفلسطيني الراحلة باولا أبرامز حوراني (زوجة الكاتب المناضل الفلسطيني فيصل حوراني)، وتحدث في الحفل إضافة الى عصام مخول كل من وزير الثقافة الفلسطينية د. إيهاب بسيسو، والبروفيسور إيلان بابيه، د. أنجيلا فالدغ (فيينا)، السيدة نادية أبو نحلة (غزة)، والسيدة لمى حوراني عن أسرة الراحلة. وشارك في حفل التأبين كل لفيف من أصدقاء فيصل حوراني كان من بينهم رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في اسرائيل محمد بركة ورئيس القائمة المشتركة في الكنيست أيمن عودة وعضو الكنيست عايدة توما سليمان).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -عفوا أوروبا-.. سيارة الأحلام أصبحت صينية!! • فرانس 24


.. فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص




.. رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس


.. انقلاب سيارة وزير الأمن القومي إيتمار #بن_غفير في حادث مروري




.. مولدوفا: عين بوتين علينا بعد أوكرانيا. فهل تفتح روسيا جبهة أ