الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ابن رشد و خلطه الاوراق(2)

داود السلمان

2018 / 8 / 1
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ثانياً: الخلط بين الفلسفة والدين
ذكرنا في المبحث الاول، أن ابن رشد حاول أن يخلط بين الفلسفة وبين الدين، كما حاول الذين من قبله، وبتعبير الفارابي التوفيق بين الفلسفة والدين، الامر الذي اضر الفلسفة ولم يرفع من شأن الدين.
وفي هذا المبحث نسلط الضوء على الامور التي تطرق لها ابن رشد، وملخص ما تعرض له هو ما جاء في كتابيه: "فصل المقال" و " الكشف عن مناهج الادلة" وقد لخص ذلك الاستاذ محمد يوسف محمد في كتابه" بين الدين والفلسفة" لخص رأي ابن رشد في اربع نقاط:
1-إن الشريعة، أو الدين توجب التفلسف.
2-الشريعة لها معان ظاهرة عامة، وأخرى باطنة خاصة، ومعنى هذا وذاك وجوب التأويل احياناً، ولبعض الطبقات من الناس.
3-وضع قواعد خاصة بتأويل النصوص.
4-تحديد مدى قدرة العقل، والصلة بينه وبين الوحي.
ويضيف الاستاذ: "وقد انتهى ابن رشد من ذلك كله الى أن الحكمة والشريعة، أو الفلسفة والدين أختان ارضعتا لبناً واحداً، وانهما يتعاونان في اسعاد البشر". (راجع ص 90 من الكتاب المذكور، الطبعة الثانية دار المعارف بمصر).
وهذا بحد ذاته خلط في الاوراق متعمد، وسفسطة واضحة، كونها لا تستند الى العلم وهي بعيدة كل البُعد عن القضايا الفلسفة الجوهرية، التي تعالج ادق القضايا الفلسفية معالجة جذرية، ومنها القضايا القبلية والبعدية بحسب تعبير الفيلسوف الالماني ايمانويل كانت؛ واما القضايا الدينية كالوحي ووجود الانبياء وتنزيل الكتب المقدسة وغيرها، فهي أمور تعبدية عقائدية اخلاقية، لا تخضع، في احايين كثيرة الى العقل والمنطق السليم، وحتى وجود الله، فقد اوعز كانت ذلك الى القضايا الاخلاقية، وأعدّ وجود الله خاضع الى القوانين الاخلاقية البحتة، لا الى العقل، حيث يرى" إن العقل البشري عاجز عن ادراك حقائق الاشياء في ذاتها، وأنّ كل ما نعرفه هو هذه الظاهرة ليس غير".
إذ ليس لدينا دليل قاطع على نزول الوحي ووجود الانبياء والرسل، وأنّ الله بعث هؤلاء الانبياء الذين يقدر عددهم بمائة واربعة وعشرون الف نبي، وانزل معهم كتباً مقدسة، ولكن كل ما نعرفه هو رجماً في الغيب، أو من باب الظن، والظن لا يغني عن الحق شيء.
واعتقاد ابن رشد الجازم بهذه القضايا، لكونه فقيه مجتهد ليس الا، كما ذكرنا ذلك في المبحث الاول. وثمة آيات استند عليها ابن رشد لدعم موقفه.
الآيات التي اعتمدها ابن رشد:
1-{ فاعتبروا يا أو لي الأبصار}.
2-{ أولم ينظروا في ملكوت السموات والأرض وما خلق الله من شيء }.
3- {وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض}.
4- {أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت}.
5-{ ويتفكرون في خلق السموات والأرض}.
وهناك حديث منسوب للنبي يعتبره ابن رشد حديث صحيح وينسجم مع العقل وقد اعتمده فيما طرحه من اعتقاد في ربط الفلسفة بالشريعة. وجاء في الحديث: " لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسُلِّطَ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا".(راجع: فصل المقال ص 22-23، منشورات المؤسسة العربية للدراسات الطبعة الثانية بتحقيق محمد عمارة).
ونحن لا نعتقد كما اعتقد ابن رشد هذا الاعتقاد، ومال هذا الميل، بل الذي نعتقده أنّ لا صلة موثقة بين الفلسفة والدين ابداً، ولا ثمة طريق يوصلهما الى هدف واحد، لأن الاولى تُعد العقل معياراً لكل الاشياء، واما الدين فيتخذ المنقول هو المعيار الصحيح لقياس الاشياء، حتى وأن كانت ثمة قواسم بسيطة مشتركة بين الفلسفة والدين، فأنّ هذا لا يعتبر مقياساً صحيحاً نقيس به القضيتين المتناقضتين: الفلسفة والدين.
ولنا عودة اخرى الى هذا الموضوع في مبحث مقبل من هذه الدراسة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. !ماسك يحذر من حرب أهلية


.. هل تمنح المحكمة العليا الأمريكية الحصانة القضائية لترامب؟




.. رصيف غزة العائم.. المواصفات والمهام | #الظهيرة


.. القوات الأميركية تبدأ تشييد رصيف بحري عائم قبالة ساحل غزة |




.. أمريكا.. ربط طلاب جامعة نورث وسترن أذرعهم لحماية خيامهم من ا