الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


2 اب بداية النهاية

مهند نجم البدري
(Mohanad Albadri)

2018 / 8 / 2
الارهاب, الحرب والسلام


ان يوم 2آب من العام 1990هو يوم له ما بعده وان آثاره المأساوية لم تقتصر على احتلال الكويت وانهيار النظام العربي وان المغامرة المجنونة التي قادت الى كارثة احتلال الكويت هي مغامرة كانت تنتظرها الولايات المتحدة الأمريكية وتتشوق لها لأنها ستوفر لها افتعال التداعيات والظروف التي تحقق لهفتها وحلمها باحتلال العراق وتحويله الى نقطة ارتكاز استراتيجية مثالية للسيطرة على المنطقة.

ويؤمن كثير من العراقين ان النظام العراقي اتبع من حيث يعلم (عمالة )اولا يعلم(غباء سياسي ) سياسات مبرمجة ضمن سيناريو أمريكي محكم ولا نستطيع ان ندعي اننا على اطلاع على السيناريو المحدد ولكن الغموض ومجموعة الألغاز التي أحاطت بالعراق على مدى 35عاماً ومنها سر البداية وسر النهاية تدعو للاستنتاج بوجود مخطط مرسوم ولو تجاوزنا عن ذلك فإننا لا نستطيع تجاهل الوقائع المعلنة والواضحة والمثبتة فالحرب التي جرت بين النظام العراقي والنظام في ايران عام 1980كانت واحدة من أبرز الحقائق التي استجدت في المنطقة والتي عكست دوراً مهماً وبارزاً لصدام حسين وكما هو معروف فقد كان هنالك اصرار متبادل بين النظام العراقي والنظام الايراني على الاستمرار في هذه الحرب مع ادراك الجانبين ان هذه الحرب لا تخدم إلا مصالح الولايات المتحدة الأمريكية التي دعمت ايران بالسلاح والمعلومات في مرحلة ووفرت لها عبر الأقمار الصناعية خطة تسهل احتلالها للفاو، وفي نفس الوقت دعمت العراق ووفرت له فيما بعد خريطة دقيقة اطلعته على المنافذ التي أدت الى استعادة الفاو على يد القوات العراقية، وهكذا كانت الحرب العراقية التي دامت 8سنوات وانهكت ايران والعراق وأضعفت المنطقة بداية مبكرة تفصح عن الملامح الاولية لمخطط الأطماع الأمريكية لكن احتلال العراق للكويت في العام 1990وضع هذا المخطط قيد التنفيذ المباشر كما ندرك جميعاً اليوم.

ولم يكن خافياً الترابط بين حرب العراق ضد ايران وحرب العراق ضد الكويت، فقد اعتقد صدام حسين ان هذه الحرب المكلفة التي خاضها ضد ايران ولمدة 8أعوام لا يمكن إلا ان تكون موضع تقدير خاص وكبير من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وفي نفس الوقت عبرت الولايات المتحدة الأمريكية عن رضا عميق تجاه نتيجة هذه الحرب وعن مباركة غير مباشرة للدور الذي قام به النظام العراقي لتحجيم ايران دون ان يعني ذلك اعترافاً أمريكياً ببروز العراق كقوة وحيدة في منطقة الخليج فهذا الدور ظل مرفوضاً حتى من قبل شاه ايران أقرب أصدقاء أمريكا الذي حاول أن يجعل من ايران قوة نافذة ومسيطرة في المنطقة قبل ان تطيح به الثورة الاسلامية الايرانية في العام1979.وكما هو واضح فإن الولايات المتحدة الأمريكية اكتفت بقطف ثمار هذه الحرب وذلك عبر ضرب العراق بايران وتدمير قوة البلدين واستنزاف قدرتهما النفطية والمالية التي تم هدرها في هذه الحرب بالاضافة الى مئات الآلاف من الضحايا وخلق حالة عداء كامنة حتى بعد انتهاء هذه الحرب.

أما صدام حسين فقد اعتقد بأنه سيفوز بمكافأة مجزية بعد دوره في تدمير ايران والعراق معاً، لكن المكافأة الأمريكية كانت محدودة واكتفت أمريكا بتقديم معونة مالية للعراق مخصصة لشراء مواد غذائية ولم تزد هذه المنحة عن 4مليارات دولار قيل انها قابلة للزيادة وقد استغل العراق هذه المنحة لشراء بعض اشكال التكنولوجيا العسكرية عبر بنوك ووسطاء قدموا فواتير واعتمادات مستندية بمواد غذائية وقد تساهلت أمريكا في هذا الامر بل ربما كانت شجعته سراً.

وقد كانت الولايات المتحدة الأمريكية على اطلاع ومعرفة تامة بنوايا صدام حسين ولم يكن التصعيد ضد الكويت من قبل العراق مفاجأة لأمريكا التي بادرت إلى اطلاق اشارات تشجيع صدام حسين على المضي في تفكيره باحتلال الكويت، وقد كان محضر اللقاء مع السفيرة الأمريكية غلاسيي في بغداد عنواناً واضحاً للموقف الأمريكي الذي يوحي بأن أمريكا لن تتدخل عسكرياً في اية صراعات او خلافات في المنطقة وانها تريد من شعوب ودول المنطقة ان تحل مشاكلها بنفسها.

وإذا كانت التفسيرات قد اختلفت في تقييم حقيقة النوايا الأمريكية وهل هي نوايا مبيتة تمثلت في نصب فخ للنظام العراقي للسقوط في هوة احتلال الكويت او ان أمريكا انتظرت حتى يقع صدام في هذا الفخ من تلقاء نفسه فإن النتيجة واحدة بمعزل عن النوايا.

ويظل الأهم هو ان الولايات المتحدة الأمريكية كانت تخطط لاحتلال العراق عبر سيناريو يبدأ باحتلال العراق للكويت وهو ما أكده قائد القوات الأمريكية في العراق الجنرال "شوارسكوف" الذي قال: ان الجنرال كولن باول رئيس هيئة الاركان المشتركة في عهد الرئيس بوش الاب قد طلب منه وضع خطة في العام 1988لاخراج القوات العراقية من الكويت وذلك قبل عامين من 2آب 1990، هذا التاريخ الذي شكل بداية المخطط الاكبر وهو احتلال العراق حيث سقط النظام العراقي بقيادة صدام حسين في الامتحان الصعب يوم 2آب عام 1990، هذا اليوم الاسود الذي كان يوم سقوط بغداد عملياً ولو ان سقوط بغداد واحتلال العراق من قبل أمريكا تأخر حتى 9نيسان من العام 2003ولأن 9نيسان 2003كان وليد 2آب 1990فإن الذكرى السوداء لاحتلال الكويت هي الذكرى السوداء لاحتلال العراقي باخراج امريكي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إدارة بايدن وملف حجب تطبيق -تيك توك-.. تناقضات وتضارب في الق


.. إدارة جامعة كولومبيا الأمريكية تهمل الطلاب المعتصمين فيها قب




.. حماس.. تناقض في خطاب الجناحين السياسي والعسكري ينعكس سلبا عل


.. حزب الله.. إسرائيل لم تقض على نصف قادتنا




.. وفد أمريكي يجري مباحثات في نيامي بشأن سحب القوات الأمريكية م