الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


واقع الدروز في ظل قانون القومية

هادي زاهر

2018 / 8 / 3
القضية الفلسطينية


وانقشعت الغشاوة:
واقع الدروز في ظل قانون القومية


ردود فعل كثيرة جاءت حول قانون القومية الذي سنه البرلمان الإسرائيلي مؤخرًا، منها جاء من قِبل شخصيات او شرائح خدمت في أجهزة السلطة المختلفة وضنت بان لها وزنًا لدى السلطات الإسرائيلية، فكانت متفاجئة عندما جاء هذا القانون. من هؤلاء شريحة من أبناء طائفتي التي فرض عليها قانون التجنيد الاجباري، وهناك من ما زال يعتقد بان هناك املا في ان تعدل السلطات الإسرائيلية القانون "كرمى لعينيه".
نحن في لجنة المبادرة العربية الدرزية ناضلنا من اجل رفع الغبن اللاحق بنا ومن ضمن ذلك التجنيد الاجباري، اصدرنا المناشير والمجلات والكتب وكان اخرها كتابي: "كيف نواصل التنكيل بالطائفة الدرزية"، شرحنا لأهلنا واقعنا المأساوي، اقتنع به الكثيرون ولكن هناك من برر ان انسيابه مع سياسة السلطة جاء نتيجة ظروف الحياة المعيشية، وهناك من برر موقفه اعتمادًا على الواقع في الكثير من دول العالم العربي الذي هو اسوأ من واقعنا، وهناك من ما زال يصر على موقفه رغم كل التضحيات التي قُدمت من قبل هذه الشريحة. وهنا بودي ان اذكّر هؤلاء بتعامل السلطات الإسرائيلية التي صادرت أراضيهم، التي لم تطور قراهم كما يجب، التي تلاحق الجنود وتفرض عليهم الضرائب الباهظة عندما يبنون دور سكناهم. بودي تذكيرهم بواقعهم المأساوي، لقد سقط بعض الجنود ضحية واعتقد البعض بان من سقط، سقط شهيدًا، فأي شهادة هذه؟.. هل سقط دفاعا عن الأرض التي صادرتها منه السلطات الإسرائيلية؟ ام انه سقط واهما بانه يدافع عن الوطن، وما هو الوطن؟ اليس الأرض؟
الحقيقة التي اتضحت لمن كانت غشاوة على عينيه حتى اليوم هي أن من سقط.. سقط ضحية لأطماع إسرائيل التوسعية العدوانية.. سقط ضحية لأحلام الصهيونية الجهنمية والتي عبر عنها رئيس سابق لحكومة إسرائيل يتسحاق شامير عندما قال بان الحدود الحالية تكفي الجيل الحالي والجيل القادم بحاجة إلى توسيع حدود الدولة.
لقد سقط من سقط وترك أمه في حسرتها الأبدية، لا تهنأ بنومها، تتقلب على فراشها وقد جفت وأضحت الجلد على العظم. لقد سقط من سقط بدون ثمن وكأنه قشرة بصل، او أي حاجة رخيصة. لقد سقط من سقط وترك والده في شوق بالغ يتفتت كبده، خاصة عندما يضطر إلى الابتسامة مسايرة لمن يقابله حفاظًا على الظهور بكبرياء الرجولة، وياله من شعور غريب متناقض مع ما يعتمل في قلبه، هذا الوالد الذي يشهق عميقًأ ويزفر بعيدًا.. لقد سقط من سقط وترك زوجته ارملة فريسة احلام النوم واليقظة، التي تتخيل ابنها عريسًا ولا تصدق ما حدث. لقد سقط من سقط وترك ابنه يتيما وقلبه يُعتصر عندما يسمع أبناء صفة يفخرون بآبائهم. وترك ابنته تشعر شعورًا غريبًا عندما تقول لها زميلتها: "شوفي بابا شو اشترالي".
قد سقط من سقط وترك خطيبته في خيبة امل بعد أن كانت تحلم في بناء اسرة سعيدة مع من اختارته ليشاركها الحياة، لقد استل الوجع الاحمرار من وجنتيها وحل مكانه الاصفرار. لقد سقط من سقط وترك الفتاة التي تعاهد معها على اعلان الخطوبة، ولكن سقوطه كان صدمة قوية اشعرها بان عالمها قد انهار كليا. لقد سقط من سقط وكان لشقيقه سندا يعتمد عليه، في الذهاب والإياب. لقد سقط من سقط وترك شقيقته ترتجف من شدة احساسها المرهف وهي تسمع صديقتها تقول لها: "شوفي ما اقبض اخوي". لقد سقط من سقط وجعل الجد والجدة يموتون في حسرتهم بعد ان كانوا يشعرون بالغبطة القصوى ويقولون بان الحفيد أغلي من الابن "ما في أغلى من ولد الولد".
لقد سقط كل هؤلاء دون أي ثمن.. دون أي قيمة، إن صهيون الذي يفتقد إلى الذوق وإلى القيم لا يعترف ولا يعير أي الاهتمام للمشاعر الإنسانية، والواقع أكبر والبرهان، لقد ذهبت كل التضحيات التي قدمها الاغيار ممن غرر بهم ادراج الرياح، مما شكل صفعة ولا نريد ان نقول بصقة على جبين من غرر بهم لان هؤلاء أهلنا. إن حقيقة صهيون واضحة وقد كانت واضحة لنا تماما، اعتقد البعض أننا نبالغ وان لا بد أن تحفظ لهم هذه السلطات جميلًا، لكن هذا القانون جاء ليوقظ كل من عاش في الاوهام. إن السلطات الإسرائيلية تفاوض اليوم على منح الدروز امتيازات، وهي قد زعمت في السابق زورا وبهتانا باننا مميزون عن باقي أبناء شعبنا، ولكن الحقيقة مغايرة لذلك، وهي قد تقدم اليوم بعض الفتات لتخفيف حدة الاحتجاجات وهنا كان لنا تجربة مع الاعيبها واكاذيبها، انها تتعامل مع الاخرين بلغة التجارة بعيدا عن القيم والمبادئ الإنسانية.
وهنا ندعو أهلنا المعروفيين إلى العمل مع أبناء شعبنا لصد الهجمة العنصرية الواضحة التي مورست عمليًا على ارض الواقع بدون قانون خاص ولكن المخاطر التي ستأتي على شعبنا بكل اطيافه ومذاهبه جراء تشريع هذا القانون رسميا، خطيرة جدًا بحيث ستكون هجمة على كل مناحي حياتنا مما وجب التصدي معا بدون الوقوع في شباك فرق تسد مرة أخرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. !ماسك يحذر من حرب أهلية


.. هل تمنح المحكمة العليا الأمريكية الحصانة القضائية لترامب؟




.. رصيف غزة العائم.. المواصفات والمهام | #الظهيرة


.. القوات الأميركية تبدأ تشييد رصيف بحري عائم قبالة ساحل غزة |




.. أمريكا.. ربط طلاب جامعة نورث وسترن أذرعهم لحماية خيامهم من ا