الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قانون القومية - ألوجه الحقيقي لإسرائيل

ياسر ريناوي

2018 / 8 / 6
القضية الفلسطينية


كل نظام حكم في العالم يشرع ويسن القوانين التي تحميه (عبارة لكارل ماركس)، فجنوب أفريقيا مارست التمييز العنصري ضد المواطنين السود الأصليين أصحاب الأرض والوطن، لعقود من الزمن، حسب قوانين عنصرية شرعها برلمانها بأغلبية الأصوات، كما هو متوقع، وكان نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا معزولا دوليا، وإسرائيل كانت أعز أصدقاء وحلفاء هذا النظام العنصري، وكذلك الولايات المتحدة، كانت حليفة لنظام الفصل العنصري، وهي نفسها كان التمييز العنصري ركنا من أركانها، وعندما أصبح نلسون مانديلا "الارهابي" رئيسا لجنوب أفريقيا، قام بجولة على كل الدول التي ساندت نضال شعب جنوب أفريقيا الأصيل، وتجنب زيارة إسرائيل، لأسباب لا تخفى على أحد. وفي السعودية كان نظام الرق قانونيا حتى سنة 1960، حين ألغي بقانون، وربما لا يزال نظام الرق ساريا حتى اليوم، رغم إلغائه بالقانون.
القوانين العنصرية في إسرائيل ليست حديثة العهد، فعمرها من عمر دولة إسرائيل، والفرق بين 1948 واليوم هو أن الحكومة الحالية لم يعد يهمها أن تتفادى التشبه بنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، طالما ان الأمريكان يتبنون مواقفها العنصرية، ويدعمونها بالمال والسلاح، وفي مجلس الأمن، وفي كل المحافل الدولية، وطالما أن العرب الذين يتظاهرون بأنهم مناصرون للقضية الفلسطينية وحماة القدس والأقصى، أقرب إلى إسرائيل بالعلن، من أي وقت مضى، فبدلا من أن يسيروا على مبدأ "نصادق من يصادقنا ونعادي من يعادينا"، يفعلون العكس تماما: يصادقون من يصادق إسرائيل ويعادون من يعاديها، فلمن إذن ستحسب إسرائيل حسابا؟ أما قضية فلسطين فليست في قائمة اهتمامات الحكام العرب، حتى أنها ليست على الرف، ولا حتى في قائمة الانتظار.
عندما تأسست إسرائيل سنة 1948، قامت بتهجير الفلسطينيين وهدمت ما يزيد على 500 قرية فلسطينية، وهجرت سكان المدن الكبيرة، وبنت مستوطناتها على أنقاض هذه القرى المدمرة، شعب بلا أرض على أنقاض أرض أصبحت بلا شعب، بفعل المجازر وعمليات التهجير، وحتى شعارات "التعايش" التي يطلقها أحيانا من يصورون أنفسهم على أنهم دعاة سلام في إسرائيل، ليست سوى شعارات فارغة، فالتعايش في نظرهم هو أن يعيشوا على أنقاض العرب وليس إلى جانبهم. وعندما سئل أحد قادة الأحزاب الصهيونية الذي يصنف نفسه بأنه حزب يساري: "ألا تشعر بالتعاطف مع اللاجئين الفلسطينيين، عندما ترى بيوتهم الجميلة في حيفا ويافا وغيرها من المدن، يسكنها يهود بينا أصحابها الأصليون يعيشون في المخيمات؟ " أجاب: إذا تعاطفت معهم فإنني ألغي نفسي.
إسرائيل فرضت الحكم العسكري على بقية ما تبقى من الشعب الفلسطيني ضمن حدود الدولة العبرية، ومنعت العرب حاملي الهوية والجنسية الاسرائيلية من التجول والوصول إلى أراضيهم لتقوم بالاستيلاء عليها بموجب قانون أملاك الغائبين الذي سنته في السنوات الأولى بعد تأسيسها، وسنت كذلك عشرات القوانين العنصرية الأخرى التي لا مثيل لها في العالم مثل قانون الحاضر غائب، هذا القانون الغريب العجيب، الذي يعتبر العربي غائبا حتى ولو كان ماثلا أمام القاضي في المحكمة، هو حاضر ويحمل الهوية والجنسية الاسرائيلية، ولكنه غائب بالنسبة لأرضه وممتلكاته ومن حق الدولة الاستيلاء عليها بموجب قانون أملاك الغائبين، اللاجئين الذين غيبوا وشردوا قسرا بطردهم من أراضيهم وبيوتهم، استولت إسرائيل كذلك على أملاك الوقف الإسلامي ونبشت المقابر وبنت فوقها الفنادق الفخمة والمباني والمرافق الأخرى، والقائمة تطول.
عندما تدعي إسرائيل أنها دولة يهودية ديمقراطية يبدو التناقض واضحا بين الديمقراطية والعنصرية، فلا ديمقراطية مع العنصرية، بالنسبة لليهود هي دولة ديمقراطية، وللعرب هي دولة يهودية عنصرية، لا حصة ولا مكان لغير اليهود فيها.
ديمقراطية إسرائيل هي كذبة كبيرة: النظام الديمقراطي، يجب أن تحمي قوانينه الأساس حقوق الأقليات، اما في إسرائيل فالأكثرية اليهودية تصوت في الكنيست بأكثرية يهودية ضد أقلية عربية وتشرع القوانين، التي تهضم حقوق الأقليات غير اليهودية، وجاء قانون القومية هذا ليضع النقاط على الحروف، ويكشف الوجه الحقيقي للديمقرطية العنصرية.
بعد هذا القانون العنصري، ماذا يبقى لكل الذين خدموا في جيش الاحتلال واذرعه الأمنية المختلفة من غير اليهود، ما هو وضعهم القانوني وما هي علاقتهم بالدولة اليهودية التي خدموها وحاربوا وماتوا من أجلها، فهم ليسوا يهودا وهي دولة اليهود فقط وليست دولتهم، فحسب هذا القانون، هم ليسوا أكثر من مرتزقة، يحاربون من أجل دولة ليست لهم، ولا تريدهم مواطنين متساوي الحقوق فيها، ولا تضعهم في حساباتها، إلا في قانون التجنيد الاجباري، وتعتبرهم كغيرهم من العرب، أهل هذا الوطن، متطفلين أو عابري سبيل، أو ضيوفا غير مرحب بهم أو مرتزقة.
عندما التقيت المحامية فليتسيا لانغر سنة 1967 كانت تتوقد نشاطا وحماسا في الدفاع عن الفلسطينيين تحت الاحتلال، وغضبا وكرها للاحتلال، وعندما التقيتها في آخر مرة، حين كانت تستعد للهجرة إلى المانيا، كانت محبطة ويائسة من الأوضاع في منطقتنا بشكل عام، ومن بعض ما قالته لي بالحرف: عندما أتوجه إلى محكمة العدل العليا، اجد نفسي كمن ينفخ في قربة مقطوعة، أجد أن المحكمة أسيرة للقوانين العنصرية، فالقوانين العنصرية تكبل أيدي القضاة إذا ما أرادوا أن ينصفوا المظلومين أو يتعاطفوا مع الناس، ولا يخلو الأمر من قضاة يتعاطفون مع المظلومين، ولكن القوانين العنصرية، وتدخل جهاز الأمن العام في كل شيء، حتى في القضاء، لا تترك لهم خيارا آخر. فقانون الطوارئ من زمن الانتداب البريطاني، تبنته إسرائيل وطبقته على العرب، كما فعل الأنجليز مع العرب في ثورة 1936، وترى إسرائيل في هذا القانون مثل كنز نزل عليها من السماء، وبحسب هذا القانون لا يسمح للمعتقل ولا لمحاميه، أن يعرف بأي تهمه جرى اعتقاله، وما هي مدة سجنه، التي تتجدد كل سنة أو كل ستة أشهر إلى ما لا نهاية، قوانين طوارئ كهذه عفا عليها الزمن، ولا تجدها إلا في دول تحكمها أنظمة حكم استبدادية قمعية ظلامية، وليس في دول تصنف نفسها على أنها ديمقراطية. فأين تبحث عن عدالة، في دولة تسجن الناس دون تهمة ودون محاكمة، ولمدة غير محدودة، وتعتبر الاستيلاء على أملاك الغير أمرا قانونيا عاديا، وتحمي قطعان المستوطنين الفاشيين عندما يستولون على أملاك الناس بقوة السلاح، ويعيثون فسادا في الأرض، تمول بسخاء أعمالهم الاجرامية، وسطوهم االمسلح على أملاك العرب، وتسن القوانين لتشريع جرائمهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملف الهجرة وأمن الحدود .. بين اهتمام الناخبين وفشل السياسيين


.. قائد كتيبة في لواء -ناحل- يعلن انتهاء العملية في أطرف مخيم ا




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش تداعيات الرد الإيراني والهجوم ال


.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟




.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على