الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعد 30 سنة على نهايتها - هل كانت الحرب العراقية - الإيرانية حربا إستراتيجية بالمستوى العسكري ؟

جاسم محمد كاظم

2018 / 8 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


بعد 30 سنة على نهايتها - هل كانت الحرب العراقية - الإيرانية حربا إستراتيجية بالمستوى العسكري ؟
شكلت إيران تهديدا مباشرا للكيان العراقي منذ وجودة عام 1921لانها ترى أن بعض المناطق قد تم اقتطاعها منها بالقوة من قبل بريطانيا .
وتذهب إلى ابعد من ذلك بالادعاء بان ارض كربلاء والنجف تابعة لها لأنها تمثل القوة الرئيسية للنفوذ الشيعي . .
وبقيت إيران غير معترفة بهذا الكيان تتحين الفرصة والضعف من اجل الانقضاض علية لذلك فقد هادنت المملكة العراقية الناشئة إمبراطورية فارس ولم تثر حنقها لأنها تعرف مقدار قوتها مع قوة هذه الإمبراطورية الهائلة .
تتفوق إيران على العراق بعدد السكان بما نسبته 4-1 وبالمساحة 6-1 و تمتلك موارد قوية غير البترول ويمتد ساحلها المائي من البصرة والخليج العربي حتى يصل إلى المحيط الهندي وحدود الباكستان .
وعندما تسعر الحكومة الإيرانية الموقف أو تفتعل بعض الإحداث تلجا المملكة العراقية إلى بريطانيا لحل الأزمة ولها السبب أبقت الحكومة العراقية على بقاء القواعد البريطانية في العراق خوفا من التدخل العسكري الإيراني المفاجئ واحتلال المملكة .
ويعود جوهر الخلاف العراقي -الإيراني الحديث حول ترسيم الحدود بين الدولتين التي بقيت مشكلة وخاصة في شط العرب الذي تصر الدولة العراقية على اعتباره عراقيا بالكامل بينما ترى إيران أن لها حقا بسبب مياه نهر الكارون وبقي شط العرب شطا عراقيا بالكامل يستند إلى الاتفاقيات المقامة بين الدولة الفارسية والعثمانية في القرن التاسع عشر حتى توقيع المعاهدة العراقية الفارسية في عام 1937 بحيث تمنع الحكومة العراقية أي صياد سمك إيراني يريد الصيد في هذا النهر .
تجددت الخلافات بين البلدين بعد الثورة العراقية وانتصار تموز الظافر بقيادة الزعيم عبد الكريم قاسم وقيام الجمهورية العراقية ومطالبته الزعيم بإقليم عربستان العربية وبقي الأمر معلقا حتى بعد الحكومات التي تلت الجمهورية العراقية الأولى.

وبعد وصول البعث إلى السلطة عام 1968 استغل الشاه الضعف في القيادة العراقية وألغى معاهدة 1937 من جانب واحد، وأزمت إيران الوضع العسكري على طول الحدود وقامت بدعم الانفصاليين الأكراد في الشمال وشكلت تهديدا واضحا على امن الدولة العراقية وقامت من جانب واجد برسم خط وهمي للملاحة أسمته خط التالوك .
وإزاء هذا التهديد الشديد للسيادة العراقية وقعت الحكومة العراقية متمثلة بنائب الرئيس صدام حسين مع الشاة الإيراني معاهدة الجزائر في 6- آذار عام1975
واقر العراق لأول مرة تنازله عن نصف شط العرب لإيران مقابل إنهاء التمرد الكردي في الشمال .
تغير الموقف العسكري بعد وصول الخميني إلى سدة الحكم نتيجة الضعف في الجانب الإيراني الذي عانى من انهيار الدولة والقوة العسكرية وتصاعد المد الفوضوي والخلافات العنيفة التي تلت التغيير واستغل العراق هذه المواقف فقام الرئيس صدام حسين بإلغاء معاهدة الجزائر في السابع عشر من أيلول عام 1980
لم تتقبل القيادة الإيرانية ذلك وبدئت المناوشات على الحدود .حتى قام العراق في الثاني والعشرين من أيلول بالتوغل داخل الحدود الإيرانية وبدء الحرب العراقية - الإيرانية بشكل رسمي .
أدركت الحكومة العراقية في عهد البعث خطئها الكبير بالتنازل عن شط العرب وأنة وقع في ظروف قسرية هددت بقاء الدولة لم يستطع العراق رغم كل قواته العسكرية التي تقول عنها الموسوعة البريطانية في عام 1974 أنها بلغت 250 ألف مقاتل مع 500 دبابة ومائة وخمسين طائرة بعضها قديمة الأنواع مع قيادة برية تشكل أربعة فيالق عسكرية منقوصة التسليح .
وبقي العراق ينظر إلى إيران بأنها قوة هائلة قادرة على ابتلاع العراق بضربة واحدة ولم يخطر ببال أي شخص أن العراق يستطيع يوما من التحرش بإيران أو يستطيع خرق حدودها .
واجه العراق مشكلة كبيرة في الحرب تتمثل بطول خط الجبهة وبعثرة القوات وخلال سنة واحدة توقفت عجلات القوة العراقية عن السير إلى أمام وواجهت مقاومة شعبية هائلة.
جندت إيران مقاومتها الشعبية المتمثلة بالمجاهدين وبحلول عام 1982 تغير الموقف العسكري وأصبحت إيران في موقف الهجوم بينما توقفت القوات العراقية تدافع عن نفسها بصعوبة كبيرة .
ومع حلول كارثة المحمرة والشوش قررت القيادة العراقية سحب القوات إلى الحدود العراقية والدعوة لإنهاء الحرب مع التمسك بشط العرب وأوقفت القيادة العراقية الحرب من جانب واحد لمدة يوم واحد .
وكلف العراق كل الدول الاسلامية لتشكيل لجنة المساعي الحسنة والحميدة من اجل إقناع الخميني بذلك ولم تنفع كل الجهود لان إيران لم ترضى بذلك وأصرت على اتفاقية الجزائر بكل قوة وبقي الشط مصدر استمرار الحرب ثمان سنوات مرعبة
وجدت إيران في الضعف العراقي مصدرا لاحتلال العراق من خلال الهجومات الكبيرة بالقوة البشرية واستطاعت هذه القوات خرق الدفاعات العراقية قي أكثر من مكان والتوغل إلى في مناطق الجنوب من اجل إشعال ثورة شيعية تساند هذه القوات لاحتلال بغداد.
وهنا حل الفصل الثالث في هذه الحرب وهو استخدام السلاح الكيماوي من قبل العراق لضرب القوات الإيرانية المهاجمة مكبدا إياها خسائر هائلة في الأرواح لتصبح الحرب بعد ذلك حرب خنادق ثابتة على طول جبهة طويلة تعدت ال1100 كيلو متر .
جند العراق ما نسبته 15 % من السكان وهو أعلى نسبة تجنيد في العالم وبلغت مجموع قواته المقاتلة مليون نصف المليون مقاتل إضافة إلى تنظيمات الجيش الشعبي والمهمات الخاصة وقوى الحزب .
وكل هذه الأرقام والمعطيات فان الحرب العراقية - الإيرانية لم ترتقي إلى بقية الحروب الأخرى مثل الحرب الكورية لأنها بقيت حرب خنادق ثابتة على طول الجبهة ولم تلعب المدفعية دورها الفعال في هذه الحرب بإيقاع الخسائر الهائلة بالقوات واستهدافها بشكل مركز كما كانت مدفعية الحرب العالمية الثانية.
وبقي سلاح المدرعات العراقي عاجزا عن أداء دورة الحقيقي بإنهاء الحرب بضربة واحدة وفرض الأمر الواقع على الجانب الإيراني رغم وصول عدد المدرعات إلى 5000 مدرعة ودبابة والقيام بالالتفاف الكبير والخرق المباشر وغير المباشر والهجوم على المستوى السوقي فبقيت المدرعات مدافع ثابتة على الأرض.
وشاطرة الدور كذلك سلاح القوة الجوية الضارب بعدم استطاعته تدمير البني التحتية الإيرانية وتجميد الدولة وبالتالي أجبار القيادة الإيرانية على الاستسلام وإنهاء الحرب كما فعل سلاح الجو الإسرائيلي في عام 1967.
لذلك بقيت الحرب العراقية - الإيرانية حربا تقليدية بكل معنى الكلمة لأنها تعتمد على الجانب البشري الكثيف للخرق ومسك الأرض ولم تختلف عن بدايات الحرب العالمية الأولى من الصولة وهجوم المشاة ولم ترتقي إلى معارك الحرب العالمية الثانية أو الحرب الكورية الأميركية .
سياسيا وجدت الدول الكبرى في هذه الحرب فرصة لبيع الأسلحة وازدهار تجارتها وسعت هذه الدول إلى استمرار هذه الحرب بكل الوسائل من اجل أضعاف النفوذ العراقي لأنة يمثل خط المواجهة الأول مع إسرائيل وكذلك تدمير الاقتصاد الإيراني .
أدركت القيادة الإيرانية بعد ثمان سنوات من القتال بأنها لا تستطيع احتلال العراق وعرف العراق بأنة لا يستطيع فرض الأمر الواقع على إيران فعاد كل شي إلى ما قبل أيلول عام 1980 وفكر العراق بعد ذلك بحفر قناة ثانية لشط العرب تقع تماما داخل الأرض العراقية بإقامة سد ترابي كبير كحد مع إيران لم يتم تنفيذه بسبب دخول الكويت .
كلفت الحرب الجانب الإيراني مليون قتيل ومليون ومائتي ألف جريح وخمسين إلف أسير وخسرت إيران ما يقارب ال70 مليار دولار على تكلفة هذه الحرب ودمرت مدن إيرانية كبيرة بسبب القتال داخلها .
بينما خسر العراق 400 ألف قتيل ونصف مليون جريح وأكثر من ستين ألف أسير وبلغت ديونه ما يقارب ال100 مليار دولار .
وخلاصة الأمر استطاع العراق من كبح جماح إيران لأول مرة في تاريخه السياسي وحقق على المستوى الاستراتيجي العسكري نصرا على هذه القوة الهائلة وأثبت أن دولته الصغيرة قادرة على ردعها وإعادة توازن التاريخ معها .
خرج العراق من الحرب كدولة قوية جدا تمتلك قوة عسكرية هائلة ومطاولة كبيرة على الحرب وشعب قادر على استخدام السلاح بكاملة وقوة تهدد كل المنطقة
لا يمكن الوقوف بوجهها ألا من قبل دولة كبرى في التاريخ .
/////////////////////////////م
جاسم محمد كاظم
.

.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شقي بغداد في مواجهة الأطماع الإيرانية
بارباروسا آكيم ( 2018 / 8 / 8 - 16:43 )
إيران جار مزعج و مؤذي وعدم وجوده أفضل من وجوده

ولكن ..
الحرب بالأساس لعبت فيها دول الخليج دور قذر
وتحديداً السعودية و الكويت و الإمارات

طبعاً كان هناك تسجيل على اليوتيوب يحكي فيه صدام عن لقاءه مع الشيخ زايد ( دون أن يسميه )
وكيف أنه طالبه بتحرير الأحواز العربية
فرد عليه صدام - حسب ما يدعي-
بأن الجزر الثلاث أولى !

وان العراق مستعد لتحرير هذه الجزر

هذا التسجيل من دون كل التسجيلات اختفى من اليوتيوب !!!!!
المهم
لاشك وان لطمة الحرب كانت قوية للخميني و مشروعه
ففي يوم وقف إطلاق النار خرج بتصريحه الشهير
تمنيت لو أني تجرعت كأس السم

والناس كلها لم تعرف إيران إلا بعد سقوط النظام
ولهذا يتباكى عربان الخليج اليوم على صدام
لأنه لا أحد إستطاع صد الروح الحاقدة الخارجة من مجاري التاريخ في الشرق بإستثناء شقي بغداد

و بالنسبة للعروش و الكروش في الخليج الفارسي
اريد أن اوجه رسالة

لقد عملتم على تدمير العراق و نجحتم
الآن هل تحسون بالأمان ؟



تحياتي و تقديري


2 - الاخ بارباروسا
جاسم محمد كاظم ( 2018 / 8 / 8 - 19:33 )
مثلما قلت ايران من ازعج الجيران لوجوزد الطائفة الشيعية ..في الحرب استطاع العراق لاول مرة في تاريخة من ضرب ايران الضربة الموجعة التي يتمناها عبر تاريخة الطويل الف تحية


3 - المتخاذل صدام
بارباروسا آكيم ( 2018 / 8 / 8 - 21:36 )
و الله للأمانة
فليس الشيعة وحدهم من تعاطت معهم إيران
تنظيم الإخوان المسلمين في العراق لم يكونوا شيعة
حزب الإتحاد الوطني الكردستاني لم يكونوا شيعة

لا شك إن نظام بغداد كان نظام إجرامي
وطريقة تعاطيه مع الداخل و الخارج هي ما كَثَّرَتْ خصومه

فصدام أوصل الجميع لقناعة
أنه لابد من التحالف مع الشيطان لإزاحته

فقط اريد أن أذكر حادثة للتاريخ
صدام إعتبر أسرى 82 خونة !
كما كانت دائرة التوجيه السياسي تعدم أي ضابط أو عسكري ينسحب أو يعجز عن تنفيذ هدف
برصاصة في الرأس بتهمة التخاذل

ويشاء التاريخ أن نرى القائد العام للقوات المسلحة متخاذلاً نائماً في حفرة .. لم يطلق حتى رصاصة

وهذا سؤال موجه للإخوة البعثيين
هل يعتبر صدام متخاذل جبان ؟

وداعاً .. إلى الملتقى


4 - مات الخميني كمـــدا وصدام مشــــنوقا
كنعان شماس ( 2018 / 8 / 8 - 23:36 )
تحية ااخ جاسم محمد كاظم وتحية لتعليق الأخ بارباروسا . وســـــــــــود الله وجوه دعاة الحرب والذين معهم . رجلي الحرب خميني وصدام اراح الله البشرية من شريهما أراد ارول ان يحكم العالم والثاني العرب فمات الأول كمــــــد والثاني مشــــــــنوقا بعد ان الحقا دمارا بايران والعراق لازلنا نعاني وسنعاني لاجيال قادمة . تحيـــــــــــــــــــــة


5 - الاخ بابروسا تحية
جاسم محمد كاظم ( 2018 / 8 / 9 - 11:08 )
لكل حادث حديث المهم الحرب اصبحت من الماضي والذكريات واراح الناس منها الحرب ليس فيها غالب او مغلوب الكل فيها مغلوب للخسائر الفادحة لذلك عالم اليوم يتجنب الحرب بكل الطرق الممكنة الف تحية


6 - الاخ كنعان الف تحية
جاسم محمد كاظم ( 2018 / 8 / 9 - 11:13 )
الحرب ان تلد الارحام ميتة ...هكذا يقول الشاعر ..الحرب مكروهة مثل الطاعون لانها الموت الحتميؤ لكل شي .. الخميني اراد تصدير الثورة للعالم العربي فواجة العراق مدعوما بكل العرب الا سوريا وليبيا بينما خسر العراق مواردة واقتصادة وعانا ماعانا بعد ان خذلة العرب في تسدسد ديونة المتراكمة فكانت كارثة الكويت والمسرحية مستمرة الف تحية

اخر الافلام

.. التوتر يشتد في الجامعات الأمريكية مع توسع حركة الطلاب المؤيد


.. ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. استمرار تظاهرات الطلاب المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمي


.. وفد مصري إلى إسرائيل.. ومقترحات تمهد لـ-هدنة غزة-




.. بايدن: أوقع قانون حزمة الأمن القومي التي تحمي أمريكا