الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عقوبات ، و مصالح ، و رئيس وزراء قادم ، واقتصاد جديد

عماد عبد اللطيف سالم

2018 / 8 / 9
الادارة و الاقتصاد


عقوبات ، و مصالح ، و رئيس وزراء قادم ، واقتصاد جديد



اقتصاديّاً ..
فإنّ العراق ، مع سلسلة العقوبات الأمريكية الأخيرة على ايران ، هو ليس العراق كما كان قبلها.. ولا يُفترَضُ بهِ أن يكون كذلك .
وهذا يعني ..
أنّنا لا نستطيع ادارة الاقتصاد داخليّاً ، بالتفاعل مع محيطنا الاقليمي ، وامتدادنا الدولي ، ولا رعاية مصالح متوازنة مع أصحاب المصلحة والتأثير والنفوذ ، بذات السياسات ، وذات المناهج ، وذات المقاربات السابقة ، التي تفتقر الى المعنى والهدف، والخالية من أيّة رؤى ، تتضمنُ نهايةً واضحةً للمرحلة الانتقالية التي طالتْ اكثر مما يجب ، والتي طبعتْ سلوكنا السياسي والاقتصادي بطابعها السلبي والسيّء و "الانتكاسي" ، منذ العام 2003 وإلى الآن.
أنّ "الموقف" الذي أعلنتْ الحكومة العراقية عنه ، ومفادهُ : "أنّ العراق سيُطَبّقْ العقوبات على ايران (أو سيلتزم بها) ، وإنْ لم يتعاطف معها " ، هو ليس "موقفاً" في الحقيقة، بل هو "وجهة نظر" حكوميّة تنُمُّ عن نزعة "براجماتيّة" قصيرة النظر، ومُتسرّعة ، وغير مدروسة ، وعاطفيّة ، ولن تصُبّ في مصلحة العراق ، لا على المدى القصير ، ولا المتوسط ، ولا البعيد .
وهذا يعني ..
أنّ العراق عاجز تماماً عن ممارسة دوره كـ "وسيط" مُحايِد بين طرفين تربطهُ بهما علاقات وثيقة ، ولا "توظيف" المتغيرات ، و التداعيات المترتبة على تعقيدات العلاقة بين هذين الطرفين ، وتحويلها الى ربحٍ صافٍ لصالحه.
إنّ محاولة العراق مسك العصا من الوسط ، في ظروف جيوسياسية كهذه ، والرهان على استمرار تدّفق عائدات الريع النفطي لتذليل المشاكل المُستعصية ، والاختلالات المُزمنة ، التي تنخرُ عميقاً في "نظامه" الاقتصادي ، و في نسيجه الاجتماعي الهشّ والمُتآكل .. هو ليس "موقفاً" في نهاية المطاف ، وهو لن يقود الى شيء ، أكثر من تعقيد الظروف الصعبة ، المعقّدة اصلاً ، التي يمُرُّ بها ، وتخترقهُ طولاً وعرضاً ، خاصةً في العقدين الأخيرين من تاريخه"الجديد".
إنّ الموقف الذي مفاده : " سنستمرُ في استيراد الغاز من ايران ، بالرغم من العقوبات الأمريكية المفروضة عليها" ، هو موقف يصبّ في خدمة المصالح التركية السيادية العليا ، لأنّهُ يمُسُّ أمنها القومي في العُمق.
و "تفعيل قانون التعطيل" ، هو موقفٌ يخدم المصالح الأوروبية ، لأنّ العقوبات الأمريكية على ايران تمسّ الأمن القومي للدول الأوروبية في الصميم.
و "سنستمر في استيراد النفط الايراني ، رغم العقوبات .. " هو موقفٌ يصبُّ في خدمة مصالح الصين الوطنية - السيادية العليا ، لأنّهُ يمُسُّ أمنها القومي في أكثر جوانبه حسّاسيّةً وخطورة.
ولا تنطبقُ ميوعة وهلاميّة "موقفنا" ، الذي لا يُجَسّدُ أيّ موقفٍ في الحقيقة ، على طبيعة العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران فقط ، بل يسري أيضاً على تعقيدات العلاقات السياسية والاقتصادية بين تركيا والولايات المتحدة ، الآخذة بالتصعيد والاحتقان ، يوماً بعد آخر .
وهذا يعني :
أنّ رئيس وزراء "تقليدي" و "نمطي" و "مُتوافَق عليه" من قبل حلقة سياسيّة – مصلحيّة ضيّقة ، لن يكون بوسعه أبداً مواجهة تحديات مصيرية ومعقدّة ومتشابكة كهذه ، ولا الاستجابة "المهنيّة" و "العقلانيّة" لتداعياتها الخطيرة.
وهذا يعني..
أنّنا بحاجة ماسّة الى رئيس تنفيذي أعلى "مُختَلِف" ، يكون فاعِل ، و مُبادِر ، وخالِق بارع للأفكار ، وصانع حاذق للسياسات المُناسبة . رئيس تنفيذي "أعلى" يعرف قواعد اللعبة ، ويُجيد اللعب في كلّ الخطوط ، وعلى جميع الجبهات.
وهذا يعني ..
أنّ "زعاماتنا" التقليدية قد أكلَ الدهرُ عليها وشَرِب ، وبالتالي فليس بوسعها تقديم بديلٍ كهذا ، بفعل ظروف تكوينها وعملها منذ عام 2003 والى هذه اللحظة . وهي ظروف تكوين وعمل مُلتَبِسة ، وعقيمة ، جعلت هذه "الطبقة" السياسية عاجزة عن اقتراح الحلول ، وبناء المواقف ، ورصد الامكانات المادية والبشرية ، وتخصيصها واستخدامها بكفاءة.
وهذا يعني..
أنّ قاعدة المصالح الشخصية ، والفئويّة ، والمذهبيّة ، والمناطقيّة ، ومنهج "الزبائنيّة" القائم على "التخادم" السياسي قصير الأجل ، لن يقودنا الى ما هو أكثر من تداعيات هذه الفوضى التي نعيشُ في أتونها الآن ، ولن تُرمّمَ لنا سقفاً يأوينا وسط هذا الخراب الشاسع والشامل ، والمتعدّد الأبعاد.
إنّ جزءاً كبيراً من عجزنا ، و انكسارنا ، وانتكاساتنا المتعاقبة ، و ضعف قوّتنا ، و قلّة حيلتنا ، وهواننا على الناس ، هو أنّنا لا نعرفُ ماذا نفعل ، ولا ماذا نريد . وهذا التيه ينطبقُ علينا جميعاً ، حكومةً ، وشعوباً ، وأفراداً ، و دولة.
لقد اوْكَلْنا مصائرنا ، وتركنا زمامنا سائِباً ، واستطالَتْ أعناقنا الرخوة خنوعاً واستسلاماً لسكاكين من لا يهِشُّ ولا يَنِشُّ ، ولا يدري ، ولا يفهم .
وهذا يعني ..
أنّ العراق بحاجة لمنهج مختلف ، ومقاربات مختلفة عمّا سبق ، عند شروعهِ باختيار قياداته السياسية والاقتصادية ، وذلك في مرحلة تاريخية هي الأهم والأخطر والأصعب في تاريخهِ الحاليّ.
هل بوسعنا فعل ذلك ؟
إنّ الاجابة عن هذا السؤال هي التي ستحدّد ملامح المصير الذي ينتظر هذا البلد ، بكلّ ما يختزنهُ من أحلام ، وتطلّعات ، و حُريّات ، و رفاه ، وموارد ، و وجود.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس مجلس النواب الأميركي: سنطرح إلغاء الإعفاءات الضريبية عن


.. ملايين السياح في الشوارع ومحطات القطار .. هكذا بدا -الأسبوع




.. لماذا امتدت الأزمة الاقتصادية من الاقتصاد الكلي الإسرائيلي ب


.. تقرير خطير.. جولدمان ساكس يتوقع ارتفاع أسعار الذهب لـ3 آلاف




.. -فيتش- تُعدل نظرتها المستقبلية لاقتصاد مصر إلى إيجابية